بسم الله الرحمن الرحيم
8- من دروس القران التوعوية
تغييب الوعي من عمل الطغاة والطاغوت
تُعرف الغيبوبة بأنها حالة من فقدان الوعي و الاحساس و الادراك للنفس و الذات و المحيط !! فهي غياب الوعي ، وقد يكون غياب الوعي او الغيبوبة بسبب حالة مرضية او خلل نفسي عصبي يمنع الحواس من ادراك ذاتها او ادراك ما حولها!! او ينتج عن منع الحواس من الادراك، كأن يرى المقهور المنكر فلا يجرؤ ان يصفه منكرا مجرد وصف!! خوفا من بطش الطغاة و العقوبات من قبل الظلمة !! وهذا ما يولد نفسية الاستعباد التي تتحلى بالخضوع والاستسلام للواقع الذي يفرضه عليهم الاسياد !!
ان مناهج الطغيان لا يخشى شيئا كما يخشى يقظة الشعوب وصحوة العقول، ولا يكره أحدا كما يكره الداعين إلى الوعي واليقظة، ولا ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون العقول الغافية . فتزوير المعلومات والتاريخ وتزوير الحقائق وسيلة لانعدام الوعي وتضليل الذات؛ ومن اشدها خطرا ان يصل الاستعباد وغيبوبة الوعي والفكر والادراك لدرجة تجعل الانسان يقدم نفسه وماله وولده ضحية للباطل تقربا للطغاة ونوال رضى الطواغيت . وبذلك يضمن الطاغوت استمرار وجوده؛لان ادنى درجة من درجات الوعي تقض مضاجع الطغاة وتقلقهم على مصيرهم ...
يحدثنا القران الكريم عن قصص الاذلال و الاستعباد التي تعرض لها بنو اسرائيل من قبل فرعون؛ لمجرد نبوءة تنبأ بها بعض كهنته؛ تفيد بأن زوال سلطانه سيكون على يد مولود يولد لبني اسرائيل !! وان هذا المولود سيولد في سنة فردية!! فبدل ان يبدأ في اصلاح نفسه ويرفع عنهم الظلم و شيء من قوانين الاستعباد والسخرة التي كانت مفروضة عليهم ؛ بل زاد الظلم ظلما وطغيانا؛ فامر بني اسرائيل ان يسلموه مواليدهم الذكور في السنة الفردية ليذبحهم دون الاناث !!
والعجيب في الامر ان يمتثل القوم للامر؛ فيسلموا اولادهم طوعا ويُبلغون عن مواليدهم الذكورفيقدمونهم اضاحي ليتقربوا بذبحهم للفرعون زلفىً عسى ان يرضى عنهم !!
وهكذا ألف القوم الذل والمذلة والصغار بما رضوا به من استسلام للواقع الذي فرضه الفرعون عليهم ؛ فالوعي هنا يجعل من صاحبه غريبا في عالم ألف الجهل ووجد في المذلة كهفا يوفر له السلامة!!
وتأمل بتدبر قول الله تعالى في بداية سورة القصص :- {طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)من سورة القصص}.
قال الامام الطبري في تفسيره :- [القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
يقول تعالى ذكره: إن فرعون تجبر في أرض مصر وتكبر, وعلا أهلها وقهرهم, حتى أقرّوا له بالعُبُودَةِ.
كما حدثنا محمد بن هارون, قال: ثنا عمرو بن حماد, قال: ثنا أسباط, عن السدي (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ) يقول: تجبر في الأرض.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ) أي: بغى في الأرض.
وقوله: ( وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ) يعني بالشيع: الفِرَق، يقول: وجعل أهلَها فرقًا متفرّقين.
كماحدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة (وَجَعَل أَهْلَهَا شِيَعًا): أي فرقًا يذبح طائفة منهم, ويستحيي طائفة, ويعذب طائفة, ويستعبد طائفة، قال الله عز وجل: ( يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ).
حدثني موسى بن هارون, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي, قال: كان من شأن فرعون أنه رأى رؤيا في منامه, أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر, فأحرقت القبط, وتركت بني إسرائيل, وأحرقت بيوت مصر, فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة (2) فسألهم عن رؤياه, فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه, يعنون بيت المقدس, رجل يكون على وجهه هلاك مصر, فأمر ببني إسرائيل أن لا يولد لهم غلام إلا ذبحوه, ولا تولد لهم جارية إلا تركت, وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا, فأدخلوهم, واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة, فجعل بني إسرائيل في أعمال غلمانهم, وأدخلوا غلمانهم, فذلك حين يقول: ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ) يعني بني إسرائيل، حين جعلهم في الأعمال القذرة.](راجع تفسير الامام الطبري رحمه الله ...
ان غياب الوعي المجتمعي في اي امة هكذا يفعل!!
فلذلك جعل الله تعالى الوعي في ديننا وشرعنا الحنيف من اجل واقدس العبادات :- {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)الحاقة}.
ومن التذكرة الباقية الخالدة ايات هذا القران الكريم الحكيم العظيم الصانعة للوعي لكل مؤمن متدبر يتلوا ويتبع ما يتلوه،،، { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)سورة ق}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
8- من دروس القران التوعوية
تغييب الوعي من عمل الطغاة والطاغوت
تُعرف الغيبوبة بأنها حالة من فقدان الوعي و الاحساس و الادراك للنفس و الذات و المحيط !! فهي غياب الوعي ، وقد يكون غياب الوعي او الغيبوبة بسبب حالة مرضية او خلل نفسي عصبي يمنع الحواس من ادراك ذاتها او ادراك ما حولها!! او ينتج عن منع الحواس من الادراك، كأن يرى المقهور المنكر فلا يجرؤ ان يصفه منكرا مجرد وصف!! خوفا من بطش الطغاة و العقوبات من قبل الظلمة !! وهذا ما يولد نفسية الاستعباد التي تتحلى بالخضوع والاستسلام للواقع الذي يفرضه عليهم الاسياد !!
ان مناهج الطغيان لا يخشى شيئا كما يخشى يقظة الشعوب وصحوة العقول، ولا يكره أحدا كما يكره الداعين إلى الوعي واليقظة، ولا ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون العقول الغافية . فتزوير المعلومات والتاريخ وتزوير الحقائق وسيلة لانعدام الوعي وتضليل الذات؛ ومن اشدها خطرا ان يصل الاستعباد وغيبوبة الوعي والفكر والادراك لدرجة تجعل الانسان يقدم نفسه وماله وولده ضحية للباطل تقربا للطغاة ونوال رضى الطواغيت . وبذلك يضمن الطاغوت استمرار وجوده؛لان ادنى درجة من درجات الوعي تقض مضاجع الطغاة وتقلقهم على مصيرهم ...
يحدثنا القران الكريم عن قصص الاذلال و الاستعباد التي تعرض لها بنو اسرائيل من قبل فرعون؛ لمجرد نبوءة تنبأ بها بعض كهنته؛ تفيد بأن زوال سلطانه سيكون على يد مولود يولد لبني اسرائيل !! وان هذا المولود سيولد في سنة فردية!! فبدل ان يبدأ في اصلاح نفسه ويرفع عنهم الظلم و شيء من قوانين الاستعباد والسخرة التي كانت مفروضة عليهم ؛ بل زاد الظلم ظلما وطغيانا؛ فامر بني اسرائيل ان يسلموه مواليدهم الذكور في السنة الفردية ليذبحهم دون الاناث !!
والعجيب في الامر ان يمتثل القوم للامر؛ فيسلموا اولادهم طوعا ويُبلغون عن مواليدهم الذكورفيقدمونهم اضاحي ليتقربوا بذبحهم للفرعون زلفىً عسى ان يرضى عنهم !!
وهكذا ألف القوم الذل والمذلة والصغار بما رضوا به من استسلام للواقع الذي فرضه الفرعون عليهم ؛ فالوعي هنا يجعل من صاحبه غريبا في عالم ألف الجهل ووجد في المذلة كهفا يوفر له السلامة!!
وتأمل بتدبر قول الله تعالى في بداية سورة القصص :- {طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُو عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَىٰ وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)من سورة القصص}.
قال الامام الطبري في تفسيره :- [القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
يقول تعالى ذكره: إن فرعون تجبر في أرض مصر وتكبر, وعلا أهلها وقهرهم, حتى أقرّوا له بالعُبُودَةِ.
كما حدثنا محمد بن هارون, قال: ثنا عمرو بن حماد, قال: ثنا أسباط, عن السدي (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ) يقول: تجبر في الأرض.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة (إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ) أي: بغى في الأرض.
وقوله: ( وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ) يعني بالشيع: الفِرَق، يقول: وجعل أهلَها فرقًا متفرّقين.
كماحدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قَتادة (وَجَعَل أَهْلَهَا شِيَعًا): أي فرقًا يذبح طائفة منهم, ويستحيي طائفة, ويعذب طائفة, ويستعبد طائفة، قال الله عز وجل: ( يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ).
حدثني موسى بن هارون, قال: ثنا عمرو, قال: ثنا أسباط, عن السدي, قال: كان من شأن فرعون أنه رأى رؤيا في منامه, أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر, فأحرقت القبط, وتركت بني إسرائيل, وأحرقت بيوت مصر, فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة (2) فسألهم عن رؤياه, فقالوا له: يخرج من هذا البلد الذي جاء بنو إسرائيل منه, يعنون بيت المقدس, رجل يكون على وجهه هلاك مصر, فأمر ببني إسرائيل أن لا يولد لهم غلام إلا ذبحوه, ولا تولد لهم جارية إلا تركت, وقال للقبط: انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا, فأدخلوهم, واجعلوا بني إسرائيل يلون تلك الأعمال القذرة, فجعل بني إسرائيل في أعمال غلمانهم, وأدخلوا غلمانهم, فذلك حين يقول: ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا ) يعني بني إسرائيل، حين جعلهم في الأعمال القذرة.](راجع تفسير الامام الطبري رحمه الله ...
ان غياب الوعي المجتمعي في اي امة هكذا يفعل!!
فلذلك جعل الله تعالى الوعي في ديننا وشرعنا الحنيف من اجل واقدس العبادات :- {لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ (12)الحاقة}.
ومن التذكرة الباقية الخالدة ايات هذا القران الكريم الحكيم العظيم الصانعة للوعي لكل مؤمن متدبر يتلوا ويتبع ما يتلوه،،، { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45)سورة ق}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...