التحريات ليست دليلا كافيا لإثبات الاتهام
الدكتور عادل عامر
رغم أن النيابة العامة تستند إلى التحريات وحدها للحبس على ذمة الاتهام لحين الإحالة للمحكمة، كما حدث مؤخرا في عدد من وقائع التظاهر، فإننا نجد اتجاها آخر لمحكمة النقض بشأن التحريات. أن «التحريات وحدها لا تكفى أن تكون دليلا يمكن أن تستند إليه المحكمة، وإذا لم تتضمن أوراق القضية سوى التحريات يصبح الدليل ناقصًا، وأنه قد جرى العرف على عدم إلزام مجرى التحريات بالإفصاح عن مصادره التي استقى منها معلوماته إذا كانت سرية، ولكن إذا تضمنت التحريات معلومات مهمة يترتب عليها الإدانة والعقوبة فلابد أن يكون مصدرها معلوما وتساندها أدلة سواء كانت فيديوهات أو شهودا أو مستندات أو تسجيلات أو خلافه مما يعزز التحريات وتطمئن إليه المحكمة عند الفصل في الدعوى».
إن الأحكام يجب أن تبنى على الادله التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه وانه وان كان الأصل إن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززه لما ساقته من أدله طالما إنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينه معينه أو دليلا على ثبوت التهمه ولما كان من الثابت أن ضابط المباحث لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدى إلى صحة ما انتهى إليه فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهته ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه وإذا كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأى محرر محضر التحريات فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها فإن ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يتعين معه نقضه والاحاله
فرسخت محكمة النقض مبدأ متواترا في أحكامها بأن «تحريات الشرطة بحسبانها قرينة لا تصلح بمجردها أن تكون دليلا كافيا بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام فهي لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات
(طعن 24530 لسنة 59ق بجلسة 22 مارس 1990م).
وارتباطا بركن «تحقق القاضي من مصدر التحريات» الذي تحدثت عنه محكمة النقض في المبدأ السابق ذكره، فإنه من الثابت في محاضر جلسات محاكم الجنايات والجنح في العديد من القضايا ــ بصفة خاصة قضايا أعمال العنف المتهم فيها عشرات المواطنين ــ أن ضباط الأمن الوطني والمباحث الذين أجروا التحريات يؤكدون عدم تذكرهم تفاصيل الوقائع عند مثولهم أمام المحكمة باعتبارهم شهود إثبات.
التحريات وحدها لا تصلح دليلاً منفرداً
"لما كانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى بالجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استدل في إدانة الطاعنين بأقوال شاهدي الإثبات والتي خلت مما يفيد إسناد ارتكاب الواقعة إليهما أو مشاهدتهما يرتكبان الفعل المادي لجريمة القتل المسندة إليهما وما أوراه تقرير الصفة التشريحية . ولما كانت أقوال الشاهدين كما حصلها الحكم قد خلت مما يفيد رؤيتهما أياً من الطاعنين يرتكب الفعل المادي لجريمة القتل المسندة إليهما ، وكان الحكم لم يورد أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفة الطاعنين لواقعة التعدي التي أودت بحياة المجني عليه ولا يغنى في ذلك استناد الحكم إلى أقوال ضابط المباحث بالتحقيقات فيما تضمنته تحرياته من أن الطاعنين وآخرين تعدوا على المجني عليه بعد اتفاقهم على قتله بتحريض من المتهم السادس لوجود خصومة ثأرية ، ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأى غيره
وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة ، ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنين لجريمة القتل رأى محرر محضر التحريات فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها ، فإن الحكم يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان أن يكون قد عول في الإدانة على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية ، لما هو مقرر من أن التقارير الطبية في ذاتها لا تنهض دليلاً على نسبة الاتهام إلى المتهم ، وإذ كانت تصح كدليل يؤيد أقوال الشهود ، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى التقرير ذاك لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفه أساسيه على التحريات وحدها وهى لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا الشأن ، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه ".
التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة
" من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً , وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون – المار ذكره – هو أن يثبت قاضى الموضوع في حكمه الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة ، فلا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم , وكانت المادة 20/1 من القانون رقم 4 لسنة 1994 – بإصدار قانون في شأن البيئة – قد عرفت تداول المواد بأنه " كل ما يؤدى إلى تحريكها بهدف جمعها أو نقلها أو تخزينها أو معالجتها أو استخدامها " . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض تحصيله واقعة الدعوى أو في إيراده لأدلة الثبوت فيها صلة الطاعنين بمكان ضبط النفايات الخطرة ودور كل منهما في ارتكاب الجريمة ، ولم يدلل على اقتراف الطاعنين لأفعال تتحقق بها أي صورة من صور التداول المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1994 – آنف الذكر – ولا يغنى عن ذلك أن يكون الحكم قد استدل على ثبوت الجريمة في حق الطاعنين - من شهادة ضابط الواقعة - بخصوص تحرياته - لأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث
إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً في بيان وقائع الدعوى المستوجبة للعقوبة واستظهار أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها , بما يوجب نقضه والإعادة ".
" الدوائر الجنائية - الطعن رقم 4693 / 80 بتاريخ 21-1-2012 "
" حيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها الحكم كما قضى بأن إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام . لما كان ذلك ، وكانت المواد من 537 إلى 541 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت إجراءات رد الاعتبار على الوجه التالي :
أولاً أن تكون العقوبة قد نفذت تنفيذاً كاملاً أو صدر فيها عفو أو سقطت بمضي المدة .
ثانياً أن تكون قد أنقضت المدد المنصوص عليها.
ثالثاً يجب للحكم برد الاعتبار أن يكون المحكوم عليه قد أوفى بكل ما حكم به عليه من غرامة أورد أو تعويض أو مصاريف .
رابعاً أن يتوافر في سلوك المحكوم عليه بعد صدور الحكم عليه ما يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على التحريات باعتبار كونها معززه لما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها في الحكم .
لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة نظر طلب رد الاعتبار أن دفاع الطاعن دفع بأن الطاعن يعمل في شركة وأنه حسن السير والسلوك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في بيانه لوقائع طلب رد الاعتبار والتدليل على عدم توافر شروط رد الاعتبار وذلك على ما حصله من قول الرائد ........... من أن تحرياته دلت على أن المتهم يقوم بمخالطة الخارجين على القانون وأنه سئ السير والسلوك بالمنطقة " دون أن يبين مضمون طلب رد الاعتبار أو يعرض لدفاع الطاعن القائم على أنه يعمل بشركة وأنه حسن السير والسلوك ويتحقق من توافر الشروط التي حددها القانون من عدمه المار بيانها واتخذ الحكم من التحريات دليلاً أساسياً لرفض طلب رد الاعتبار فإنه يكون قاصر البيان فاسد الاستدلال " .
" الدوائر الجنائية - الطعن رقم 10306 / 79 بتاريخ 16-1-2010 "
الدكتور عادل عامر
رغم أن النيابة العامة تستند إلى التحريات وحدها للحبس على ذمة الاتهام لحين الإحالة للمحكمة، كما حدث مؤخرا في عدد من وقائع التظاهر، فإننا نجد اتجاها آخر لمحكمة النقض بشأن التحريات. أن «التحريات وحدها لا تكفى أن تكون دليلا يمكن أن تستند إليه المحكمة، وإذا لم تتضمن أوراق القضية سوى التحريات يصبح الدليل ناقصًا، وأنه قد جرى العرف على عدم إلزام مجرى التحريات بالإفصاح عن مصادره التي استقى منها معلوماته إذا كانت سرية، ولكن إذا تضمنت التحريات معلومات مهمة يترتب عليها الإدانة والعقوبة فلابد أن يكون مصدرها معلوما وتساندها أدلة سواء كانت فيديوهات أو شهودا أو مستندات أو تسجيلات أو خلافه مما يعزز التحريات وتطمئن إليه المحكمة عند الفصل في الدعوى».
إن الأحكام يجب أن تبنى على الادله التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكما لسواه وانه وان كان الأصل إن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززه لما ساقته من أدله طالما إنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينه معينه أو دليلا على ثبوت التهمه ولما كان من الثابت أن ضابط المباحث لم يبين للمحكمة مصدر تحرياته لمعرفة ما إذا كان من شأنها أن تؤدى إلى صحة ما انتهى إليه فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها تخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهته ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه وإذا كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها رأى محرر محضر التحريات فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها فإن ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه بما يتعين معه نقضه والاحاله
فرسخت محكمة النقض مبدأ متواترا في أحكامها بأن «تحريات الشرطة بحسبانها قرينة لا تصلح بمجردها أن تكون دليلا كافيا بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام فهي لا تعدو أن تكون مجرد رأى لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات
(طعن 24530 لسنة 59ق بجلسة 22 مارس 1990م).
وارتباطا بركن «تحقق القاضي من مصدر التحريات» الذي تحدثت عنه محكمة النقض في المبدأ السابق ذكره، فإنه من الثابت في محاضر جلسات محاكم الجنايات والجنح في العديد من القضايا ــ بصفة خاصة قضايا أعمال العنف المتهم فيها عشرات المواطنين ــ أن ضباط الأمن الوطني والمباحث الذين أجروا التحريات يؤكدون عدم تذكرهم تفاصيل الوقائع عند مثولهم أمام المحكمة باعتبارهم شهود إثبات.
التحريات وحدها لا تصلح دليلاً منفرداً
"لما كانت الأحكام الجنائية يجب أن تبنى بالجزم واليقين على الواقع الذي يثبته الدليل المعتبر ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد استدل في إدانة الطاعنين بأقوال شاهدي الإثبات والتي خلت مما يفيد إسناد ارتكاب الواقعة إليهما أو مشاهدتهما يرتكبان الفعل المادي لجريمة القتل المسندة إليهما وما أوراه تقرير الصفة التشريحية . ولما كانت أقوال الشاهدين كما حصلها الحكم قد خلت مما يفيد رؤيتهما أياً من الطاعنين يرتكب الفعل المادي لجريمة القتل المسندة إليهما ، وكان الحكم لم يورد أية شواهد أو قرائن تؤدى بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفة الطاعنين لواقعة التعدي التي أودت بحياة المجني عليه ولا يغنى في ذلك استناد الحكم إلى أقوال ضابط المباحث بالتحقيقات فيما تضمنته تحرياته من أن الطاعنين وآخرين تعدوا على المجني عليه بعد اتفاقهم على قتله بتحريض من المتهم السادس لوجود خصومة ثأرية ، ذلك بأن القاضي في المواد الجنائية إنما يستند في ثبوت الحقائق القانونية إلى الدليل الذي يقتنع به وحده ولا يصح أن يؤسس حكمه على رأى غيره
وأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت أنها كانت مطروحة على بساط البحث إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت الجريمة ، ولما كانت المحكمة قد جعلت أساس اقتناعها بارتكاب الطاعنين لجريمة القتل رأى محرر محضر التحريات فإن حكمها يكون قد بني على عقيدة حصلها الشاهد من تحريه لا على عقيدة استقلت المحكمة بتحصيلها بنفسها ، فإن الحكم يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب بما يبطله ، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان أن يكون قد عول في الإدانة على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية ، لما هو مقرر من أن التقارير الطبية في ذاتها لا تنهض دليلاً على نسبة الاتهام إلى المتهم ، وإذ كانت تصح كدليل يؤيد أقوال الشهود ، ومن ثم فإن استناد الحكم إلى التقرير ذاك لا يغير من حقيقة كونه اعتمد بصفه أساسيه على التحريات وحدها وهى لا تصلح دليلاً منفرداً في هذا الشأن ، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه ".
التحريات لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة
" من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها وإلا كان قاصراً , وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون – المار ذكره – هو أن يثبت قاضى الموضوع في حكمه الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة ، فلا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم , وكانت المادة 20/1 من القانون رقم 4 لسنة 1994 – بإصدار قانون في شأن البيئة – قد عرفت تداول المواد بأنه " كل ما يؤدى إلى تحريكها بهدف جمعها أو نقلها أو تخزينها أو معالجتها أو استخدامها " . لما كان ذلك , وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح سواء في معرض تحصيله واقعة الدعوى أو في إيراده لأدلة الثبوت فيها صلة الطاعنين بمكان ضبط النفايات الخطرة ودور كل منهما في ارتكاب الجريمة ، ولم يدلل على اقتراف الطاعنين لأفعال تتحقق بها أي صورة من صور التداول المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 4 لسنة 1994 – آنف الذكر – ولا يغنى عن ذلك أن يكون الحكم قد استدل على ثبوت الجريمة في حق الطاعنين - من شهادة ضابط الواقعة - بخصوص تحرياته - لأنه وإن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة طالما أنها كانت مطروحة على بساط البحث
إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً في بيان وقائع الدعوى المستوجبة للعقوبة واستظهار أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها , بما يوجب نقضه والإعادة ".
" الدوائر الجنائية - الطعن رقم 4693 / 80 بتاريخ 21-1-2012 "
" حيث إنه لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها الحكم كما قضى بأن إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجهلة لا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام . لما كان ذلك ، وكانت المواد من 537 إلى 541 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت إجراءات رد الاعتبار على الوجه التالي :
أولاً أن تكون العقوبة قد نفذت تنفيذاً كاملاً أو صدر فيها عفو أو سقطت بمضي المدة .
ثانياً أن تكون قد أنقضت المدد المنصوص عليها.
ثالثاً يجب للحكم برد الاعتبار أن يكون المحكوم عليه قد أوفى بكل ما حكم به عليه من غرامة أورد أو تعويض أو مصاريف .
رابعاً أن يتوافر في سلوك المحكوم عليه بعد صدور الحكم عليه ما يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تعول في عقيدتها على التحريات باعتبار كونها معززه لما ساقته من أدلة إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها في الحكم .
لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة نظر طلب رد الاعتبار أن دفاع الطاعن دفع بأن الطاعن يعمل في شركة وأنه حسن السير والسلوك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اقتصر في بيانه لوقائع طلب رد الاعتبار والتدليل على عدم توافر شروط رد الاعتبار وذلك على ما حصله من قول الرائد ........... من أن تحرياته دلت على أن المتهم يقوم بمخالطة الخارجين على القانون وأنه سئ السير والسلوك بالمنطقة " دون أن يبين مضمون طلب رد الاعتبار أو يعرض لدفاع الطاعن القائم على أنه يعمل بشركة وأنه حسن السير والسلوك ويتحقق من توافر الشروط التي حددها القانون من عدمه المار بيانها واتخذ الحكم من التحريات دليلاً أساسياً لرفض طلب رد الاعتبار فإنه يكون قاصر البيان فاسد الاستدلال " .
" الدوائر الجنائية - الطعن رقم 10306 / 79 بتاريخ 16-1-2010 "