18=وقفات مع الذكر=18= الوقفة الثانية مع المعوذتين
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿1﴾ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿2﴾
وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿3﴾ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴿4﴾ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴿5﴾ ).
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴿1﴾ مَلِكِ النَّاسِ ﴿2﴾ إِلَهِ النَّاسِ ﴿3﴾ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴿4﴾ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴿5﴾ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ﴿6﴾ ).
بينا في الحلقة السابقة ان الفلق عند اكثر المفسرين يعني الصبح الذي يفلقه الله تعالى من ظلمة الليل...وهناك من قال بان الفلق يعني كل الخلق والكون لانه انفلق عنه العدم فصار الى الايجاد بقوله تعالى كن فكان كما شاء واراد سبحانه فكان العدم والظلام تشابها في ستر الوجود والمخاليق فاظهر الله الاصباح من الظلمة كما اظهر الوجود من العدم..وكانهما غشاء اشبه القشرة او الغلاف المحيط بالحب والنوى فانفلق ليخرج منه النبات والثمر باذن الله وقدرته ونواميسه المودعة في خلقه جل وعلا..والناظر بعين التدبر والعلم والمعرفة يجد ان الانفلاق امر ضروري في الايجاد وفي استمرار الوجود ..وهو امر من امور الربوبية والرعاية للموجودات في عالم الوجود فلذلك جعله الله سنة من سنن الوجود يرعى بها خلقه واستمرار وجودهم واجناسهم في الوجود.
فالشمس لولا الانفلاق الحاصل لذراتها ثم الالتحام بفعل الحرارة الهائلة ما اعطت المخلوقات ما تحتاجه من دفيء ونور وكذا بقية النجوم..والارض جعل فيها خاصية الانفلاق والانشقاق لتبتلع الماء وتحتفظ بالرطوبة وتنفلق عن البذور والحب والنوى لتخرج من كل زوج بهيج..والحب والبذر والنوى جعل فيه سبحانه خاصية التاثر بالرطوبة والانفلاق عن الاجنة النباتية لتخرج بالثمار والاطعمة المختلف الوانها واطعمتها ومذاقاتها..والانسان وكذا كل كائن حي ينمو ويزداد حجما وطولا بخاصية الانفلاق في الخلايا الحية فيتم تكاثرها لتزداد نموا وحجما..وعملية التكاثر في المخلوقات تتم ايضا بانقسام وانفلاق الخلايا...اذا فانت تستعيذ طالبا الحماية والامن والامان من مدبر امر الخلائق جميعا متحصنا بمن هو فقط يستطيع الحماية والوقاية لك من شر ما خلق فهو اعلم بالخلق وبخيرهم وشرهم منك..وكونه ربك ورب المخلوقات ومالكك ومالكها وحاكم امرك وامرها فلا ملاذ لك من شرور الخلق الا هو سبحانه ..قل اعوذ برب الفلق اي رب الاصباح والخلائق كلها من شر واذى كل ما خلق فهو اعلم بها ولا نفع فيها ولا ضر الا بتقديره وامره فهو مقدر الخير ومقدر الشر في الاشياء فيعلم ما نجهل ولا نعلم من مقاديره وايداعه للسنن والنواميس في الخلق فنستعيذ به من كل الشرور ما علمناه وهو قليل وما جهلناه وهو كثير فمتى علم البشر مثلا ان هناك اشعة ضارة في الكون وان ربوبية الرحمن الرحيم تولتنا بالعناية فجعل من خواص الغلاف الجوي امتصاصها او عكسها كي لا تصل اجسامنا فتؤذيها !!..فسبح دوما بحمد ربك العظيم . وهنا من شر ما خلق عموم وما بعده خصوص..ومن شر غاسق اذا وقب..قال المفسرون ان الغاسق هو الليل ووقب اذا دخل..وقيل الغاسق الشهوة اذا تحركت في الانسان وانفعل معها.. وقيل القادم بليل يريد شرا...والغَسَقُ : ظلمةُ الليل . وهو من ساعاته واوقاته
وفي التنزيل العزيز : الإسراء آية 78 أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ) ) . قوله تعالى إلى غسق الليل
روى مالك فى الموطأعن ابن عباس قال دلوك الشمس ميلها وغسق الليل (اجتماع الليل وظلمته )
وقال ابو عبيدة الغسق (سواد الليل )
الغسق محركة : ظلمة أول الليل . وقوله تعالى : ( الى غسق الليل ) قال الفراء : هو أول ظلمته . وقال ابن شميل دخول أوله وقيل : حين يطخطخ بين العشاءين وذلك حين يعتكر ويسد المناظر . وقال الأخفش : غسق الليل : ظلمته . وقال غيره : إذا غاب الشفق .(تاج العروس)
و في (فقه اللغة) للثعالبي:
ساعات الليل: الشفق ثم الغسق ثم العتمة ثم السدفة ثم الفحمة ثم الزلة ثم الزلفة ثم البهرة ثم السحر ثم الفجر ثم الصبح ثم الصباح .
يعني أول الليل هو الشفق و لكن أول ظلمته هي الغسق.
ومثله الغسك :لغة في الغسق ،و الغسم و الطسم :السواد و الظلمة.وكما اسلفنا هذا خصوص من عموم قبله والاستعاذة من الظلمة وما فيها من مجاهيل مستترة بها عنا حيث تنشط الكواسر من الوحوش والدواب والهوام والزواحف تماما مع انتشار اهل الشرور من البشر كالسراق وقطاع الطرق ومنتهكي الحرمات اتباع الشهوات وفي الليل تكثر الجرائم والاغتيالات ...فامرنا وعلمنا بتخصيصه لخطره من عموم شرور ما خلق
جعل الله لنا و لكم نورا من لدنه..واعاذنا ربنا دوما واياكم من شر ماخلق وذرأ وبرأ ولنا وقفة اخرى بمشيئته سبحانه واستودعكم على امل اللقاء من لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..لاتنسونا وامواتنا من صالح دعواتكم.