تركيا ولغز "داعش"!
05.03.2015
محمد خلفان الصوافي
الاتحاد
الاربعاء 4-3-2015
ويزداد هذا القلق بفعل ما يقوم به هذا التنظيم الذي يلفه الكثير من الأسرار والألغاز التي تحتاج إلى من يفك طلاسمها، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة حول من يقف وراءه ومن يدعمه، سواء بالمال أو العتاد.
ومع أني ضد "نظرية المؤامرة" في البحث عن حل لأي مشكلة، وأحاول تجنب إلقاء اللوم من دون معلومات، فإنه في مثل هذه الحالة يمكن استخدام تلك النظرية لمحاولة معرفة ما يحدث.
لا يستطيع أي مراقب أن يكتم دهشته واستغرابه إزاء تصريحات رئيس الاستخبارات الأميركية، جيمس كلابر، يوم الخميس الماضي، حول مدى صحتها من عدمها! فتلك التصريحات تطرح أسئلة حول دور تركيا في هذه "الحرب العالمية"، لاسيما أن الولايات المتحدة تعتبر حليف تركيا في حلف "الناتو"، فما مصلحة واشنطن في هذه الاتهامات إن لم تكن حقيقية؟ قال كلابر إن نحو 60% من مقاتلي "داعش" يدخلون عبر تركيا، وإن الحرب ضد "داعش" ليست أولوية تركيا، كما أن استطلاعاتٍ الرأي تقول بأن "داعش" ليست عدواً لتركيا.
قد يفترض البعض عدم حسن النية في تلك التصريحات، باعتبار أن الولايات المتحدة هي الأخرى ليست بريئة مما يحدث في المنطقة، خاصة بعد حالة "الليونة" في تعاملها مع هذا التنظيم الإرهابي.
وإذا ما صح هذا الكلام، فإن موقف تركيا سيكون فضيحة، باعتبارها متواطئة في تمكين "داعش" من التمدد في المنطقة، والإفلات من العقاب الدولي على ما ترتكبه.
وهنا يكمن الموقف المشين لها مع جوارها الجغرافي ومكانتها السياسية، حيث كانت تتغنى بنظرية "صفر مشاكل".
والواقع أن الغموض في تحديد من يقدم الدعم ل"داعش" هو أحد الأسباب الرئيسية لفشل الجهود الدولية في التصدي للتنظيم، حيث تقرأ مرة أن هناك دولاً إقليمية تقف وراءه، ومرة أخرى أنه عبارة عن ميليشيا تحركها القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة، لأنها الدولة التي اعتادت على استخدام مثل هذه الحركات لتحقيق أهدافها السياسية، وهنا تجد أن العالم يقف عاجزاً عن معرفة الحقيقة!
ومع أنه في السياسة كل شي "ممكن"، فإن احتمال وجود أي طرف على علاقة بهذا التنظيم أمر وارد، ما يدعو للقول بأنه ليس شرطاً أن يتوافق الكل مع ما يعتقده الآخرون، فإذا كانت مشاهد "داعش" المروعة مزعجة لنا وغير مقبولة في السياق الإنساني، ونعتقد أنها تمثل إساءة للإسلام والمسلمين، فإنها قد تخدم الآخرين (وقد يكونون مسلمين أيضاً)، وربما هذا يفسر تقاعس البعض عن محاربة "داعش".
على كل حال، يبدو أن تركيا بهذه التصريحات دخلت رسمياً دائرة الاتهام كمشجع على الالتحاق ب"داعش"، فإضافة إلى أنها منطقة عبور، فقد تواترت الشائعات حول احتضانها مراكز تدريب لأفراد من "داعش".وقد عزز من فرضية أن تركيا تدعم "داعش" أو على الأقل تغض الطرف عنها، خبر الفتيات البريطانيات اللواتي هربن من ذويهن مؤخراً للالتحاق ب"داعش"، وبالتالي فما كان يتردد عن تلك العلاقة اليوم بات يتم علناً، وقد يتضح أكثر مع مرور الأيام، وإذا ما ثبت الأمر بشكل قاطع، فستكون له تداعياته على العلاقات التركية الإقليمية.
هذا الكلام يقلق المنطقة حيال تركيا على الأقل، لأنها لم تكن واضحة في تعاطيها مع ملف الإرهاب، ولأنها كذلك تظهر لأول مرة على الساحة الإعلامية، على الأقل في العقود الأخيرة، كدولة تعمل ضد الأمن القومي الإقليمي والدولي، لتخسر الانبهار بتجربتها.
الصمت التركي على أفعال "داعش" يبعث على الاستغراب والحيرة، لأن خطر "داعش" ليس موجهاً ضد دولة معينة، بل يمس الإنسانية كلها، والصمت لا يعني التخلص من "الصداع الداعشي".----------
*كاتب إماراتي
05.03.2015
محمد خلفان الصوافي
الاتحاد
الاربعاء 4-3-2015
ويزداد هذا القلق بفعل ما يقوم به هذا التنظيم الذي يلفه الكثير من الأسرار والألغاز التي تحتاج إلى من يفك طلاسمها، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة حول من يقف وراءه ومن يدعمه، سواء بالمال أو العتاد.
ومع أني ضد "نظرية المؤامرة" في البحث عن حل لأي مشكلة، وأحاول تجنب إلقاء اللوم من دون معلومات، فإنه في مثل هذه الحالة يمكن استخدام تلك النظرية لمحاولة معرفة ما يحدث.
لا يستطيع أي مراقب أن يكتم دهشته واستغرابه إزاء تصريحات رئيس الاستخبارات الأميركية، جيمس كلابر، يوم الخميس الماضي، حول مدى صحتها من عدمها! فتلك التصريحات تطرح أسئلة حول دور تركيا في هذه "الحرب العالمية"، لاسيما أن الولايات المتحدة تعتبر حليف تركيا في حلف "الناتو"، فما مصلحة واشنطن في هذه الاتهامات إن لم تكن حقيقية؟ قال كلابر إن نحو 60% من مقاتلي "داعش" يدخلون عبر تركيا، وإن الحرب ضد "داعش" ليست أولوية تركيا، كما أن استطلاعاتٍ الرأي تقول بأن "داعش" ليست عدواً لتركيا.
قد يفترض البعض عدم حسن النية في تلك التصريحات، باعتبار أن الولايات المتحدة هي الأخرى ليست بريئة مما يحدث في المنطقة، خاصة بعد حالة "الليونة" في تعاملها مع هذا التنظيم الإرهابي.
وإذا ما صح هذا الكلام، فإن موقف تركيا سيكون فضيحة، باعتبارها متواطئة في تمكين "داعش" من التمدد في المنطقة، والإفلات من العقاب الدولي على ما ترتكبه.
وهنا يكمن الموقف المشين لها مع جوارها الجغرافي ومكانتها السياسية، حيث كانت تتغنى بنظرية "صفر مشاكل".
والواقع أن الغموض في تحديد من يقدم الدعم ل"داعش" هو أحد الأسباب الرئيسية لفشل الجهود الدولية في التصدي للتنظيم، حيث تقرأ مرة أن هناك دولاً إقليمية تقف وراءه، ومرة أخرى أنه عبارة عن ميليشيا تحركها القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة، لأنها الدولة التي اعتادت على استخدام مثل هذه الحركات لتحقيق أهدافها السياسية، وهنا تجد أن العالم يقف عاجزاً عن معرفة الحقيقة!
ومع أنه في السياسة كل شي "ممكن"، فإن احتمال وجود أي طرف على علاقة بهذا التنظيم أمر وارد، ما يدعو للقول بأنه ليس شرطاً أن يتوافق الكل مع ما يعتقده الآخرون، فإذا كانت مشاهد "داعش" المروعة مزعجة لنا وغير مقبولة في السياق الإنساني، ونعتقد أنها تمثل إساءة للإسلام والمسلمين، فإنها قد تخدم الآخرين (وقد يكونون مسلمين أيضاً)، وربما هذا يفسر تقاعس البعض عن محاربة "داعش".
على كل حال، يبدو أن تركيا بهذه التصريحات دخلت رسمياً دائرة الاتهام كمشجع على الالتحاق ب"داعش"، فإضافة إلى أنها منطقة عبور، فقد تواترت الشائعات حول احتضانها مراكز تدريب لأفراد من "داعش".وقد عزز من فرضية أن تركيا تدعم "داعش" أو على الأقل تغض الطرف عنها، خبر الفتيات البريطانيات اللواتي هربن من ذويهن مؤخراً للالتحاق ب"داعش"، وبالتالي فما كان يتردد عن تلك العلاقة اليوم بات يتم علناً، وقد يتضح أكثر مع مرور الأيام، وإذا ما ثبت الأمر بشكل قاطع، فستكون له تداعياته على العلاقات التركية الإقليمية.
هذا الكلام يقلق المنطقة حيال تركيا على الأقل، لأنها لم تكن واضحة في تعاطيها مع ملف الإرهاب، ولأنها كذلك تظهر لأول مرة على الساحة الإعلامية، على الأقل في العقود الأخيرة، كدولة تعمل ضد الأمن القومي الإقليمي والدولي، لتخسر الانبهار بتجربتها.
الصمت التركي على أفعال "داعش" يبعث على الاستغراب والحيرة، لأن خطر "داعش" ليس موجهاً ضد دولة معينة، بل يمس الإنسانية كلها، والصمت لا يعني التخلص من "الصداع الداعشي".----------
*كاتب إماراتي