قصة حوار..
حوار بين امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى والخوارج
قال محمد بن الزبير: بعثني عمر بن عبد العزيز إلى شَوْجَب الخارجي وأصحابه الذين خرجوا بالجزيرة من بلاد الشام، وكتب معي كتاباً، فوصلت إليهم وأعطيتهم الكتاب، فبعثوا معي رجلاً من بني شيبان ورجلاً أسود من الحبشة اسمه شودب، ووصلنا إلى عمر رحمه الله وكان في مدينة خُنَاصِرَة من ضواحي حلب، فصعدنا إليه في غرفة ومعه ابنه عبد الملك وحاجبُه مُزاحم، فأخبرته بوجود الخارجيين، فقال: أدخلوهما.
فلما دخلا سلَّما ثم جلسا، فقال لهما عمر بن عبد العزيز: ماذا أخرجكما عن حكمي؟ وماذا تنقمون عليَّ في
فتكلّم الأسود الحبشيّ منهما فقال: إنا والله ما نقمنا عليك في سيرتك شيئاً؛ فإنك تعدل وتحسن إلى رعيتك، ولكنّ بيننا وبينك أمراً إن أعطيتناه فنحن منك وأنتَ منا، وإنْ منعتناه فلست منا ولسنا منك.
قال عمر: ما الأمر الذي تعني؟
قال وصاحبه الشيباني يؤيده: رأيناك خالفت أهل بيتك وسمَّيت ما كان في أيديهم من حقوق المسلمين مظالم ورددت إلى المسلمين حقوقهم، فإن زعَمْت أنك على هدى وأنهم على ضلال فالعنهم علناً وابرأ منهم، فهذا الذي يجمع بيننا وبينك ويفرِّق.
فتكلّم عمر بن عبد العزيز رحمه الله فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنني قد ظننتُ أنكم لم تخرجوا مخرجكم هذا لطلب الدنيا ومتاعها، ولكنكم أردتم الآخرة فأخطأتم طريقها، وإني سأسألكما عن أمرٍ فبالله أصدقاني فيه مبلغ علمكما به. قالا: نعم.
قال عمر: أخبراني عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أليسا من أسلافكما وممّن تتولّيان وتشهدان لهما بالنجاة؟ قالا: اللهم نعم.
قال عمر بن عبد العزيز: فهل علمتما أن أبا بكر رضي الله عنه حين قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدّت العرب قاتلهم على ذلك فقتل منهم من قتل، وأخذ الأموال، وسبى الذّراري؟ قالا: نعم.
قال: فهل علمتم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام بعد موت أبي بكر فردّ تلك السبايا إلى أهلها؟ قال الخارجيان: نعم.
قال عمر بن عبد العزيز: فهل برئ عمرُ من أبي بكر؟ وهل تبرؤون أنتم من أحدهما؟ قالا: كلاّ.
قال: فأخبراني عن أهل النّهروان من الخوارج أليسوا من صالح أسلافكم؟ قالا: نعم.
قال عمر بن عبد العزيز: فهل تعلمون أن أهل الكوفة من الخوارج حين خرجوا كفُّوا أيديهم فلم يسفكوا دماً، ولم يخيفوا آمناً، ولم يأخذوا مالاً؟ قال الخارجيان: نعم.
قال عمر: وهل علمتم أن أهل البصرة من الخوارج قد قتلوا وسفكوا الدماء؟ قالا: كان ذلك.
قال عمر: فهل برئ أهل الكوفة من البصرة وأهل البصرة من الكوفة؟ وهل تبرؤون أنتم من إحدى الفئتين؟ قالا له: كلاّ، لم نبرأ منهم.
قال عمر: أفرأيتم الدين، أليس هو واحداً أم أن الدين اثنان؟ قالا: كلاّ، بل هو دين واحد.
قال عمر: فهل يسعكم ما لا يسعني؟ كيف وسعكم أن توليتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وتولّى كل واحد منهما صاحبه، وكيف وسعكم أن تتولوا أهل الكوفة والبصرة من جماعتكم، وأن يتولّى بعضهم بعضاً وقد اختلفوا في أعظم الأشياء؛ الدماء والفروج والأموال، ولا يسعني أنا إلا أن ألعن أهل بيتي وأتبرأ منهم كما تطلبون؟!
أرأيتم يا شودب لعن أهل الذنوب أهو فريضة مفروضة لا بد منها؟ فإن كان كذلك فمتى عهدكم به؟ ومتى عهدكم بلعن فرعون وقد قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى؟ قال شودب الخارجي: ما أذكرني لعنت فرعون أبداً.
قال عمر: ويحك! أيسعك ألا تلعن فرعون وهو أسوأ الخلق ولا يسعني إلا أن ألعن أهل بيتي وأبرأ منهم؟!
ويحكم! إنكم قوم جهّال أردتم أمراً فأخطأتموه، فأنتم تردّون على الناس ما قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد عصم دماءهم حينما خلعوا الأوثان وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وها أنتم أولاء تستحلون دم مَن خلع الأوثان وماله وتلعنونهم، ومن ترك ذلك من اليهود والنصارى وأهل الأديان يأمن عندكم؟
فقال الأسود الخارجي: ما سمعتُ كاليوم أحداً أبين حجة ولا أقرب مأخذاً، أما أنا فأشهد أنك يا أمير المؤمنين على حق، وأني بريء ممن برئ منك. وأما الخارجي الآخر الذي من بني شيبان فقد بقي على ما هو عليه وقتل مع الخوارج بعد وفاة عمر بن عبد العزيز.رحم الله تعالى عمر بن عبد العزيز...وهل من متعظ ومعتبر لينتهي المسلمون عن الولوغ في دماء بعضهم بعضا؟!!!يارب اعصم وامنع دماء المسلمين ابناء امة حبيبك واحفظ اعراضهم فانت المولى ونعم النصير.
حوار بين امير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى والخوارج
قال محمد بن الزبير: بعثني عمر بن عبد العزيز إلى شَوْجَب الخارجي وأصحابه الذين خرجوا بالجزيرة من بلاد الشام، وكتب معي كتاباً، فوصلت إليهم وأعطيتهم الكتاب، فبعثوا معي رجلاً من بني شيبان ورجلاً أسود من الحبشة اسمه شودب، ووصلنا إلى عمر رحمه الله وكان في مدينة خُنَاصِرَة من ضواحي حلب، فصعدنا إليه في غرفة ومعه ابنه عبد الملك وحاجبُه مُزاحم، فأخبرته بوجود الخارجيين، فقال: أدخلوهما.
فلما دخلا سلَّما ثم جلسا، فقال لهما عمر بن عبد العزيز: ماذا أخرجكما عن حكمي؟ وماذا تنقمون عليَّ في
فتكلّم الأسود الحبشيّ منهما فقال: إنا والله ما نقمنا عليك في سيرتك شيئاً؛ فإنك تعدل وتحسن إلى رعيتك، ولكنّ بيننا وبينك أمراً إن أعطيتناه فنحن منك وأنتَ منا، وإنْ منعتناه فلست منا ولسنا منك.
قال عمر: ما الأمر الذي تعني؟
قال وصاحبه الشيباني يؤيده: رأيناك خالفت أهل بيتك وسمَّيت ما كان في أيديهم من حقوق المسلمين مظالم ورددت إلى المسلمين حقوقهم، فإن زعَمْت أنك على هدى وأنهم على ضلال فالعنهم علناً وابرأ منهم، فهذا الذي يجمع بيننا وبينك ويفرِّق.
فتكلّم عمر بن عبد العزيز رحمه الله فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنني قد ظننتُ أنكم لم تخرجوا مخرجكم هذا لطلب الدنيا ومتاعها، ولكنكم أردتم الآخرة فأخطأتم طريقها، وإني سأسألكما عن أمرٍ فبالله أصدقاني فيه مبلغ علمكما به. قالا: نعم.
قال عمر: أخبراني عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أليسا من أسلافكما وممّن تتولّيان وتشهدان لهما بالنجاة؟ قالا: اللهم نعم.
قال عمر بن عبد العزيز: فهل علمتما أن أبا بكر رضي الله عنه حين قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتدّت العرب قاتلهم على ذلك فقتل منهم من قتل، وأخذ الأموال، وسبى الذّراري؟ قالا: نعم.
قال: فهل علمتم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام بعد موت أبي بكر فردّ تلك السبايا إلى أهلها؟ قال الخارجيان: نعم.
قال عمر بن عبد العزيز: فهل برئ عمرُ من أبي بكر؟ وهل تبرؤون أنتم من أحدهما؟ قالا: كلاّ.
قال: فأخبراني عن أهل النّهروان من الخوارج أليسوا من صالح أسلافكم؟ قالا: نعم.
قال عمر بن عبد العزيز: فهل تعلمون أن أهل الكوفة من الخوارج حين خرجوا كفُّوا أيديهم فلم يسفكوا دماً، ولم يخيفوا آمناً، ولم يأخذوا مالاً؟ قال الخارجيان: نعم.
قال عمر: وهل علمتم أن أهل البصرة من الخوارج قد قتلوا وسفكوا الدماء؟ قالا: كان ذلك.
قال عمر: فهل برئ أهل الكوفة من البصرة وأهل البصرة من الكوفة؟ وهل تبرؤون أنتم من إحدى الفئتين؟ قالا له: كلاّ، لم نبرأ منهم.
قال عمر: أفرأيتم الدين، أليس هو واحداً أم أن الدين اثنان؟ قالا: كلاّ، بل هو دين واحد.
قال عمر: فهل يسعكم ما لا يسعني؟ كيف وسعكم أن توليتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وتولّى كل واحد منهما صاحبه، وكيف وسعكم أن تتولوا أهل الكوفة والبصرة من جماعتكم، وأن يتولّى بعضهم بعضاً وقد اختلفوا في أعظم الأشياء؛ الدماء والفروج والأموال، ولا يسعني أنا إلا أن ألعن أهل بيتي وأتبرأ منهم كما تطلبون؟!
أرأيتم يا شودب لعن أهل الذنوب أهو فريضة مفروضة لا بد منها؟ فإن كان كذلك فمتى عهدكم به؟ ومتى عهدكم بلعن فرعون وقد قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى؟ قال شودب الخارجي: ما أذكرني لعنت فرعون أبداً.
قال عمر: ويحك! أيسعك ألا تلعن فرعون وهو أسوأ الخلق ولا يسعني إلا أن ألعن أهل بيتي وأبرأ منهم؟!
ويحكم! إنكم قوم جهّال أردتم أمراً فأخطأتموه، فأنتم تردّون على الناس ما قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد عصم دماءهم حينما خلعوا الأوثان وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وها أنتم أولاء تستحلون دم مَن خلع الأوثان وماله وتلعنونهم، ومن ترك ذلك من اليهود والنصارى وأهل الأديان يأمن عندكم؟
فقال الأسود الخارجي: ما سمعتُ كاليوم أحداً أبين حجة ولا أقرب مأخذاً، أما أنا فأشهد أنك يا أمير المؤمنين على حق، وأني بريء ممن برئ منك. وأما الخارجي الآخر الذي من بني شيبان فقد بقي على ما هو عليه وقتل مع الخوارج بعد وفاة عمر بن عبد العزيز.رحم الله تعالى عمر بن عبد العزيز...وهل من متعظ ومعتبر لينتهي المسلمون عن الولوغ في دماء بعضهم بعضا؟!!!يارب اعصم وامنع دماء المسلمين ابناء امة حبيبك واحفظ اعراضهم فانت المولى ونعم النصير.