بسم الله الرحمن الرحيم
3- من دروس القران التوعوية
الوعي مقرون بالتفكير والتدبر وهو عبادة مربوطة بالايمان والعقيدة
قال الله عز وجل: «إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ» (الحاقة : 11 – 12).فقوله تعالى: «وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»؛ أي: يعقلها أولو الألباب والعقول المدركة الواعية، ويعرفون المقصود منها ووجه الاعتبار بالآية او الحوادث والاحداث وما يلزمهم من ذلك ويتوجب عليهم فعله .
إن القرآن الكريم أرشدنا إلى عوامل التفكير ودل عليها بقوله سبحانه وتعالى: «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (النحل : 78). فآيات الخالق سبحانه وتعالى تشير إلى أن الحواس هي الأداة التي خلقها الله لنا لنقوم بالعملية الفكرية ونتوصل إلى العلم القطعي و العلوم.. وننتج الافكار المنبثقة من قاعدة عقلية راسخة ثابتة رسوخ الحق لانها لا بد وان تكون حقا ؛الا وهي العقيدة المبنية على فكرة لا اله - لا خالق ولا معبود مطاع ولا مشرع متبع - الا الله - الخالق المدبر الذي اخرج الوجود من العدم ثم دبر امره بما يحفظ ويُصلح امره ليستمر في وجوده، ومن هذا الوجود الجنس العاقل من الخلق ومنهم الانسان؛ الذي خُلق للإبتلاء بخيار العبادة او كفرها؛ فاعطاه الله منارات الهدى وبينات الحق والفرقان بين مناهج الكفر ومنهج الايمان.. ثم الركن الثاني من العقيدة البانية لعقل المسلم واشهد ان محمدا رسول الله الذي ارسله الله بالمعجزة والبينة الخالدة المحفوظة-القران الكريم- والمقتضي ذلك اتباع نهج النبوة في تطبيق احكام هذا القران العظيم ...
ولذلك وردت في الآية الكريمة «لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا»، وعقبها ذكرت بعض الحواس ذكراً يفيد العلة في العلم. إن إشارة القرآن لعوامل الوعي والفكر ليست من قبيل الذكر العابر؛ بل لإرشادنا لطريقة التفكير العقلية الصحيحة التي تتم عن طريق الاحساس لا عن طريق الاوهام والتخيلات والتصورات المنتجة للوهم والخزعبلات والخرافة، وإذا أضفنا إلى ذلك طريقة القرآن في النفي والإثبات، والاستدلال، والإقناع، والمحاججة، والبرهنة والتدليل، فإننا نجده يستعمل نفس الطريقة في الإشارة إلى القوانين والسنن التي تحكم سير الأشياء، وأنها من تدبير وصنع الخالق عز وجل... كما جاء في قول الله تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ»، (البقرة: 258).
وقد اصر القران الكريم على بناء العقيدة وتثبيتها بالطريقة العقلية؛ ومن امثلة ذلك ما قال الله تعالى: «اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ» (الرعد : 2).
و مثله قوله تعالى: «وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (النحل : 68). وقال تعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ» (القصص : 71).
وقال تعالى: َ«ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ» (الزمر : 21).
كما قال تعالى أيضًا: «وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ» (النحل : 20)
وقال سبحانه: «وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ» (التوبة : 81).فتلك ايات وبراهين عقلية استحث الله تعالى العقل فيها على التأمل والتفكر والتدبر فيما يدرك بحواسه ويرى ببصره فتكون له ايات بينات وبراهين تفيده العلم القطعي ؛ ولا يعقل ايات الله وبراهينه الا صاحب وعي وفطنة وذكاء وتدبر!! "وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»...ذلك أن استخدام الإنسان لحواسه هو الذي يوجد العلم ويجعل الإنسان يفكر وينتج، يحكم ويستنتج، يؤسس ويبني، يصحح ويصوب، يرتفي ويسمو، يميز ويختار..
ونجد نفس السياق في آية أخرى، وهي قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ» (المؤمنون : 78). و شكر نعمة ادوات ووسائل التفكير هو الفكر الصحيح والوعي الذي يتطلب وضوح الرؤيا العقلية و صفاء ونقاء البصيرة؛ قال الله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج} .. بهذه النصوص القرانية يتيقن لنا ان التفكر والوعي عبادة لازمة للمؤمن والاصل ان تكون هي اس العبادات وبالتالي السلوك والمعاملات .. فالوعي هو معرفة المرء وادركه لوجوده وإدراكه للغاية من وجوده، وبالتالي بناءه لأفكاره و وتوجيهه لمشاعره واحاسيسه، فينتج عن ذلك زرع المفاهيم والقيم المنتجة للوعي في اجيال الامة.. وحين تتسع دائرة وعي الإنسان يصبح مدركاً لمحيطه، وزمانه، وما فيه من مصادر السرور والعز والكرامة، وما فيه من بواعث الحزن والاكتئاب والخسران والندامة، كما يصبح مدركاً للفرص والتحديات والمخاطر والإمكانات والقدرات المتوفرة في ذلك المحيط؛ ومن المهم أن نلاحظ أن وعي الإنسان بما حوله وما يواجهه من احداث وتحديات يظل منقوصاً ونسبياً؛ وقابلاً للجدل والمراجعة فيحتاج الى معونة غيره ومشورة اهل الرأي ولسداد من الراسخين في العلم الذين يستندون في نظرتهم الى المعتقد والعلم الثابت الراسخ الذي تتكشف لهم به حقائق الاشياء والاحداث وحوادث الايام...وهم الربانيين من اهل العلم.. وهم من جمع بين علوم الشريعو وعلم الطباع !! وعلم السياسة و وُهب الفطنة والكياسة..!!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
3- من دروس القران التوعوية
الوعي مقرون بالتفكير والتدبر وهو عبادة مربوطة بالايمان والعقيدة
قال الله عز وجل: «إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ» (الحاقة : 11 – 12).فقوله تعالى: «وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»؛ أي: يعقلها أولو الألباب والعقول المدركة الواعية، ويعرفون المقصود منها ووجه الاعتبار بالآية او الحوادث والاحداث وما يلزمهم من ذلك ويتوجب عليهم فعله .
إن القرآن الكريم أرشدنا إلى عوامل التفكير ودل عليها بقوله سبحانه وتعالى: «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» (النحل : 78). فآيات الخالق سبحانه وتعالى تشير إلى أن الحواس هي الأداة التي خلقها الله لنا لنقوم بالعملية الفكرية ونتوصل إلى العلم القطعي و العلوم.. وننتج الافكار المنبثقة من قاعدة عقلية راسخة ثابتة رسوخ الحق لانها لا بد وان تكون حقا ؛الا وهي العقيدة المبنية على فكرة لا اله - لا خالق ولا معبود مطاع ولا مشرع متبع - الا الله - الخالق المدبر الذي اخرج الوجود من العدم ثم دبر امره بما يحفظ ويُصلح امره ليستمر في وجوده، ومن هذا الوجود الجنس العاقل من الخلق ومنهم الانسان؛ الذي خُلق للإبتلاء بخيار العبادة او كفرها؛ فاعطاه الله منارات الهدى وبينات الحق والفرقان بين مناهج الكفر ومنهج الايمان.. ثم الركن الثاني من العقيدة البانية لعقل المسلم واشهد ان محمدا رسول الله الذي ارسله الله بالمعجزة والبينة الخالدة المحفوظة-القران الكريم- والمقتضي ذلك اتباع نهج النبوة في تطبيق احكام هذا القران العظيم ...
ولذلك وردت في الآية الكريمة «لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا»، وعقبها ذكرت بعض الحواس ذكراً يفيد العلة في العلم. إن إشارة القرآن لعوامل الوعي والفكر ليست من قبيل الذكر العابر؛ بل لإرشادنا لطريقة التفكير العقلية الصحيحة التي تتم عن طريق الاحساس لا عن طريق الاوهام والتخيلات والتصورات المنتجة للوهم والخزعبلات والخرافة، وإذا أضفنا إلى ذلك طريقة القرآن في النفي والإثبات، والاستدلال، والإقناع، والمحاججة، والبرهنة والتدليل، فإننا نجده يستعمل نفس الطريقة في الإشارة إلى القوانين والسنن التي تحكم سير الأشياء، وأنها من تدبير وصنع الخالق عز وجل... كما جاء في قول الله تعالى: «فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ»، (البقرة: 258).
وقد اصر القران الكريم على بناء العقيدة وتثبيتها بالطريقة العقلية؛ ومن امثلة ذلك ما قال الله تعالى: «اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ» (الرعد : 2).
و مثله قوله تعالى: «وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنْ اتَّخِذِي مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنْ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (النحل : 68). وقال تعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ» (القصص : 71).
وقال تعالى: َ«ألَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ» (الزمر : 21).
كما قال تعالى أيضًا: «وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ» (النحل : 20)
وقال سبحانه: «وَقَالُوا لاَ تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ» (التوبة : 81).فتلك ايات وبراهين عقلية استحث الله تعالى العقل فيها على التأمل والتفكر والتدبر فيما يدرك بحواسه ويرى ببصره فتكون له ايات بينات وبراهين تفيده العلم القطعي ؛ ولا يعقل ايات الله وبراهينه الا صاحب وعي وفطنة وذكاء وتدبر!! "وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ»...ذلك أن استخدام الإنسان لحواسه هو الذي يوجد العلم ويجعل الإنسان يفكر وينتج، يحكم ويستنتج، يؤسس ويبني، يصحح ويصوب، يرتفي ويسمو، يميز ويختار..
ونجد نفس السياق في آية أخرى، وهي قوله تعالى: «وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ» (المؤمنون : 78). و شكر نعمة ادوات ووسائل التفكير هو الفكر الصحيح والوعي الذي يتطلب وضوح الرؤيا العقلية و صفاء ونقاء البصيرة؛ قال الله تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج} .. بهذه النصوص القرانية يتيقن لنا ان التفكر والوعي عبادة لازمة للمؤمن والاصل ان تكون هي اس العبادات وبالتالي السلوك والمعاملات .. فالوعي هو معرفة المرء وادركه لوجوده وإدراكه للغاية من وجوده، وبالتالي بناءه لأفكاره و وتوجيهه لمشاعره واحاسيسه، فينتج عن ذلك زرع المفاهيم والقيم المنتجة للوعي في اجيال الامة.. وحين تتسع دائرة وعي الإنسان يصبح مدركاً لمحيطه، وزمانه، وما فيه من مصادر السرور والعز والكرامة، وما فيه من بواعث الحزن والاكتئاب والخسران والندامة، كما يصبح مدركاً للفرص والتحديات والمخاطر والإمكانات والقدرات المتوفرة في ذلك المحيط؛ ومن المهم أن نلاحظ أن وعي الإنسان بما حوله وما يواجهه من احداث وتحديات يظل منقوصاً ونسبياً؛ وقابلاً للجدل والمراجعة فيحتاج الى معونة غيره ومشورة اهل الرأي ولسداد من الراسخين في العلم الذين يستندون في نظرتهم الى المعتقد والعلم الثابت الراسخ الذي تتكشف لهم به حقائق الاشياء والاحداث وحوادث الايام...وهم الربانيين من اهل العلم.. وهم من جمع بين علوم الشريعو وعلم الطباع !! وعلم السياسة و وُهب الفطنة والكياسة..!!
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته