حديث الجمعة
وقفة مهمة مع حديث شريف
قال صلى الله عليه وسلم :"البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس"رواه الامام مسلم
. المسائل التي تعرض للانسان في حياته على اقسام: فمسائل ورد بها نص مفهوم معلوم، فليس للمؤمن إلا طاعة الله فيها والاذعان لحكمه، ولا عبرة بعد ذلك فيما يقع في القلب من ضيق بها، وإن كان المفترض في المسلم انشراح الصدر، وتلقي أحكام الله بالقبول والرضى ولوخالفت هواه، وكذا لو خالفت ما يظنه مصلحة له، فمصلحة المؤمن فقط فيما يرضي الله، وليست فيما يغضبه ويجلب عليه سخطه وعقابه تعالى، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36].
ومنها مسائل يجهل المسلم حكمها وليس عنده فيها من علم يعلمه، وهنا يتوجب عليه السؤال وطلب الفتوى ممن هم اهلها من اهل العلم المؤتمنين على الدين، لقوله تعالى :"(... فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ...)من الاية 43 سورة النحل. وتكرر الامر في سورة الانبياء فقال سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]. وتنبه هنا جيدا فقد سماهم الله تعالى اهل الذكر، وذلك لملازمتهم له بالاتباع والمدارسة و الممارسة والالتزام. ولا بد من التثبت ممن يفتيك، خاصة في هذا الزمن وقد اصبح الافتاء والدين تجارة رائجة، وليس ذكرا مع كل اسف، فقد روى ابن عبدالبر رحمه الله: أن رجلاً دخل على ربيعة بن عبدالرحمن ـ شيخ الإمام مالك ـ فوجده بيكي! فقال له: ما يبكيك؟ وارتاع لبكائه، فقال له: أمصيبة دخلت عليك؟ فقال: لا، ولكن اِستُفتي من لا علم له! وظهر في الإسلام أمر عظيم! .
قال ربيعة: ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق.
فقرنهم سيخ الامام مالك رحمهما الله بالسراق لان السارق يسرق اموال الناس،ولربما له معاذيره واحواله، ولكن كثير من المفتين يسرقون دين الناس ويعتاشون بما يخونون من امانة الدين.
أما المسائل التي لم يرد فيها شيء عن الله ولا عن رسوله، ولا عمن يقتدى بقولهم من اهل العلم، وأفتى فيها أكثر من واحد ولم تتفق أقوالهم، فحينئذ يرجع المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان إلى ما ترجح في قلبه من هذه الأقوال واقربها للدلالة الشرعية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". رواه الترمذي والنسائي وأحمد من حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما.
والعبرة في الحلال والحرام بالأدلة الشرعية، وليس بهوى النفس وشهوتها، ولكن من باب الورع نعم دع ما يريبك الى ما لا يريبك.
قال ابن حزم رحمه الله في الإحكام: معاذ الله أن يكون الحرام والحلال على ما وقع في النفس، والنفوس تختلف أهواؤها، والدين واحد لا اختلاف فيه، قال الله تعالى: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير لله لوجدوا فيه ختلافا كثيرا. اهـ.
وهنا قد يحتج البعض بانه سال عالما فاباح له او حرم عليه، فقد قال ابن القيم رحمه الله :-"لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه ، وحاك في صدره من قبوله ، وتردد فيها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك) .اه
فان المفتي ليس في قلبك ولا يعلم الغيب وكذلك القاضي الذي يحكم بالظاهر ويفرض الحق على قدر الحجة التي يسمعها فان اعطاك ما ليس لك فالفتوى هنا لقلبك فاذا تردد في نفسك وقلبك قبول فرض القاضي او فتيا المفتي فانت في قلبك ونفسك اعلم باحوالك
ثم ان امر الفتوى ليس بالامر الهين كما يتوهمه البعض وكثير من الفتاوى لا تعمم لانها ربما تكون متعلقة بحالة خاصة ضمن ظروف واحوال خاصة ، لان الفتوى تكون على قدر حال المستفتي، فهذا سيدنا ابن عباس رضي الله عنه ياتيه رجلان في نفس الجلسة فساله الاول هل للقاتل توبة؟ فنظر اليه فقال نعم ،وبعد خروجه دخل شخص فساله نفس السؤال هل للقاتل توبة؟ ، فنظر اليه، فقال لا.. فاستغرب اصحابه من جوابه، فسالوه فقال اما الاول فقد قتل سابقا ويريد التوبة، واما الاخر فهو يريد ان يقتل. اي يريد ان يجعل الفتوى متكئا له في ارتكابه لجريمته.
وقد روي اختلاف الفتوى حسب حال المستفتي عن النبي سلام الله عليه: فقد جاءه رجل وساله آلقبلة تفطر الصائم؟ فقال صلى الله عليه وسلم :- لا، فدخل رجل اخر فساله نفس السؤال ، فقال له نعم، فيقول الصحابي الكريم راوي الحديث :- فتتبعنا الاول فوجدناه شيخا، وتتبعنا الاخر فوجدناه جذعا. اي شابا جلدا.
فكثير من الاحيان الفتوى تكون خاصة بحال المستفتي فلا تعمم فليتنبه لهذا الامر ولكم التحية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقفة مهمة مع حديث شريف
قال صلى الله عليه وسلم :"البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس"رواه الامام مسلم
. المسائل التي تعرض للانسان في حياته على اقسام: فمسائل ورد بها نص مفهوم معلوم، فليس للمؤمن إلا طاعة الله فيها والاذعان لحكمه، ولا عبرة بعد ذلك فيما يقع في القلب من ضيق بها، وإن كان المفترض في المسلم انشراح الصدر، وتلقي أحكام الله بالقبول والرضى ولوخالفت هواه، وكذا لو خالفت ما يظنه مصلحة له، فمصلحة المؤمن فقط فيما يرضي الله، وليست فيما يغضبه ويجلب عليه سخطه وعقابه تعالى، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب:36].
ومنها مسائل يجهل المسلم حكمها وليس عنده فيها من علم يعلمه، وهنا يتوجب عليه السؤال وطلب الفتوى ممن هم اهلها من اهل العلم المؤتمنين على الدين، لقوله تعالى :"(... فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ...)من الاية 43 سورة النحل. وتكرر الامر في سورة الانبياء فقال سبحانه : { وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]. وتنبه هنا جيدا فقد سماهم الله تعالى اهل الذكر، وذلك لملازمتهم له بالاتباع والمدارسة و الممارسة والالتزام. ولا بد من التثبت ممن يفتيك، خاصة في هذا الزمن وقد اصبح الافتاء والدين تجارة رائجة، وليس ذكرا مع كل اسف، فقد روى ابن عبدالبر رحمه الله: أن رجلاً دخل على ربيعة بن عبدالرحمن ـ شيخ الإمام مالك ـ فوجده بيكي! فقال له: ما يبكيك؟ وارتاع لبكائه، فقال له: أمصيبة دخلت عليك؟ فقال: لا، ولكن اِستُفتي من لا علم له! وظهر في الإسلام أمر عظيم! .
قال ربيعة: ولبعض من يفتي ههنا أحق بالسجن من السراق.
فقرنهم سيخ الامام مالك رحمهما الله بالسراق لان السارق يسرق اموال الناس،ولربما له معاذيره واحواله، ولكن كثير من المفتين يسرقون دين الناس ويعتاشون بما يخونون من امانة الدين.
أما المسائل التي لم يرد فيها شيء عن الله ولا عن رسوله، ولا عمن يقتدى بقولهم من اهل العلم، وأفتى فيها أكثر من واحد ولم تتفق أقوالهم، فحينئذ يرجع المؤمن المطمئن قلبه بالإيمان إلى ما ترجح في قلبه من هذه الأقوال واقربها للدلالة الشرعية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". رواه الترمذي والنسائي وأحمد من حديث الحسين بن علي رضي الله عنهما.
والعبرة في الحلال والحرام بالأدلة الشرعية، وليس بهوى النفس وشهوتها، ولكن من باب الورع نعم دع ما يريبك الى ما لا يريبك.
قال ابن حزم رحمه الله في الإحكام: معاذ الله أن يكون الحرام والحلال على ما وقع في النفس، والنفوس تختلف أهواؤها، والدين واحد لا اختلاف فيه، قال الله تعالى: أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير لله لوجدوا فيه ختلافا كثيرا. اهـ.
وهنا قد يحتج البعض بانه سال عالما فاباح له او حرم عليه، فقد قال ابن القيم رحمه الله :-"لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه ، وحاك في صدره من قبوله ، وتردد فيها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك) .اه
فان المفتي ليس في قلبك ولا يعلم الغيب وكذلك القاضي الذي يحكم بالظاهر ويفرض الحق على قدر الحجة التي يسمعها فان اعطاك ما ليس لك فالفتوى هنا لقلبك فاذا تردد في نفسك وقلبك قبول فرض القاضي او فتيا المفتي فانت في قلبك ونفسك اعلم باحوالك
ثم ان امر الفتوى ليس بالامر الهين كما يتوهمه البعض وكثير من الفتاوى لا تعمم لانها ربما تكون متعلقة بحالة خاصة ضمن ظروف واحوال خاصة ، لان الفتوى تكون على قدر حال المستفتي، فهذا سيدنا ابن عباس رضي الله عنه ياتيه رجلان في نفس الجلسة فساله الاول هل للقاتل توبة؟ فنظر اليه فقال نعم ،وبعد خروجه دخل شخص فساله نفس السؤال هل للقاتل توبة؟ ، فنظر اليه، فقال لا.. فاستغرب اصحابه من جوابه، فسالوه فقال اما الاول فقد قتل سابقا ويريد التوبة، واما الاخر فهو يريد ان يقتل. اي يريد ان يجعل الفتوى متكئا له في ارتكابه لجريمته.
وقد روي اختلاف الفتوى حسب حال المستفتي عن النبي سلام الله عليه: فقد جاءه رجل وساله آلقبلة تفطر الصائم؟ فقال صلى الله عليه وسلم :- لا، فدخل رجل اخر فساله نفس السؤال ، فقال له نعم، فيقول الصحابي الكريم راوي الحديث :- فتتبعنا الاول فوجدناه شيخا، وتتبعنا الاخر فوجدناه جذعا. اي شابا جلدا.
فكثير من الاحيان الفتوى تكون خاصة بحال المستفتي فلا تعمم فليتنبه لهذا الامر ولكم التحية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2019-10-18, 12:40 am عدل 1 مرات