19=وقفات مع الذكر=19=الوقفة الثالثة مع المعوذتين
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿1﴾ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿2﴾
وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿3﴾ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿4﴾ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿5﴾ ).
راينا في الحلقة الماضية كيف علمنا ربنا الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لا كفوا له من احد كيف نطلب منه الامن والحماية وكيف يجب ان نلتجيء اليه ونستعصم به فالخلق مهما كانوا ومهما وصلوا يبقون ضعافا امام عظمته وقوته وقدرته فهو رب الفلق من اصباح ونور منفلق من الظلمة يبشر بالحياة وانشطتها وانطلاق حركتها للاحياء التي باتت وادعة بامان ربها وهو رب انبعاث الحياة والاحياء من الحب والنوى بذور الكائنات الحية وهو رب الكون المنفلق من العدم الى الوجود منبعثا في كينونته بامره وخلقه وايجاده سبحانه فهو رب الوجود وما فيه من اكوان وكائنات فاحتمينا به ولذنا بمعاذ وطلبنا الامن والسلامة ملتجئين الى ملاذ قادر لطيف .النور والظلمة من خلقه ولا يختلفان عليه سبحانه ولا يؤثران على علمه وابصاره فخص ظلمة دخول الليل من عموم شر ما خلق لان الظلام يستر عن ابصار الناس اعمال اهل الشرور وفسادهم في الارض فيجعل اعمالهم من المجاهيل التي يتخوفها الانسان بطبعه والخوف اذا اسر العقول وسيطر عليها حطم النفوس وقادها الى عالم الاوهام والخيالات والخزعبلات والخرافة والشعوذة
وحول حياة الناس الى استسلام وخضوع لاهل الاهواء والفتنة من الدجاجلة و المشعبذين والسحرة والنفاثين في العقد العاملين على حل كل عقدة خير ومودة وبر بين الخلائق ليفرقوا بين الاخ واخيه والابن وابيه والمرأة وزوجها ليسود الطاغوت ويسيطر الشيطان لان اجتماع الخلق على عرى المودة والاخاء وترابطهم بعرى الايمان يقلق شياطين الانس والجان ويقض مضاجعهم ..فعرى الاخوة قائدة بطبعها الى وحدة المجتمعات التي من شانها ان تشعر الانسان بالقوة لان الانسان لوحده بطبعه ضعيف ولا يشعر بالقوة الا باجتماع جنسه معه . واهل الاهواء عدوهم الاول هو الالتقاء بين بني البشر على الخير وتماسك ومودة الناس ومحبتهم لبعضهم بعضا التي تدفعهم ليكونوا صفا واحدا متماسكا قويا كالجسد الواحد بايمانهم اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى ..فلذلك تجد اتباع الهوى يحسدون المؤمنين ايمانهم لانه فيه قوتهم ومنعتهم التي تمنع مجتمع الايمان من اطماع اهل الاهواء واصحاب الزيغ والريب والضلال.
فلذلك تجدهم يحسدون الناس ايمانهم ومحبتهم الصانعة لوحدتهم والتقائهم فلذلك وجدنا التخصيص ينتقل من عام الى اخص الى الاخص فمن شرما خلق الى شر غاسق اذا وقب الى شر النفاثات في العقد الى شر حاسد اذا حسد والحسد تمني زوال نعمة الله عن اهلها وهو اعتراض على قضاء الله وحكمه .وكان الحاسد يعترض على حكم الله وحكمته .فيعادي ربه لانه انعم بنعمته منا منه على غيره..( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير ( 109 ) البقرة) .
وقد قادهم حسدهم الى ان يستعمروا بلادكم وينهبوا ثرواتكم ويحولوا بكل ما اوتوا من قوة بينكم وبين عودتكم لدينكم باني مجدكم وعزكم والمؤلف بين قلوبكم وجامع كلمتكم وصفكم اللهم انا نعوذ بك ونعيذ امة حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم من شر ما خلقت ومن شر غاسق اذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد اذا حسد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته