قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش Hitskin_logo Hitskin.com

هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداكالرجوع الى صفحة بيانات التصميم

نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

نبيل - القدس
الا ان مجرد القراءة والمتعة الفكرية لن يكون له اي تاثير في من يتابع هذه المواضيع الا اذا تم التفكر والتدبر بها وفهم واقعها بدقة
نبيل - القدس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المواضيع الأخيرة
» 75- من دروس القران التوعوية - وجوب اخذ زمام المبادة للامة والجماعات والافراد
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitimeأمس في 9:29 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 74-من دروس القران التوعوية- الحقوق !!!
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-11, 9:37 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 34- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - التزكية والتعليم
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-10, 11:47 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 73-من دروس القران التوعوية - التوكل والتواكل
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-08, 10:09 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 17- من ذاكرة الايام - من مواقف شهامة الرجال
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-07, 8:33 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 72- من دروس القران التوعوية- المال ...
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-07, 6:55 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 71-من دروس القران التوعوية-معالجات الاسلام للفقر والعوز
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-06, 8:20 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 70- من دروس القران التوعوية -العمل لكسب الرزق والمعاش
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-05, 7:44 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 69- من دروس القران التوعوية-حرب الاسلام على الفقر واسبابه
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-05, 8:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 68-من دروس القران التوعوية -الاسلام وحده المحقق للعبودية والاستخلاف
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-05, 1:35 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 33-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - مفهوم التزكية
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-04, 12:43 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 67- من دروس القران التوعية- الالتقاء على كلمة سواء
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-02, 8:30 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 66- من دروس القران التوعوية -تحقيق العدل في اوساط البشرية مهمة جمعية
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-02, 11:32 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» حديث الجمعة -الى متى ننتظر ؟؟!!
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-01, 1:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» الطائفة الناجية!!!
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-11-01, 1:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 65- من دروس القران التوعوية - كُونُوا رَبَّانِيِّينَ !!
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-31, 12:46 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 64- من دروس القران التوعوية - وقاية النفس من الشح
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-30, 2:59 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركات تصميم تطبيقات الجوال في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-29, 11:10 am من طرف سها ياسر

» 32-حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة - العقيدة العملية
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-29, 1:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 63- من دروس القران التوعوية- العدل والعدالة في القران
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-28, 8:03 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 62-من دروس القران التوعوية :الشورى
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-27, 6:04 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 61- من دروس القران التوعوية-الحذر من مؤسسات الضرار حتى لو لبست لباس شرعي
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-25, 9:51 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 60- من دروس القران التوعوية - اسباب النفاق
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-25, 5:18 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 59- من دروس القران التوعوية -العداء المستحكم في النفوس !!
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-24, 7:17 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 58- من دروس القران التوعوية - التكاليف الشرعية جاءت ضمن قدرات الانسان
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-23, 8:08 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 57- من دروس القران التوعوية - ادب الدعاة
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-22, 6:10 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» شركة تصميم تطبيقات في مصر – تك سوفت للحلول الذكية
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-21, 10:03 am من طرف سها ياسر

» 56- من دروس القران التوعوية - البينة !!!
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-21, 4:01 am من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 31- حديث الاثنين في مباحث الايمان والعقيدة
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-20, 11:58 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

» 55- من دروس القران التوعوية- انا سنلقي عليك قولا ثقيلا
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_icon_minitime2024-10-20, 9:54 pm من طرف محمد بن يوسف الزيادي

عداد للزوار جديد
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 498 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 498 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

[ مُعاينة اللائحة بأكملها ]


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 752 بتاريخ 2024-09-20, 4:22 am
تصويت
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
نبيل القدس ابو اسماعيل - 38802
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
زهرة اللوتس المقدسية - 15399
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
معتصم - 12434
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
محمد بن يوسف الزيادي - 4328
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
sa3idiman - 3588
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
لينا محمود - 2667
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
هيام الاعور - 2145
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
بسام السيوري - 1763
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
محمد القدس - 1219
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 
العرين - 1193
 قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_rcap قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_voting_bar قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش I_vote_lcap 

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1031 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Mohammed mghyem فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 66419 مساهمة في هذا المنتدى في 20321 موضوع
عداد زوار المنتدى
free counterAmazingCounters.com


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ - بقلم: أحمد عكاش

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

نبيل القدس ابو اسماعيل

نبيل القدس ابو اسماعيل
المدير العام
المدير العام

[size=48]قَوْسُ حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ [/size]

 

[size=36]بقلم: أحمد عكاش[/size]

 

قَدِمَ (أَبُو بَرَاءٍ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ) مُلاعِبُ الأَسِنَّةِ عَلَى رَسُولِ اللهِ r، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الإِسلامَ وَدَعَاهُ إِلَيْهِ، فَلَمْ يُسْلِمْ، وَلَمْ يَبْعُدْ عَنِ الإِسْلامِ، وَقَالَ:

-يَا مُحَمَّدُ ! لَوْ بَعَثْتَ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِكَ إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ، فَدَعَوْتَهُمْ إِلَى أَمْرِكَ، رَجَوْتُ أَنْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: إِنِّي أَخْشَى أَهْلَ نَجْدٍ عَلَيْهِمْ.

قَالَ أَبُو بَرَاءٍ: أَنَا لَهُمْ جَارٌ، فَابْعَثْهُمْ فَلْيَدْعُوا النَّاسَ إِلَى أَمْرِكَ.

فِي صَفَرَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ غَزْوَةِ (أُحُدٍ)، بَعَثَ رَسُولُ اللهِ rسَبْعِينَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ خِيَارِ المسْلِمِينَ، أَمِيرُهُمْ (المنْذِرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خُنَيْسٍ الأَنْصَارِيِّ)[المنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو: هُوَ [المعْنِقُ لِيَمُوتَ]، لَقَّبَهُ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ eلَمَّا بَلَغَهُ مَا فَعَلَهُ (المنْذِرُ) فِي بِئْرِ مَعُونَةَ لَمَّا قُتِلَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُهُ فَقَالَ لَهُ بَنُو سُلَيْمٍ: إِنْ شِئْتَ آمَنَّاكَ.

فَقَالَ: لَنْ أُعْطِيَ بِيَدِي، وَلَنْ أَقْبَلَ لَكُمْ أَمَاناً. فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ، فَقَالَ r: [أَعْنَقَ لِيَمُوتَ] أَيْ: أَسْرَعَ إِلَى مَنِيَّتِهِ.]، إِلَى أَهْلِ نَجْدٍ يَدْعُونَهُمْ إِلَى (شَهَادَةِ أَنْ لا إلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ)، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا (بِئْرَ مَعُونَةَ)، وَهِيَ بَيْنَ أَرْضِ (بَنِي عَامِرٍ)، وَحَرَّةِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا نَزَلُوهَا بَعَثُوا (حَرَامَ بْنَ مِلْحَانَ) tبِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ rإِلَى عَدُوِّ اللهِ (عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ)، فَلَمَّا أَتَاهُ لَمْ يَنْظُرْ فِي كِتَابِهِ حَتَّى عَدَا عَلَى الرَّجُلِ فَطَعَنَهُ فِي رَأْسِهِ فَقَتَلَهُ، فَتَلَقَّى (حَرَامٌ) tدَمَهُ بِكَفِّهِ ثُمَّ نَضَحَهُ [نَضَحَ الدَّمَ: رَشَّهُ]عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَقَالَ:

-فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ.

ثُمَّ اسْتَصْرَخَ (عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) عَلَيْهِمْ (بَنِي عَامِرٍ)، فَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوهُ إِلَى مَا دَعَاهُمْ إِلَيْهِ، وَقَالُوا: لَنْ نَخْفِرَ (أَبَا بَرَاءٍ) ، وَقَدْ عَقَدَ لَهُمْ عَقْداً وَجِوَاراً.

فَاسْتَصْرَخَ عَلَيْهِمْ قَبَائِلَ مِنْ سُلَيْمٍ: عُصَيَّةَ وَرَعْلاً وَذَكْوَانَ، فَأَجَابُوهُ إِلَى ذَلِكَ، ثُمَّ خَرَجُوا حَتَّى غَشَوُا القَوْمَ صَحَابَةَ رَسُولِ اللهِ r، فَأَحَاطُوا بِهِمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ قَالُوا: اللَّهُمَّ إِنَّا لا نَجِدُ مَنْ يُبَلِّغُ رَسُولَكَ مِنَّا السَّلامَ غَيْرَكَ، فَأَقْرِئْهُ مِنَّا السَّلامَ.

وَأَخَذُوا سُيُوفَهُمْ، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قُتِلُوا إِلَى آخِرِهِمْ، رَحِمَهُمُ اللهُ، إِلاَّ (كَعْبَ بْنَ زَيْدٍ) أَخَا (بَنِى دِينَارِ بْنِ النَّجَّارِ) فَإِنَّهُمْ تَرَكُوهُ وَبِهِ رَمَقٌ، فَارْتُثَّ مِنْ بَيْنِ القَتْلَى [ارْتُثَّ مِنْ بَيْنِ القَتْلَى: حُمِلَ (رَثِيثاً) أَيْ: جَرِيحاً وَبِهِ رَمَقٌ]، فَعَاشَ حَتَّى قُتِلَ يَوْمَ الخَنْدَقِ شَهِيداً.

وَسَرْعَانَ مَا رَفَّتْ أَجْنِحَةُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ هَابِطاً إِلَى رَسُولِ اللهِ rحَامِلاً إِلَيْهِ السَّلامَ الدَّامِيَ، نَاقِلاً لَهُ أَنْبَاءَ الغَدْرِ وَضَحَايَاهُ الأَبْرَارِ، فَقَالَ r: وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ.

 وَكَانَ فِي سَرْحِ القَوْمِ شُهَدَاءِ بِئْرِ مَعُونَةَ (عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ) وَ(المنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ)، وَهُوَ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَقْبَلا بِالسَّرْحِ فَلَمْ يُنْبِئْهُمَا بِمُصَابِ أَصْحَابِهِمَا إِلاَّ الطَّيْرُ تَحُومُ عَلَى مَنْزِلِهِمْ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ مَنْزِلِهِمْ، فَجَعَلا يَقُولانِ: قُتِلَ وَاَللّهِ أَصْحَابُنَا; وَاللهِ مَا قَتَلَ أَصْحَابَنَا إلاَّ أَهْلُ نَجْدٍ.

 فَأَوْفَيَا عَلَى نَشَزٍ مِنَ الأَرْضِ [أَوْفَيَا عَلَى نَشَزٍ مِنَ الأَرْضِ: بَلَغَا مُرْتَفِعاً مِنَ الأَرْضِ]، فَإِذَا أَصْحَابُهُما مَقْتُولُونَ، وَإِذَا الْخَيْلُ وَاقِفَةٌ، فَقَالَ (المنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) لِـ (عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ): مَا تَرَى؟.

 قَالَ: أَرَى أَنْ نَلْحَقَ بِرَسُولِ اللّهِ rفَنُخْبِرَهُ الْخَبَرَ.

فَقَالَ المنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: مَا كُنْتُ لأَتَأَخَّرَ عَنْ مَوْطِنٍ قُتِلَ فِيهِ (المنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو)، وَمَا كُنْتُ لأُخْبِرَ عَنْهُ الرِّجَالَ.[مَا كُنْتُ لأُخْبِرَ عَنْهُ الرِّجَالَ: أَيْ: لا أُرِيدُ أَنْ أَكْونَ مَنْ يَنْعَاهُ إِلَى المسْلِمِينَ، فَأَكونَ نذيرَ شُؤْمٍ].

فَأَقْبَلا لِلْقَوْمِ، فَقَاتَلَهُمُ (المنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ) tحَتّى أَخَذُوهُ فَأَسَرُوهُ وَأَسَرُوا (عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ)، وَقَالُوا لِلْـ (مُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ): مَا تُحِبّ أَنْ نَصْنَعَ بِك، فَإِنّا لا نُحِبّ قَتْلَكَ؟.

 قَالَ: أَبْلِغُونِي مَصْرَعَ (المنْذِرِ بْنِ عَمْرٍو) وَ(حَرَامِ بْنِ مِلْحَانَ) ثُمَّ بَرِئَتْ مِنّي ذِمَّتُكُمْ.

قَالُوا: نَفْعَلُ.

فَبَلَغُوا بِهِ مَوْضِعَ قَتْلِ صَاحِبَيْهِ، ثُمَّ أَرْسَلُوهُ، فَقَاتَلَهُمْ فَقَتَلَ مِنْهُمْ اثْنَيْنِ ثُمَّ قُتِلَ، فَمَا قَتَلُوهُ حَتّى شَرَعُوا لَهُ الرِّمَاحَ فَنَظَمُوهُ فِيهَا.

وَأَخَذُوا (عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ) أَسِيراً، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ مِنْ (مُضَرَ) أَخَذَهُ (عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) وَجَزَّ نَاصِيَتَهُ وَأَعْتَقَهُ، عَنْ رَقَبَةٍ زَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى أُمِّهِ.

فَخَرَجَ (عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ) وَأَغَذَّ فِي السَّيْرِ إِلَى المَدِينَةِ، حَتَّى نَالَ مِنْهُ التَّعَبُ، فَجَلَسَ فِي مَكَانٍ ظَلِيلٍ يَسْتَريحُ قليلاً، فَأَقْبَلَ رَجُلانِ مِنْ (بَنِي عَامِرٍ) حَتَّى نَزَلا مَعَهُ فِي الظِّلِّ، فَكَانَ معَ العَامِرِيَّيْنِ عَقْدٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ rوَجِوَارٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ) وَقَدْ سَأَلَهُمَا حِينَ نَزَلا:

- مِمَّنْ أَنْتُمُا؟.

فَقَالا: مِنْ بَنِي عَامِرٍ.

فَأَمْهَلَهُمَا حَتَّى إِذَا نَامَا، عَدَا عَلَيْهِمَا فَقَتَلَهُمَا، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ بِهِمَا ثُؤْرَةً [الثُّؤْرَةُ: الثَّأْرُ وَالانْتِقَامُ، ثَأَرَ القَتِيلَ وَبِالقَتِيلِ: أَيْ قَتَلَ قَاتِلَهُ]  مِنْ بَنِي (عَامِرٍ)، فِيمَا أَصَابُوا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ r، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ r، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ مَا حَلَّ بِصَحْبِهِ، فَمَا رُئِيَ رَسُولُ اللهِ eوَجَدَ عَلَى أَحَدٍ [وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ: حَزِنَ عَلَيْهِ حُزْناً كَبِيراً] مَا وَجَدَ عَلَى أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ، فَقَدْ كَانَ مُعْظَمُهُمْ yمِنَ السَّابِقِينَ إِلَى الإِسْلامِ، وَمِمَّنْ شَهِدَ البَيْعَتَيْنِ وَبَدْراً وَأُحُداً، فَقَالَ r:

- هَذَا عَمَلُ أَبِي بَرَاءٍ .. قَدْ كُنْتُ لِهَذَا كَارِهاً مُتَخَوِّفاً.

ثُمَّ أَخْبَرَهُ خَبَرَ العَامِرِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُما ثَأْراً بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: لَقَدْ قَتَلْتَ قَتِيلَيْنِ، لأَدِيَنَّهُمَا.

[لأَدِيَنَّهُمَا: لأَدْفَعَنَّ لأَهْلِهِما دِيَتَهُما، أَيْ: ثَمَنَ دَمِهِمَا].

فَبَلَغَ ذَلِكَ (أَبَا بَرَاءٍ)، فَشَقَّ عَلَيْهِ إِخْفَارُ (عَامِرٍ) إِيَّاهُ، وَمَا أَصَابَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ بِسَبَبِهِ.

وَقَنَتَ رَسُولُ اللهِ rشَهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ، يَدْعُو فِي كُلِّ صَلاةٍ عَلَى (رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ) الَّذِينَ غَدَرُوا بِأَصْحَابِهِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَتَرْتَفِعُ اليَدَانِ الشَّرِيفَتَانِ عَالِياً لِرَبِّ العَالَمِينَ، وَتَخْتَلِجُ الشَّفَتَانِ الكَرِيمَتَانِ بِالدُّعَاءِ فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِيِّ يُوسُفَ.

وَمَكَثَ rيَدْعُو ثَلاثِينَ صَبَاحاً: اللَّهُمَّ اكْفِنِي (عَامِرَ بْنَ الطُّفَيْلِ) بِمَا شِئْتَ، وَابْعَثْ عَلَيْهِ مَا يَقْتُلُهُ.

وَتَنْفَتِحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لِلدُّعَاءِ العَادِلِ، دُعَاءِ خَيْرِ البَرِيَّةِ لِرَبِّ البَرِيَّةِ، دُعَادٍ يَسْتَنْزِلُ غَضْبَةَ السَّمَاءِ عَلَى مَنْ عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَغَدَرُوا بِأَبْرِيَاءَ أَطْهَارٍ بَرَرَةٍ، كُلُّ جُرْمِهِمْ أَنَّهُمْ نَذَرُوا أَنْفُسَهُمْ لإِنْقَاذِ الضَّالِّينَ مِنَ الجَهَالَةِ إِلَى الهُدَى، كُلُّ جُرْمِهِمْ أَنَّهُمْ هَجَرُوا الأَهْلَ وَالوَلَدَ وَالمَالَ لِيَقُولوا لِلنَّاسِ: لا تَعْبُدُوا الأَوْثَانَ وَالبَشَرَ وَالكَوَاكِبَ ..، وَهَلُمَّ إِلَيْنَا نَعْبُدِ اللهَ وَحَدَهُ خَالِقَ كُلِّ شَيْءٍ، كُلُّ جُرْمِهِمْ أَنَّهُمْ بَاعُوا دُنْيَاهُمُ الفَانِيَةَ بِأُخْرَاهُمُ البَاقِيَةِ، فَهَلْ فِي ذَلِكَ يَا عِبَادَ اللهِ مِنْ أَثَارَةٍ مِنْ ذَنْبٍ؟!.

 يَجِيءُ (جَبَّارُ بْنُ سَلْمَى بْنِ مَالِكٍ) وَهُوَ –آنذَاكَ- أَحَدُ رِجَالِ (عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ) ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِهَذَا بَعْدَ إِسْلامِهِ، يَقُولُ: إِنَّ مِمّا دَعَانِي إلَى الإِسْلامِ، أَنّي طَعَنْتُ رَجُلاً مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ بِالرُّمْحِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ،فَنَظَرْتُ إلَى سِنَانِ الرُّمْحِ حِينَ خَرَجَ مِنْ صَدْرِهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: (فُزْتُ وَاللهِ)، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا فَازَ؟ أَلَسْتُ قَدْ قَتَلْتُ الرّجُلَ؟. حَتّى سَأَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ قَوْلِهِ فَقَالُوا : لِلشّهَادَةِ.

فَقُلْت : فَازَ لَعَمْرُو اللهِ.

وَإِنّ (عَامِرَ بْنَ الطّفَيْلِ) كَانَ يَسْأَلُ عَنِ المسْلِمِ الَّذِي قَتَلَهُ (جَبَّارُ بْنُ سَلْمَى بْنِ مَالِكٍ) فَخَرَجَ مِنَ الطَّعْنَةِ نُورٌ: مَنْ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَمّا قُتِلَ رَأَيْتُهُ رُفِعَ بَيْنَ السّمَاءِ وَالأَرْضِ حَتّى رَأَيْتُ السّمَاءَ مِنْ دُونِهِ ؟ فَيَقُولُونَ لَهُ: هُوَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ.

وَرُوِيَ أَنَّ (عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ) اُلْتُمِسَ فِي الْقَتْلَى يَوْمئِذٍ فَلَمْ يُوجَدْ، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنّ الْمَلائِكَةَ رَفَعَتْهُ أَوْ دَفَنَتْهُ.

أَمَّا (عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ) فَقَدْ بَعَثَ اللهُ عَلَيْهِ الطَّاعُونَ، فَطُعِنَ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَني سَلُولٍ مِنْ قَيْسٍ، فَقَالَ: أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ البَعِيرِ، وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ؟! إِيتُونِي بِفَرَسِي.

فَرَكِبَ فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ.

وَيَسْتَجِيبُ اللهُ العَادِلُ لِدُعَاءِ نَبِيِّهِ الكَرِيمِ، أَمَّا (مُضَرُ) فَتَوَالَتِ الجُدُوبَةُ عَلَيْهِمْ سَبْعَ سِنِينَ، كَسِنِي يُوسُفَ u، وَجَاعُوا حَتَّى أَكَلُوا العِلْهِزَ، وَهُوَ شَيْءٌ يَتَّخِذُونَهُ فِي سِنِيِّ المَجَاعَةِ، يَخْلِطُونَ دَمَ الإِبِلِ أَوِ القُرَادِ الضَّخْمِ بِأَوْبَارِ الإِبِلِ، ثُمَّ يَشْوُونَهُ بِالنَّارِ وَيَأْكُلُونَهُ.

فَلَمَّا رَأَى زَعِيمُهُمْ (حَاجِبُ بْنُ زُرَارَةَ) الجَهْدَ عَلَى قَوْمِهِ جَمَعَ بَنِي زُرَارَةَ، وَقَالَ: إِنِّي أَزْمَعْتُ عَلَى أَنْ آتِيَ المَلِكَ - يَعْنِي كِسْرَى - فَأَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَأْذَنَ لِقَوْمِنَا فَيَكُونُوا تَحْتَ هَذَا البَحْرِ (يَعْنِي الرِّيفَ)، حَتَّى يُحْيَوْا.

فَقَالُوا: رَشَدْتَ فَافْعَلْ؛ غَيْرَ أَنَّا نَخَافُ عَلَيْكَ بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ.

فَقَالَ: مَا مِنْهُمْ وَجْهٌ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ وَلِي عِنْدَهُ يَدٌ، إِلاَّ ابْنَ الطَّوِيلَةِ التَّيْمِيَّ، وَسَأُدَاوِيهِ.

ثُمَّ ارْتَحَلَ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْتَقِلُ فِي إِكْرَامِ النَّاسِ وَبِرِّهِمْ حَتَّى انْتَهَى إِلَى المَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ الطَّوِيلَةِ، فَنَزَلَهُ لَيْلاً، فَلَمَّا أَضَاءَ الفَجْرُ دَعَا بِنِطْعٍ [النِّطْعُ: جِلْدٌ يُفْرَشُ عَلَى الأَرْضِ تَحْتَ مَنْ سَيُقْطَعُ رَأْسُهُ، أَوْ لِغَرَضٍ آخَرَ]، ثُمَّ أَمَرَ فَصُبَّ عَلَيْهِ التَّمْرُ، ثُمَّ نَادَى: حَيَّ عَلَى الغَدَاءِ.

فَنَظَر ابْنُ الطَّوِيلَةِ فَإِذَا هُوَ بِـ (حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ)؛ فَقَالَ لأَهْلِ المَجْلِسِ: أَجِيبُوهُ.

وَأَهْدَى إِلَيْهِ ابْنُ الطَّوِيلَةِ جُزُراً وَشِياهاً [الجُزُرُ وَالشِّيَاهُ: الإِبِلُ وَالأَغْنَامُ: مُفْرَدُهُما: الجَزُورُ وَالشَّاةُ]، فَنَحَرَ وَأَكَلَ وَأَطْعَمَ، وَلَمّا أَرَادَ (حَاجِبٌ) أنْ يَرْتَحِلَ قَالَ لَهُ ابْنُ الطَّويلَةِ: إِنِّي مَعَكَ حَتَّى تَبْلُغَ مَأْمَنَكَ، فَإِنِّي لا أَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَكَ أَمَامَكَ.

فَقَالَ حَاجِبٌ: لَيْسَ أَمَامِي أَحَدٌ أَخَافُهُ عَلَيَّ.

 ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا كَانَ بِبَابِهِ اسْتَأْذَنَ الآذِنَ بِالدُّخُولِ عَلَيْهِ، فَقَالَ كِسْرَى لِلآذِنِ: قُلْ لَهُ:

(مِنْ سَاداتِ العَرَبِ أَنْتَ أَمْ مِنْ أَوْسَاطِهَا أَمْ مِنْ أَدْنَيْهَا؟).

فَقَالَ لِلآذِنِ: مِنْ أَوْسَاطِهَا.

فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ فَهَذَا رَجُلٌ عَاقِلٌ.

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَعَادَ كِسْرَى عَلَيْهِ السُّؤَالَ، فَقَالَ: مِنْ سَادَاتِهَا أَيُّهَا المَلِكُ.

 فَقَالَ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ لآذِنِنَا: ( إِنَّكَ مِنْ أَوْسَاطِهَا ) ؟!.

قَالَ: أَسْعَدَكَ إِلَهُكَ، بَلَى .. قَدْ قُلْتُ ذَاكَ لَهُ، وَكُنْتُ حِينَئِذٍ مِنْ أَوْسَاطِهَا، فَلَمَّا بَلَغْتُ مَجْلِسَ المَلِكِ، وَوَطِئْتُ بِسَاطَهُ صِرْتُ مِنْ سَادَاتِهَا.

فَاسْتَحْسَنَ (كِسْرَى) قَوْلَ (حَاجِبٍ)؛ فأَمَرَ فَحُشِيَ فَمُهُ دُرّاً، وَشَرَّفَهُ وَكَسَاهُ وَوَصَلُه وَتَوَّجَهُ، وَأَجْلَسَهُ عَلَى كُرْسِيٍّ، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنْ حَاجَتِهِ، فَقَالَ:

- أَسْعَدَكَ اللهُ، إِنَّ (مُضَرَ) قَوْمِي أَجْدَبَتْ أَرْضُهُمْ؛ فَسَأَلُونِي أَنْ أَصِيرَ إِلَيْكَ، فَأَسْأَلَكَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُمْ بِدُخُولِ السَّوَادِ فِي أَطْرَافِ بِلادِكَ، فَيَعِيشُوا بِرَفَهٍ شُهُوراً وَيَنْصَرِفُوا.

قَالَ: أَنْتُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ أَهْلُ غَدْرٍ، حُرَصَاءُ عَلَى الفَسَادِ، فَإِذَا أَذِنْتُ لَهُمْ عَاثُوا فِي الرَّعِيَّةِ فَسَاداً، وَأَغَارُوا عَلَيْهِمْ فِي مَأْمَنِهِمْ.

قَالَ حَاجِبٌ: إِنِّي ضَامِنٌ لِلْمَلِكِ أَلاَّ يَفْعَلُوا.

قَالَ: إِنَّهُمْ يَعْصُونَكَ.

قَالَ: إِنَّهُمْ لا يَعْصُونَنِي، إِنَّ لِي فِيهِمْ شَرَفاً أَنَالُ بِهِ السَّمَاءَ.

قَالَ: فَمَنْ لِي بِأَنْ تَفِيَ أَنْتَ؟.

أَطْرَقَ حَاجِبٌ سَاعَةً، يُفَكِّرُ بِشَيْءٍ يُقَدِّمُهُ لِلْمَلِكِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فَقَالَ:

- أَرْهَنُكَ قَوْسِي.

فَلَمَّا جَاءَ بِهَا -وَكَانَ قَدْ تَرَكَهَا فَوْقَ سَرْجِ حِصَانِهِ- ضَحِكَ مَنْ حَوْلَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُزْءًا بِهِ: هَذَا رَهْنٌ لا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، يُرِيدُ هَذَا الأَعْرَابيُّ أَنَّ يَرْهَنَهُ عَلَى مَا سَقَتِ الفُرَاتُ.

فَقَالَ كِسْرِى: مَا كُنْتُ لأَضَعَ فِي خَزَائِنِي عَصاً مِثْلَ هَذِهِ.

قَالَ حَاجِبٌ: إِنَّهَا قَوْسُ (حَاجِبِ بْنِ زُرَارَةَ) أَيُّهَا المَلِكُ.

قَالَ: يَا (حَاجِبُ)! إِنَّ قَوْسَكَ لَقَصِيرَةٌ مُعْوَجَّةٌ.

قَالَ: أَيُّهَا المَلِكُ ! لَئِنْ كَانَتْ قَوْسِي قَصِيرَةً مُعْوَجَّةً، فَإِنَّ وَفَائِي طَوِيلٌ مُسْتَقِيمٌ.

فَقَالَ كِسْرَى: مَا كَانَ لِيُسْلِمَها، اقْبَضُوهَا مِنْهُ، فَهُوَ عَاقِلٌ وَفيٌّ.

وَأَذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ السَّوَادِ، فَدَخَلُوهُ شُهُوراً، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ (حَاجِبٌ):

- انْصَرِفُوا مِنْ بِلادِ الرَّجُلِ.

فَانْصَرَفُوا عَنْهَا.

ثُمَّ وَافَتْ (حَاجِبَ بْنَ زُرَارَةَ) مَنِيَّتُهُ، وَجَاءَتْ وُفُودُ (مُضَرَ) إِلَى النَّبِيِّ rبَعْدَ مَوْتِ (حَاجِبٍ) فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ ! هَلَكَ قَوْمُكَ فَادْعُ اللهَ لَهُمْ.

 فَدَعَا rلَهُمْ، فَكَشَفَ اللهُ مَا بِهِمْ مِنْ ضَنْكٍ، وَأَمْرَعَتْ أَرْضُهُمْ وَدَرَّتْ مَوَاشيهِمْ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلادِهِمْ.

وَارْتَحَلَ (عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ) إِلَى كِسْرَى يَطْلُبُ قَوْسَ أَبِيهِ.

فَقَالَ لَهُ كِسْرَى: مَا أَنْتَ بِالَّذِي وَضَعْتَهَا عِنْدِي.

قَالَ: أَجَلْ أَيُّها المَلِكُ مَا أَنَا بِالَّذِي وَضَعْتُها.

قَالَ كِسْرَى: فَمَا فَعَلَ الَّذِي وَضَعَها؟.

قَالَ: إِنَّهُ هَلَكَ، وَأَنَا ابْنُهُ، وقَدْ وَفَى لَكَ أَيُّها المَلِكُ بِمَا ضَمِنَ لَكَ مِنْ قَوْمِهِ، وَوَفَى هُوَ بِمَا قَالَ لِلْمَلِكِ.

 قال كِسْرَى: رُدُّوا عَلَيْهِ قَوْسَهُ.

وَكَسَاهُ حُلَّةً، فَصَارَ ذَلِكَ فَخْراً وَمَنْقَبَةً لِحَاجِبٍ وَعَشِيرَتِهِ مُضَرَ.

 

انتهت
 
 

من كتاب:
قصص من تاريخنا
تأليف: أحمد عكاش
دار الإرشاد للنشر والتوزيع - سورية - حمص.

https://alhoob-alsdagh.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى