أَزِفَتْ لَحظَة ُالصّراحَةِ نزارحيدر قضية للنقاش = نستقبل ردودكم على napeel.asraa2@gmail.com او هنا في المنتدى
-----------------
أَزِفَتْ لَحظَة ُالصّراحَةِ
نـــــــزار حيدر
تابعتُ بالامس فيلماً وثائقياً قصيراً هو واحدٌ من أخطر أفلام الرّعب التي أشاهدُها في حياتي.
والفيلم عبارة عن استعراض لفكرة (الذّبح) المزعومة في الاسلام يظهر فيه العشرات من فقهاء التكفير من على منابر الجمعة وكراسي التدريس في المدارس والمساجد في عدد من الدول العربية، طبعاً ليس فيهم خطيب شيعي واحد! يبذلون جهداً كبيراً من اجل إقناع المتلقي بانّ الرسول الاكرم (ص) هو نبيُّ الذبّح والقتل والتدمير وسبي النساء والغارات وما الى ذلك.
ويشهدُ الله عليّ انني قضيت اسوأ واخطر (١٢) دقيقة في حياتي وانا اتابع الفيلم، لهول الكلام الذي يدلي به المتحدّثون، لدرجة انك تشعر فيها وكانّك في مسلخ بشري تنتظر دورك لتُذبح وتُسلخ باسم الله والله اكبر! ولقد كُدْتُ ان اكفرَ بدين الله تعالى لولا انّني من اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فحمدت الله على هذه النعمة العظيمة، ولا فخراً.
انّ الخُطب التي ترد في الفيلم والاحاديث المكذوبة هي ليست من الاسلام في شيء بلا أدنى شكّ، انما هي (قراءة) لدين الله أول من سعى لها الأمويون لتبرير جرائمهم الشنيعة والبشعة التي ارتكبوها باسم الدين في مسعى منهم لشرعنتها، ومن أعظمها جريمة القضاء على (الشورى) في الاسلام وتحويل السلطة الى ملك عضوض، والثانية قتلهم سِبْط رسول الله الامام الحسين بن علي سيد الشهداء عليه السلام في عاشوراء في كربلاء عام ٦١ للهجرة.
انّها قراءة مكذوبة على الله تعالى وعلى رسوله حشّوا فيها كتب الحديث والسِيَر ثم قفلوا عليها عندما اعتبروها صحيحة فقدستها الأجيال واحداً بعد آخر.
ان هذه القراءة هي المسؤولة عن كل الجرائم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية والأمنية والأخلاقية التي مر بها المسلمون، وهي، القراءة، المسؤولة اليوم عن الحروب العنصرية والطائفية التي تشهدها البلاد العربية والإسلامية، وهي المسؤولة عن كل قطرة دم تراق باسم دين الله في كل بقعة من بقاع العالم، وآخرها الدم الذي أريق في العاصمة الفرنسية باريس.
ان العالم اليوم على كفّ عفريت بسبب هذه القراءة لدين الله تعالى والتي توارثتها الأجيال، لتُنتج كل هذا العنف والارهاب والقتل والتدمير وحز الرقاب.
لذلك، فالمجاملة لم تعد اليوم تنفع في شيء، والكلام الإنشائي عن الوحدة المزعومة بين المسلمين تزيد الطين بلة، وخلط الاوراق يساهم في اراقة المزيد من الدماء كما يساهم في تعاظم الخطر (الديني) على العالم برمته.
ارى انّ لحظة المكاشفة والصراحة والوضوح قد أزِفت، فاليعرف العالم بان لدين الله تعالى قراءتين لمدرستين متناقضتين في كلّ شيء، حتى في التوحيد والعدل والنبوة والمعاد، الاولى هي مدرسة أهل البيت عليهم السلام، والثانية هي مدرسة الخلفاء التي اجتهد فيها الأمويون لإنتاج هذا الفكر التكفيري الإقصائي الذي يعتمد نظرية الجبر والتفويض سيئة الصيت والتي تحثّ الانسان على الاستسلام والخضوع لخليفة الله تعالى مهما كان ظالماً فاجراً فاسقاً كمعاوية او يزيد.
ان أوربا ما كان لها ان تحقّق النهضة، وعلى مختلف الاصعدة، خاصة على الصعيد الفكري، لولا انها قرّرت ان تفكر بصوتٍ عالٍ في كل شيء خاصة في اللّامفكّر فيه، عندما قررت ان تحطّم كل انواع القيود المفروضة على حرية التفكير خاصة من قبل الكنيسة وباسم دين الله، فكانت النتيجة ان حقّقت التغيير والإصلاح في كل مرافق الحياة.
فلماذا ننعت التفكير العلمي والمنطقي الحر بالطائفية؟ لماذا نغلّف الحقيقة بأغطية النفاق والدجل؟ لماذا نصدّ حرية التفكير بالشعارات (الدينية) البراقة؟ لماذا نحاصر المفكّر الحر بالأسئلة الإرهابية والتهم الإرهابية؟.
اقتراحي واضح جداً، وهو:
ان على فقهاء مدرسة أهل البيت (ع) ومراجعها ومفكّريها ومثقّفيها، خاصة المؤسسات والحوزات العلمية العريقة، المشهورة بالعلم والحوار بالمنطق والحجّة الدامغة والدليل القاطع، ان يضعوا خططاً علمية مدروسة لإطلاق مشروع التعريف بمدرسة أهل البيت (ع) في العالم، ومشروع حوار الحضارات والأديان، من خلال الحضور الميداني الفاعل في كل جامعة في العالم وفي كلّ معهد وكنيسة ومؤسسة بحثية ومركز علمي ومكتبة عامة، ليطلع العام على حقيقة الاسلام الذي تقدمه مدرسة أهل البيت (ع) للبشرية، ليعرفوا بان الاسلام هو دين السلام والمحبة والأمن والتعايش والحرية، وهو دين التعددية والتنوع والحوار، وان رسول الله (ص) هو نبيّ الانسانية وهو الرّحمة المُهداة الذي بعثه رَبّ العالمين رحمة للعالمين، وان أهل البيت (ع) هم القوّامون الحقيقيون على هذا الدين الذين بذلوا الغالي والنفيس من اجل تطهيره من الفكر المنحرف فكانوا ضحايا الارهاب الذي أسسته مدرسة الخلفاء وشيّد أركانه الأمويون.
أيها العلماء، أيها الفقهاء، أيها الأساتذة، انتشروا في العالم وبلّغوا دين الله تعالى، بعد ان طُعمتم في الحوزات الدينية العلمية من علوم مدرسة أهل البيت (ع) والله تعالى يقول {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا}.
ان على شبابنا في بلاد الغرب، ان يتحمّلوا مسؤولية التعريف بإسلام مدرسة أهل البيت عليهم السلام، ليدافعوا عن دين الله وعن رسول الله (ص) وعن انفسهم، أفليسٓ من حق الرسول الكريم (ص) علينا ان ندافع عنه بعد كل الذي بذله من اجل هدايتنا الى الله تعالى؟ ونحن نرى دينه وقد اختطفه الارهابيون وعاثوا فيه فساداً فكرياً وثقافياً واخلاقياً؟.
سنجدُ انفسنا متّهمون تلاحقنا نظرات الازدراء اذا لم نقدّم لهم اسلام مدرسة أهل البيت (ع) ليس بالأساليب الصدامية مع المدرسة الاخرى، وإنما بالحكمة والموعظة الحسنة المبتنية على العلم والعقل والمنطق والحوار الجاد والدليل التاريخي المقنع.
تعالوا نبذل كلّ ما نملك من جهد من اجل تعريف العالم بعلوم مدرسة أهل البيت (ع) الم يقل الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام {لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَحاسِنَ علومِنا لاتّبَعونا}؟ فلماذا لا نعلّم الناس علوم أهل البيت (ع)؟ لماذا لا يعرف الناس شيئا عن نهج البلاغة والصّحيفة السجادية ورسالة الحقوق؟.
لماذا هذا الخوف والجبن والتردّد والانطوائية والانعزالية في نشر علوم مدرسة أهل البيت (ع)؟ اوليس من حق الحسين (ع) سيد الشهداء ان يعرف العالم لماذا قُتل الحسين (ع) في كربلاء؟ ام اننا شاطرون بالبكاء واللطم ولبس السواد والمشي فقط؟.
الم تصرخ العقيلة زينب بنت علي عليهما السلام بوجه الطاغية يزيد متحديةً (فوالله لا تَمحو ذكرنا)؟ فلماذا لا نُعرّف العالم بذكر أهل البيت (ع)؟ اي مدرستهم ورسالتهم وعلومهم ومعارفهم؟.
٩ كانون الثاني 2015