القران وامراض النفس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته احبابنا في الله واسعد الله اوقاتكم بطاعته وحسن عبادته وانالكم رضاه والتزام امره ومجانبة نهيه.
مع القرآن وبه يطيب العيش، وينطلق العقل لانه خطاب للعقل والعقلاء، وينبثق الفكر، ويتدفق النور بتدبر مابين السطور، ومع نصوص قرانية، واكتشاف حالة جديدة من حالات امراض النفس البشرية، التي تنحرف بها عن مسار الفطرة، وتنأى بها عن طريق السداد والنجاح، وتفوت عليها فرص الفلاح:
(ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا)11-الاسراء
يغوص القران الكريم في اعماق النفس البشرية ليجلي خباياها ومكنوناتها، ويكشف لنا دوافع التحريك، وعوامل التأثير في افعالها وانفعالاتها، واثار ذلك على سلوكها ومواقفها على واقع مسرح الحياة...
ونحن اليوم امام كشف قرآني عن حالة مرضية خطيرة، تقف وراء فشل الانسان وانعدام توفيقه في كثير من اعماله ومواقفه، وتجعله عاجزا مقصرا عن تحقيق اهدافه وبرامجه، ويقصر عن بلوغ غاياته، ويخسر وقته وعمره وحياته، وينقلب بالحسرات والندامة، والخسارة -- انها ظاهرة العجلة والاستعجال...
وعرف اهل العلم العجلة بانها =طلب الشيء وتحري تحصيله قبل اوانه=
فلذلك قالوا من استعجل امرا قبل اوانه عوقب بحرمانه.
ان العجلة مرض نفسي يربك العقل وقد يلغيه، ويجعله عرضة للوهم والغرور والاغترار والخداع ...
وهي مناقضة لسنن الله في الخلق والايجاد، لان اي امر لابد لتحققه وجناء ثمرته من مكان مناسب، وبيئة او جو مناسب، ووقت لازم لنضوجه.. والعجلة والاستعجال هو الغاء لهذه القوانين او لبعضها، فلا يحصل العجول ثمرا ولايحصل نتائج الا الفشل، ويذهب تعبه هباء تذروه الرياح . وكما جاء في الحديث:- ان المنبت لاظهرا ابقى ولا واديا قطع-. فكل شيء في هذا الوجود خلق وفق نظام تكاملي السير، والزمن عنصر مهم لميلاد الاشياء والاحداث، والعجول يريد الغاء الزمن والغاء مراحل الولادة والحدوث، وكأنه يتأله حيث يريد وفي هواه ان يقول للشيء كن فيكون،! متجاوزأ لكل السنن والنواميس، وهذا الاعجاز لايكون ولا ينبغي الا لله وحده القادر على ايجاد المعدوم من العدم سبحانه ...
(خلق الانسان من عجل سأوريكم اياياتي فلا تستعجلون)37 الانبياء
ان نزعة الاستعجال التي هي عكس التعقل والتريث، والمتاصلة في نفس الانسان
بدافع اشباع رغباته الشهوانية، تدفعه ليحقق ارادته دون ان يراعي ما يحتاجه تحقق الشيء او الموقف من زمن لازم، ومستلزمات الوجود للمطلوب، فيندفع لتحقيق الشيء او الامر قبل اوانه.فلذلك كانت العجلة دوما سببب في الخسران والندامة في سلوك البشر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وماديا ومعنويا. فالمتعجل بالكلمة قد يخسر وتلحقه تبعات ومسؤوليات.والمتعجل بالحكم على الاشخاص او الاحداث او الافكار او المشاريع قبل توفر مستلزمات ومتطلبات الحكم ومقدماته يوقع نفسه في احباطات ومازق ومسؤوليات، ويترتب عليه تبعات امام الله تعالى وامام الناس .
ان العجلة تقود الانسان لعدم التمييز والتفريق بين الخير والشر وتجعله يغفل غفلة قاتلة عن ربه وسنن ربه في الخلق والايجاد. فلذلك راينا النص اعلاه =ويدعوا الانسان بالشر دعاءه بالخير =لانه لم يتريث في طلبه وينظر النتائج والاسباب ولوازم الانجاز، فاستعجل الطلب فطلب الشر كطلبه للخير دون ان يشعر ويدرك انه شر، لانه لم يتبين حقيقة ما يطلب ويدعوا مندفعا بعجلته واستباقه للامور وطلبها قبل اوانها، فعلا انه كان عجولا .وكم اضلت العجلة اهلها، وكم ضيعت اصحابها، وكم حرفت من الناس عن قصد السبيل.وكم تاه بها وضل من قبيل.
نسال الله لنا ولكم السلامة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2023-09-27, 5:07 am عدل 1 مرات