بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة مع كلمة من كلمات القران الكريم (الجبت)
وردت هذه الكلمة مرة واحدة في القران الكريم وذلك في ما قال الله تعالى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا النساء 51.
فما معنى الجبت؟
: قال ابن الجوزي: في «الجبت» سبعة أقوال .
أحدها : أنه السّحر ، قاله عمر بن الخطاب ، ومجاهد ، والشعبي . والثاني : الأصنام ، رواه عطية ، عن ابن عباس . وقال عكرمة : الجبت : صنم . والثالث : حيي بن أخطب ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك ، والفراء . والرابع : كعب بن الأشرف ، رواه الضحاك ، عن ابن عباس ، وليث عن مجاهد . والخامس : الكاهن ،روي عن ابن عباس ، وبه قال ابن سيرين ، ومكحول . والسادس : الشيطان ، قاله سعيد بن جبير في رواية ، وقتادة ، والسدي . والسابع : الساحر ، قاله أبو العالية ، وابن زيد . وروى أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : الجبت : الساحرُ بلسان الحبشة. (زاد المسير في علم التفسير-سورةالنساء).
وقال الدكتور فاضل السامرائي باركه الله في بحث له (الجبت: أحياناً يأتي بمعنى الطاغوت. في كتب اللغة يقولون الجبت ليس من محض العربية في الأصل. وهي عامة تأتي حتى في الحديث “العيافة والطير من الجبت” العيافة أي الكهنة والسحرة، فالجبت كلمة عامة تطلق على الطاغوت، الساحر، الكاهن، وتطلق الأفعال والأعمال غير المرضية مثل الطيرة والعيافة والاعتقادات الباطلة. والبعض قال هي اسم صنم وأطلقت عامة. الجبت لها نفس دلالة الطاغوت وفيها توسع في المعنى مثل العيافة والطير، تدخل تحتها مجموعة الأفكار والمفاهيم . )
وجاء في لسان العرب:- الجبت كل ما عبد من دون الله وقيل هي كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك ...
قال الامام الشافعي رحمه الله: بعثه -أي بعث الله نبيه والناس صنفان: أحدهما: أهل كتاب، بدَّلوا من أحكامه، وكفروا بالله، فافتعلوا كذباً صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق الله الذي أنزل إليهم، فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم نماذج منها هذه الآية" فالجبت لفظ عام يندرج تحته كل شر في المعتقد والطاعة والتعبد ومن ذلك حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :- جبت ( إن العيافة والطَّرْق والطيرة من الجبت).اخرجه الامام احمد في مسنده وابو داود في سننه وحسنه الامام النووي في رياض الصالحين واخرجه غيرهم.
شرح الحديث منقول:
قوله: ( الطَّرْق)
قال عوف الاعرابي: ((الطَّرق: الخط يُخَط في الأرض))
قال أبو عُبيد: ((أما قوله في الطرق فإنه الضرب بالحصى ومنه قول لبيد:
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى *** ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وقال: بعضهم يرويه: الضوارب بالحصى، ومعناهما واحد وأصل الطرق الضرب، ومنه سُمِّيَت مِطرقة الصائغ والحداد = مطرقة ، لأنه يطرق بها أي يضرب بها ، وكذلك عصا النجاد التي يضرب بها الصوف)) [غريب الحديث 46/2]
وقال ابن الجوزي: ((قال ابن قتيبةَ وإِنما قيل له طرقٌ لأَنَّه يُضْرَبُ به الأَرضَ والطرقُ الضربُ وقال أبو زيدٍ هو خط الرَّمْلِ)) [غريب الحديث 32/2]
وقال ابن الأثير في النهاية [270/3] :
((الطَّرق : الضَّرب بالحصا الذي يَفْعله النساء . وقيل هو الخطُّ في الرَّمْل))
قوله: (العِيَافَة)
قال عوف الاعرابي: ((العيافة: زجر الطير))
قال ابو عبيد: ((العيافة يعني زجر الطير، يقال منه: عفت الطير أعيفها عيافة ويقال في غير هذا: عافت الطير تعيف عيفا إذا كانت تحوم على الماء، وعاف الطعام يعافه عيافا، وذلك إذا كرهه)) [الغريب 46/2]
وفي اللسان [260/9] :
((العائف الذي يَعيفُ الطير فيَزْجُرُها وهي العِيافة وفي الحديث العِيافة والطَّرْق من الجِبْتِ العِيافة زجْرُ الطير والتفاؤل بأَسمائها وأَصواتها ومَمَرِّها وهو من عادة العرب كثيراً وهو كثير في أَشعارهم يقال عافَ يَعِيف عَيْفاً إذا زجَرَ وحدَس وظن وبنو أَسْد يُذْكَرون بالعيافة ويُوصَفون بها))
قوله: (الطيرة)
قال الزمخشري: ((طير الطيرة من التطير كالخيرة من التخير . وعن الفراء أن سكون الياء فيهما لغة وهى التشاؤم بالشىء))
وقال ابن الأثير: (( الطَّيَرَة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تُسَكّن : هي التَّشاؤُم بالشَّيء . وهو مصدر تَطَّير . يقال تَطَّيَرة طِيَرةً وتَخَير خِيَرَةً ولم يجيء من المصادر هكذا غيرها . وأصلُه فيما يُقال : التطير بالسَّوَانِح والبَوارِح من الطَّيْر والظباء وغَيرهما . وكان ذلك يَصُدّهم عن مَقاصِدِهم فنفَاه الشَّرْعُ وأبْطَله ونَهى عنه وأخبَر أنَّه ليس له تأثِيرٌ في جَلْب نفْعٍ أو دَفعٍ ضَرٍّ . وقد تكرر ذكرها في الحديث اسْماً وفِعْلاً)) [النهاية 334/3]
قوله: (الجِبْت)
قال عوف الاعرابي: ((الجِبت: قال الحسن إنه الشيطان))
قال ابراهيم الحربي: ((قوله: "من الجبت" الجبت السحر وهو - أيضا - الكاهن وهو الصنم وهو حيى بن أخطب)) [الغريب 1177/3]
قال الزبيدي: ((جبت : ( الجِبْتُ ، بالكَسْرِ ) : كلمةٌ تَقع على ( الصَّنَم ، والكاهِنِ ، والسّاحِرِ ) ، ونحوِ ذلك . ( و ) قال الشَّعْبِيُّ في قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } ( النساء : 51 ) ، قال : الجِبْتُ : ( السِّحْرُ ) ، والطَّاغُوت : الشيطان ؛ وعن ابن عبّاسٍ : الطاغوت : كَعْبُ بنُ الأَشرفِ ، والجِبْت : حُيَيُّ بن أَخْطَبَ . وفي الحديث : ( الطِّيَرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من الجِبْتِ ) ( و ) قال القاضي البَيْضَاوِيُّ ، في النساءِ : الجِبتُ : أَصلُه الجِبْسُ ، وهو ( الذِي لا خَيْرَ فِيه ) ، قُلِبَت سِينُه تاءً . وبَسطَه الخَفاجِيُّ في العناية . ( و ) الجِبْت : ( كُلُّ مَا عُبِدَ من دُونِ اللَّهِ تَعالَى ) . قال الجوْهَرِيُّ : وهاذا ليس من مَحْض العربِيَّة ، لاجتماع الجيم والتّاءِ في كلمةٍ واحدة ، من غير حَرْف ذَوْلقِيّ)) [التاج 480/4]
والله أعلم.
وقفة مع كلمة من كلمات القران الكريم (الجبت)
وردت هذه الكلمة مرة واحدة في القران الكريم وذلك في ما قال الله تعالى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا النساء 51.
فما معنى الجبت؟
: قال ابن الجوزي: في «الجبت» سبعة أقوال .
أحدها : أنه السّحر ، قاله عمر بن الخطاب ، ومجاهد ، والشعبي . والثاني : الأصنام ، رواه عطية ، عن ابن عباس . وقال عكرمة : الجبت : صنم . والثالث : حيي بن أخطب ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه قال الضحاك ، والفراء . والرابع : كعب بن الأشرف ، رواه الضحاك ، عن ابن عباس ، وليث عن مجاهد . والخامس : الكاهن ،روي عن ابن عباس ، وبه قال ابن سيرين ، ومكحول . والسادس : الشيطان ، قاله سعيد بن جبير في رواية ، وقتادة ، والسدي . والسابع : الساحر ، قاله أبو العالية ، وابن زيد . وروى أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : الجبت : الساحرُ بلسان الحبشة. (زاد المسير في علم التفسير-سورةالنساء).
وقال الدكتور فاضل السامرائي باركه الله في بحث له (الجبت: أحياناً يأتي بمعنى الطاغوت. في كتب اللغة يقولون الجبت ليس من محض العربية في الأصل. وهي عامة تأتي حتى في الحديث “العيافة والطير من الجبت” العيافة أي الكهنة والسحرة، فالجبت كلمة عامة تطلق على الطاغوت، الساحر، الكاهن، وتطلق الأفعال والأعمال غير المرضية مثل الطيرة والعيافة والاعتقادات الباطلة. والبعض قال هي اسم صنم وأطلقت عامة. الجبت لها نفس دلالة الطاغوت وفيها توسع في المعنى مثل العيافة والطير، تدخل تحتها مجموعة الأفكار والمفاهيم . )
وجاء في لسان العرب:- الجبت كل ما عبد من دون الله وقيل هي كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك ...
قال الامام الشافعي رحمه الله: بعثه -أي بعث الله نبيه والناس صنفان: أحدهما: أهل كتاب، بدَّلوا من أحكامه، وكفروا بالله، فافتعلوا كذباً صاغوه بألسنتهم، فخلطوه بحق الله الذي أنزل إليهم، فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم نماذج منها هذه الآية" فالجبت لفظ عام يندرج تحته كل شر في المعتقد والطاعة والتعبد ومن ذلك حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :- جبت ( إن العيافة والطَّرْق والطيرة من الجبت).اخرجه الامام احمد في مسنده وابو داود في سننه وحسنه الامام النووي في رياض الصالحين واخرجه غيرهم.
شرح الحديث منقول:
قوله: ( الطَّرْق)
قال عوف الاعرابي: ((الطَّرق: الخط يُخَط في الأرض))
قال أبو عُبيد: ((أما قوله في الطرق فإنه الضرب بالحصى ومنه قول لبيد:
لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى *** ولا زاجرات الطير ما الله صانع
وقال: بعضهم يرويه: الضوارب بالحصى، ومعناهما واحد وأصل الطرق الضرب، ومنه سُمِّيَت مِطرقة الصائغ والحداد = مطرقة ، لأنه يطرق بها أي يضرب بها ، وكذلك عصا النجاد التي يضرب بها الصوف)) [غريب الحديث 46/2]
وقال ابن الجوزي: ((قال ابن قتيبةَ وإِنما قيل له طرقٌ لأَنَّه يُضْرَبُ به الأَرضَ والطرقُ الضربُ وقال أبو زيدٍ هو خط الرَّمْلِ)) [غريب الحديث 32/2]
وقال ابن الأثير في النهاية [270/3] :
((الطَّرق : الضَّرب بالحصا الذي يَفْعله النساء . وقيل هو الخطُّ في الرَّمْل))
قوله: (العِيَافَة)
قال عوف الاعرابي: ((العيافة: زجر الطير))
قال ابو عبيد: ((العيافة يعني زجر الطير، يقال منه: عفت الطير أعيفها عيافة ويقال في غير هذا: عافت الطير تعيف عيفا إذا كانت تحوم على الماء، وعاف الطعام يعافه عيافا، وذلك إذا كرهه)) [الغريب 46/2]
وفي اللسان [260/9] :
((العائف الذي يَعيفُ الطير فيَزْجُرُها وهي العِيافة وفي الحديث العِيافة والطَّرْق من الجِبْتِ العِيافة زجْرُ الطير والتفاؤل بأَسمائها وأَصواتها ومَمَرِّها وهو من عادة العرب كثيراً وهو كثير في أَشعارهم يقال عافَ يَعِيف عَيْفاً إذا زجَرَ وحدَس وظن وبنو أَسْد يُذْكَرون بالعيافة ويُوصَفون بها))
قوله: (الطيرة)
قال الزمخشري: ((طير الطيرة من التطير كالخيرة من التخير . وعن الفراء أن سكون الياء فيهما لغة وهى التشاؤم بالشىء))
وقال ابن الأثير: (( الطَّيَرَة بكسر الطاء وفتح الياء وقد تُسَكّن : هي التَّشاؤُم بالشَّيء . وهو مصدر تَطَّير . يقال تَطَّيَرة طِيَرةً وتَخَير خِيَرَةً ولم يجيء من المصادر هكذا غيرها . وأصلُه فيما يُقال : التطير بالسَّوَانِح والبَوارِح من الطَّيْر والظباء وغَيرهما . وكان ذلك يَصُدّهم عن مَقاصِدِهم فنفَاه الشَّرْعُ وأبْطَله ونَهى عنه وأخبَر أنَّه ليس له تأثِيرٌ في جَلْب نفْعٍ أو دَفعٍ ضَرٍّ . وقد تكرر ذكرها في الحديث اسْماً وفِعْلاً)) [النهاية 334/3]
قوله: (الجِبْت)
قال عوف الاعرابي: ((الجِبت: قال الحسن إنه الشيطان))
قال ابراهيم الحربي: ((قوله: "من الجبت" الجبت السحر وهو - أيضا - الكاهن وهو الصنم وهو حيى بن أخطب)) [الغريب 1177/3]
قال الزبيدي: ((جبت : ( الجِبْتُ ، بالكَسْرِ ) : كلمةٌ تَقع على ( الصَّنَم ، والكاهِنِ ، والسّاحِرِ ) ، ونحوِ ذلك . ( و ) قال الشَّعْبِيُّ في قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } ( النساء : 51 ) ، قال : الجِبْتُ : ( السِّحْرُ ) ، والطَّاغُوت : الشيطان ؛ وعن ابن عبّاسٍ : الطاغوت : كَعْبُ بنُ الأَشرفِ ، والجِبْت : حُيَيُّ بن أَخْطَبَ . وفي الحديث : ( الطِّيَرَةُ والعِيافَةُ والطَّرْقُ من الجِبْتِ ) ( و ) قال القاضي البَيْضَاوِيُّ ، في النساءِ : الجِبتُ : أَصلُه الجِبْسُ ، وهو ( الذِي لا خَيْرَ فِيه ) ، قُلِبَت سِينُه تاءً . وبَسطَه الخَفاجِيُّ في العناية . ( و ) الجِبْت : ( كُلُّ مَا عُبِدَ من دُونِ اللَّهِ تَعالَى ) . قال الجوْهَرِيُّ : وهاذا ليس من مَحْض العربِيَّة ، لاجتماع الجيم والتّاءِ في كلمةٍ واحدة ، من غير حَرْف ذَوْلقِيّ)) [التاج 480/4]
والله أعلم.