الحقيقة الواحدة لأحمد شوقي
يا مُتابِعَ الَمَلاحدة، مُشايِع العُصْبةِ الجاحدة، منكرَ الحقيقة الواحدة:
ما للأعمى والمرآة، وما للِمُقْعَد والمِرْقاة، ومالك والبحث عن الله؟
قُمْ , إلى السماء تَقَص النظر، وقص الأثر، واجمع الخُبْرَ والخَبَر. كيف ترى ائتلاف الفلك، واختلاف النور والحلك وهذا الهواء المشترك، وكيف ترى الطير تحسبه ترك، وهو في شرك، استهدف فما نجا حتى هلك، تعالى الله! دل الملك على الملك!. وقف بالأرض سلها من زم السحاب وأجراها ورحل الرياح وعراها، ومن أقعد الجبال وأنهض ذراها، ومن الذى يحل حباها، فتخر له في غد جباها؟ أليس بدأها غبرات، ثم جمعها صخرات، ثم فرقها مشمخرات؟. ثم سل النمل من أدقها خلقا، وسلكها طرقا تبتغي رزقا؟ وسل النحل من ألبسها الحبر، وقلدها الإبر، وأطعمها صفو الزهر، وسخرها طاهية للبشر؟ لقد نبذت الذلول المسعفة، وأخذت في معامي الفلسفة، على عشواء من الضلال معسفة. أولا فخبرني: الطبيعة من طبعها والنظم المتقادمة من وضعها، والحياة الصانعة من صنعها، والحركة الدافعة من الذي دفعها؟! عرفنا كما عرفت المادة، ولكن هدينا وضللت الجادة، وقلنا مثلك بالهيولى ولكن لم نجحد اليد الطولى ولا أنكرنا الحقيقة الأولى. أتينا العناصر من عنصرها. ورددنا الجواهر إلى جوهرها؛ اطرحنا فاسترحنا وسلمنا فسلمنا، وآمنا فأمنا؛ وما الفرق بيننا وبينك إلا أنك قد عجزت فقلت: سر من الأسرار وعجزنا نحن فقلنا: الله وراء كل ستار
كتاب أسواق الذهب للشاعر أحمد شوقي
يا مُتابِعَ الَمَلاحدة، مُشايِع العُصْبةِ الجاحدة، منكرَ الحقيقة الواحدة:
ما للأعمى والمرآة، وما للِمُقْعَد والمِرْقاة، ومالك والبحث عن الله؟
قُمْ , إلى السماء تَقَص النظر، وقص الأثر، واجمع الخُبْرَ والخَبَر. كيف ترى ائتلاف الفلك، واختلاف النور والحلك وهذا الهواء المشترك، وكيف ترى الطير تحسبه ترك، وهو في شرك، استهدف فما نجا حتى هلك، تعالى الله! دل الملك على الملك!. وقف بالأرض سلها من زم السحاب وأجراها ورحل الرياح وعراها، ومن أقعد الجبال وأنهض ذراها، ومن الذى يحل حباها، فتخر له في غد جباها؟ أليس بدأها غبرات، ثم جمعها صخرات، ثم فرقها مشمخرات؟. ثم سل النمل من أدقها خلقا، وسلكها طرقا تبتغي رزقا؟ وسل النحل من ألبسها الحبر، وقلدها الإبر، وأطعمها صفو الزهر، وسخرها طاهية للبشر؟ لقد نبذت الذلول المسعفة، وأخذت في معامي الفلسفة، على عشواء من الضلال معسفة. أولا فخبرني: الطبيعة من طبعها والنظم المتقادمة من وضعها، والحياة الصانعة من صنعها، والحركة الدافعة من الذي دفعها؟! عرفنا كما عرفت المادة، ولكن هدينا وضللت الجادة، وقلنا مثلك بالهيولى ولكن لم نجحد اليد الطولى ولا أنكرنا الحقيقة الأولى. أتينا العناصر من عنصرها. ورددنا الجواهر إلى جوهرها؛ اطرحنا فاسترحنا وسلمنا فسلمنا، وآمنا فأمنا؛ وما الفرق بيننا وبينك إلا أنك قد عجزت فقلت: سر من الأسرار وعجزنا نحن فقلنا: الله وراء كل ستار
كتاب أسواق الذهب للشاعر أحمد شوقي