ـــــــــــــــ{بسم الله الرحمن الرحيم}ــــــــ
4- الحلقة الرابعة من سلسلة حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
صياغة العقل البشري - مكانة العقل في دين الاسلام
تحدثنا في الحلقات السابقة عن اعادة الاسلام العظيم لصياغة العقل البشري الى فطرته الاولى التي خلق الله ادم عليها ، ذلك العقل الذي به كرم الله المخلوق من الماء والطين وجعله مفكرا قادرا على ان يسبق الملائكة في التفكير !! هذا العقل الذي اعطى الانسان ميزة احسن تقويم ، والذي بتعطيل مهامه و قدراته ينحط صاحبه فيُرد اسفل سافلين !! ففضل العقل ومكانته في دين الله تعالى من المعلوم بالضرورة، وكيف لا والإسلام يعتبره مناط التكليف !!؟
فالعقل عند امة الاسلام قاطبة هو مناط التكليف، والجهة المؤهلة لاستقبال الخطاب الرباني، والا قيل اذا اخذ ما اوهب اسقط ما اوجب !
والقران الكريم خاطب العقل في الانسان، والذي لولاه لما كان الانسان انسانا، والا لكان بهيمة من بهيمة الانعام..فبه شُرف الانسان وكُرم. وبه يأخذ الله ويعطي .. وعلى قدره يحاسب ويُؤاخذ ..قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء / 70.
والانسان يرتقي بعقله وفكره، ويسموسلوكه كلما سما فكره.. وينهض عن مستوى السلوك الحيواني بما يحصل من افكار وقناعات ومفاهيم وقيم .. وفي المقابل ينحط ويسفل بهبوط عقله وبسفول فكره حتى ليصبح ادنى درجة من بهائم الانعام .. {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف : 179]...وقال تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) الأنفال / 22.
وقال سبحانه ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [ سورة الفرقان: 44 ].
ويبين الله عز وجل ان العقل هو المستهدف من الخطاب القراني فيقول سبحانه و تعالى : {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة : 242]..
و هنا تؤكد الاية الكريمة بان الهدف من نزول الآيات هو العقل والتفكير لدى الإنسان، وتكشف عن هذه الحقيقة بالتعبير ب (لعلَّ) التي تفيد بيان الهدف في مواضع كهذا الموضع. وقد أكدت بعض الآيات على هذا الموضوع وذهبت إلى ابعد من ذلك حيث وبّخت الناس على عدم تفكرهم وتعقلهم وآخذتهم بعبارةٍ كهذه : {أَفَلَا تْعقِلُونَ} آل عمران، 65؛ وانظرالأنعام، 32؛ الاعراف، 169؛ يونس، 61؛ هود، 51؛ يوسف، 109؛ الأنبياء، 10 و 67؛ المؤمنون، 80؛ القصص، 10؛ الصافات، 138.
وقد تكرر هذا المضمون بصيغة جملة شرطية، حيث يقول تعالى :{قَدْ بَيَّنَا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}. (آل عمران/ 118)
إنّ هذه التعابير المختلفة : {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، أَفَلا تَعْقِلُونَ، إنْ كُنْتُم تَعْقِلُونَ} تكشف بوضوح عن هذه الحقيقة وهي : إنّ اللَّه وهب الإنسان العقل كي يستعين بقدرته على إدراك الحقائق وفهمها، ويستحق اللوم والتوبيخ إذا ترك الانتفاع بهذه القدرة الادراكية العظيمة ولا يصح له باي حال تعطيلها وتوقيفها عن عملها الادراكي والتفكير...
قال تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) يونس / 101. وقال:- (أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج / 46. وأكد سبحانه على أنّ تعطيل العقل مفضٍ بصاحبه إلى النار، قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك / 10.
هدانا الله واياكم لما يحب تعالى ووفقنا لما يرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
4- الحلقة الرابعة من سلسلة حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
صياغة العقل البشري - مكانة العقل في دين الاسلام
تحدثنا في الحلقات السابقة عن اعادة الاسلام العظيم لصياغة العقل البشري الى فطرته الاولى التي خلق الله ادم عليها ، ذلك العقل الذي به كرم الله المخلوق من الماء والطين وجعله مفكرا قادرا على ان يسبق الملائكة في التفكير !! هذا العقل الذي اعطى الانسان ميزة احسن تقويم ، والذي بتعطيل مهامه و قدراته ينحط صاحبه فيُرد اسفل سافلين !! ففضل العقل ومكانته في دين الله تعالى من المعلوم بالضرورة، وكيف لا والإسلام يعتبره مناط التكليف !!؟
فالعقل عند امة الاسلام قاطبة هو مناط التكليف، والجهة المؤهلة لاستقبال الخطاب الرباني، والا قيل اذا اخذ ما اوهب اسقط ما اوجب !
والقران الكريم خاطب العقل في الانسان، والذي لولاه لما كان الانسان انسانا، والا لكان بهيمة من بهيمة الانعام..فبه شُرف الانسان وكُرم. وبه يأخذ الله ويعطي .. وعلى قدره يحاسب ويُؤاخذ ..قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء / 70.
والانسان يرتقي بعقله وفكره، ويسموسلوكه كلما سما فكره.. وينهض عن مستوى السلوك الحيواني بما يحصل من افكار وقناعات ومفاهيم وقيم .. وفي المقابل ينحط ويسفل بهبوط عقله وبسفول فكره حتى ليصبح ادنى درجة من بهائم الانعام .. {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف : 179]...وقال تعالى: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) الأنفال / 22.
وقال سبحانه ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ [ سورة الفرقان: 44 ].
ويبين الله عز وجل ان العقل هو المستهدف من الخطاب القراني فيقول سبحانه و تعالى : {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة : 242]..
و هنا تؤكد الاية الكريمة بان الهدف من نزول الآيات هو العقل والتفكير لدى الإنسان، وتكشف عن هذه الحقيقة بالتعبير ب (لعلَّ) التي تفيد بيان الهدف في مواضع كهذا الموضع. وقد أكدت بعض الآيات على هذا الموضوع وذهبت إلى ابعد من ذلك حيث وبّخت الناس على عدم تفكرهم وتعقلهم وآخذتهم بعبارةٍ كهذه : {أَفَلَا تْعقِلُونَ} آل عمران، 65؛ وانظرالأنعام، 32؛ الاعراف، 169؛ يونس، 61؛ هود، 51؛ يوسف، 109؛ الأنبياء، 10 و 67؛ المؤمنون، 80؛ القصص، 10؛ الصافات، 138.
وقد تكرر هذا المضمون بصيغة جملة شرطية، حيث يقول تعالى :{قَدْ بَيَّنَا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}. (آل عمران/ 118)
إنّ هذه التعابير المختلفة : {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، أَفَلا تَعْقِلُونَ، إنْ كُنْتُم تَعْقِلُونَ} تكشف بوضوح عن هذه الحقيقة وهي : إنّ اللَّه وهب الإنسان العقل كي يستعين بقدرته على إدراك الحقائق وفهمها، ويستحق اللوم والتوبيخ إذا ترك الانتفاع بهذه القدرة الادراكية العظيمة ولا يصح له باي حال تعطيلها وتوقيفها عن عملها الادراكي والتفكير...
قال تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) يونس / 101. وقال:- (أفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج / 46. وأكد سبحانه على أنّ تعطيل العقل مفضٍ بصاحبه إلى النار، قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك / 10.
ويحث سبحانه وتعالى العقل على التفكر والتدبر لافتا نظره وحواسه الى ادراك ما بثه الله تعالى له من ايات متنوعة في الكون فيقول سبحانه:- {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران : 190].ومن خلال اشارتها إلى آيات اللَّه في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار صرحت : إنّ إدراك هذه الآيات أمر يسير لأُولي الألباب، وهم الذين خلصت عقولهم من جميع ترسبات الأوهام والخرافة وموروث الخزعبلات !، فهم يدركون وقائع نظام الخلق، ويرون جمال وكمال الخالق من خلالِ جمال و دقة امور وجود المخلوقات، وهذا يكشف عن أهميّة العقل كطريق لمعرفة الحق جل وعلا وما انزل للبشر من الهدى والحق..
وفي السنة المطهرة جاء في الحديث الشريف: " رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل”(رواه احمد والترمذي وابن ماجة والحاكم وغيرهم).
والقلم المرفوع عن الثلاثة هو قلم التكليف وقلم المؤاخذة، بعكس قلم الثواب فإنه غير مرفوع عنهم. فقد روى مسلم وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “رفعت إمرأة صبياً لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال: نعم ولك أجر".
قال الإمام العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى: " والعقل هو مناط التكليف بإجماع المسلمين، مع أنَّ الشرع قد عدَّل العقل، وقبِل شهادته، واستدلَّ به في مواضع من كتابه، كالاستدلال بالإنشاء على الإعادة، وكقوله تعالى: “لوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا”(الانبياء/22). وقوله: “وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ”(المؤمنون/91). وقوله: “أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ”(الأعراف/185). فيا خيبة من ردَّ شاهداً قبله الله، وأسقط دليلاً نصبه الله ". انظر ملحة الاعتقاد ص 22 .هدانا الله واياكم لما يحب تعالى ووفقنا لما يرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.