حاول ان تتعرف على مأاسي بلاد وشعوب المسلمين=1=
لمحة موجزة عن فطاني المحتلة
موقع فطاني وأصل سكانها
أولاً مساحة تايلاند تبلغ 520 ألف كيلو متر مربع ويبلغ تعداد سكانها حوالي خمسة وأربعين مليوناً يدين أكثرهم بالبوذية الهندية وتبلغ نسبة المسلمين حوالي 18% من السكان يرجع أصلهم إلى منطقة فطاني.
وفطاني هي المنطقة الواقعة في القسم الجنوبي من تايلاند، وتجاور الملايو، بين دائرتي عرض 5 ْ شمال خط الاستواء و 8 ْ شمالاً، وتتكون من أربع ولايات هي فطاني، وبنغنارا، وجالا وسانول، ونسبة المسلمين بين سكانها 80 % (3 مليون) ويتحدث الفطانيون اللغة الملاوية، ويكتبونها بحروف عربية، وتختلف منطقة فطاني عن باقي تايلاند، عرقياً ولغوياً وجغرافياً.
ويرجع أصل سكانها للمجموعة الملايوية، ووصل الإسلام إلى فطاني عن طريق التجارة في القرن الخامس الهجري وأخذ في التنامي حتى صارت المنطقة كلها إسلامية وتحت حكم المسلمين في القرن الثامن الهجري وصارت فطاني مملكة إسلامية خالصة ومستقلة.
عندما احتل البرتغاليون الصليبيون تايلاند أوعزوا إلى قادة تايلاند بحتمية احتلال فطاني للقضاء على سلطنة الإسلام بها ولابتلاع خيراتها فقام التايلانديون باحتلال فطاني سنة 917هـ ولكنهم ما لبثوا أن خرجوا منها بعد قليل تحت ضغط المقاومة الإسلامية.
ولكن الصليبية العالمية لم تكن لتهدأ ويرتاح لها بال طالما للإسلام دولة بتلك البقاع السحرية من العالم فدخل الإنجليز أعدى أعداء الإسلام حلبة الصراع ودعموا التايلانديين البوذيين للهجوم على فطاني وقمع الثورات وتهجير المسلمين من البلد حتى أعلنت تايلاند ضم فطاني رسمياً لها سنة 1320هـ بعد سلسلة طويلة من الثورات والمقاومة الباسلة من المسلمين وكان هذا الضم إيذاناً بعهد لجديد في الصراع بين المسلمين وأعدائهم.
محاولة استقلال فطاني عبر التاريخ
بعد أن استولى على فطاني التايلنديون، وقسموها إلى سبع مقاطعات لإضعاف مقاومتها، الفطانيون قاموا بالثورة في سنة 1202هـ بقيادة الأمير تنكو علم الدين، إذ أعلن سلطان فطاني الاستقلال ولكن هذه الثورة فشلت وعين ملك تايلاند، داتو فنكلان وزير بحرية فطاني السابق حاكماً على فطاني، ولكنه ما لبث أن أعلن استقلال فطاني وثار على تايلاند في سنة 1223هـ.
وبعد هذه الثورة قسم التايلنديون فطاني إلى ولايات صغيرة، وشردوا زعماء فطاني ووضعوا بجانب كل أمير فطاني مستشاراً تايلندياً ليكون رقيباً عليه، وفي سنة 1247هـ، قامت ثورة عنيفة في فطاني ولكنها منيت بالفشل أمام هجمات القوات التايلاندية، ونكلت هذه القوات بالفطانيين فهدمت ديارهم وخربت البلاد وقتلت العديد من المسلمين، وأخذت معها إلى العاصمة بنكوك 140 ألف أسير، وزجوا بهم في السجون ووزعوا على الأراضي الحكومية ليعملوا فيها، ثم سلبت سلطات الأمراء المسلمين في سنة 1320هـ، وعينوا حاكماً تايلاندياً على فطاني، وعلى أثر ذلك عمت الفوضى فطاني، وتعاون الاستعمار البريطاني مع السلطات التايلاندية على إخماد الثورات في فطاني .
وفي سنة 1351هـ تغير نظام الحكم التايلاندي إلى ملكي دستوري وتقدم الفطانيون بمطالبهم للسلطات الجديدة، ومنها تعيين حاكم واحد على المقاطعات الأربع في فطاني يكون من أهل البلاد، وأن يعين 80 % من موظفي الحكومة من المسلمين، وأن تكون اللغة الملاوية رسمية إلى جانب السيامية، وتكون لغة التعليم في المدارس الملاوية، ويتم الاعتراف بالشريعة الإسلامية ويتكون مجلس إسلامي له صلاحيات واسعة، ورفضت حكومة تايلاند هذه المطالب وقامت ثورة أخرى في سنة 1352هـ ، وعندما قامت الحرب العالمية الثانية احتل اليابانيون الملايو، وعاون الفطانيون بريطانيا ضد اليابان اعتقاداً منهم بالحصول على الاستقلال بعد أن تنتهي الحرب، وانتهت الحرب ولم يحصلوا على استقلالهم.
ورفع الحاج محمد سولونج رئيس الهيئة التنفيذية للقضاء الإسلامي بفطاني، رفع مطالب الفطانيين إلى هيئة الأمم المتحدة ولكن قبض عليه، وحكمت السلطات التايلاندية عليه وعلى زملائه بالسجن لمدة 3 سنوات، ثم أفرج عنهم واغتيلوا سراً في سنة 1374هـ – 1954 م.
وفي سنة 1378هـ تكونت عدة منظمات وأحزاب سياسية لمواصلة الكفاح ضد تايلاند، ولكن ألقى القبض على زعماء هذه المنظمات، ولا يزال المسلمون الفطانيون يكافحون ضد تايلاند على الرغم من اشتداد الضربات، ولجأت تايلاند إلى تهجير العديد من البوذيين على فطاني لتخفف من الأغلبية المسلمة، ويعمل هؤلاء كجواسيس على المسلمين الفطانيين واغتصبت السلطات التايلاندية أخصب أراضي المسلمين، ومنحتها للبوذيين حتى تضعف من كيان المسلمين الاقتصادي، كما سيطرت على التعليم ونشرت اللغة السيامية بدلاً من اللغة الملاوية لغة أهل فطاني، بل أغلقت الكتاتيب التي يتعلم فيها أبناء المسلمين قواعد الإسلام، كما اشترطت اللغة التايلاندية للحصول على وظائف في الحكومة، وعزلت فطاني عن العالم الخارجي ونشرت المعابد البوذية بين مناطق المسلمين.
ولجأت تايلاند إلى تحريف في آيات القرآن الكريم والحديث الشريف في الترجمة التايلاندية، وتجاوز الأمر هذا فعمدت السلطات إلى حرق القرى الآمنة ونشر الرعب والخوف بين المسلمين الآمنين، فأصبحوا لا يملكون حرية التعبير عن مشكلاتهم واتهمتهم بالشيوعية حتى تبرر السلطات القبض على من تريد.
إنشاء منظمة حركة التحرير الوطني
وأمام هذه الظروف التي قاسى منها شعب فطاني المسلم اضطر المسلمون إلى توحيد جهودهم في منظمة حركة التحرير الوطني وتضم هذه الحركة جناحين. جناح عسكري يعرف باسم جيش التحرير الوطني الفطاني، وجناح مدني يشمل التنظيم والإعلام، وبدأ الجناح العسكري أعماله منذ سنة 1389هـ لتحرير بعض قرى فطاني، وأخذ في مهاجمة القوات التايلاندية وأعلنت تايلاند الأحكام العرفية في ولايات فطاني الأربع، ثم تدفقت القوات التايلاندية عليها لدحر المقاومة الإسلامية، ولم يقلل هذا من حركة الجهاد الإسلامي في فطاني.
وتتلخص أهدافها في إشعار العالم الإسلامي بما يحدث في فطاني، والمحافظة على التراث والتقاليد الإسلامية، وإعادة السلطة الشرعية لأيدي المسلمين، والمحافظة على الحقوق الشرعية للمسلمين، وتوحيد شعب فطاني المسلم، وصبغ التعليم بالصبغة الإسلامية، وتحسين الوضع الاقتصادي المتدهور، وتعيين المسلمين بالوظائف القيادية.
ولقد حاولت تايلاند إضعاف موقف حركة التحرير فتم انتخاب 6 أعضاء من المسلمين للبرلمان وعين 3 أعضاء مسلمين في سنة 1395هـ، كما شغل مسلم وظيفة نائب وزير. وفي انتخابات سنة 1396هـ تم انتخاب 14 عضواً من المسلمين، منهم 11 عضواً من جنوب تايلاند حيث الأكثرية الإسلامية، وعين مسلمان في وظيفتي نائب وزير، والهدف هو إيهام المسلمين باستجابة مطالبهم، غير أن هذا لم ينه المشكلة الأساسية، فلا تزال حركة تحرير فطاني تناضل من أجل حقوق شعب فطاني المسلم، وما زال المسلمون يعانون من الاضطهاد البوذي، ولقد جاء بمذكرة أمانة رابطة العالم الإسلامي المرفوعة لمؤتمر القمة الإسلامي الثالث بمكة المكرمة في ربيع الأول سنة 1401هـ (إن التقارير الواردة للأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي حول المسلمين في فطاني تفيد أن حكومة تايلاند البوذية تواصل سياستها الاضطهادية ضد مسلمي فطاني ، وتقوم بحرب نفسية شرسة لقتل روح المقاومة الإسلامية في فطاني وصار القتل الجماعي وإحراق الأحياء الإسلامية ، وانتهاك الحرمات من الأعمال الاعتيادية التي تقوم بها القوات البحرية التايلاندية، ولقد أحرقت القوات التايلاندية ما يزيد على مائة شاب مسلم من فطامي بالبنزين، كما سجنت وقتلت العديد من علماء الدين الإسلامي). وطالبت رابطة العالم الإسلامي حث حكومة تايلاند على وقف العمليات العسكرية ضد شعب فطاني والعمل على تحسين أوضاع المسلمين الاقتصادية.
تحديات :
يبرز العديد من التحديات ضد المسلمين في فطاني ، حيث تحاول السلطات البوذية التايلاندية إضعاف شوكة المسلمين وإذابتهم في الكيان التايلاندي . ومن هذه التحديات :
-تغيير أسماء المسلمين ، وتغيير أسماء القرى والولايات وإلغاء حجاب المرأة.
-الهجرة إلى فطاني، حيث تهجر السلطات التايلاندية البوذيين إلى فطاني لتحد من الأغلبية المسلمة. -إضعاف اقتصاديات المناطق الإسلامية، وذلك بتمليك أخصب الأراضي للبوذيين .
-محاربة التعليم الإسلامي، ومحاولة فرض اللغة التايلاندية في دواوين الحكومة .
-تشجيع التنصير والبعثات التنصيرية للعمل في البلاد .
-الدس الرخيص في تزييف الكتب الإسلامية التي تطبعها الحكومة .
أساليب محاربة المسلمين في فطاني
تعتبر تايلاند في حكم الدولة المحتلة المستعمرة لأرض فطاني التي كانت بلداً مسلماً لفترة طويلة لذلك فإن أساليب تايلاند في محاربة المسلمين لا تختلف كثيراً عن أساليب الاستعمار الصليبي في أفريقيا وآسيا والدول المسلمة ومن تلك الأساليب:
1- الهجرة: تعتبر أرض فطاني من أخصب الأراضي لذلك عملت تايلاند على إقامة معسكرات لاستقبال وتوطين المهاجرين والتايلانديين وتستولي على أخصب البقاع وتمدهم بالمرافق اللازمة وهذه الهجرة تؤدي إلى آثار خطيرة منها:
- إضعاف نسبة المسلمين في هذا البلد ورفع نسبة البوذيين .
- اتخاذ هؤلاء المهاجرين الجدد كأداة لنشر الثقافة والعادات البوذية واستخدامهم أيضاً كجواسيس وعيون لنقل أخبار المقاومة الفطانية وعند حدوث الصدامات يستخدمونهم كجنود ومقاتلين.
- تحقيق السيطرة الاقتصادية على الموارد والأراضي الزراعية وبالتالي إفقار الشعب الفطاني فلا يستطيع المقاومة والكفاح المسلح ويكون جل همه تدبير موارد الرزق اليومية.
2- التعليم: كانت المدارس والمعاهد في فطاني تدرس باللغة الملايوية فقامت تايلاند بفرض التعليم باللغة السيامية وأحضروا مدرسين تايلانديين وجعلوا المناهج فيها تخدم مصالحهم وقامت بإغلاق الكتاتيب التي تعلم القرآن والقراءة والكتابة، وعلى الطلاب الذين يريدون الانتساب إلى مدارس الحكومة أن يغير اسمه العربي أو الملايوي إلى اسم سيامي بوذي، واشترطت على هؤلاء الخريجين من المدارس الفطانية أن يجيدوا القراءة والكتابة بالتايلاندية وإلا فلا قيمة لشهاداتهم أبداً، وعمدت تايلاند إلى إهمال التربية الدينية وتعيين مدرسين موالين لها يجهلون الإسلام في مناصب التعليم الإسلامي لينشأ عن ذلك كله أجيال بعيدة كل البعد عن الدين والهوية الإسلامية.
3- إثارة الخلافات: بالعمل على بث الفرقة والخصومات بين العلماء وإثارة الفتن بين أتباع المذاهب الفقهية وإثارة الخلافات بين المدن والمناطق والسكان.
4- نشر الفواحش: تعتبر تايلاند رائدة سياحة الفواحش على مستوى العالم بأسره يأتيها الفساق من كل حدب وصوب ابتغاء الشهوة والمحرمات وهي بالتالي تعمل على نشر المفاسد بين المسلمين بإقامة بيوت الدعارة المرخصة والملاهي الليلية وتعليم الرقص في المدارس.
5- التعمية: بقطع كل أخبار مسلمي فطاني عن العالم الخارجي ومنع دخول المسلمين من خارج فطاني إليها ورفع هذا الحظر قليلاً مؤخراً وخاصة الصحفيين.
6- اليهود: استقدمت الحكومة التايلاندية عدداً من المدرسين اليهود من فلسطين وذلك لبث كراهية العرب في النفوس ومن ثم كراهية المسلمين عامة ثم تقوم تايلاند بنشر الدعاية المسمومة أن أهل فطاني يفضلون المدرسين اليهود على غيرهم في التعليم والثقافة فتعرض الحكومات المسلمة عن تقديم أي مساعدات لأهل فطاني.
7- التحريف: لكتاب الله عز وجل وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء ترجمتها إلى اللغة التايلاندية فيضلوا المسلمين ويصدون من يريد الدخول في الإسلام من البوذيين.
8- الدعايات الكاذبة: لم تكتف تايلاند بالعمل على الصعيد الداخلي فقط بل أخذت تعمل على بث الدعايات الكاذبة على الصعيد الخارجي باتهام المسلمين بفطاني بتهم مختلفة منها:
- تهمة الشيوعية بعد أن تعمدت تايلاند جعل الشيوعيين الصينيين يفرون إلى أرض فطاني ليكون ذلك الفرار ذريعة للطعن على أهل فطاني واتهامهم بالشيوعية وهي تهمة تنفر كل مسلم.
- تهمة التخابر لصالح إندونيسيا لأن أصل الفطانيين والإندونيسيين واحد وهو الأصل الملايوي مما يجعل العالم الخارجي ينظر بعين الشك لمحاولات الفطانيين الاستقلال.
9- التضليل الإعلامي: بذر الرماد في العيون فلقد اتصلت حكومة تايلاند برابطة العالم الإسلامي وطلبت فتح فرع لها بالعاصمة بانكوك للتغطية على الأعمال الإجرامية التي تقوم بها ضد المسلمين.
10- إفساد العقيدة الإسلامية: بالسماح للدعاية القاديانية التي هي أصلاً صنيعة الإنجليز وهي فرقة خارجة عن الإسلام بالعمل داخل فطاني لإفساد عقائد المسلمين وإيقاع الفرقة والإقتتال بينهم.
وأخيراً : فإن المسلمين هناك مازالوا يعانون الأمرين من ضغط الأعداء وغفلة الأصدقاء ومواردهم قليلة وضعيفة والسلاح عندهم شحيح لا يحصلون عليه إلا غنيمة في القتال هذا غير الفقر والجهل المطبق عند الكثير منهم ولكن هناك بارقة أمل أشرقت على البلد متمثلة في الصحوة الإسلامية هناك بعد دخول بعض المراكز الإسلامية التي تمولها بعض دول الخليج أمثال السعودية والكويت والإمارات، وأثمرت هذه المراكز ثمرات طيبة ولكنها لا تكفي وحدها لإنقاذ المستضعفين من المسلمين هناك وما زال على المسلمين واجب كبير تجاه إخوانهم هناك.
المصدر موقع جامعة جالا الإسلامية،
Blog HAKIMUDDIN SALIM: دور جامعة جالا الإسلامية بفطاني في تعليم الأقلية المسلمة في تايلاند
HIKMATIA.BLOGSPOT.COM
لمحة موجزة عن فطاني المحتلة
موقع فطاني وأصل سكانها
أولاً مساحة تايلاند تبلغ 520 ألف كيلو متر مربع ويبلغ تعداد سكانها حوالي خمسة وأربعين مليوناً يدين أكثرهم بالبوذية الهندية وتبلغ نسبة المسلمين حوالي 18% من السكان يرجع أصلهم إلى منطقة فطاني.
وفطاني هي المنطقة الواقعة في القسم الجنوبي من تايلاند، وتجاور الملايو، بين دائرتي عرض 5 ْ شمال خط الاستواء و 8 ْ شمالاً، وتتكون من أربع ولايات هي فطاني، وبنغنارا، وجالا وسانول، ونسبة المسلمين بين سكانها 80 % (3 مليون) ويتحدث الفطانيون اللغة الملاوية، ويكتبونها بحروف عربية، وتختلف منطقة فطاني عن باقي تايلاند، عرقياً ولغوياً وجغرافياً.
ويرجع أصل سكانها للمجموعة الملايوية، ووصل الإسلام إلى فطاني عن طريق التجارة في القرن الخامس الهجري وأخذ في التنامي حتى صارت المنطقة كلها إسلامية وتحت حكم المسلمين في القرن الثامن الهجري وصارت فطاني مملكة إسلامية خالصة ومستقلة.
عندما احتل البرتغاليون الصليبيون تايلاند أوعزوا إلى قادة تايلاند بحتمية احتلال فطاني للقضاء على سلطنة الإسلام بها ولابتلاع خيراتها فقام التايلانديون باحتلال فطاني سنة 917هـ ولكنهم ما لبثوا أن خرجوا منها بعد قليل تحت ضغط المقاومة الإسلامية.
ولكن الصليبية العالمية لم تكن لتهدأ ويرتاح لها بال طالما للإسلام دولة بتلك البقاع السحرية من العالم فدخل الإنجليز أعدى أعداء الإسلام حلبة الصراع ودعموا التايلانديين البوذيين للهجوم على فطاني وقمع الثورات وتهجير المسلمين من البلد حتى أعلنت تايلاند ضم فطاني رسمياً لها سنة 1320هـ بعد سلسلة طويلة من الثورات والمقاومة الباسلة من المسلمين وكان هذا الضم إيذاناً بعهد لجديد في الصراع بين المسلمين وأعدائهم.
محاولة استقلال فطاني عبر التاريخ
بعد أن استولى على فطاني التايلنديون، وقسموها إلى سبع مقاطعات لإضعاف مقاومتها، الفطانيون قاموا بالثورة في سنة 1202هـ بقيادة الأمير تنكو علم الدين، إذ أعلن سلطان فطاني الاستقلال ولكن هذه الثورة فشلت وعين ملك تايلاند، داتو فنكلان وزير بحرية فطاني السابق حاكماً على فطاني، ولكنه ما لبث أن أعلن استقلال فطاني وثار على تايلاند في سنة 1223هـ.
وبعد هذه الثورة قسم التايلنديون فطاني إلى ولايات صغيرة، وشردوا زعماء فطاني ووضعوا بجانب كل أمير فطاني مستشاراً تايلندياً ليكون رقيباً عليه، وفي سنة 1247هـ، قامت ثورة عنيفة في فطاني ولكنها منيت بالفشل أمام هجمات القوات التايلاندية، ونكلت هذه القوات بالفطانيين فهدمت ديارهم وخربت البلاد وقتلت العديد من المسلمين، وأخذت معها إلى العاصمة بنكوك 140 ألف أسير، وزجوا بهم في السجون ووزعوا على الأراضي الحكومية ليعملوا فيها، ثم سلبت سلطات الأمراء المسلمين في سنة 1320هـ، وعينوا حاكماً تايلاندياً على فطاني، وعلى أثر ذلك عمت الفوضى فطاني، وتعاون الاستعمار البريطاني مع السلطات التايلاندية على إخماد الثورات في فطاني .
وفي سنة 1351هـ تغير نظام الحكم التايلاندي إلى ملكي دستوري وتقدم الفطانيون بمطالبهم للسلطات الجديدة، ومنها تعيين حاكم واحد على المقاطعات الأربع في فطاني يكون من أهل البلاد، وأن يعين 80 % من موظفي الحكومة من المسلمين، وأن تكون اللغة الملاوية رسمية إلى جانب السيامية، وتكون لغة التعليم في المدارس الملاوية، ويتم الاعتراف بالشريعة الإسلامية ويتكون مجلس إسلامي له صلاحيات واسعة، ورفضت حكومة تايلاند هذه المطالب وقامت ثورة أخرى في سنة 1352هـ ، وعندما قامت الحرب العالمية الثانية احتل اليابانيون الملايو، وعاون الفطانيون بريطانيا ضد اليابان اعتقاداً منهم بالحصول على الاستقلال بعد أن تنتهي الحرب، وانتهت الحرب ولم يحصلوا على استقلالهم.
ورفع الحاج محمد سولونج رئيس الهيئة التنفيذية للقضاء الإسلامي بفطاني، رفع مطالب الفطانيين إلى هيئة الأمم المتحدة ولكن قبض عليه، وحكمت السلطات التايلاندية عليه وعلى زملائه بالسجن لمدة 3 سنوات، ثم أفرج عنهم واغتيلوا سراً في سنة 1374هـ – 1954 م.
وفي سنة 1378هـ تكونت عدة منظمات وأحزاب سياسية لمواصلة الكفاح ضد تايلاند، ولكن ألقى القبض على زعماء هذه المنظمات، ولا يزال المسلمون الفطانيون يكافحون ضد تايلاند على الرغم من اشتداد الضربات، ولجأت تايلاند إلى تهجير العديد من البوذيين على فطاني لتخفف من الأغلبية المسلمة، ويعمل هؤلاء كجواسيس على المسلمين الفطانيين واغتصبت السلطات التايلاندية أخصب أراضي المسلمين، ومنحتها للبوذيين حتى تضعف من كيان المسلمين الاقتصادي، كما سيطرت على التعليم ونشرت اللغة السيامية بدلاً من اللغة الملاوية لغة أهل فطاني، بل أغلقت الكتاتيب التي يتعلم فيها أبناء المسلمين قواعد الإسلام، كما اشترطت اللغة التايلاندية للحصول على وظائف في الحكومة، وعزلت فطاني عن العالم الخارجي ونشرت المعابد البوذية بين مناطق المسلمين.
ولجأت تايلاند إلى تحريف في آيات القرآن الكريم والحديث الشريف في الترجمة التايلاندية، وتجاوز الأمر هذا فعمدت السلطات إلى حرق القرى الآمنة ونشر الرعب والخوف بين المسلمين الآمنين، فأصبحوا لا يملكون حرية التعبير عن مشكلاتهم واتهمتهم بالشيوعية حتى تبرر السلطات القبض على من تريد.
إنشاء منظمة حركة التحرير الوطني
وأمام هذه الظروف التي قاسى منها شعب فطاني المسلم اضطر المسلمون إلى توحيد جهودهم في منظمة حركة التحرير الوطني وتضم هذه الحركة جناحين. جناح عسكري يعرف باسم جيش التحرير الوطني الفطاني، وجناح مدني يشمل التنظيم والإعلام، وبدأ الجناح العسكري أعماله منذ سنة 1389هـ لتحرير بعض قرى فطاني، وأخذ في مهاجمة القوات التايلاندية وأعلنت تايلاند الأحكام العرفية في ولايات فطاني الأربع، ثم تدفقت القوات التايلاندية عليها لدحر المقاومة الإسلامية، ولم يقلل هذا من حركة الجهاد الإسلامي في فطاني.
وتتلخص أهدافها في إشعار العالم الإسلامي بما يحدث في فطاني، والمحافظة على التراث والتقاليد الإسلامية، وإعادة السلطة الشرعية لأيدي المسلمين، والمحافظة على الحقوق الشرعية للمسلمين، وتوحيد شعب فطاني المسلم، وصبغ التعليم بالصبغة الإسلامية، وتحسين الوضع الاقتصادي المتدهور، وتعيين المسلمين بالوظائف القيادية.
ولقد حاولت تايلاند إضعاف موقف حركة التحرير فتم انتخاب 6 أعضاء من المسلمين للبرلمان وعين 3 أعضاء مسلمين في سنة 1395هـ، كما شغل مسلم وظيفة نائب وزير. وفي انتخابات سنة 1396هـ تم انتخاب 14 عضواً من المسلمين، منهم 11 عضواً من جنوب تايلاند حيث الأكثرية الإسلامية، وعين مسلمان في وظيفتي نائب وزير، والهدف هو إيهام المسلمين باستجابة مطالبهم، غير أن هذا لم ينه المشكلة الأساسية، فلا تزال حركة تحرير فطاني تناضل من أجل حقوق شعب فطاني المسلم، وما زال المسلمون يعانون من الاضطهاد البوذي، ولقد جاء بمذكرة أمانة رابطة العالم الإسلامي المرفوعة لمؤتمر القمة الإسلامي الثالث بمكة المكرمة في ربيع الأول سنة 1401هـ (إن التقارير الواردة للأمانة العامة لرابطة العالم الإسلامي حول المسلمين في فطاني تفيد أن حكومة تايلاند البوذية تواصل سياستها الاضطهادية ضد مسلمي فطاني ، وتقوم بحرب نفسية شرسة لقتل روح المقاومة الإسلامية في فطاني وصار القتل الجماعي وإحراق الأحياء الإسلامية ، وانتهاك الحرمات من الأعمال الاعتيادية التي تقوم بها القوات البحرية التايلاندية، ولقد أحرقت القوات التايلاندية ما يزيد على مائة شاب مسلم من فطامي بالبنزين، كما سجنت وقتلت العديد من علماء الدين الإسلامي). وطالبت رابطة العالم الإسلامي حث حكومة تايلاند على وقف العمليات العسكرية ضد شعب فطاني والعمل على تحسين أوضاع المسلمين الاقتصادية.
تحديات :
يبرز العديد من التحديات ضد المسلمين في فطاني ، حيث تحاول السلطات البوذية التايلاندية إضعاف شوكة المسلمين وإذابتهم في الكيان التايلاندي . ومن هذه التحديات :
-تغيير أسماء المسلمين ، وتغيير أسماء القرى والولايات وإلغاء حجاب المرأة.
-الهجرة إلى فطاني، حيث تهجر السلطات التايلاندية البوذيين إلى فطاني لتحد من الأغلبية المسلمة. -إضعاف اقتصاديات المناطق الإسلامية، وذلك بتمليك أخصب الأراضي للبوذيين .
-محاربة التعليم الإسلامي، ومحاولة فرض اللغة التايلاندية في دواوين الحكومة .
-تشجيع التنصير والبعثات التنصيرية للعمل في البلاد .
-الدس الرخيص في تزييف الكتب الإسلامية التي تطبعها الحكومة .
أساليب محاربة المسلمين في فطاني
تعتبر تايلاند في حكم الدولة المحتلة المستعمرة لأرض فطاني التي كانت بلداً مسلماً لفترة طويلة لذلك فإن أساليب تايلاند في محاربة المسلمين لا تختلف كثيراً عن أساليب الاستعمار الصليبي في أفريقيا وآسيا والدول المسلمة ومن تلك الأساليب:
1- الهجرة: تعتبر أرض فطاني من أخصب الأراضي لذلك عملت تايلاند على إقامة معسكرات لاستقبال وتوطين المهاجرين والتايلانديين وتستولي على أخصب البقاع وتمدهم بالمرافق اللازمة وهذه الهجرة تؤدي إلى آثار خطيرة منها:
- إضعاف نسبة المسلمين في هذا البلد ورفع نسبة البوذيين .
- اتخاذ هؤلاء المهاجرين الجدد كأداة لنشر الثقافة والعادات البوذية واستخدامهم أيضاً كجواسيس وعيون لنقل أخبار المقاومة الفطانية وعند حدوث الصدامات يستخدمونهم كجنود ومقاتلين.
- تحقيق السيطرة الاقتصادية على الموارد والأراضي الزراعية وبالتالي إفقار الشعب الفطاني فلا يستطيع المقاومة والكفاح المسلح ويكون جل همه تدبير موارد الرزق اليومية.
2- التعليم: كانت المدارس والمعاهد في فطاني تدرس باللغة الملايوية فقامت تايلاند بفرض التعليم باللغة السيامية وأحضروا مدرسين تايلانديين وجعلوا المناهج فيها تخدم مصالحهم وقامت بإغلاق الكتاتيب التي تعلم القرآن والقراءة والكتابة، وعلى الطلاب الذين يريدون الانتساب إلى مدارس الحكومة أن يغير اسمه العربي أو الملايوي إلى اسم سيامي بوذي، واشترطت على هؤلاء الخريجين من المدارس الفطانية أن يجيدوا القراءة والكتابة بالتايلاندية وإلا فلا قيمة لشهاداتهم أبداً، وعمدت تايلاند إلى إهمال التربية الدينية وتعيين مدرسين موالين لها يجهلون الإسلام في مناصب التعليم الإسلامي لينشأ عن ذلك كله أجيال بعيدة كل البعد عن الدين والهوية الإسلامية.
3- إثارة الخلافات: بالعمل على بث الفرقة والخصومات بين العلماء وإثارة الفتن بين أتباع المذاهب الفقهية وإثارة الخلافات بين المدن والمناطق والسكان.
4- نشر الفواحش: تعتبر تايلاند رائدة سياحة الفواحش على مستوى العالم بأسره يأتيها الفساق من كل حدب وصوب ابتغاء الشهوة والمحرمات وهي بالتالي تعمل على نشر المفاسد بين المسلمين بإقامة بيوت الدعارة المرخصة والملاهي الليلية وتعليم الرقص في المدارس.
5- التعمية: بقطع كل أخبار مسلمي فطاني عن العالم الخارجي ومنع دخول المسلمين من خارج فطاني إليها ورفع هذا الحظر قليلاً مؤخراً وخاصة الصحفيين.
6- اليهود: استقدمت الحكومة التايلاندية عدداً من المدرسين اليهود من فلسطين وذلك لبث كراهية العرب في النفوس ومن ثم كراهية المسلمين عامة ثم تقوم تايلاند بنشر الدعاية المسمومة أن أهل فطاني يفضلون المدرسين اليهود على غيرهم في التعليم والثقافة فتعرض الحكومات المسلمة عن تقديم أي مساعدات لأهل فطاني.
7- التحريف: لكتاب الله عز وجل وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء ترجمتها إلى اللغة التايلاندية فيضلوا المسلمين ويصدون من يريد الدخول في الإسلام من البوذيين.
8- الدعايات الكاذبة: لم تكتف تايلاند بالعمل على الصعيد الداخلي فقط بل أخذت تعمل على بث الدعايات الكاذبة على الصعيد الخارجي باتهام المسلمين بفطاني بتهم مختلفة منها:
- تهمة الشيوعية بعد أن تعمدت تايلاند جعل الشيوعيين الصينيين يفرون إلى أرض فطاني ليكون ذلك الفرار ذريعة للطعن على أهل فطاني واتهامهم بالشيوعية وهي تهمة تنفر كل مسلم.
- تهمة التخابر لصالح إندونيسيا لأن أصل الفطانيين والإندونيسيين واحد وهو الأصل الملايوي مما يجعل العالم الخارجي ينظر بعين الشك لمحاولات الفطانيين الاستقلال.
9- التضليل الإعلامي: بذر الرماد في العيون فلقد اتصلت حكومة تايلاند برابطة العالم الإسلامي وطلبت فتح فرع لها بالعاصمة بانكوك للتغطية على الأعمال الإجرامية التي تقوم بها ضد المسلمين.
10- إفساد العقيدة الإسلامية: بالسماح للدعاية القاديانية التي هي أصلاً صنيعة الإنجليز وهي فرقة خارجة عن الإسلام بالعمل داخل فطاني لإفساد عقائد المسلمين وإيقاع الفرقة والإقتتال بينهم.
وأخيراً : فإن المسلمين هناك مازالوا يعانون الأمرين من ضغط الأعداء وغفلة الأصدقاء ومواردهم قليلة وضعيفة والسلاح عندهم شحيح لا يحصلون عليه إلا غنيمة في القتال هذا غير الفقر والجهل المطبق عند الكثير منهم ولكن هناك بارقة أمل أشرقت على البلد متمثلة في الصحوة الإسلامية هناك بعد دخول بعض المراكز الإسلامية التي تمولها بعض دول الخليج أمثال السعودية والكويت والإمارات، وأثمرت هذه المراكز ثمرات طيبة ولكنها لا تكفي وحدها لإنقاذ المستضعفين من المسلمين هناك وما زال على المسلمين واجب كبير تجاه إخوانهم هناك.
المصدر موقع جامعة جالا الإسلامية،
Blog HAKIMUDDIN SALIM: دور جامعة جالا الإسلامية بفطاني في تعليم الأقلية المسلمة في تايلاند
HIKMATIA.BLOGSPOT.COM