حاول ان تتعرف على مآسي شعوب وبلاد المسلمين=4=
قصة استعمار الفلبين
منقول عن موقع قصة الاسلام
تم استعمار الفلبين من قبل الأسبان والأمريكان واليابان لمدة أربعة قرون أو يزيد اغتصبوا خلاله خيرات البلاد، وعملوا على طمس هوية المسلمين وإبادتهم بل استخدمت أحد الدول الكبرى الأسلحة الجرثومية، فانتشر مرض الطاعون وكثير من الأوبئة، ومات كثير من المسلمين، ومازالت الحرب قائمة على المسلمين من قبل الحكومة الأمر الذي يجعلهم هناك بأمس الحاجة إلى وقوف إخوانهم المسلمين معهم مادياً وفكرياً حتى لا تطمس هويتهم الإسلامية من قبل النصارى[1].
لقد أصبح الإسلام قبل قدوم الأسبان إلى جزر الفلبين هو دين الأغلبية من أهالي البلاد، وقامت ممالك إسلامية كثيرة امتدت في طول البلاد وعرضها، ويمكن القول أنه لو تأخر غزو الأسبان للفلبين نصف قرن، لتحول أهالي جزر الفلبين إلى الإسلام ولتغير تاريخ المنطقة بأسرها[2].
الاستعمار الأسباني للفلبين
المرحلة الأولى من استعمار الفلبين هو الاستعمار الأسباني الذي استمر قرابة الأربعة قرون (927- 1376هـ/ 1521- 1898م).
حيث كان الغزو الأوروبي صليبيا يقصد به تطويق المسلمين من الشرق، كما طوقوهم من الغرب، فقد اتجه البرتغاليون شرق عن طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، وحاربوا المسلمين في سومطرة والجزر المجاورة لها.
واتجه الأسبان غربا –بعد أن عرفوا أن الأرض كروية- فقطعوا المحيط الأطلسي والمحيط الهادي ليصلوا إلى الشرق[3].
لابو لابو .. زعيم مسلمي الفلبين
وفي عام (927 هـ= 1521م) وصلت طلائع الصليبيين إلى تلك الجُزُر قادمة من الشرق بإمرة المستكشف التبشيري"ماجلان"، في محاولة لتطويق العالم الإسلامي[4].
فما أن وصل ماجلان حتى بدأ يعمل للنصرانية متَّخذًا طريق القوَّة أحيانًا بما يملك من أسلحة غير معروفة هناك، ومستعْمِلاً طريق الإغراء أحيانًا أخرى، وقد توصَّل إلى اتِّفاق مع "هومابون" حاكم جزيرة "سيبو" على أن يدخل هذا الحاكم في الديانة النصرانية الكاثوليكية مقابل أن يكون ملكًا على جميع الجُزُر تحت سلطة التاج الإسباني، ثم أخذ يتنقَّل إلى بقية الجزر للتمكين لصديقه أهومابون، وللدعوة للنصرانية.
فوصل ماجلان إلى جزيرة صغيرة، هي جزيرة ماكتنان التي يحكمها حاكم مسلم يُدعى "لابو لابو"، فاستعمل الإسبان طريق الإرهاب؛ إذ أضرجوا النار في أكواخ السكان، وسطَوْا على الأرزاق والأموال، وطاردوا النساء.. فقاوم "لابو لابو" هذه الأعمال، وأخذته الحميَّة فرفض الاستسلام لماجلان، وحرَّض بقية الجُزُر على الغزاة، فهجم عليه "لابو لابو" وقَتَله، ورفض تسليم جثته للأسبان، وكان ذلك في سنة 940هـ/ 26 أبريل 1521م[5].
وبعد مقتل "ماجلان" أرسلت إسبانيا أربع حملات متتابعة باءت كلها بالفشل.
عندما عاد الأسطول الأسباني مدحورا ورفض لابو لابو تسليم جثة ماجلان اشتاط غيظ الصليبية الأسبانية فأرسلت إسبانيا الحملات متتابعة لإخضاع الفلبين ووضعها تحت السيادة الأسبانية[6].
وبعد إبادة هذه الحملات المتكرِّرة بدأ الغزو الإسباني (973هـ 1565م) فكانت حملة كبيرة استقرَّت في جزيرة "سيو"، حيث شُيِّدت قلعة حصينة لحماية الجند، وكانت تلك الجزيرة قاعدة لغزو بقية الجُزُر الأخرى، وأخذت القوات الأسبانية تستولي على جزر الفلبين واحدة تلو الأخرى، وسقطت مانيلا عاصمة الفلبين في أيديهم سنة 979هـ/ 1571م، بعد أن كان بها إمارتين إسلاميتين هما: إمارة (توندو) ويحكمها (راجا سليمان)، وإمارة (باسيج) ويحكمها (لاكندولا)، وسقطت مملكة (راجا سليمان)، بعد قتل مرير عام (979هـ= 1571م)، وتهدَّمت مدينة مانيلا فأعاد الإسبان بناءها على أُسُس نصرانية[7].
وقد تمكن الأسبان من السيطرة على الجزر الشمالية والوسطى ( لوزون وفيساياس ) ابتداء من عام 1565م إلى عام 1898م وأجبروا سكانها الوثنيين على اعتناق الدين النصراني وعقيدة الثالوث, ولم يبق من إمارة مانيلا أي أثر اليوم سوى القلعة التي بناها المسلمون وتحصنوا بها أثناء حربهم مع الأسبان, والمنطقة التي فيها القلعة تسمى ( انتراموروس )، وسمى الأسبان الجزر التي احتلوها بالفلبين نسبة إلى الأمير فيليب الثانى الذى أصبح ملكا لأسبانيا فيما بعد.
أما بلاد مورو في الجنوب فلم تتمكن القوات الأسبانية من السيطرة عليها كاملة لأن هذه المنطقة كانت مركز تجمع قوات المسلمين وتأسست فيها إمارات إسلامية مستقلة, وظل المسلمون يجاهدون ويطاردون الأسبان المعتدين إلى أن تم انسحاب الأسبان من البلاد إثر هزيمتهم في حرب دارت بينهم وبين أمريكا في عام 1318هـ/ 1898م[8].
الاحتلال الأمريكي للفلبين
وبعد أن دُمِّر الأسطول الإسباني في خليج "مانيلا" جرى اتِّفاق سرِّيٌّ بين الولايات المتحدة وإسبانيا، يَقْضِي بانسحاب إسبانيا من تلك الجُزُر مقابل خمسة ملايين دولار تدفعها الولايات المتحدة لها، وانسحبت إسبانيا من الجُزُر بعد معارك تمثيلية، وعاد الحاكم العامُّ الإسباني من "هونغ كونغ"، وهو الجنرال " غويثالدو" ليعلن استقلال الفلبين عن إسبانيا، وقد تمَّت هذه الاتِّفاقية في باريس، ولما رفضها السكان، ورفضوا حُكْم الولايات المتحدة من خلال ثورة قاموا بها (1319 هـ= 1901م)، قضت أمريكا على الثورة، وعَدَّت البلاد إحدى ولاياتها[9].
وقد انتهجت أمريكا في الفلبين بعض السياسات الصليبية الاستعمارية ضد المسلمين، ومنها[10]:
1- عملت أمريكا الصليبية على محاولة فرض الهيمنة على المناطق الإسلامية، وعزلت المناطق الجنوبية عزلا تاما، فأهملت وتأخرت تأخرا كبيرا عن مناطق النصارى في الشمال والمدعومة من أمريكا، مما أدى إلى تأخر المسلمين بالنسبة للنصارى.
2- عملت الولايات المتحدة الأمريكية ذات الاستعمار الصليبي على فقدان المسلمين لحيازة أراضيهم، وسقطت في أيدي المسيحيين الكاثوليك.
3- استخدمت أمريكا سياسة فرق تسد بين الولايات الإسلامية، بهدف القضاء على التماسك الإسلامي، وبالتالي ضاعت الوحدة بين أمراء المسلمين وسرت بينهم موجات الفرقة والانقسام.
4- تسلل الصهيونية إلى الفلبين: وذلك من خلال إفساح المجال للصهيونية للتسلل إلى المسرح السياسي في الفلبين، فاعترفت الحكومة الفلبينية بالكيان الصهيوني في فلسطين، وحاولت إنشاء سفارة للصهاينة في الفلبين، مما نتج عنه قيام المسلمين بمظاهرات عدائية أوقفت هذا الاتجاه.
5-إهمال التعليم: مما أدى إلى انتشار الجهل بين المسلمين.
واستمرَّت الحروب بين شعب المورو المسلم وبين أمريكا أربعين عامًا، ابتداءً من عام 1899م، ولم تنتهِ هذه الحروب حتى حقَّقت لأمريكا مأربها من فرض السيطرة الكاملة على بلاد المورو، ولكنها توقَّفت بوقوع البلاد ضمن الحرب العالمية الثانية[11].
احتلال اليابان للفلبين
في أثناء الحرب العالمية الثانية احتَلَّت اليابان الفلبين عام (1360هـ= 1941م)، وطَرَدَت القوات الأمريكية منها، وتشكَّلت في البلاد فِرَق لحرب العصابات، وتَمكَّن الجنرال ( مالك أرثر) من العودة إلى الفلبين عام (1363هـ= 1944م)، وقاتل معه أبناءُ البلاد، واستطاعوا طَرْدَ اليابانيين عام (1364هـ= 1945م)، وهُزِمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وقاتل المسلمون اليابانيُّون قتالاً عنيفًا، واشتركوا في كل مراحل النضال، واستشهد عدد كبير منهم وجاءت بعد ذلك الحملات الأمريكية فهزم اليابانيون واستقلت الفلبين عام 1365هـ/ 1646م[12].
وقد تآمرت الفلبين مع الولايات المتحدة الأمريكية لضم بلاد مورو إلى جمهورية الفلبين, في الفترة التي كان المسلمون يعانون من ويلات الحروب الطويلة التي خاضوها مع الأسبان ثم الأمريكان وناموا نوما عميقا, وقد تم ضم بلادهم إلى الفلبين ظلما وعدوانا وغدرا قبل أن ينهضوا من نومهم وذلك في عام 1946م حين منحت أمريكا الفلبين استقلالها بعد أن كانت مستعمرة لها[13].
استقلال الفلبين
وفي عام 1365هـ/ 4 يوليو سنة 1946م حصلت الفلبين على استقلالها، وتبعا لذلك أصبحت المناطق الإسلامية الجنوبية ضمن جمهورية الفلبين إلا أن الحكومة الفلبينية الجديدة وقفت بجانب الكاثوليكية النصرانية الصليبية ضد المسلمين، ولاقى المسلمون من العنت والإبادة والتعذيب والقتل فوق ما يتصوره البشر[14].
وبعد حصول الفلبين على استقلالها أصبح الحُكم فيها رئاسيًّا، يشبه الحكم في الولايات المتحدة، لكن الأمريكيين لم يغادروا الجزر، وظل لهم وجود عسكري واضح حتى عام 1991م.
وكان مجلس النواب يضم 102 عضوًا، يُنتخَبون حسب نظام المناطق، ويضمُّ هذا المجلس عضوين مسلمين فقط، وهم بذلك لا يحصلون إلا على خُمس حقِّهم؛ إذ يجب أن يكون لهم أحدَ عشرَ عضوًا حسب نسبتهم المئوية.
[1] الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
[2] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص74.
[3] عبد الله قادري الأهدل: في المشارق والمغارب، (رحلات الفلبين) المجلد 17.
[4] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/360.
[5] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا 1/360، 361. عبد الله قادري الأهدل: في المشارق والمغارب، (رحلات الفلبين) المجلد 17.
[6] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص74.
[7] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص74. إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/361.
[8] سلامات هاشم - رحمه الله - الزعيم الراحل لجبهة تحرير مورو الإسلامية: لمحـة سـريـعة عن الفلبـين وبـلاد مـورو الإسـلامـية، مقال على موقع جبهة تحرير مورو الإسلامية.
[9] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/362.
[10] محمود شاكر: المسلمون في الفلبين ودولة مورو، ص59، محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص77- 78.
[11] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص14.
[12] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/363، عبد الله قادري الأهدل: في المشارق والمغارب، (رحلات الفلبين) المجلد 17.
[13] سلامات هاشم - رحمه الله - الزعيم الراحل لجبهة تحرير مورو الإسلامية: لمحـة سـريـعة عن الفلبـين وبـلاد مـورو الإسـلامـية، مقال على موقع جبهة تحرير مورو الإسلامية.
[14] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص78.
قصة استعمار الفلبين
منقول عن موقع قصة الاسلام
تم استعمار الفلبين من قبل الأسبان والأمريكان واليابان لمدة أربعة قرون أو يزيد اغتصبوا خلاله خيرات البلاد، وعملوا على طمس هوية المسلمين وإبادتهم بل استخدمت أحد الدول الكبرى الأسلحة الجرثومية، فانتشر مرض الطاعون وكثير من الأوبئة، ومات كثير من المسلمين، ومازالت الحرب قائمة على المسلمين من قبل الحكومة الأمر الذي يجعلهم هناك بأمس الحاجة إلى وقوف إخوانهم المسلمين معهم مادياً وفكرياً حتى لا تطمس هويتهم الإسلامية من قبل النصارى[1].
لقد أصبح الإسلام قبل قدوم الأسبان إلى جزر الفلبين هو دين الأغلبية من أهالي البلاد، وقامت ممالك إسلامية كثيرة امتدت في طول البلاد وعرضها، ويمكن القول أنه لو تأخر غزو الأسبان للفلبين نصف قرن، لتحول أهالي جزر الفلبين إلى الإسلام ولتغير تاريخ المنطقة بأسرها[2].
الاستعمار الأسباني للفلبين
المرحلة الأولى من استعمار الفلبين هو الاستعمار الأسباني الذي استمر قرابة الأربعة قرون (927- 1376هـ/ 1521- 1898م).
حيث كان الغزو الأوروبي صليبيا يقصد به تطويق المسلمين من الشرق، كما طوقوهم من الغرب، فقد اتجه البرتغاليون شرق عن طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، وحاربوا المسلمين في سومطرة والجزر المجاورة لها.
واتجه الأسبان غربا –بعد أن عرفوا أن الأرض كروية- فقطعوا المحيط الأطلسي والمحيط الهادي ليصلوا إلى الشرق[3].
لابو لابو .. زعيم مسلمي الفلبين
وفي عام (927 هـ= 1521م) وصلت طلائع الصليبيين إلى تلك الجُزُر قادمة من الشرق بإمرة المستكشف التبشيري"ماجلان"، في محاولة لتطويق العالم الإسلامي[4].
فما أن وصل ماجلان حتى بدأ يعمل للنصرانية متَّخذًا طريق القوَّة أحيانًا بما يملك من أسلحة غير معروفة هناك، ومستعْمِلاً طريق الإغراء أحيانًا أخرى، وقد توصَّل إلى اتِّفاق مع "هومابون" حاكم جزيرة "سيبو" على أن يدخل هذا الحاكم في الديانة النصرانية الكاثوليكية مقابل أن يكون ملكًا على جميع الجُزُر تحت سلطة التاج الإسباني، ثم أخذ يتنقَّل إلى بقية الجزر للتمكين لصديقه أهومابون، وللدعوة للنصرانية.
فوصل ماجلان إلى جزيرة صغيرة، هي جزيرة ماكتنان التي يحكمها حاكم مسلم يُدعى "لابو لابو"، فاستعمل الإسبان طريق الإرهاب؛ إذ أضرجوا النار في أكواخ السكان، وسطَوْا على الأرزاق والأموال، وطاردوا النساء.. فقاوم "لابو لابو" هذه الأعمال، وأخذته الحميَّة فرفض الاستسلام لماجلان، وحرَّض بقية الجُزُر على الغزاة، فهجم عليه "لابو لابو" وقَتَله، ورفض تسليم جثته للأسبان، وكان ذلك في سنة 940هـ/ 26 أبريل 1521م[5].
وبعد مقتل "ماجلان" أرسلت إسبانيا أربع حملات متتابعة باءت كلها بالفشل.
عندما عاد الأسطول الأسباني مدحورا ورفض لابو لابو تسليم جثة ماجلان اشتاط غيظ الصليبية الأسبانية فأرسلت إسبانيا الحملات متتابعة لإخضاع الفلبين ووضعها تحت السيادة الأسبانية[6].
وبعد إبادة هذه الحملات المتكرِّرة بدأ الغزو الإسباني (973هـ 1565م) فكانت حملة كبيرة استقرَّت في جزيرة "سيو"، حيث شُيِّدت قلعة حصينة لحماية الجند، وكانت تلك الجزيرة قاعدة لغزو بقية الجُزُر الأخرى، وأخذت القوات الأسبانية تستولي على جزر الفلبين واحدة تلو الأخرى، وسقطت مانيلا عاصمة الفلبين في أيديهم سنة 979هـ/ 1571م، بعد أن كان بها إمارتين إسلاميتين هما: إمارة (توندو) ويحكمها (راجا سليمان)، وإمارة (باسيج) ويحكمها (لاكندولا)، وسقطت مملكة (راجا سليمان)، بعد قتل مرير عام (979هـ= 1571م)، وتهدَّمت مدينة مانيلا فأعاد الإسبان بناءها على أُسُس نصرانية[7].
وقد تمكن الأسبان من السيطرة على الجزر الشمالية والوسطى ( لوزون وفيساياس ) ابتداء من عام 1565م إلى عام 1898م وأجبروا سكانها الوثنيين على اعتناق الدين النصراني وعقيدة الثالوث, ولم يبق من إمارة مانيلا أي أثر اليوم سوى القلعة التي بناها المسلمون وتحصنوا بها أثناء حربهم مع الأسبان, والمنطقة التي فيها القلعة تسمى ( انتراموروس )، وسمى الأسبان الجزر التي احتلوها بالفلبين نسبة إلى الأمير فيليب الثانى الذى أصبح ملكا لأسبانيا فيما بعد.
أما بلاد مورو في الجنوب فلم تتمكن القوات الأسبانية من السيطرة عليها كاملة لأن هذه المنطقة كانت مركز تجمع قوات المسلمين وتأسست فيها إمارات إسلامية مستقلة, وظل المسلمون يجاهدون ويطاردون الأسبان المعتدين إلى أن تم انسحاب الأسبان من البلاد إثر هزيمتهم في حرب دارت بينهم وبين أمريكا في عام 1318هـ/ 1898م[8].
الاحتلال الأمريكي للفلبين
وبعد أن دُمِّر الأسطول الإسباني في خليج "مانيلا" جرى اتِّفاق سرِّيٌّ بين الولايات المتحدة وإسبانيا، يَقْضِي بانسحاب إسبانيا من تلك الجُزُر مقابل خمسة ملايين دولار تدفعها الولايات المتحدة لها، وانسحبت إسبانيا من الجُزُر بعد معارك تمثيلية، وعاد الحاكم العامُّ الإسباني من "هونغ كونغ"، وهو الجنرال " غويثالدو" ليعلن استقلال الفلبين عن إسبانيا، وقد تمَّت هذه الاتِّفاقية في باريس، ولما رفضها السكان، ورفضوا حُكْم الولايات المتحدة من خلال ثورة قاموا بها (1319 هـ= 1901م)، قضت أمريكا على الثورة، وعَدَّت البلاد إحدى ولاياتها[9].
وقد انتهجت أمريكا في الفلبين بعض السياسات الصليبية الاستعمارية ضد المسلمين، ومنها[10]:
1- عملت أمريكا الصليبية على محاولة فرض الهيمنة على المناطق الإسلامية، وعزلت المناطق الجنوبية عزلا تاما، فأهملت وتأخرت تأخرا كبيرا عن مناطق النصارى في الشمال والمدعومة من أمريكا، مما أدى إلى تأخر المسلمين بالنسبة للنصارى.
2- عملت الولايات المتحدة الأمريكية ذات الاستعمار الصليبي على فقدان المسلمين لحيازة أراضيهم، وسقطت في أيدي المسيحيين الكاثوليك.
3- استخدمت أمريكا سياسة فرق تسد بين الولايات الإسلامية، بهدف القضاء على التماسك الإسلامي، وبالتالي ضاعت الوحدة بين أمراء المسلمين وسرت بينهم موجات الفرقة والانقسام.
4- تسلل الصهيونية إلى الفلبين: وذلك من خلال إفساح المجال للصهيونية للتسلل إلى المسرح السياسي في الفلبين، فاعترفت الحكومة الفلبينية بالكيان الصهيوني في فلسطين، وحاولت إنشاء سفارة للصهاينة في الفلبين، مما نتج عنه قيام المسلمين بمظاهرات عدائية أوقفت هذا الاتجاه.
5-إهمال التعليم: مما أدى إلى انتشار الجهل بين المسلمين.
واستمرَّت الحروب بين شعب المورو المسلم وبين أمريكا أربعين عامًا، ابتداءً من عام 1899م، ولم تنتهِ هذه الحروب حتى حقَّقت لأمريكا مأربها من فرض السيطرة الكاملة على بلاد المورو، ولكنها توقَّفت بوقوع البلاد ضمن الحرب العالمية الثانية[11].
احتلال اليابان للفلبين
في أثناء الحرب العالمية الثانية احتَلَّت اليابان الفلبين عام (1360هـ= 1941م)، وطَرَدَت القوات الأمريكية منها، وتشكَّلت في البلاد فِرَق لحرب العصابات، وتَمكَّن الجنرال ( مالك أرثر) من العودة إلى الفلبين عام (1363هـ= 1944م)، وقاتل معه أبناءُ البلاد، واستطاعوا طَرْدَ اليابانيين عام (1364هـ= 1945م)، وهُزِمت اليابان في الحرب العالمية الثانية، وقاتل المسلمون اليابانيُّون قتالاً عنيفًا، واشتركوا في كل مراحل النضال، واستشهد عدد كبير منهم وجاءت بعد ذلك الحملات الأمريكية فهزم اليابانيون واستقلت الفلبين عام 1365هـ/ 1646م[12].
وقد تآمرت الفلبين مع الولايات المتحدة الأمريكية لضم بلاد مورو إلى جمهورية الفلبين, في الفترة التي كان المسلمون يعانون من ويلات الحروب الطويلة التي خاضوها مع الأسبان ثم الأمريكان وناموا نوما عميقا, وقد تم ضم بلادهم إلى الفلبين ظلما وعدوانا وغدرا قبل أن ينهضوا من نومهم وذلك في عام 1946م حين منحت أمريكا الفلبين استقلالها بعد أن كانت مستعمرة لها[13].
استقلال الفلبين
وفي عام 1365هـ/ 4 يوليو سنة 1946م حصلت الفلبين على استقلالها، وتبعا لذلك أصبحت المناطق الإسلامية الجنوبية ضمن جمهورية الفلبين إلا أن الحكومة الفلبينية الجديدة وقفت بجانب الكاثوليكية النصرانية الصليبية ضد المسلمين، ولاقى المسلمون من العنت والإبادة والتعذيب والقتل فوق ما يتصوره البشر[14].
وبعد حصول الفلبين على استقلالها أصبح الحُكم فيها رئاسيًّا، يشبه الحكم في الولايات المتحدة، لكن الأمريكيين لم يغادروا الجزر، وظل لهم وجود عسكري واضح حتى عام 1991م.
وكان مجلس النواب يضم 102 عضوًا، يُنتخَبون حسب نظام المناطق، ويضمُّ هذا المجلس عضوين مسلمين فقط، وهم بذلك لا يحصلون إلا على خُمس حقِّهم؛ إذ يجب أن يكون لهم أحدَ عشرَ عضوًا حسب نسبتهم المئوية.
[1] الندوة العالمية للشباب الإسلامي.
[2] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص74.
[3] عبد الله قادري الأهدل: في المشارق والمغارب، (رحلات الفلبين) المجلد 17.
[4] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/360.
[5] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا 1/360، 361. عبد الله قادري الأهدل: في المشارق والمغارب، (رحلات الفلبين) المجلد 17.
[6] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص74.
[7] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص74. إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/361.
[8] سلامات هاشم - رحمه الله - الزعيم الراحل لجبهة تحرير مورو الإسلامية: لمحـة سـريـعة عن الفلبـين وبـلاد مـورو الإسـلامـية، مقال على موقع جبهة تحرير مورو الإسلامية.
[9] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/362.
[10] محمود شاكر: المسلمون في الفلبين ودولة مورو، ص59، محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص77- 78.
[11] مصطفى رمضان: الإسلام والمسلمون في جنوب شرقي آسيا ص14.
[12] إسماعيل أحمد ياغي ومحمود شاكر: تاريخ العالم الإسلامي الحديث والمعاصر 1/363، عبد الله قادري الأهدل: في المشارق والمغارب، (رحلات الفلبين) المجلد 17.
[13] سلامات هاشم - رحمه الله - الزعيم الراحل لجبهة تحرير مورو الإسلامية: لمحـة سـريـعة عن الفلبـين وبـلاد مـورو الإسـلامـية، مقال على موقع جبهة تحرير مورو الإسلامية.
[14] محمود قمر: الإسلام والمسلمون في جنوب شرق آسيا ص78.