آثار الإنسان الأولى. العصر الحجري القديم
يزخر الأردن بثروة استثنائية من البقايا الأثرية من العصور الحجرية القديمة، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى أن تلك المخلّفات قد انكشفت وظهرت على سطح الأرض. حيث لم تُدفن تلك البقايا التي تعود لعصر البلايستوسين (العصر الحديث الأقرب) تحت ترسبات عصر الهلوسين، بخلاف الحال في أوروبا. تقع بلاد الشام عامةً، والأردن خاصة، عند مفترق الطرق بين إفريقيا، وأوروبا، وآسيا؛ وبالتالي، فإن تحركات الإنسان القديم الدورية انطلاقا من إفريقيا، قد عبرت بالضرورة هذه المنطقة، تاركة وراءها آلاف المواقع من عصور ما قبل التاريخ، بدءا من 1,5 مليون سنة خلت ( مثل موقع العبيدية، على الضفة الغربية لنهر الأردن، جنوب بحيرة طبريا) وحتى العصر الحجري الحديث وما تلاه. (1997 Rosen). ينحصر معظم البحث المتعلق بالعصر الحجري القديم في المرتفعات الغربية، والهضاب الصحراوية الجنوبية، وحوض الأزرق. ، تتركز معظم المواقع الأثرية العائدة لهذه العصور حول بيئات ضفاف البحيرات، في ما كان يمثل سهوبا عشبية أو سفانة خلال معظم عصر البلايستوسين، وهي تحفل بنباتات وحيوانات نشابهة لتلك الموجودة في شرق افريقيا (al-Nahar and Clark 2009).
2خلال العصور الحجرية القديمة، عاش الصيادون والجناة (جامعو القوت) ضمن مجتمعات اتصفت بالمساواة، وأخرى اتصفت باللامساواة؛ وكانت تترحل من مكان لآخر بحثا عن موارد الرزق ومصادر حجارة الصوان، كما استقرّت تلك المجتمعات في الكهوف وفي أماكن مكشوفة على السواء. ونظرا لأن التكيف البشري يُعتبر ظاهرة اقليمية، وبسبب انكشاف المواقع القديمة في بلاد الشام، فإن دراسة أنماط الإستيطان البشري وتوزعّها يساعدنا على فهم التكيّف البشري والتطور الإجتماعي والتغيرات المناخية وأماكن توفر موارد الرزق في المنطقة خلال العصور الحجرية القديمة.
3ربطت عدّة دراسات للصيادين – الجناة بين أنماط الإستيطان واستراتيجيات التنقّل. اقترح Binford (1980) في دراسته العرقية (الأثونغرافية) العامة نوعين من أنظمة الإستيطان: نظام الطوافين، ونظام الجامعين (اللمامين).
4الطوافون : مارست هذا النظام مجموعات صغيرة العدد، ودائمة التنقل بحثا عن الموارد. الطوافون لا يخزنون الطعام؛ وإنما يجمعونه من يوم ليوم. قد يكلفون عددا من الرجال بالصيد. وإذا اصطادوا حيوانا كبيرا، وفي موقع بعيد عن مخيم المجموعة، فإنهم قد يجففون اللحم في الموقع قبل أن يعودوا به لمخيمهم. قد يترك الطوافون وراءهم أدوات حجرية ومخلفات عظمية في نوعين من المواقع: مخيم الإقامة الأساسي، وموقع المخيم المؤقت حيث جرت نشاطات الصيد (Binford 1980:5).
5الجامعون : مارست هذا النظام مجموعات بشرية أكبر عددا، وكانوا أكثر ميلا للإستقرار بفضل استراتجيات منظمة للحصول على الطعام وتخزينه. وقد لجأوا للتخزين بسبب تفاوت الموارد وتباين توزعها من فصل لآخر. استخدم الجامعون ثلاثة أنواع من المواقع: المخيم ، والمحطة، والمخبأ. المخيم هو مركز عمل مؤقت للمجموعة المكلفة بمهمة ما. وتخدم المحطة كموقع لمراقبة تحرك الطرائد أو المجموعات البشرية الأخرى. أما المخبأ فهو أحد عناصر استراتيجية التموينات التي حصّلتها المجموعات الصغيرة، بهدف نقلها نحو المجموعات الكبيرة (Binford 1980:10). في حالات معينة، تجمع المجموعة بين وظائف ونشاطات هذه المواقع في موقع واحد. فكلما زاد عدد الأنواع العامة الممكنة لوظائف موقع معين، كلما زاد عدد التوافيق الممكنة (Binford 1980:10). بناء على هذا النموذج، فإن الجامعين يُعتبرون أكثر تنظيما، من الناحية التموينية، من الطوافين، وتعكس تنقلاتهم تمايزا أكبر في النشاط وتخصصا أكبر في المهام (Binford 1979; Shott 1990).
اللوحة 1.II: أدوات صوانية من موقع السوداء، الأزرق (مجموعة سطحية) جمعها غاري رلفسن، لزلي كنترو، وفليب ولكة
اللوحة 1.II: أدوات صوانية من موقع السوداء، الأزرق (مجموعة سطحية) جمعها غاري رلفسن، لزلي كنترو، وفليب ولكة
Agrandir Original (jpeg, 20k)
Collected by Gary O. Rollefson, Leslie Quintero and Philip Wilke.
العصر الحجري القديم الأدنى في الأردن (<1.5 مليون سنة – نحو 250,000 سنة مضت)
6يتضمن العصر الحجري القديم الأدنى الفترة الزمنية الممتدة من ظهور أول لُقى لأدوات حجرية واضحة، في أواخر البليسين، وحتى نهاية غير محددة بوضوح في أواخر البلايستوسين الأوسط ( نحو 150 – 100 ألف سنة خلت)، وكان الإنسان المنتصب، أو «الهومو إركتُس» هو الجنس البشري الموجود في هذا العصر.
7نميز هنا عموما ثلاث وحدات نوعية وتقنية: (1) الألدوفانية ( نسبة الى مضيق الدفاي: رقائق دون وجه أو بوجهين بدائيين، وأدوات مصنّعة من الأنوية، تعود لنحو 2,6 – 1,6 مليون سنة خلت)؛ (2) الأشولية ( نسبة الى سانت اشول): صناعات الفؤوس اليدوية التقليدية ذات الوجهين، كالتي اكتشفت في إفريقيا وغرب أوراسيا، وتؤرّخ إلى 1,6 مليون سنة – 150 ألف سنة خلت)؛ و (3) أدوات قطع تشبه النمط المتّبع في شرق آسيا.
8لا تظهر مواقع كهوف أشولية في الأردن، نظرا لندرة الطبغرافية الكارستية المتعلقة بالساحل الشامي. تمثلت البيئات الأشولية غالبا بأدوات منتشرة على سطح الأرض؛ أما المواقع المتكاملة فتوجد حصرا في حوض الأزرق. تتواجد المواقع الأشولية في الأردن في عدة بيئات مختلفة، بما فيها مناطق الهضاب، وقرب ضفاف بحيرات قديمة بائدة، وعلى المصاطب وفي الأودية المجاورة للجبال، وفي ترسبات عيون الماء والواحات. تصنف معظم الأشوليات نوعيا باعتبارها «وسطى» أو «عليا «، وذلك وفقا لمعايير الإتقان (al-Nahar and Clark 2009).
9يبين شكل II.1 أهم المواقع والتجمعات الأردنية من العصر الحجري القديم الأدنى. تتضمن مواقع العصر الحجري القديم الأدنى في المرتفعات الغربية والهضبة الصحراوية الجنوبية: (1) تجمع مواقع المشارع في تكوين طبقة فحل، والتي تتكشف في أودية الحمة والحمار والحمام قرب بيلا/ طبقة فحل؛ (2) أبو هابيل، على بعد نحو 15 كم جنوبا؛ (3) أعلى وادي الزرقاء، شمال عمان ؛ (4) الفجاج، قرب الشوبك، في وادي البستان، و (5) حوض الجديّد أسفل جرف راس النقب، شمال مدينة العقبة.
الشكل 1.II: المواقع الرئيسية لثلاث حقب حجرية قديمة في الأردن
الشكل 1.II: المواقع الرئيسية لثلاث حقب حجرية قديمة في الأردن
Agrandir Original (jpeg, 192k)
العصر الحجري القديم الأوسط ( < 150,000 – نحو 45,000 سنة مضت)
10ينتمي الإنسان الذي عاش خلال هذه الفترة الى جنس النياندرتال، ونحو أواخر هذه الفترة ظهر الى جانبه الإنسان الحديث، الهومو سبين سابين (Olszewski 2007).
11رغم أن معظم مواقع العصر الحجري القديم الأوسط في الأردن قد تعرضت للتجريف والإزاحة، إلا أن بعض المواقع قد بقيت في أماكنها الأصلية، مثل الملاجىء الصخرية في عين الدفلى/ وادي الحسا، حوض الجفر، ومواقع العيون في طور فرج، والعين السوداء / الأزرق، وأبو هابيل/ وادي الأردن، والملاجىء الصخرية في طور فرج وطور صبيحة/ وادي حسمى – رأس النقب.
12تتعلق الوحدات النوعية والتقنية في هذه المناطق بالموستيرية الشامية، التي تتميز باستخدام التقانة اللفلوانية (Olszewski 2008) ( مثل الأنوية والسهام اللفلوانية).
الشكل 2.II: وادي قلخة (J-401) صخور لوزية ثنائية السطح, صخور وترية ثنائية السطح، (هنري 1995: 46)
الشكل 2.II: وادي قلخة (J-401) صخور لوزية ثنائية السطح, صخور وترية ثنائية السطح، (هنري 1995: 46)
Agrandir Original (jpeg, 127k)
Henry 1995: 46
13تميزت عدة مواقع خلال العصر الحجري القديم الأوسط بوجود بحيرات ومستنقعات وبرك موسمية، تلتها بقع مغطاة بأشجار مثل البلوط، ونباتات ضفافية مثل السرو. عُرف هذا الأمر بناء على أدلة من حبيبات الطلع في الفترة المبكرة من هذا العصر، في موقع عين الدفلى في وادي الحسا. يبدو أن هذه الفترة قد كانت جافة وباردة نسبيا، لكنها أرطب مما هي عليه في العصر الحديث (Clark et al 1997). وكأمثلة على تجمعات الحيوانات التي ظهرت في المواقع المذكورة أعلاه، أمكننا التعرّف على الغزال، والحمار، وكسرات من قشر بيض النعام في طور فرج (Henry 1995). إضافة إلى الحمار، والماعز، والبدن ( التيس الجبلي)، والغزال في عين الدفلى (.Clark et al 1997).
العصر الحجري القديم الأعلى ( < 45,000 – نحو 20,000 سنة مضت )
14عاش هومو سبين (الإنسان الحديث تشريحياً) خلال العصر الحجري القديم الأعلى. وقد عثر على العديد من مواقع هذا العصر واضحة في أماكنها في الأردن، مقارنة مع العصور الأقدم، وذلك في مواقع مكشوفة أو كملاجىء صخرية، مثل : جبل قلخة ، وادي الحميمة/ وادي حسمى؛ الموقع المكشوف في عين بهيرة، والملجأ الصخري في ...الحسا/ وادي الحسا؛ وادي جيلات (قلات) (9)، وادي عويند (18)، وادي العنوقية/ منطقة الأزرق؛ ووادي الحمة/ وادي الأردن.
15إن التجمعين التقانيين الرئيسيين للقى الحجرية في جنوب بلاد الشام خلال العصر الحجري القديم الأعلى، هما الأحمري والأورغناسي الشامي، ورغم العثور على مواقع أحمرية في الأردن، إلا أن المواقع الأورغناسية لم يعثر عليها بعد.
16تتميز المنتجات الأحمرية بتقانة الأنصال والشفرات، وقد ركزت على إنتاج القطع الحجرية الصغيرة ( مثل شفرات أكتاتا) وسهام موقع الواد. وهذه بالاضافة الى أنواع مختلفة من المكاشط والمناقيش ( Coinman 1998، و Olszewski 2008).
17تدل المؤشرات الأثرية على أن المناخ خلال بدايات العصر الحجري القديم الأعلى كان أرطب قليلا مما كان عليه في أواخر العصر الحجري القديم الأوسط. ثم اتجه المناخ نحو الجفاف خلال هذه الحقبة. رغم ذلك، فإن ظهور موائد مائية مرتفعة في المرتفعات قد زاد من جريان الينابيع وواصل إمداد البحيرات والمستنقعات والبرك الموسمية: كما أن التشكيلة الحيوانية في الأزرق، من الجيلات وعويند، تتميز ببيئات سهوب عشبية وشبه صحراوية. أما قرب واحات الأزرق، فإنها تحتوي على سمات تشير إلى وجود ينابيع قريبة وآثار مستنقعات (Olszewski 2008).
يزخر الأردن بثروة استثنائية من البقايا الأثرية من العصور الحجرية القديمة، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى أن تلك المخلّفات قد انكشفت وظهرت على سطح الأرض. حيث لم تُدفن تلك البقايا التي تعود لعصر البلايستوسين (العصر الحديث الأقرب) تحت ترسبات عصر الهلوسين، بخلاف الحال في أوروبا. تقع بلاد الشام عامةً، والأردن خاصة، عند مفترق الطرق بين إفريقيا، وأوروبا، وآسيا؛ وبالتالي، فإن تحركات الإنسان القديم الدورية انطلاقا من إفريقيا، قد عبرت بالضرورة هذه المنطقة، تاركة وراءها آلاف المواقع من عصور ما قبل التاريخ، بدءا من 1,5 مليون سنة خلت ( مثل موقع العبيدية، على الضفة الغربية لنهر الأردن، جنوب بحيرة طبريا) وحتى العصر الحجري الحديث وما تلاه. (1997 Rosen). ينحصر معظم البحث المتعلق بالعصر الحجري القديم في المرتفعات الغربية، والهضاب الصحراوية الجنوبية، وحوض الأزرق. ، تتركز معظم المواقع الأثرية العائدة لهذه العصور حول بيئات ضفاف البحيرات، في ما كان يمثل سهوبا عشبية أو سفانة خلال معظم عصر البلايستوسين، وهي تحفل بنباتات وحيوانات نشابهة لتلك الموجودة في شرق افريقيا (al-Nahar and Clark 2009).
2خلال العصور الحجرية القديمة، عاش الصيادون والجناة (جامعو القوت) ضمن مجتمعات اتصفت بالمساواة، وأخرى اتصفت باللامساواة؛ وكانت تترحل من مكان لآخر بحثا عن موارد الرزق ومصادر حجارة الصوان، كما استقرّت تلك المجتمعات في الكهوف وفي أماكن مكشوفة على السواء. ونظرا لأن التكيف البشري يُعتبر ظاهرة اقليمية، وبسبب انكشاف المواقع القديمة في بلاد الشام، فإن دراسة أنماط الإستيطان البشري وتوزعّها يساعدنا على فهم التكيّف البشري والتطور الإجتماعي والتغيرات المناخية وأماكن توفر موارد الرزق في المنطقة خلال العصور الحجرية القديمة.
3ربطت عدّة دراسات للصيادين – الجناة بين أنماط الإستيطان واستراتيجيات التنقّل. اقترح Binford (1980) في دراسته العرقية (الأثونغرافية) العامة نوعين من أنظمة الإستيطان: نظام الطوافين، ونظام الجامعين (اللمامين).
4الطوافون : مارست هذا النظام مجموعات صغيرة العدد، ودائمة التنقل بحثا عن الموارد. الطوافون لا يخزنون الطعام؛ وإنما يجمعونه من يوم ليوم. قد يكلفون عددا من الرجال بالصيد. وإذا اصطادوا حيوانا كبيرا، وفي موقع بعيد عن مخيم المجموعة، فإنهم قد يجففون اللحم في الموقع قبل أن يعودوا به لمخيمهم. قد يترك الطوافون وراءهم أدوات حجرية ومخلفات عظمية في نوعين من المواقع: مخيم الإقامة الأساسي، وموقع المخيم المؤقت حيث جرت نشاطات الصيد (Binford 1980:5).
5الجامعون : مارست هذا النظام مجموعات بشرية أكبر عددا، وكانوا أكثر ميلا للإستقرار بفضل استراتجيات منظمة للحصول على الطعام وتخزينه. وقد لجأوا للتخزين بسبب تفاوت الموارد وتباين توزعها من فصل لآخر. استخدم الجامعون ثلاثة أنواع من المواقع: المخيم ، والمحطة، والمخبأ. المخيم هو مركز عمل مؤقت للمجموعة المكلفة بمهمة ما. وتخدم المحطة كموقع لمراقبة تحرك الطرائد أو المجموعات البشرية الأخرى. أما المخبأ فهو أحد عناصر استراتيجية التموينات التي حصّلتها المجموعات الصغيرة، بهدف نقلها نحو المجموعات الكبيرة (Binford 1980:10). في حالات معينة، تجمع المجموعة بين وظائف ونشاطات هذه المواقع في موقع واحد. فكلما زاد عدد الأنواع العامة الممكنة لوظائف موقع معين، كلما زاد عدد التوافيق الممكنة (Binford 1980:10). بناء على هذا النموذج، فإن الجامعين يُعتبرون أكثر تنظيما، من الناحية التموينية، من الطوافين، وتعكس تنقلاتهم تمايزا أكبر في النشاط وتخصصا أكبر في المهام (Binford 1979; Shott 1990).
اللوحة 1.II: أدوات صوانية من موقع السوداء، الأزرق (مجموعة سطحية) جمعها غاري رلفسن، لزلي كنترو، وفليب ولكة
اللوحة 1.II: أدوات صوانية من موقع السوداء، الأزرق (مجموعة سطحية) جمعها غاري رلفسن، لزلي كنترو، وفليب ولكة
Agrandir Original (jpeg, 20k)
Collected by Gary O. Rollefson, Leslie Quintero and Philip Wilke.
العصر الحجري القديم الأدنى في الأردن (<1.5 مليون سنة – نحو 250,000 سنة مضت)
6يتضمن العصر الحجري القديم الأدنى الفترة الزمنية الممتدة من ظهور أول لُقى لأدوات حجرية واضحة، في أواخر البليسين، وحتى نهاية غير محددة بوضوح في أواخر البلايستوسين الأوسط ( نحو 150 – 100 ألف سنة خلت)، وكان الإنسان المنتصب، أو «الهومو إركتُس» هو الجنس البشري الموجود في هذا العصر.
7نميز هنا عموما ثلاث وحدات نوعية وتقنية: (1) الألدوفانية ( نسبة الى مضيق الدفاي: رقائق دون وجه أو بوجهين بدائيين، وأدوات مصنّعة من الأنوية، تعود لنحو 2,6 – 1,6 مليون سنة خلت)؛ (2) الأشولية ( نسبة الى سانت اشول): صناعات الفؤوس اليدوية التقليدية ذات الوجهين، كالتي اكتشفت في إفريقيا وغرب أوراسيا، وتؤرّخ إلى 1,6 مليون سنة – 150 ألف سنة خلت)؛ و (3) أدوات قطع تشبه النمط المتّبع في شرق آسيا.
8لا تظهر مواقع كهوف أشولية في الأردن، نظرا لندرة الطبغرافية الكارستية المتعلقة بالساحل الشامي. تمثلت البيئات الأشولية غالبا بأدوات منتشرة على سطح الأرض؛ أما المواقع المتكاملة فتوجد حصرا في حوض الأزرق. تتواجد المواقع الأشولية في الأردن في عدة بيئات مختلفة، بما فيها مناطق الهضاب، وقرب ضفاف بحيرات قديمة بائدة، وعلى المصاطب وفي الأودية المجاورة للجبال، وفي ترسبات عيون الماء والواحات. تصنف معظم الأشوليات نوعيا باعتبارها «وسطى» أو «عليا «، وذلك وفقا لمعايير الإتقان (al-Nahar and Clark 2009).
9يبين شكل II.1 أهم المواقع والتجمعات الأردنية من العصر الحجري القديم الأدنى. تتضمن مواقع العصر الحجري القديم الأدنى في المرتفعات الغربية والهضبة الصحراوية الجنوبية: (1) تجمع مواقع المشارع في تكوين طبقة فحل، والتي تتكشف في أودية الحمة والحمار والحمام قرب بيلا/ طبقة فحل؛ (2) أبو هابيل، على بعد نحو 15 كم جنوبا؛ (3) أعلى وادي الزرقاء، شمال عمان ؛ (4) الفجاج، قرب الشوبك، في وادي البستان، و (5) حوض الجديّد أسفل جرف راس النقب، شمال مدينة العقبة.
الشكل 1.II: المواقع الرئيسية لثلاث حقب حجرية قديمة في الأردن
الشكل 1.II: المواقع الرئيسية لثلاث حقب حجرية قديمة في الأردن
Agrandir Original (jpeg, 192k)
العصر الحجري القديم الأوسط ( < 150,000 – نحو 45,000 سنة مضت)
10ينتمي الإنسان الذي عاش خلال هذه الفترة الى جنس النياندرتال، ونحو أواخر هذه الفترة ظهر الى جانبه الإنسان الحديث، الهومو سبين سابين (Olszewski 2007).
11رغم أن معظم مواقع العصر الحجري القديم الأوسط في الأردن قد تعرضت للتجريف والإزاحة، إلا أن بعض المواقع قد بقيت في أماكنها الأصلية، مثل الملاجىء الصخرية في عين الدفلى/ وادي الحسا، حوض الجفر، ومواقع العيون في طور فرج، والعين السوداء / الأزرق، وأبو هابيل/ وادي الأردن، والملاجىء الصخرية في طور فرج وطور صبيحة/ وادي حسمى – رأس النقب.
12تتعلق الوحدات النوعية والتقنية في هذه المناطق بالموستيرية الشامية، التي تتميز باستخدام التقانة اللفلوانية (Olszewski 2008) ( مثل الأنوية والسهام اللفلوانية).
الشكل 2.II: وادي قلخة (J-401) صخور لوزية ثنائية السطح, صخور وترية ثنائية السطح، (هنري 1995: 46)
الشكل 2.II: وادي قلخة (J-401) صخور لوزية ثنائية السطح, صخور وترية ثنائية السطح، (هنري 1995: 46)
Agrandir Original (jpeg, 127k)
Henry 1995: 46
13تميزت عدة مواقع خلال العصر الحجري القديم الأوسط بوجود بحيرات ومستنقعات وبرك موسمية، تلتها بقع مغطاة بأشجار مثل البلوط، ونباتات ضفافية مثل السرو. عُرف هذا الأمر بناء على أدلة من حبيبات الطلع في الفترة المبكرة من هذا العصر، في موقع عين الدفلى في وادي الحسا. يبدو أن هذه الفترة قد كانت جافة وباردة نسبيا، لكنها أرطب مما هي عليه في العصر الحديث (Clark et al 1997). وكأمثلة على تجمعات الحيوانات التي ظهرت في المواقع المذكورة أعلاه، أمكننا التعرّف على الغزال، والحمار، وكسرات من قشر بيض النعام في طور فرج (Henry 1995). إضافة إلى الحمار، والماعز، والبدن ( التيس الجبلي)، والغزال في عين الدفلى (.Clark et al 1997).
العصر الحجري القديم الأعلى ( < 45,000 – نحو 20,000 سنة مضت )
14عاش هومو سبين (الإنسان الحديث تشريحياً) خلال العصر الحجري القديم الأعلى. وقد عثر على العديد من مواقع هذا العصر واضحة في أماكنها في الأردن، مقارنة مع العصور الأقدم، وذلك في مواقع مكشوفة أو كملاجىء صخرية، مثل : جبل قلخة ، وادي الحميمة/ وادي حسمى؛ الموقع المكشوف في عين بهيرة، والملجأ الصخري في ...الحسا/ وادي الحسا؛ وادي جيلات (قلات) (9)، وادي عويند (18)، وادي العنوقية/ منطقة الأزرق؛ ووادي الحمة/ وادي الأردن.
15إن التجمعين التقانيين الرئيسيين للقى الحجرية في جنوب بلاد الشام خلال العصر الحجري القديم الأعلى، هما الأحمري والأورغناسي الشامي، ورغم العثور على مواقع أحمرية في الأردن، إلا أن المواقع الأورغناسية لم يعثر عليها بعد.
16تتميز المنتجات الأحمرية بتقانة الأنصال والشفرات، وقد ركزت على إنتاج القطع الحجرية الصغيرة ( مثل شفرات أكتاتا) وسهام موقع الواد. وهذه بالاضافة الى أنواع مختلفة من المكاشط والمناقيش ( Coinman 1998، و Olszewski 2008).
17تدل المؤشرات الأثرية على أن المناخ خلال بدايات العصر الحجري القديم الأعلى كان أرطب قليلا مما كان عليه في أواخر العصر الحجري القديم الأوسط. ثم اتجه المناخ نحو الجفاف خلال هذه الحقبة. رغم ذلك، فإن ظهور موائد مائية مرتفعة في المرتفعات قد زاد من جريان الينابيع وواصل إمداد البحيرات والمستنقعات والبرك الموسمية: كما أن التشكيلة الحيوانية في الأزرق، من الجيلات وعويند، تتميز ببيئات سهوب عشبية وشبه صحراوية. أما قرب واحات الأزرق، فإنها تحتوي على سمات تشير إلى وجود ينابيع قريبة وآثار مستنقعات (Olszewski 2008).