بسم الله الرحمن الرحيم
25- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة:-
نظرات عقائدية اساسية:-
يتبين لنا مما سبق بحثه وبيانه في حلقاتنا السابقة من هذه السلسة ان العقيدة هي القاعدة الفكرية والاساس الباني للعقل،وعلاقتها بالعقل علاقة تبادلية، بحيث انها تثبت بالعقل ثم تبني هي العقل، فتصبح هي المنظار الفكري لإنتاج الانسان العقلي و الذي من خلاله يحكم على الاشياء والامور التي يحتاجها في حياته العملية وتوجهاته الفكرية، فتصبح علاقتها بحياته ومسلكه في الحياة علاقة تلازمية؛ فلا تنفك مفاهيمه وقيمه ومقاييسه الموجهة و دوافعه للسلوك و احداث العمل المنبثقة منها عن بعضهما البعض ..
فهناك تلازم بين العقيدة والعقل، كونها المكون الاساس الباني له والمبني عليه، وبدون العقيدة يكون العقل باهتا وانتاجه ساذجا مضطربا متناقضا. و بالتالي يفتقد الانسان هويته و يعيش مترددا مضطربا لايعرف له توجه و لا اتجاه.
كما وان هناك تلازم بين العقيدة والحياة ،لان النظرة للحياة وامورها لا بد وان توجه بمنظار العقيدة لتستقيم وتيرتها، فبالتالي احكام تنظيم الحياة وتشريعات تسييرها لا بد وان تنبثق من العقيدة او تبنى عليها لتنضبط امور سيرها، وهذا ما يعطي الاحكام الشرعية في الاسلام القداسة والحيوية، و يجعلها مؤثرة في الالزام والالتزام على المستوى الفردي و الجماعي ، برقابة ذاتية داخلية ودونما الحاجة لرقابة خارجية، ويجعل المجتمع كله مسؤولا عن تقويم سلوك افراده، والانكار على المخالفين منهم للنهج والنظام الشرعي العام، الذي هو الصبغة الربانية التي اراد ان يصطبغ بها المجتمع وافراده وجماعاته. علاوة على ان المفاهيم التي يبنيها المعتقد تستحكم في النفس فتتحكم في الغرائز و الجوعات وتوجه اشباعها بالطريقة والرؤيا التي تفرضها العقيدة، فتصطبغ النفس وميولها ويتكيف هواها بالصبغة التي تفرضها العقيدة.
فلذلك عني الاسلام ببناء العقيدة بناءا صحيحا،لانتاج الوعي والادراك الصحيح، فلم يقبل فيها الظن والشك، ومنع الوهم والخيال وما تتلوه على اتباعها الشياطين من سحرة ومخرفين ومشعوذين، لان في ذلك دمار للعقل والحياة والدين ، ويمسخ انسانية الانسان ويجعله ساذجا متبعا لكل ناعق ينعق له كالأنعام ينعق لها الراعي فتتبعه؛ ويوهمه باوهام التهريج و التخاريف ، ولذلك طالب الاسلام في بناء الايمان والمعتقد بالبينة والدليل والبرهان القطعي الباني للاستدلال القطعي والمولد للايمان اليقيني القطعي ، ولم يقبل في بنائها الا ما كان قطعي الثبوت والدلالة، اي ما يولد الجزم واليقين من الادلة والحجج والبراهين.
وفي مباحث العقيد والتوحيد الغيبية لابد من التوقف على قطعي الادلة وما افادته من قطعي الدلالة، فالنفي في العقيدة والاثبات كلاهما بحاجة لقطعي الدليل وقطعي البينات.
وبسلامة المعتقد تضمن سلامة المنظار ووضوح رؤيا المنظور، فتتضح الرؤيا ويصح المسير، و لا تلتبس على الانسان الامور ولا تختلط عليه المفاهيم ، ويرتقي ويرتفع الانسان وينهض بفكره وسلوكه بين الخلائق، قال الله تعالى في سورة الانعام ذاكرا قصص ابراهيم عليه ونبينا افضل الصلاة والتسليم:- إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) الانعام
فالاصل في العقلاء من اهل الوعي والادراك والفكر المستنير ان يرتقوا وينهضوا بامتهم بهذا الفكر المبني على يقين لا يتزعزع؛ بامتهم عن اوهام الخرافة و سحر الكهنوت وخزعبلاته؛ ولا يتركوا امتهم تتدحرج وتتردى لتصبح فريسة للكهنة والمشعوذين المزينيين للباطل والمشرعنين للضلال والطاغوت ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
25- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة:-
نظرات عقائدية اساسية:-
يتبين لنا مما سبق بحثه وبيانه في حلقاتنا السابقة من هذه السلسة ان العقيدة هي القاعدة الفكرية والاساس الباني للعقل،وعلاقتها بالعقل علاقة تبادلية، بحيث انها تثبت بالعقل ثم تبني هي العقل، فتصبح هي المنظار الفكري لإنتاج الانسان العقلي و الذي من خلاله يحكم على الاشياء والامور التي يحتاجها في حياته العملية وتوجهاته الفكرية، فتصبح علاقتها بحياته ومسلكه في الحياة علاقة تلازمية؛ فلا تنفك مفاهيمه وقيمه ومقاييسه الموجهة و دوافعه للسلوك و احداث العمل المنبثقة منها عن بعضهما البعض ..
فهناك تلازم بين العقيدة والعقل، كونها المكون الاساس الباني له والمبني عليه، وبدون العقيدة يكون العقل باهتا وانتاجه ساذجا مضطربا متناقضا. و بالتالي يفتقد الانسان هويته و يعيش مترددا مضطربا لايعرف له توجه و لا اتجاه.
كما وان هناك تلازم بين العقيدة والحياة ،لان النظرة للحياة وامورها لا بد وان توجه بمنظار العقيدة لتستقيم وتيرتها، فبالتالي احكام تنظيم الحياة وتشريعات تسييرها لا بد وان تنبثق من العقيدة او تبنى عليها لتنضبط امور سيرها، وهذا ما يعطي الاحكام الشرعية في الاسلام القداسة والحيوية، و يجعلها مؤثرة في الالزام والالتزام على المستوى الفردي و الجماعي ، برقابة ذاتية داخلية ودونما الحاجة لرقابة خارجية، ويجعل المجتمع كله مسؤولا عن تقويم سلوك افراده، والانكار على المخالفين منهم للنهج والنظام الشرعي العام، الذي هو الصبغة الربانية التي اراد ان يصطبغ بها المجتمع وافراده وجماعاته. علاوة على ان المفاهيم التي يبنيها المعتقد تستحكم في النفس فتتحكم في الغرائز و الجوعات وتوجه اشباعها بالطريقة والرؤيا التي تفرضها العقيدة، فتصطبغ النفس وميولها ويتكيف هواها بالصبغة التي تفرضها العقيدة.
فلذلك عني الاسلام ببناء العقيدة بناءا صحيحا،لانتاج الوعي والادراك الصحيح، فلم يقبل فيها الظن والشك، ومنع الوهم والخيال وما تتلوه على اتباعها الشياطين من سحرة ومخرفين ومشعوذين، لان في ذلك دمار للعقل والحياة والدين ، ويمسخ انسانية الانسان ويجعله ساذجا متبعا لكل ناعق ينعق له كالأنعام ينعق لها الراعي فتتبعه؛ ويوهمه باوهام التهريج و التخاريف ، ولذلك طالب الاسلام في بناء الايمان والمعتقد بالبينة والدليل والبرهان القطعي الباني للاستدلال القطعي والمولد للايمان اليقيني القطعي ، ولم يقبل في بنائها الا ما كان قطعي الثبوت والدلالة، اي ما يولد الجزم واليقين من الادلة والحجج والبراهين.
وفي مباحث العقيد والتوحيد الغيبية لابد من التوقف على قطعي الادلة وما افادته من قطعي الدلالة، فالنفي في العقيدة والاثبات كلاهما بحاجة لقطعي الدليل وقطعي البينات.
وبسلامة المعتقد تضمن سلامة المنظار ووضوح رؤيا المنظور، فتتضح الرؤيا ويصح المسير، و لا تلتبس على الانسان الامور ولا تختلط عليه المفاهيم ، ويرتقي ويرتفع الانسان وينهض بفكره وسلوكه بين الخلائق، قال الله تعالى في سورة الانعام ذاكرا قصص ابراهيم عليه ونبينا افضل الصلاة والتسليم:- إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ (82) وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) الانعام
فالاصل في العقلاء من اهل الوعي والادراك والفكر المستنير ان يرتقوا وينهضوا بامتهم بهذا الفكر المبني على يقين لا يتزعزع؛ بامتهم عن اوهام الخرافة و سحر الكهنوت وخزعبلاته؛ ولا يتركوا امتهم تتدحرج وتتردى لتصبح فريسة للكهنة والمشعوذين المزينيين للباطل والمشرعنين للضلال والطاغوت ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.