بكائيات سياسية فلسطينية
بقلم: ماجد الزبدة- إعلامي فلسطيني
(1)
ثلاثة وعشرون من السنوات العجاف مضت على توقيع اتفاقية أوسلو التي أشبعها الاحتلال قتلا وتدميرا بفعل آلته العسكرية التي لم تذر شيئاً من الأرض الفلسطينية إلا والتهمته لصالح الاستيطان اليهودي المَقيت، ورغم ذلك فإن مهندس الاتفاقية الذي جاوز الإحدى وثمانين عاما ولا زال متربعاً على عرش رئاسة السلطة الفلسطينية منذ أحد عشر عاما عانى خلالها الفلسطينيون مرارة انقسام داخلي وفقدان أوراق الضغط السياسية التي تعينهم على مُنافَحَة المفاوض الإسرائيلي، فإذا به وقد بلغ من العمر عتيّا يُطلق صيحاته الأخيرة في الهواء بضرورة عقد مؤتمر دولي جديد للسلام دون اعتبار لدنوّ الأجل أو سوء الخاتمة السياسية، وكأني به لم يسأم من تكرار الفشل السياسي، ولم يعتبر لقول الشاعر زهير ابن أبي سلمى: " سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ".
(2)
إهانات متتالية عصفت بالسياسة الفلسطينية في الآونة الأخيرة لو وقعت إحداها في دولة عظمى لسقطت حكومتها خلال ساعات، فجريمة قتل المناضل الفلسطيني عمر النايف بطريقة بشعة داخل أسوار السفارة الفلسطينية في بلغاريا ورغم أنها مثّلت إهانة دبلوماسية من العيار الثقيل إلا أنها لم تكن كافية لدفع رئاسة السلطة باتخاذ قرار إقالة وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أو حتى محاكمة سفير السلطة في بلغاريا أحمد المذبوح، الصفعة السياسية الثانية التي تجاهلتها رئاسة السلطة هي منع الاحتلال زيارة رئيس كينيا لرام الله، فقد دفنت السلطة رأسها في الرمال وكأن الأمر لا يعينها وأحجمت عن مجرد التعليق على الإهانة الإسرائيلية بذريعة أن الأمر هو شأن كيني داخلي، وفي المقابل وجدنا سلطتنا العتيدة توجه صفعة مدوية للدستور الفلسطيني وهي تخالف القانون الأساسي وتحاصر مقر المجلس التشريعي في رام الله بهدف اعتقال النائب عن كتلة فتح البرلمانية نجاة أبو بكر، وكأني بتلك السلطة قد ارتضت لنفسها حياة الدون دبلوماسياً وسياسياً وبرلمانياً ضاربةً بعرض الحائط أحلام الفلسطينيين بحياة كريمة عزيزة ومخالفة في ذات الوقت قول عنترة: لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ.
(3)
التصريح الخطير الذي أدلى به عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة الفلسطينية في حركة فتح عبر شاشة تلفزيون فلسطين يؤكد للمرة الألف انعدام آفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية في عهد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فالرجل الذي يفترض أن يُبدي حرصا ولو ظاهرياً على الوحدة الفلسطينية ومعالجة مشكلات غزة تعهد علناً بإفشال أية جهود لحل مشكلة كهرباء غزة، أو إنشاء ميناء بحري يصلها بالعالم الخارجي، والأدهى أن الرجل اعتبر إنشاء الميناء البحري الذي تمناه من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات يمثل تهديداً ليس للمصلحة الوطنية الفلسطينية وحدها بل للوحدة القبرصية أيضاً، وكأني بغزة وهي تستمع إلى تهديدات الأحمد بإطالة أمد حصارها ومفاقمة معاناة أهلها تعود بذاكرتها إلى العالم الغزي محمد بن إدريس الشافعي حين أنشد قائلاً: يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْح فأكرهُ أن أكونَ له مجيبا. يزيدُ سفاهة ًفأزيدُ حلماً كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا
بقلم: ماجد الزبدة- إعلامي فلسطيني
(1)
ثلاثة وعشرون من السنوات العجاف مضت على توقيع اتفاقية أوسلو التي أشبعها الاحتلال قتلا وتدميرا بفعل آلته العسكرية التي لم تذر شيئاً من الأرض الفلسطينية إلا والتهمته لصالح الاستيطان اليهودي المَقيت، ورغم ذلك فإن مهندس الاتفاقية الذي جاوز الإحدى وثمانين عاما ولا زال متربعاً على عرش رئاسة السلطة الفلسطينية منذ أحد عشر عاما عانى خلالها الفلسطينيون مرارة انقسام داخلي وفقدان أوراق الضغط السياسية التي تعينهم على مُنافَحَة المفاوض الإسرائيلي، فإذا به وقد بلغ من العمر عتيّا يُطلق صيحاته الأخيرة في الهواء بضرورة عقد مؤتمر دولي جديد للسلام دون اعتبار لدنوّ الأجل أو سوء الخاتمة السياسية، وكأني به لم يسأم من تكرار الفشل السياسي، ولم يعتبر لقول الشاعر زهير ابن أبي سلمى: " سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ".
(2)
إهانات متتالية عصفت بالسياسة الفلسطينية في الآونة الأخيرة لو وقعت إحداها في دولة عظمى لسقطت حكومتها خلال ساعات، فجريمة قتل المناضل الفلسطيني عمر النايف بطريقة بشعة داخل أسوار السفارة الفلسطينية في بلغاريا ورغم أنها مثّلت إهانة دبلوماسية من العيار الثقيل إلا أنها لم تكن كافية لدفع رئاسة السلطة باتخاذ قرار إقالة وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أو حتى محاكمة سفير السلطة في بلغاريا أحمد المذبوح، الصفعة السياسية الثانية التي تجاهلتها رئاسة السلطة هي منع الاحتلال زيارة رئيس كينيا لرام الله، فقد دفنت السلطة رأسها في الرمال وكأن الأمر لا يعينها وأحجمت عن مجرد التعليق على الإهانة الإسرائيلية بذريعة أن الأمر هو شأن كيني داخلي، وفي المقابل وجدنا سلطتنا العتيدة توجه صفعة مدوية للدستور الفلسطيني وهي تخالف القانون الأساسي وتحاصر مقر المجلس التشريعي في رام الله بهدف اعتقال النائب عن كتلة فتح البرلمانية نجاة أبو بكر، وكأني بتلك السلطة قد ارتضت لنفسها حياة الدون دبلوماسياً وسياسياً وبرلمانياً ضاربةً بعرض الحائط أحلام الفلسطينيين بحياة كريمة عزيزة ومخالفة في ذات الوقت قول عنترة: لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ.
(3)
التصريح الخطير الذي أدلى به عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة الفلسطينية في حركة فتح عبر شاشة تلفزيون فلسطين يؤكد للمرة الألف انعدام آفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية في عهد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فالرجل الذي يفترض أن يُبدي حرصا ولو ظاهرياً على الوحدة الفلسطينية ومعالجة مشكلات غزة تعهد علناً بإفشال أية جهود لحل مشكلة كهرباء غزة، أو إنشاء ميناء بحري يصلها بالعالم الخارجي، والأدهى أن الرجل اعتبر إنشاء الميناء البحري الذي تمناه من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات يمثل تهديداً ليس للمصلحة الوطنية الفلسطينية وحدها بل للوحدة القبرصية أيضاً، وكأني بغزة وهي تستمع إلى تهديدات الأحمد بإطالة أمد حصارها ومفاقمة معاناة أهلها تعود بذاكرتها إلى العالم الغزي محمد بن إدريس الشافعي حين أنشد قائلاً: يُخَاطِبني السَّفيهُ بِكُلِّ قُبْح فأكرهُ أن أكونَ له مجيبا. يزيدُ سفاهة ًفأزيدُ حلماً كعودٍ زادهُ الإحراقُ طيبا