---------{بسم الله الرحمن الرحيم}---------
18- الحلقة الثامنة عشرة من حديث الاثنين في مباحث الايملن والعقيدة :-
الربط بين الايمان بالله واليوم الآخر !!
الناظر في هذا الكون وفي هذه الحياة يجد انه لم يخلق في هذه الدنيا شيء عبثا ، ويجد ان كل شيء له بداية وله نهاية ، ومن ابرز ما نراه هو انتهاء اجل كل كائن حي ومنه الانسان وموته...
لقد اكد القران الكريم وركز على انتهاء الدنيا وان بعدها الرجوع الى الله تعالى للحساب والجزاء، فالإيمان بالله الذي بدأ الخلق يستلزم الإيمان باليوم الآخر الذي به نهاية مخلوقات الدنيا وفنائها ويرجع الانسان الى ربه ( إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ( العلق) ؛ وذلك لأن الإيمان الصحيح بالله -سبحانه- يتضمن الإيمان بكمال الله وقدسيته، فالله سبحانه لا يعتريه نقص أو عيب، ومن كماله -سبحانه- أنه لا يخلق خلقه عبثاً ينتهي كل شيء بموتِهم، قال -تعالى-: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) }سورة المؤمنون 115-116). فالله تعالى بين لنا انه لم يخلق الخلق عبثا، ولا لهوا ولعبا، وهذا ما اكده لنا في اكثر من موضع في القران كقوله سبحانه:- (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿١٦ الأنبياء﴾وقوله تعالى:-(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿٣٨ الدخان﴾ .. وبين لنا انه سبحانه لا يلهو ولا يلعب ، وانه تعالى لو اراد ذلك لاتخذه بدونكم فهو الغني عن خلق سبحانه: (لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿١٧ الأنبياء﴾، فالذين لا يؤمنون بالحياة بعد الموت والبعث والنشور وكفروا باليوم الاخر انما عميت بصائرهم عن ادراك ايات الله تعالى في الايجاد والافناء،،، فحسبوا ان لا رجعة لهم للخالق المدبر العظيم المتعال، فانفلتوا يطيشون في هذه الدنيا كما يشاؤن ، وحسبوا انهم احرار بلا قيد ولا عقال ... لان اكثرهم ظن ان لا حياة بعد الموت والبلى.. فرد الله تعالى على امثالهم بقوله عز وجل :- ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(36)أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى(37)ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى(38)فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى(39)أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى(40) ﴾( سورة القيامة ) .. فايها الانسان:- اياك ان تغريك الحياة وتعمي بصرك وبصيرتك عن الاخرة ،فقد حذرك الله تعالى فقال لك :-(وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا ۚ وَذَكِّرْ بِهِۦٓ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌۢ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍۢ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَآ ۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ ۖ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍۢ وَعَذَابٌ أَلِيمٌۢ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴿٧٠ الأنعام﴾.. قال في التفسير الميسر : (واترك -أيها الرسول- هؤلاء المشركين الذين جعلوا دين الإسلام لعبًا ولهوًا؛ مستهزئين بآيات الله تعالى، وغرَّتهم الحياة الدنيا بزينتها، وذكّر بالقرآن هؤلاء المشركين وغيرهم؛ كي لا ترتهن نفس بذنوبها وكفرها بربها، ليس لها غير الله ناصر ينصرها، فينقذها من عذابه، ولا شافع يشفع لها عنده، وإن تَفْتَدِ بأي فداء لا يُقْبَل منها. أولئك الذين ارتُهِنوا بذنوبهم، لهم في النار شراب شديد الحرارة وعذاب موجع؛ بسبب كفرهم بالله تعالى و رسوله محمَّد صلى الله عليه واله و سلم و بدين الإسلام ) .
واكد التحذير من الاغترار بالحياة الدنيا ونسيان اليوم الاخر والتصرف بموجب هذا النسيان واتخاذ نظمهم لعبا ولهوا ولا تستقيم مع حكمة الخالق عز وجل ومراده من الخلق والوجود فقال سبحانه:- (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿٥١ الأعراف﴾..
فأيها الانسان:- انك لم تُخلق عبثا ،بل للطاعة والعبادة وفق المنهج الموحى به اليك، لتختاره بقناعة عقلك وكامل ارادتك وحريتك، لتستقيم في وجودك مع مفردات هذا الوجود ، فيصلح امرك في الدنيا ويصلح مصيرك في الاخرى لا نك لن تترك سدى !! بل ان الى ربك الرجعى !!
ان الايمان بالله وانه الكامل في صفاته وانه الخلاق السميع البصير العليم يجعل الانسان يشعر بالمراقبة الدائمة لسلوكه وافعاله امام السميع البصير ،
و ان الايمان باليوم الاخر يضبط سلوك الانسان ويجعله خاضعا للمراقبة النفسية الذاتية والشعور بالمراقبة الخارجية الالهية، وهذا الشعور والاحساس هو المولد لتقوى الله تعالى في اختيار الاقوال والافعال، وبالتالي تهذيب الانفس وتزكيتها وتكييف هواها ومشتهاها حسب ما اوحى اليها ربها من شرائع واحكام تلتزم بها وتتبعها ..فالإيمان بالله واليوم الآخر له أثره العظيم في سلوك المسلم؛ إذ إنَّه هو الموجه الحقيقي لسلوك المسلم، وليس هناك أي قوى تستطيع أن تجعل سلوك المسلم والانسان بشكل عام منضبطا ومستقيما ان لم يكن عنده ايمان بالبعث والنشور والرجعى والحساب والثواب والعقاب ... وان الايمان بتخليد الثواب وتخليد العقاب في الدار الاخرة لهو اشد وازع ورادع عن المعاصي والذنوب والمنكر، واشد دافع ذاتي لعمل الخير والصلاح والمعروف...وقد جائت الايات الكريمة والاحاديث الشريفة، توضح المصير واحوال واهوال القيامة والبعث والنشور والحشر ، والمسلم في كل يوم يقف خمس مرات بين يديه سبحانه متعبدا له بتلاوة قوله تعالى في الفاتحة -التي لا تصح صلاة بدونها- (مالك يوم الدين) مكررا لها في الفرائض اليومية وسننها الراتبة ستا وعشرين مرة على الاقل ... ليبقى طوال يومه يربط اعمال دنياه بآخرته ..!!
واختم لكم بخطبة لسيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تختصر لنا الحديث كله فقد روى ابن أبي حاتم فقال:- "حدثنا علي بن الحسين، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسيّ، حدثنا إسحاق بن سليمان -شيخ من أهل العراق-أنبأنا شعيب بن صفوان، عن رجل من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطب عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:-
أما بعد، فإنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينـزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم، فخاب وخسر مَن خرج من رحمة الله، وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين، وسيكون من بعدكم الباقين، حتى تردون إلى خير الوارثين؟
ثم إنكم في كل يوم تُشَيّعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صَدْع من الأرض، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد، قد فارق الأحباب وباشر التراب، وواجه الحساب، مُرْتَهَن بعمله، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه، ونـزول الموت بكم ثم جعل طرف ردائه على وجهه، فبكى وأبكى من حوله."
اللهم نسالك ايمانا صادقا ويقينا خالصا وثباتا على الحق ونصرة الدين ونسالك ربي نصرة الاسلام والمسلمين والمجاهدين في سبيلك والعزة لامة الاسلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
18- الحلقة الثامنة عشرة من حديث الاثنين في مباحث الايملن والعقيدة :-
الربط بين الايمان بالله واليوم الآخر !!
الناظر في هذا الكون وفي هذه الحياة يجد انه لم يخلق في هذه الدنيا شيء عبثا ، ويجد ان كل شيء له بداية وله نهاية ، ومن ابرز ما نراه هو انتهاء اجل كل كائن حي ومنه الانسان وموته...
لقد اكد القران الكريم وركز على انتهاء الدنيا وان بعدها الرجوع الى الله تعالى للحساب والجزاء، فالإيمان بالله الذي بدأ الخلق يستلزم الإيمان باليوم الآخر الذي به نهاية مخلوقات الدنيا وفنائها ويرجع الانسان الى ربه ( إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ ( العلق) ؛ وذلك لأن الإيمان الصحيح بالله -سبحانه- يتضمن الإيمان بكمال الله وقدسيته، فالله سبحانه لا يعتريه نقص أو عيب، ومن كماله -سبحانه- أنه لا يخلق خلقه عبثاً ينتهي كل شيء بموتِهم، قال -تعالى-: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) }سورة المؤمنون 115-116). فالله تعالى بين لنا انه لم يخلق الخلق عبثا، ولا لهوا ولعبا، وهذا ما اكده لنا في اكثر من موضع في القران كقوله سبحانه:- (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿١٦ الأنبياء﴾وقوله تعالى:-(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴿٣٨ الدخان﴾ .. وبين لنا انه سبحانه لا يلهو ولا يلعب ، وانه تعالى لو اراد ذلك لاتخذه بدونكم فهو الغني عن خلق سبحانه: (لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴿١٧ الأنبياء﴾، فالذين لا يؤمنون بالحياة بعد الموت والبعث والنشور وكفروا باليوم الاخر انما عميت بصائرهم عن ادراك ايات الله تعالى في الايجاد والافناء،،، فحسبوا ان لا رجعة لهم للخالق المدبر العظيم المتعال، فانفلتوا يطيشون في هذه الدنيا كما يشاؤن ، وحسبوا انهم احرار بلا قيد ولا عقال ... لان اكثرهم ظن ان لا حياة بعد الموت والبلى.. فرد الله تعالى على امثالهم بقوله عز وجل :- ﴿ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى(36)أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى(37)ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى(38)فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى(39)أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى(40) ﴾( سورة القيامة ) .. فايها الانسان:- اياك ان تغريك الحياة وتعمي بصرك وبصيرتك عن الاخرة ،فقد حذرك الله تعالى فقال لك :-(وَذَرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا ۚ وَذَكِّرْ بِهِۦٓ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌۢ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍۢ لَّا يُؤْخَذْ مِنْهَآ ۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ ۖ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍۢ وَعَذَابٌ أَلِيمٌۢ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴿٧٠ الأنعام﴾.. قال في التفسير الميسر : (واترك -أيها الرسول- هؤلاء المشركين الذين جعلوا دين الإسلام لعبًا ولهوًا؛ مستهزئين بآيات الله تعالى، وغرَّتهم الحياة الدنيا بزينتها، وذكّر بالقرآن هؤلاء المشركين وغيرهم؛ كي لا ترتهن نفس بذنوبها وكفرها بربها، ليس لها غير الله ناصر ينصرها، فينقذها من عذابه، ولا شافع يشفع لها عنده، وإن تَفْتَدِ بأي فداء لا يُقْبَل منها. أولئك الذين ارتُهِنوا بذنوبهم، لهم في النار شراب شديد الحرارة وعذاب موجع؛ بسبب كفرهم بالله تعالى و رسوله محمَّد صلى الله عليه واله و سلم و بدين الإسلام ) .
واكد التحذير من الاغترار بالحياة الدنيا ونسيان اليوم الاخر والتصرف بموجب هذا النسيان واتخاذ نظمهم لعبا ولهوا ولا تستقيم مع حكمة الخالق عز وجل ومراده من الخلق والوجود فقال سبحانه:- (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ۚ فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَـٰذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴿٥١ الأعراف﴾..
فأيها الانسان:- انك لم تُخلق عبثا ،بل للطاعة والعبادة وفق المنهج الموحى به اليك، لتختاره بقناعة عقلك وكامل ارادتك وحريتك، لتستقيم في وجودك مع مفردات هذا الوجود ، فيصلح امرك في الدنيا ويصلح مصيرك في الاخرى لا نك لن تترك سدى !! بل ان الى ربك الرجعى !!
ان الايمان بالله وانه الكامل في صفاته وانه الخلاق السميع البصير العليم يجعل الانسان يشعر بالمراقبة الدائمة لسلوكه وافعاله امام السميع البصير ،
و ان الايمان باليوم الاخر يضبط سلوك الانسان ويجعله خاضعا للمراقبة النفسية الذاتية والشعور بالمراقبة الخارجية الالهية، وهذا الشعور والاحساس هو المولد لتقوى الله تعالى في اختيار الاقوال والافعال، وبالتالي تهذيب الانفس وتزكيتها وتكييف هواها ومشتهاها حسب ما اوحى اليها ربها من شرائع واحكام تلتزم بها وتتبعها ..فالإيمان بالله واليوم الآخر له أثره العظيم في سلوك المسلم؛ إذ إنَّه هو الموجه الحقيقي لسلوك المسلم، وليس هناك أي قوى تستطيع أن تجعل سلوك المسلم والانسان بشكل عام منضبطا ومستقيما ان لم يكن عنده ايمان بالبعث والنشور والرجعى والحساب والثواب والعقاب ... وان الايمان بتخليد الثواب وتخليد العقاب في الدار الاخرة لهو اشد وازع ورادع عن المعاصي والذنوب والمنكر، واشد دافع ذاتي لعمل الخير والصلاح والمعروف...وقد جائت الايات الكريمة والاحاديث الشريفة، توضح المصير واحوال واهوال القيامة والبعث والنشور والحشر ، والمسلم في كل يوم يقف خمس مرات بين يديه سبحانه متعبدا له بتلاوة قوله تعالى في الفاتحة -التي لا تصح صلاة بدونها- (مالك يوم الدين) مكررا لها في الفرائض اليومية وسننها الراتبة ستا وعشرين مرة على الاقل ... ليبقى طوال يومه يربط اعمال دنياه بآخرته ..!!
واختم لكم بخطبة لسيدنا عمر بن عبد العزيز رحمه الله تختصر لنا الحديث كله فقد روى ابن أبي حاتم فقال:- "حدثنا علي بن الحسين، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسيّ، حدثنا إسحاق بن سليمان -شيخ من أهل العراق-أنبأنا شعيب بن صفوان، عن رجل من آل سعيد بن العاص قال: كان آخر خطبة خطب عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه، ثم قال:-
أما بعد، فإنكم لم تخلقوا عبثا، ولن تتركوا سدى، وإن لكم معادا ينـزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم، فخاب وخسر مَن خرج من رحمة الله، وحرم جنة عرضها السموات والأرض، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه، وباع نافدا بباق، وقليلا بكثير، وخوفا بأمان، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين، وسيكون من بعدكم الباقين، حتى تردون إلى خير الوارثين؟
ثم إنكم في كل يوم تُشَيّعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل، قد قضى نحبه، وانقضى أجله، حتى تغيبوه في صَدْع من الأرض، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد، قد فارق الأحباب وباشر التراب، وواجه الحساب، مُرْتَهَن بعمله، غني عما ترك، فقير إلى ما قدم. فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه، ونـزول الموت بكم ثم جعل طرف ردائه على وجهه، فبكى وأبكى من حوله."
اللهم نسالك ايمانا صادقا ويقينا خالصا وثباتا على الحق ونصرة الدين ونسالك ربي نصرة الاسلام والمسلمين والمجاهدين في سبيلك والعزة لامة الاسلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...