"الرياح الدافئة المصرية تعزز ربيع دمشق وطهران ... ماذا عن الخريف السعودي !؟"
" ما يدور هذه الأيّام من حديث وتكهنات حول طبيعة العلاقة المستقبلية للتقارب بين دمشق -القاهرة –طهران ..ودور السعوديين بنسف هذا التقارب، ما زال يدور في إطار التحليلات والتكهنات، فالمرحلة المقبلة ستشهد على الاغلب تطورات كبيرة ستعيشها المنطقة ككل. هنا وفي هذه المرحلة وفي ظل التطورات “الخطيرة” والمتلاحقة التي تعيشها المنطقة ككل وفي ظل واقع سياسي وأمني ساخن يفرض وجوده بقوّة في المنطقة ومن منطلق أنّ السياسة هي من تحرك مصالح قوى الاقليم وبما أنّ السياسة الاحتوائية هي لغة المصالح التي تحرك اغلب قوى الاقليم اليوم، وفي ظل غياب شبه كامل لبلورة حلف عربي ومشروع عربي متكامل والسبب هو حالة الفوضى بالاقليم،
وبديلها هنا هو السياسة الاحتوائية لهذه الفوضى التي تدفع الان وبقوّة كل دول المنطقة للبحث عن حلول “مرحلية” تقيها من أتون نار متسارعة، ومخططات صهيو –أمريكية، قذرة، وهدفها هو أغراق المنطقة ككل بجحيم الفوضى، لهذا من الطبيعي أن نسمع عن نشوء تقارب بالرؤى والآراء بين بعض القوى الفاعلة بالاقليم، والهدف هذه المرّة هو تفادي السقوط العميق بجحيم هذه الأزمات التي تمر بها المنطقة بشكل عام،
والهروب من بعض الازمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الداخلية التي تمر بها بعض الدول في المنطقة، وهذه العوامل بدورها هي من أسست لـ تبلور معالم تقارب جديد بين كل من دمشق –القاهرة –طهران. ومع هذا التقارب “المرحلي” الذي بدأت تتضح بعض معالمه حاليآ بين القاهرة و ودمشق وطهران، فمن الطبيعي أن نرى كنتيجة أولية لهذا التقارب بين الحين والاخر بعض التقارب بالآراء بين هذه العواصم الثلاث، وخصوصآ بالمجالات الامنية والسياسية،وتزامنآ مع هذا التقارب بين العواصم الثلاث ،نلاحظ حجم الخلافات التي طفت على السطح مؤخرآ وتضارب الرؤية المصرية مع السعودية بخصوص الملف السوري بالتحديد ،وهذا ما يؤكد أن هناك تناقض بالمصالح بين الاستراتيجية الإقليمية للنظام المصري والنظام السعودي الذي يسعى الى الصعود بقوة الى مصاف القوى الفاعلة بالاقليم. وبالطبع هنا تجدر الاشاره الى أنّ هذا التقارب بين القاهرة – دمشق – طهران إن تم فعلآ وتحول إلى حلف متماسك فسيكون هذا التقارب عنوانًا لمرحلة جديدة لكل أحداث المنطقة وسيخلط أوراق الاقليم ككل من جديد، وسيؤثر بشكل بناء على مسار وضع الحلول لفوضى الاقليم بشكل عام، ولكن هناك محددات لشكل هذا التقارب وطبيعته، فمع الحديث عن تبلور نقاط التقاء سورية- مصرية-إيرانية، برز الدور السعودي المعارض من الاساس لفكرة التقارب هذه ،ومع زيادة الضغط السعودي على النظام المصري بخصوص منع فكرة التقارب مع طهران –دمشق، ومع زيادة حجم الفوضى والارهاب بالدولة المصرية والمنطقة بشكل عام، ومع تكرار حديث بعض صناع القرارالمصريين، عن وجوب تخلي مصر عن المرجعية السعودية،
والتوجه السريع نحو طهران ودمشق، وحديثهم عن وجوب وجود دور سوري – إيراني – مصري بالمنطقة ككل للمساعدة بإخماد نار الحروب الطائفية والمذهبية بالمنطقة، تبرز الى الواجهة هنا حقيقة أن النظام المصري “المقيد خليجيآ” قرر تدريجيآ الخروج من تحت عباءة الخليج والسعودية تحديدآ، والتوسع بتحالفاته مع دول الاقليم الفاعلة. وتتزامن كل هذه التطورات اليوم القادمة من القاهرة مع حقائق جديده وخفايا بدأت تظهر على ارض الواقع وهذه الحقائق والخفايا تقول ان كلا الدولتين المصرية والسورية اصبحتا الان تعيشان بواقع مشترك ونموذج واحد ساخن امنيآ وسياسيآ واقتصاديآ، وهذا ما افرز بدوره نوعًا من التقارب بالآراء نوعآ ما بخصوص الملفات الساخنة في الإقليم ككل بين دمشق والقاهرة فهذه الملفات بشكل خاص وضعتا “كلا الدولتين”
في خانة التناقض بالفترة الماضية ولكن المرحلة الحالية ونظرًا لصعوبتها وتغير نهج وطريقة وطبيعة ورموز نظام الحكم في مصر وتطور وتلاحق الاحداث بالمنطقة هي من جمعت كلا “البلدين” بأن يكون هناك حالة من التقارب بالآراء والرؤى بين البلدين، ولو “مرحليآ”، لحين اكتمال معالم المشهد الإقليمي والدولي. ختامآ، هناك اليوم حقيقة لا يمكن انكارها وهي أن دمشق –القاهرة قد دفعن الثمن الأكبر أكثر من غيرهن بسبب فوضى الخريف العربي، على اعتبار أنهن، قد خسرتا الكثير من أوراق القوة لهما بالاقليم، ومع أن المراقبون يعتبرون أن دمشق –القاهرة يملكن من الأوراق ما يجعلهما قادرتين على أنقاذ المنطقة ككل من جحيم الفوضى، الا أن مطمح النظام والدولة السعودية في أن تكون دولة محورية في المنطقة العربية، قد يحد نوعآ ما من التقارب المصري –السوري-الإيراني، الا أنّ مسار الحرب على الدولة السورية المستمرة الى الآن، ودور مصر الاقليمي المستقبلي بالمنطقة ،وهو من سيرسم شكل التحالفات المقبلة بالمنطقة بمجموعها.
*كاتب وناشط سياسي – الأردن. hesham.habeshan@yahoo.com