بسم الله الرحمن الرحيم
26- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
الايمان وصناعة النفس الانسانية ودوره في التغيير !!
في اول خطاب من الله تعالى نزل على نبيه صلوات ربي وسلامه عليه واله لفت نظر البشرية الى خلق الانسان ومبتدأ خلقه كان من علقة علقت بجدار رحم امه !! ثم تكلم القران فيما بعد عن تفاصيل خلقه ومراحل نموه .. حتى يصبح بالغا راشدا مؤهلا بالعقل والادراك والطباع لتلقي التكليف الشرعي ..
و الانسان حتى يصح تمييزه عن غيره من المخلوقات والدواب التي تدب على الارض ؛ يتكون من ثلاث امور لطيفة ؛ ألا وهي : «العقل، والقلب، والنفس».
فلا دين بدون عقل؛ لان العقل مناط التكاليف الشرعية؛ وفي حالة فقدانه يُقال اذا اخذ ما اوهب أسقط ما اوجب !! والعقل هو عملية الادراك والتفكير التي تشترك فيها الحواس مع الجهاز العصبي الناقل للدماغ ما يقع عليه من الوقائع فيربطها الدماغ بما خزنه من معلومات سابقة فيفسرها بحسب معلوماته السابقة؛ وهذا هو العقل حيث حصلت عملية الادراك وربطت الواقع بالمعلومات السابقة فتم تفسيرها او الحكم عليها فنتج عن هذه العملية الفكر؛ ويعتمد الفكر صحة وبطلانا على طبيعة الاحساس بالواقع وطبيعة نقله نقلا صحيحا للدماغ؛ ثم على طبيعة المعلومات السابقة المخزنة في ذاكرة الدماغ؛ والتي بموجبها يفسر الوقائع ويربط بينها وبينه .. فيحكم عليه ؛ وعليه فان المعلومات السابقة وتلقينها للعقل ضروري لاجراء عملية التفكير؛ فيفكر الناس بموجب ما تعلموه من الأهل؛ وما ألفوه وألفوا عليه محيطهم واهل بيئتهم . فتكون بذلك مفاهيم سلوكية يحتكم تفكيرهم اليها ؛ ويصعب على الانسان المتبع المقلد للبيئة والموروث من المحيط مخالفته او انكاره ؛ الا اذا تغيرت افكاره ومفاهيمه عن الاشياء ؛؛!
وهنا مكمن كيفية الضلال وكيفية الاهتداء ؛ وهنا مبتدأ التغيير !!
اما القلب فانه لفظ يُطلق على القوة المستجيبة لاحاسيس المشاعر التي كونها العقل عن الاحداث والامور حبا أو كراهية ؛ بغضاً ام مودةً ؛غضباً ام رضىً ... فالقلب موضع الانفعلات والتفاعلات مع احكام العقل وافكار عملية التفكير بما يعكسه عليه من تأثير وتأثر تولد المشاعر والاحاسيس التي تتفاعل في الوجدان؛ فتكون هي المؤثر الرئيس في الانفعال لانتاج التصرفات والاعمال؛ فلذلك اطلقوا على العقل لفظ القلب لانه محل الاحساس بتائجه..
ان تخزين الدماغ للمعلومات وتأثر انفعالات القلب بها يكون النفس ؛ و بالنفس يشتهي الإنسان ما يستلذُّه من المطاعم والمشارب ويتمتع بما يحققه من عملية اشباع للجوعات العضوية وجوعات الغرائز ...
ومن هنا جاء دور العقيدة والايمان في بناء العقل ؛ لانها ترسخ في الدماغ المعلومات الصحيحة وتنتزع منه المعلومات الباطلة لتصحح مسار تفكيره ..
فتصبح العقيدة بعلاقتها التبادلية مع العقل هي المنظار له والمقياس الذي يزن ويقيس الامور به ، فيتفاعل قلبه مع احكامه المستندة لها .. فتصبح هي الموجه وهي الدافع والمانع للسلوك ؛ وبهذا تتكون المفاهيم وتنغرز عنده القيم وتترسخ الموازين والمقاييس للفكر والسلوك .. فتتكون النفسية الايمانية المرتبطة بربها في تفكيرها واحاسيسها ومشاعرها ؛ وبالتالي ينضبط سلوكها بما تمليه شرائع العقيدة ؛ امراً او إذنا او نهياً...
فالنفس هي الهُوية الحقيقية للإنسان، ومحتواها الحقيقي هو الذي يحدد وجهة الإنسان ونحوه في الحياة ، ويبيّن مصيره المستقبلي....
وبناءً على ما سبق فالأحاسيس القلبية الناتجة عن الإدراكات العقلية بمجموعها هي ما يكون النفس الإنسانية؛ التي لاتعتبر حية ولا موجودة الا بالروح الباعث على الحياةالباعثة في الانسان على الادراك والاعتبار والاتعاظ والاقتناع؛ لتصحيح المسار والاهتداء الى الصراط الحق المستقيم؛ فإذا أخذ اللهُ الروح وخلا الجسد منها؛ انقطعت تلك الطاقة عن الموصلات العصبية، وفقدت تلك الحواس فماتت النفسُ، التي عبَّر القرآنُ عنها في قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْـمَوْتِ}[آل عمران: 185].
فعلى من يريد التغيير ويحقق النهضة في الامة السعي لتغيير المفاهيم التي ترسخت في الانفس واصبحت هي موجه السلوك ؛ وذلك بتغيير الافكار والمعلومات الخاطئة والمثبطة الى الافكار العقائدية الصحيحة الصانعة للعقل المتعمق وللعقلية الثابتة المستنيرة؛ وبالتالي للنفسية الجبارة التي تحقق في عالم الواقع ما يشبه المعجزات بتوفيق الله وتأييده ؛ فتتصدى بقوة الايمان لجبروت المادة وطغيانها؛ فتقهر كل مكابر و متكبر و جبار و متجبر يمتطي عباد الله ويتخذهم سخريا ...
فلذلك نجد ان القران الكريم ركز لنا على تغيير النفس والنفسية التي تنغرز فيها المفاهيم والقيم العقلية المنتجة للمشاعر والاحاسيس القلبية ؛ و الدافعة بدورها للعمل والفعل او الامتناع والاحجام ...وبين ان ذلك من اياته العظمى التي استحقت ان يقسم بها سبحانه تشريفا وتعظيما لامرها فقال سبحانه:- {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)الشمس}.والمقصود بالتزكية هنا: طهارة النفس أو تطهيرها وتنظيفها، مخالفًا للدسِّ الذي هو كناية عن الإغراق في الوسخ والأوحال. ولا يعني ذلك أبدًا التزكية مطلقًا لما يعترضها من سلبيات، مثل: الاستعلاء والتكبّر والترفّع الذي نهى الله تعالى عنه، كما في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}[النساء: 49]. ..فتغير النفس بيد الانسان وضمن طاقته وقدرته؛ ولكي يحدث التغير لا بد من التغيير فيما ينغرز من المفاهيم والقيم في النفس؛ قال تعالى: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرعد: 11]. وقال تعالى:-{ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)الانفال} . وهذا يعني ويبيّن أن للنفس مراتب، وأنها تخضع للتغيير والتبديل من حالة إلى حالــة، فان حملت مفاهيم السوء سائت حالها وان حملت مفاهيم الخير نهضت واُقيلت عثرتها ... وانظر في في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ}[الأنعام: 104].
فإذا أراد اللهُ بعبده خيرًا بصَّره بعيوب نفسه، ومَن كملت له بصيرته لم تخفَ عليه عيوبه، وإذا عرف عيوبه أمكنه علاجها. فالخطأ يصدر عن النفس كما في قوله تعالى: {أَوَلَـمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ}[آل عمران: 165]، وقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء: 79]. وما ورد ذكره على لسان أبوينا آدم وحوَّاء -عليهما السلام-: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْـخَاسِرِينَ}[الأعراف: 23]. وهكذا يصنع الايمان النفس الانسانية ويرتقي بها عن المنزلة البهيمية التي تتبع مشتهاها وتتصرف على هواها وتقتل في الانسان النفس الشيطانية التي لا تعترف بخطأها وتبرره وبالتالي تتشبث بالثبات عليه؛ فلا تغيره؛ فتدخل والعياذ بالله في محيط غضب الله تعالى وانتقامه... ربنا اغفر لنا و غير ما بأنفسنا الى ما تحب وترضى وبدل احوالنا الى احسن احوال خلقك المؤمنين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
26- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
الايمان وصناعة النفس الانسانية ودوره في التغيير !!
في اول خطاب من الله تعالى نزل على نبيه صلوات ربي وسلامه عليه واله لفت نظر البشرية الى خلق الانسان ومبتدأ خلقه كان من علقة علقت بجدار رحم امه !! ثم تكلم القران فيما بعد عن تفاصيل خلقه ومراحل نموه .. حتى يصبح بالغا راشدا مؤهلا بالعقل والادراك والطباع لتلقي التكليف الشرعي ..
و الانسان حتى يصح تمييزه عن غيره من المخلوقات والدواب التي تدب على الارض ؛ يتكون من ثلاث امور لطيفة ؛ ألا وهي : «العقل، والقلب، والنفس».
فلا دين بدون عقل؛ لان العقل مناط التكاليف الشرعية؛ وفي حالة فقدانه يُقال اذا اخذ ما اوهب أسقط ما اوجب !! والعقل هو عملية الادراك والتفكير التي تشترك فيها الحواس مع الجهاز العصبي الناقل للدماغ ما يقع عليه من الوقائع فيربطها الدماغ بما خزنه من معلومات سابقة فيفسرها بحسب معلوماته السابقة؛ وهذا هو العقل حيث حصلت عملية الادراك وربطت الواقع بالمعلومات السابقة فتم تفسيرها او الحكم عليها فنتج عن هذه العملية الفكر؛ ويعتمد الفكر صحة وبطلانا على طبيعة الاحساس بالواقع وطبيعة نقله نقلا صحيحا للدماغ؛ ثم على طبيعة المعلومات السابقة المخزنة في ذاكرة الدماغ؛ والتي بموجبها يفسر الوقائع ويربط بينها وبينه .. فيحكم عليه ؛ وعليه فان المعلومات السابقة وتلقينها للعقل ضروري لاجراء عملية التفكير؛ فيفكر الناس بموجب ما تعلموه من الأهل؛ وما ألفوه وألفوا عليه محيطهم واهل بيئتهم . فتكون بذلك مفاهيم سلوكية يحتكم تفكيرهم اليها ؛ ويصعب على الانسان المتبع المقلد للبيئة والموروث من المحيط مخالفته او انكاره ؛ الا اذا تغيرت افكاره ومفاهيمه عن الاشياء ؛؛!
وهنا مكمن كيفية الضلال وكيفية الاهتداء ؛ وهنا مبتدأ التغيير !!
اما القلب فانه لفظ يُطلق على القوة المستجيبة لاحاسيس المشاعر التي كونها العقل عن الاحداث والامور حبا أو كراهية ؛ بغضاً ام مودةً ؛غضباً ام رضىً ... فالقلب موضع الانفعلات والتفاعلات مع احكام العقل وافكار عملية التفكير بما يعكسه عليه من تأثير وتأثر تولد المشاعر والاحاسيس التي تتفاعل في الوجدان؛ فتكون هي المؤثر الرئيس في الانفعال لانتاج التصرفات والاعمال؛ فلذلك اطلقوا على العقل لفظ القلب لانه محل الاحساس بتائجه..
ان تخزين الدماغ للمعلومات وتأثر انفعالات القلب بها يكون النفس ؛ و بالنفس يشتهي الإنسان ما يستلذُّه من المطاعم والمشارب ويتمتع بما يحققه من عملية اشباع للجوعات العضوية وجوعات الغرائز ...
ومن هنا جاء دور العقيدة والايمان في بناء العقل ؛ لانها ترسخ في الدماغ المعلومات الصحيحة وتنتزع منه المعلومات الباطلة لتصحح مسار تفكيره ..
فتصبح العقيدة بعلاقتها التبادلية مع العقل هي المنظار له والمقياس الذي يزن ويقيس الامور به ، فيتفاعل قلبه مع احكامه المستندة لها .. فتصبح هي الموجه وهي الدافع والمانع للسلوك ؛ وبهذا تتكون المفاهيم وتنغرز عنده القيم وتترسخ الموازين والمقاييس للفكر والسلوك .. فتتكون النفسية الايمانية المرتبطة بربها في تفكيرها واحاسيسها ومشاعرها ؛ وبالتالي ينضبط سلوكها بما تمليه شرائع العقيدة ؛ امراً او إذنا او نهياً...
فالنفس هي الهُوية الحقيقية للإنسان، ومحتواها الحقيقي هو الذي يحدد وجهة الإنسان ونحوه في الحياة ، ويبيّن مصيره المستقبلي....
وبناءً على ما سبق فالأحاسيس القلبية الناتجة عن الإدراكات العقلية بمجموعها هي ما يكون النفس الإنسانية؛ التي لاتعتبر حية ولا موجودة الا بالروح الباعث على الحياةالباعثة في الانسان على الادراك والاعتبار والاتعاظ والاقتناع؛ لتصحيح المسار والاهتداء الى الصراط الحق المستقيم؛ فإذا أخذ اللهُ الروح وخلا الجسد منها؛ انقطعت تلك الطاقة عن الموصلات العصبية، وفقدت تلك الحواس فماتت النفسُ، التي عبَّر القرآنُ عنها في قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْـمَوْتِ}[آل عمران: 185].
فعلى من يريد التغيير ويحقق النهضة في الامة السعي لتغيير المفاهيم التي ترسخت في الانفس واصبحت هي موجه السلوك ؛ وذلك بتغيير الافكار والمعلومات الخاطئة والمثبطة الى الافكار العقائدية الصحيحة الصانعة للعقل المتعمق وللعقلية الثابتة المستنيرة؛ وبالتالي للنفسية الجبارة التي تحقق في عالم الواقع ما يشبه المعجزات بتوفيق الله وتأييده ؛ فتتصدى بقوة الايمان لجبروت المادة وطغيانها؛ فتقهر كل مكابر و متكبر و جبار و متجبر يمتطي عباد الله ويتخذهم سخريا ...
فلذلك نجد ان القران الكريم ركز لنا على تغيير النفس والنفسية التي تنغرز فيها المفاهيم والقيم العقلية المنتجة للمشاعر والاحاسيس القلبية ؛ و الدافعة بدورها للعمل والفعل او الامتناع والاحجام ...وبين ان ذلك من اياته العظمى التي استحقت ان يقسم بها سبحانه تشريفا وتعظيما لامرها فقال سبحانه:- {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)الشمس}.والمقصود بالتزكية هنا: طهارة النفس أو تطهيرها وتنظيفها، مخالفًا للدسِّ الذي هو كناية عن الإغراق في الوسخ والأوحال. ولا يعني ذلك أبدًا التزكية مطلقًا لما يعترضها من سلبيات، مثل: الاستعلاء والتكبّر والترفّع الذي نهى الله تعالى عنه، كما في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ}[النساء: 49]. ..فتغير النفس بيد الانسان وضمن طاقته وقدرته؛ ولكي يحدث التغير لا بد من التغيير فيما ينغرز من المفاهيم والقيم في النفس؛ قال تعالى: {إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}[الرعد: 11]. وقال تعالى:-{ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (53)الانفال} . وهذا يعني ويبيّن أن للنفس مراتب، وأنها تخضع للتغيير والتبديل من حالة إلى حالــة، فان حملت مفاهيم السوء سائت حالها وان حملت مفاهيم الخير نهضت واُقيلت عثرتها ... وانظر في في قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ}[الأنعام: 104].
فإذا أراد اللهُ بعبده خيرًا بصَّره بعيوب نفسه، ومَن كملت له بصيرته لم تخفَ عليه عيوبه، وإذا عرف عيوبه أمكنه علاجها. فالخطأ يصدر عن النفس كما في قوله تعالى: {أَوَلَـمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ}[آل عمران: 165]، وقوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء: 79]. وما ورد ذكره على لسان أبوينا آدم وحوَّاء -عليهما السلام-: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْـخَاسِرِينَ}[الأعراف: 23]. وهكذا يصنع الايمان النفس الانسانية ويرتقي بها عن المنزلة البهيمية التي تتبع مشتهاها وتتصرف على هواها وتقتل في الانسان النفس الشيطانية التي لا تعترف بخطأها وتبرره وبالتالي تتشبث بالثبات عليه؛ فلا تغيره؛ فتدخل والعياذ بالله في محيط غضب الله تعالى وانتقامه... ربنا اغفر لنا و غير ما بأنفسنا الى ما تحب وترضى وبدل احوالنا الى احسن احوال خلقك المؤمنين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...