3=الحلقة الثالثة من قواعد ذهبية في مخالطة الناس وادب الحوار والنقاش معهم=3
بسم الله الرحمن الرحيم
3=في محاورة المخالفين لك من اهل الملل والنحل لا بد لك من مجادلتهم بالتي هي احسن وذلك لقوله تعالى في سورة النحل : وجادلهم بالتي هي أحسن ، قال صاحب اضواء البيان:- أمر الله - جل وعلا - نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة : أن يجادل خصومه بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة : من إيضاح الحق بالرفق واللين . وعن مجاهد : وجادلهم بالتي هي أحسن [ 16 \ 125 ] ، قال : أعرض عن أذاهم . وقد أشار إلى هذا المعنى في قوله : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم [ 29 \ 46 ] أي : إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجادلهم بالسيف حتى يؤمنوا ، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
ونظير ما ذكر هنا من المجادلة بالتي هي أحسن قوله لموسى وهارون في شأن فرعون : " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " [ 20 \ 44 ] ، ومن ذلك القول اللين : قول موسى له : هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى [ 79 \ 18 - 19 ] . اه من اضواء البيان للشنقيطي رحمه الله.
ومن جدالهم بالتي هي احسن ان تذكرهم بما تقره عقيدتك مما عندهم من امور وعلوم وهذا بدوره يقرب النفوس النافرة، ودليل تأثير هذا الأسلوب ما نقله كتاب السير ومنهم ابن هشام ما جاء في قصة عدّاس النصراني لمّا سأله رسول الله عليه وسلم عن دينه وسأله عن البلاد التي جاء منها, وأجابه بأنه من نَيْنوى فمباشرة قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قرية الرجل الصالح يونس بن متى)), فقال عدّاس: "وما يدريك ما يونس بن متى؟" فقال: الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ذاك أخي، وكان نبياً وأنا نبي)) فأكب عدّاس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, يقبل رأسه ويديه وقدميه، وأسلم على يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -, فلما عاد إلى ابني ربيعة, وهما سيداه آنذاك قالا له: "ويلك يا عداس! مالك تقبلَّ هذا الرجل ويديه وقدميه؟" قال: يا سيدي، ما في الأرض شيء خير من هذا، لقد أخبرني بأمر لا يعلمه إلا نبي.
كما انظر معي وتامل ابتداء كتابه الى نصارى نجران ((بِاسْمِ إلَهِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ, أَمّا بَعْدُ فَإِنّي أَدْعُوكُمْ إلَى عِبَادَةِ اللّهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ وَأَدْعُوكُمْ إلَى وِلَايَةِ اللّهِ مِنْ وِلَايَةِ الْعِبَادِ فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَالْجِزْيَةُ فَإِنْ أبيتم فقد آذنتكم بحرب، والسلام)). وهذا الاستهلال للكتاب بهذه الصيغة باسم اله ابراهيم واسحق ويعقوب الذي يؤمن بهم كما هم يؤمنون بهم تذكير لهم بان هذه الرسالة ورسالة هؤلاء ونبوتهم كلها من مشكاة واحدة وانه ينطق بوحي هذا الاله الواحد لهم جميعا ولم يذكر عيسى عليه وعليهم السلام كون النظرة مختلفة بينه وبينهم فيه ثم دعاهم الى امر واضح لا لبس فيه ولا غموض ولا مماراة او مجاملة وهو العبادة لله وترك عبادة العباد بما فيهم طبعا عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وولاية الله دون ولاية العباد ثم خيرهم بين ما دعاهم اليه من ايمان حق يولد استسلاما لله وانقيادا لامره ونهيه او دفع الجزية
دفعا للحرب او اعلان الحرب ان رفضوا ذلك التخيير فان وقعت يكون اعذر من انذر.
ومن ادب الحوار ان تقيم الحجة على المحاور من كلامه ومفاهيمه ومسلماته واسمع هذا المقطع الرائع من حوار نبيك سلام الله عليه مع وفد نصارى نجران فيقول ابن جرير في سبب نزول قوله - تعالى -: (ألم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم) إن النصارى أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخاصموه في عيسى بن مريم، وقالوا له من أبوه؟ وقالوا على الله الكذب والبهتان لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ )) قالوا: "نعم"، قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟ )) قالوا: "بلى"، قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟ )) قالوا: "بلى"، قال: ((فهل يملك عيسى من ذلك شيئاً؟)) قالوا: "لا"، قال: ((ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟)) قالوا: "بلى"، قال: ((فهل يعلم عيسى من ذلك شيئاً إلا ما علم)) قالوا: "لا". قال: ((فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء, قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث؟))، قالوا: "بلى" قال: "ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غذي كما يتغذى الصبي ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟)) قالوا: "بلى"، قال: ((فكيف يكون هذا كما زعمتم؟)) قال: فعرفوا ثم أبوا إلا جحوداً, فأنزل الله: (ألم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم). ولنا في رسول الله اسوة حسنة والى لقاء اخر نسالك اللهم ربنا فهمنا وعلمنا والهمنا حجة الحق وقوله في كل موقف نقفه في سبيلك ومسيرة دعوتك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
3=في محاورة المخالفين لك من اهل الملل والنحل لا بد لك من مجادلتهم بالتي هي احسن وذلك لقوله تعالى في سورة النحل : وجادلهم بالتي هي أحسن ، قال صاحب اضواء البيان:- أمر الله - جل وعلا - نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة : أن يجادل خصومه بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة : من إيضاح الحق بالرفق واللين . وعن مجاهد : وجادلهم بالتي هي أحسن [ 16 \ 125 ] ، قال : أعرض عن أذاهم . وقد أشار إلى هذا المعنى في قوله : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم [ 29 \ 46 ] أي : إلا الذين نصبوا للمؤمنين الحرب فجادلهم بالسيف حتى يؤمنوا ، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .
ونظير ما ذكر هنا من المجادلة بالتي هي أحسن قوله لموسى وهارون في شأن فرعون : " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى " [ 20 \ 44 ] ، ومن ذلك القول اللين : قول موسى له : هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى [ 79 \ 18 - 19 ] . اه من اضواء البيان للشنقيطي رحمه الله.
ومن جدالهم بالتي هي احسن ان تذكرهم بما تقره عقيدتك مما عندهم من امور وعلوم وهذا بدوره يقرب النفوس النافرة، ودليل تأثير هذا الأسلوب ما نقله كتاب السير ومنهم ابن هشام ما جاء في قصة عدّاس النصراني لمّا سأله رسول الله عليه وسلم عن دينه وسأله عن البلاد التي جاء منها, وأجابه بأنه من نَيْنوى فمباشرة قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قرية الرجل الصالح يونس بن متى)), فقال عدّاس: "وما يدريك ما يونس بن متى؟" فقال: الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ذاك أخي، وكان نبياً وأنا نبي)) فأكب عدّاس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, يقبل رأسه ويديه وقدميه، وأسلم على يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم -, فلما عاد إلى ابني ربيعة, وهما سيداه آنذاك قالا له: "ويلك يا عداس! مالك تقبلَّ هذا الرجل ويديه وقدميه؟" قال: يا سيدي، ما في الأرض شيء خير من هذا، لقد أخبرني بأمر لا يعلمه إلا نبي.
كما انظر معي وتامل ابتداء كتابه الى نصارى نجران ((بِاسْمِ إلَهِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ, أَمّا بَعْدُ فَإِنّي أَدْعُوكُمْ إلَى عِبَادَةِ اللّهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِبَادِ وَأَدْعُوكُمْ إلَى وِلَايَةِ اللّهِ مِنْ وِلَايَةِ الْعِبَادِ فَإِنْ أَبَيْتُمْ فَالْجِزْيَةُ فَإِنْ أبيتم فقد آذنتكم بحرب، والسلام)). وهذا الاستهلال للكتاب بهذه الصيغة باسم اله ابراهيم واسحق ويعقوب الذي يؤمن بهم كما هم يؤمنون بهم تذكير لهم بان هذه الرسالة ورسالة هؤلاء ونبوتهم كلها من مشكاة واحدة وانه ينطق بوحي هذا الاله الواحد لهم جميعا ولم يذكر عيسى عليه وعليهم السلام كون النظرة مختلفة بينه وبينهم فيه ثم دعاهم الى امر واضح لا لبس فيه ولا غموض ولا مماراة او مجاملة وهو العبادة لله وترك عبادة العباد بما فيهم طبعا عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله وولاية الله دون ولاية العباد ثم خيرهم بين ما دعاهم اليه من ايمان حق يولد استسلاما لله وانقيادا لامره ونهيه او دفع الجزية
دفعا للحرب او اعلان الحرب ان رفضوا ذلك التخيير فان وقعت يكون اعذر من انذر.
ومن ادب الحوار ان تقيم الحجة على المحاور من كلامه ومفاهيمه ومسلماته واسمع هذا المقطع الرائع من حوار نبيك سلام الله عليه مع وفد نصارى نجران فيقول ابن جرير في سبب نزول قوله - تعالى -: (ألم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم) إن النصارى أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخاصموه في عيسى بن مريم، وقالوا له من أبوه؟ وقالوا على الله الكذب والبهتان لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ )) قالوا: "نعم"، قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟ )) قالوا: "بلى"، قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟ )) قالوا: "بلى"، قال: ((فهل يملك عيسى من ذلك شيئاً؟)) قالوا: "لا"، قال: ((ألستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء؟)) قالوا: "بلى"، قال: ((فهل يعلم عيسى من ذلك شيئاً إلا ما علم)) قالوا: "لا". قال: ((فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء, قال: ((ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث؟))، قالوا: "بلى" قال: "ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غذي كما يتغذى الصبي ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟)) قالوا: "بلى"، قال: ((فكيف يكون هذا كما زعمتم؟)) قال: فعرفوا ثم أبوا إلا جحوداً, فأنزل الله: (ألم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم). ولنا في رسول الله اسوة حسنة والى لقاء اخر نسالك اللهم ربنا فهمنا وعلمنا والهمنا حجة الحق وقوله في كل موقف نقفه في سبيلك ومسيرة دعوتك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.