حقيقة العلمانية...secularism
العلمانية secularism باختصار= تساوي اللادينية ، والعلماني secular هو اللاديني، اي لا ينتمي الى اي دين ولايحتكم الى اي شريعة او عقيدة..
كتب الفيلسوف الإنكليزي جون لوك كتب في موضوع العلمانية secularism فقال: "من أجل الوصول إلى دين صحيح، ينبغي على الدولة أن تتسامح مع جميع أشكال الاعتقاد دينيًا أو فكريًا أو اجتماعيًا، ويجب أن تنشغل في الإدارة العملية وحكم المجتمع فقط، لا أن تنهك نفسها في فرض هذا الاعتقاد ومنع ذلك التصرف. يجب أن تكون الدولة منفصلة عن الكنيسة، وألا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر. هكذا يكون العصر هو عصر العقل، ولأول مرة في التاريخ البشري سيكون الناس أحرارًا، وبالتالي قادرين على إدراك الحقيقة". وفي تصريح لثالث رؤساء الولايات المتحدة الإمريكية توماس جيفرسون، إذ صرّح: "إن الإكراه في مسائل الدين أو السلوك الاجتماعي هو خطيئة واستبداد، وإن الحقيقة تسود إذا ما سمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم". تصريح جيفرسون جاء لوسائل الإعلام بعد أن استعمل حق النقض عام 1786 ضد اعتماد ولاية فيرجينيا للكنيسة الأنجليكانية كدين رسمي، وقد أصبح الأمر مكفولاً بقوة الدستور عام 1789 حين فصل الدين عن الدولة رسميًا فيما دعي «إعلان الحقوق».
التعريف:-
لاعلاقة بين العلمانية والعلم كما يتوهم البعض وكما سيتضح من التعريفات التالية
فالعلمانية كلمة غير متوافرة في المعاجم اللُّغوية العربية القديمة، وقد وردت في بعض المعاجم الحديثة، ومن ذلك ما ورد في معجم المعلم البستاني: "العلماني: العاميُّ الذي ليس بإكليريكي؛ أي: من لا يَخدُمُ الكنيسة المسيحية.
وفي المعجم العربي الحديث: "علماني: ما ليس كَنَسيًّا ولا دينيًّا"؛ أي: لا يعترف بالدين.
والترجمة الحقيقية للكلمة الإنجليزية secularism هي: "لادينية، أو لاغَيبيَّة، أو الدنيوية، أو لامقدس"؛ "فاللادينية"؛ أي: الفصل بين الدين والحياة، و"الدنيوية"؛ أي: صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة، وتوجيههم إلى الدنيا فحسب.
ظروف النشاة الاولى:-
حكمت الكنيسة اوروبا لسنين طويلة وقرون عديدة وكان يتم فيها التحالف غالبا بين السلطان الديني الذي يحكم باسم الاله في الارض زورا وبهتانا وافتراءا على الله وبين الملوك والاباطرة لاستعباد العباد وتطويعهم وارهابهم ليبقوا في طاعة الكنيسة وعبيدا للبلاط الحاكم. مقابل تقاسم جهد وخيرات الشعب بين الكنيسة والحاكم.
واتبعت الكنيسة اعتماد الخرافة وسياسة تجهيل الشعوب والغاء دور العقل ومحاربة التفكير حتى لو كان نتائجه حقائق علمية وكان من يخرج عن منظومة عبودية الخرافة يتهم بالهرطقة ويكفر فيقتل او يحرق .. ذلك ان بني الانسان ولدوا بطبعهم احرارا وليس عبيدا ولكن وضع خالقهم فيهم غريزة التدين لتدفعهم لعبادته وحده وليس لعبادة غيره..فاستغلوا وجود هذه الغريزة الفطرية في النفس البشرية ووجهوها بطرق ملتوية لاشباعها بعبادتهم فكان نتيجة ما حصل ان :-(اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون)31التوبة.
ان هذا الدين بعد ان عملت فيه معاول التحريف والتخريف في عقيدته ومنهجه حقيقة لم يعد هو دين الله الذي انزله للبشرية بل اصبح دين المتكسبين به الواضعين فيه ما يمكن لهم من الاستحواذ على الرعية ومكتسباتها واستعبادها لنهب خيراتها .
لقد تحول هذا النموذج المسخ من الدين الذي يؤله الانسان حسب هواه الى افيون للشعوب الاوروبية، وهذا ما وصفه به الفيلسوف الاوروبي نيتشه الا انه عمم الوصف على الدين كله، رغم ان معاناته كانت من دينه الذي ورثه ولم يقنع عقله وهو النصرانية التي تعتبر امتدادا لليهودية المحرفة كذلك والمتلاعب بنصوصها عقيدة وشريعة. وكانت اليد الغالبة في اوروبا للنصارى كما هو معروف ...ولقد بلغ ظلم الكنيسة واستبدادها ان قدست ما يعرف عندهم برجال الدين واصبحوا ليس فقط حكاما على الدنيا وما فيها بل ايضا يحكمون ويتحكمون في الاخرة فابتدعوا ما يعرف بصكوك الغفران والتي بمقتضاها كانوا يبيعون الجنة على الناس بالشبر
طبعا وشعوب كانت هذه خلفيتها لم يكن مستغربا عنهم ما فعلته احدى الشركات الراسمالية الوهمية النصابة في اواخر الثمانينات من القرن المنصرم في امريكا من رسم خرائط ومسح لارض القمر وتهافت المغفلون على شراء الاراضي القمرية وامتلاك السندات بذلك ودفع الالوف من الدولارات اثمانا لبضعة امتار على القمر فجمعت الشركة في فترة اسابيع قليلة مئات الملايين من الدولارات كما تناقلت الاخبار وقتها الصحف والمجلات ووسائل الاعلام وتزامن ذلك مع الاعلان عن تسيير رحلات للتنزه والمتنزهين الى سطح القمر... والعجيب ان الشركة لم تحاكم ولم يفلح النظام في رد الاموال الى اهلها المغفلين الذين شروا اجدادهم من قبل اراضي الجنة من الكنيسة بصكوك الغفران.
رات اوروبا بمفكريها وجهدهم ومجاهدتهم ان الامم حولهم تتقدم وهم في ظلمات يعمهون ..
فطبعا عزت سبب ظلماتهم وظلمهم وتخلفهم عن ركب الامم للدين وتخاريفه فرأوا فصل الدين كليا عن الحياة العامة واوجبوا عدم تدخله في شؤون الحياة مما جعل رجال الدين الذين عرفوا في اوروبا بالاصلاحيين يتماشوا والتطلع العام للشعوب ولعل هذا ما دفع جان جاك روسو ان يقول - ان الله خلقنا وتركنا وشأننا- وبذلك اعلن وجوب تخلي الدين ورجاله عن التدخل في مشاكل الناس وتركوا مجال الدين للتعبد الشخصي واما الحياة فتبنوا لها ما يسمى بالنظام الديمقراطي الذي يلغي سيادة الشرع ويجعلها للشعب فيشرع الشعب ما يراه مناسبا لمسيرة حياته واطلق الحريات العامة لانهم فعلا كانوا مستعبدين للبابا وقساوسته من جهة وللسلطان ورجال قصره من جهة اخرى . فرجعوا بذلك للفكر الاغريقي الوثني واحيوه خوفا من دخول شعوبهم في الاسلام الذي كانوا يناصبونه العداء لانه الدين والمبدأ الوحيد الذي يحرر البشر من عبودية البشر ويرفض للانسان الخضوع لاي قوى غير قوة الله الواحد الموجد الخالق القهار لان خضوع الانسان لغير ارادة الله تعالى مخالفة لتكريم بني ادم على العالمين ومخالفة للغاية التي من اجلها خلق الله الانسان واستخلفه في الارض ليقيم فيها نموذج العبودية التامة الخالصة لله بشرعه وهداه.
و خلاصه القول أن العقلية الاوروبية تجذر فيها عبر القرون عقدة الدين أو الدينوفوبيا لأسباب ملخصها ما يلي :
أولا: أن الدين (كما عرفوه) هو ضد إبداع العقل ومكتشفات العلم فالعلم والدين الذي اتبعوه هما ضدان لايجتمعان أبدا.
ثانيا: أن الدين ما هو الا سطوة ظالمة لبعض الناس (رجال الدين) على باقي البشر ليتحكموا في مصائرهم ويحصدوا أموالهم وثمرة كفاحهم ويبيعوا لهم أماكنهم في الجنة أو يرسلوهم للجحيم. ويشرعنوا طاعة الظلمة والظالمين ليكونوا حماة مكاسبهم والقوة التنفيذية لجشعهم وحراسته.
ثالثا: أن الدين الذي عرفوه ووتوارثوه ما هو الا شقاء و قيود على حياة الإنسان وحريته وحرمان من ملذات الدنيا تحت شعار إفعل ولا تفعل وحلال وحرام فيحل رجال الدين ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون.
رابعا: أن الدين من جهه والهمجيه والتخلف من جهه أخرى هما وجهان لعملة واحدة فأوروبا المسيحية في القرون الوسطى كانت متخلفة بأشواط عن امة الاسلام وسائر العالم المتحضر ومن هنا سميت بالعصورالوسطى المظلمة .
خامسا: أن الدين عندهم كما قال فيلسوفهم نيتشة أفيون الشعوب, و الإنطباع المترسخ والمتوارث منذ عصر سيادة الكنيسة والحروب الصليبية أن الديانات الأخرى ماهي إلا ديانات وثنية همجية,وما زال هذا هو الإنطباع السائد عبر الأجيال المتعاقبة مما صد الكثيرين عن دراسة أي دين آخر واشاع رجال الدين عندهم ورجال السياسة ذلك ليصدوا شعوبهم عن الحق ومعرفة طريقه..فاذا كان يرفض المسيحيه فكيف له أن يقبل بديانات هي (من وجهة نظره) أقل رقيا منها بل هي لشعوب أكثر تخلفا وتأخرا في ركب الحضارة بحسب الواقع الذي وضعوا امتنا فيه.
ولذا كانت العلمانية وتنحية الدين جانبا أو حصره داخل دور العبادة فقط , هي الحل الوحيد لكي تنهض أوروبا , و في الواقع ليست أوروبا فقط هي التي قامت نهضتها على حساب الدين, فالإتحاد السوفيتي و الصين في آسيا نهضا أيضا على أساس أيديولوجي مضاد للدين بعنف و يعتبره كما أسلفنا أفيونا للشعوب يعوق مسيرتها...فما كانت العلمانية الا الحادا مهد لالحاد الشيوعية والاشتراكية البائدة.
وختاما ان العلمانية هي فصل الدين عن الحياة العامة و رفض جميع التشريعات الإلهية, و العلمانيون في بلاد الاسلام ينافقون الامة كذبا وزورا بمحاولة إظهار المزج بين الدين و الحياة. قال الله تعالى في وصف امثالهم مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) سورة النساء. بل انهم احيانا يتواقحون ويسفرون عن قبح وجوههم ويكشرون عن انيابهم المهترئة فيهاجمون افكار ومفاهيم الاسلام العظيم....
. قال تعالى حاكيا لنا حال امثالهم واسلافهم من المنافقين :- (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)البقرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
العلمانية secularism باختصار= تساوي اللادينية ، والعلماني secular هو اللاديني، اي لا ينتمي الى اي دين ولايحتكم الى اي شريعة او عقيدة..
كتب الفيلسوف الإنكليزي جون لوك كتب في موضوع العلمانية secularism فقال: "من أجل الوصول إلى دين صحيح، ينبغي على الدولة أن تتسامح مع جميع أشكال الاعتقاد دينيًا أو فكريًا أو اجتماعيًا، ويجب أن تنشغل في الإدارة العملية وحكم المجتمع فقط، لا أن تنهك نفسها في فرض هذا الاعتقاد ومنع ذلك التصرف. يجب أن تكون الدولة منفصلة عن الكنيسة، وألا يتدخل أي منهما في شؤون الآخر. هكذا يكون العصر هو عصر العقل، ولأول مرة في التاريخ البشري سيكون الناس أحرارًا، وبالتالي قادرين على إدراك الحقيقة". وفي تصريح لثالث رؤساء الولايات المتحدة الإمريكية توماس جيفرسون، إذ صرّح: "إن الإكراه في مسائل الدين أو السلوك الاجتماعي هو خطيئة واستبداد، وإن الحقيقة تسود إذا ما سمح للناس بالاحتفاظ بآرائهم وحرية تصرفاتهم". تصريح جيفرسون جاء لوسائل الإعلام بعد أن استعمل حق النقض عام 1786 ضد اعتماد ولاية فيرجينيا للكنيسة الأنجليكانية كدين رسمي، وقد أصبح الأمر مكفولاً بقوة الدستور عام 1789 حين فصل الدين عن الدولة رسميًا فيما دعي «إعلان الحقوق».
التعريف:-
لاعلاقة بين العلمانية والعلم كما يتوهم البعض وكما سيتضح من التعريفات التالية
فالعلمانية كلمة غير متوافرة في المعاجم اللُّغوية العربية القديمة، وقد وردت في بعض المعاجم الحديثة، ومن ذلك ما ورد في معجم المعلم البستاني: "العلماني: العاميُّ الذي ليس بإكليريكي؛ أي: من لا يَخدُمُ الكنيسة المسيحية.
وفي المعجم العربي الحديث: "علماني: ما ليس كَنَسيًّا ولا دينيًّا"؛ أي: لا يعترف بالدين.
والترجمة الحقيقية للكلمة الإنجليزية secularism هي: "لادينية، أو لاغَيبيَّة، أو الدنيوية، أو لامقدس"؛ "فاللادينية"؛ أي: الفصل بين الدين والحياة، و"الدنيوية"؛ أي: صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة، وتوجيههم إلى الدنيا فحسب.
ظروف النشاة الاولى:-
حكمت الكنيسة اوروبا لسنين طويلة وقرون عديدة وكان يتم فيها التحالف غالبا بين السلطان الديني الذي يحكم باسم الاله في الارض زورا وبهتانا وافتراءا على الله وبين الملوك والاباطرة لاستعباد العباد وتطويعهم وارهابهم ليبقوا في طاعة الكنيسة وعبيدا للبلاط الحاكم. مقابل تقاسم جهد وخيرات الشعب بين الكنيسة والحاكم.
واتبعت الكنيسة اعتماد الخرافة وسياسة تجهيل الشعوب والغاء دور العقل ومحاربة التفكير حتى لو كان نتائجه حقائق علمية وكان من يخرج عن منظومة عبودية الخرافة يتهم بالهرطقة ويكفر فيقتل او يحرق .. ذلك ان بني الانسان ولدوا بطبعهم احرارا وليس عبيدا ولكن وضع خالقهم فيهم غريزة التدين لتدفعهم لعبادته وحده وليس لعبادة غيره..فاستغلوا وجود هذه الغريزة الفطرية في النفس البشرية ووجهوها بطرق ملتوية لاشباعها بعبادتهم فكان نتيجة ما حصل ان :-(اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما امروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون)31التوبة.
ان هذا الدين بعد ان عملت فيه معاول التحريف والتخريف في عقيدته ومنهجه حقيقة لم يعد هو دين الله الذي انزله للبشرية بل اصبح دين المتكسبين به الواضعين فيه ما يمكن لهم من الاستحواذ على الرعية ومكتسباتها واستعبادها لنهب خيراتها .
لقد تحول هذا النموذج المسخ من الدين الذي يؤله الانسان حسب هواه الى افيون للشعوب الاوروبية، وهذا ما وصفه به الفيلسوف الاوروبي نيتشه الا انه عمم الوصف على الدين كله، رغم ان معاناته كانت من دينه الذي ورثه ولم يقنع عقله وهو النصرانية التي تعتبر امتدادا لليهودية المحرفة كذلك والمتلاعب بنصوصها عقيدة وشريعة. وكانت اليد الغالبة في اوروبا للنصارى كما هو معروف ...ولقد بلغ ظلم الكنيسة واستبدادها ان قدست ما يعرف عندهم برجال الدين واصبحوا ليس فقط حكاما على الدنيا وما فيها بل ايضا يحكمون ويتحكمون في الاخرة فابتدعوا ما يعرف بصكوك الغفران والتي بمقتضاها كانوا يبيعون الجنة على الناس بالشبر
طبعا وشعوب كانت هذه خلفيتها لم يكن مستغربا عنهم ما فعلته احدى الشركات الراسمالية الوهمية النصابة في اواخر الثمانينات من القرن المنصرم في امريكا من رسم خرائط ومسح لارض القمر وتهافت المغفلون على شراء الاراضي القمرية وامتلاك السندات بذلك ودفع الالوف من الدولارات اثمانا لبضعة امتار على القمر فجمعت الشركة في فترة اسابيع قليلة مئات الملايين من الدولارات كما تناقلت الاخبار وقتها الصحف والمجلات ووسائل الاعلام وتزامن ذلك مع الاعلان عن تسيير رحلات للتنزه والمتنزهين الى سطح القمر... والعجيب ان الشركة لم تحاكم ولم يفلح النظام في رد الاموال الى اهلها المغفلين الذين شروا اجدادهم من قبل اراضي الجنة من الكنيسة بصكوك الغفران.
رات اوروبا بمفكريها وجهدهم ومجاهدتهم ان الامم حولهم تتقدم وهم في ظلمات يعمهون ..
فطبعا عزت سبب ظلماتهم وظلمهم وتخلفهم عن ركب الامم للدين وتخاريفه فرأوا فصل الدين كليا عن الحياة العامة واوجبوا عدم تدخله في شؤون الحياة مما جعل رجال الدين الذين عرفوا في اوروبا بالاصلاحيين يتماشوا والتطلع العام للشعوب ولعل هذا ما دفع جان جاك روسو ان يقول - ان الله خلقنا وتركنا وشأننا- وبذلك اعلن وجوب تخلي الدين ورجاله عن التدخل في مشاكل الناس وتركوا مجال الدين للتعبد الشخصي واما الحياة فتبنوا لها ما يسمى بالنظام الديمقراطي الذي يلغي سيادة الشرع ويجعلها للشعب فيشرع الشعب ما يراه مناسبا لمسيرة حياته واطلق الحريات العامة لانهم فعلا كانوا مستعبدين للبابا وقساوسته من جهة وللسلطان ورجال قصره من جهة اخرى . فرجعوا بذلك للفكر الاغريقي الوثني واحيوه خوفا من دخول شعوبهم في الاسلام الذي كانوا يناصبونه العداء لانه الدين والمبدأ الوحيد الذي يحرر البشر من عبودية البشر ويرفض للانسان الخضوع لاي قوى غير قوة الله الواحد الموجد الخالق القهار لان خضوع الانسان لغير ارادة الله تعالى مخالفة لتكريم بني ادم على العالمين ومخالفة للغاية التي من اجلها خلق الله الانسان واستخلفه في الارض ليقيم فيها نموذج العبودية التامة الخالصة لله بشرعه وهداه.
و خلاصه القول أن العقلية الاوروبية تجذر فيها عبر القرون عقدة الدين أو الدينوفوبيا لأسباب ملخصها ما يلي :
أولا: أن الدين (كما عرفوه) هو ضد إبداع العقل ومكتشفات العلم فالعلم والدين الذي اتبعوه هما ضدان لايجتمعان أبدا.
ثانيا: أن الدين ما هو الا سطوة ظالمة لبعض الناس (رجال الدين) على باقي البشر ليتحكموا في مصائرهم ويحصدوا أموالهم وثمرة كفاحهم ويبيعوا لهم أماكنهم في الجنة أو يرسلوهم للجحيم. ويشرعنوا طاعة الظلمة والظالمين ليكونوا حماة مكاسبهم والقوة التنفيذية لجشعهم وحراسته.
ثالثا: أن الدين الذي عرفوه ووتوارثوه ما هو الا شقاء و قيود على حياة الإنسان وحريته وحرمان من ملذات الدنيا تحت شعار إفعل ولا تفعل وحلال وحرام فيحل رجال الدين ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون.
رابعا: أن الدين من جهه والهمجيه والتخلف من جهه أخرى هما وجهان لعملة واحدة فأوروبا المسيحية في القرون الوسطى كانت متخلفة بأشواط عن امة الاسلام وسائر العالم المتحضر ومن هنا سميت بالعصورالوسطى المظلمة .
خامسا: أن الدين عندهم كما قال فيلسوفهم نيتشة أفيون الشعوب, و الإنطباع المترسخ والمتوارث منذ عصر سيادة الكنيسة والحروب الصليبية أن الديانات الأخرى ماهي إلا ديانات وثنية همجية,وما زال هذا هو الإنطباع السائد عبر الأجيال المتعاقبة مما صد الكثيرين عن دراسة أي دين آخر واشاع رجال الدين عندهم ورجال السياسة ذلك ليصدوا شعوبهم عن الحق ومعرفة طريقه..فاذا كان يرفض المسيحيه فكيف له أن يقبل بديانات هي (من وجهة نظره) أقل رقيا منها بل هي لشعوب أكثر تخلفا وتأخرا في ركب الحضارة بحسب الواقع الذي وضعوا امتنا فيه.
ولذا كانت العلمانية وتنحية الدين جانبا أو حصره داخل دور العبادة فقط , هي الحل الوحيد لكي تنهض أوروبا , و في الواقع ليست أوروبا فقط هي التي قامت نهضتها على حساب الدين, فالإتحاد السوفيتي و الصين في آسيا نهضا أيضا على أساس أيديولوجي مضاد للدين بعنف و يعتبره كما أسلفنا أفيونا للشعوب يعوق مسيرتها...فما كانت العلمانية الا الحادا مهد لالحاد الشيوعية والاشتراكية البائدة.
وختاما ان العلمانية هي فصل الدين عن الحياة العامة و رفض جميع التشريعات الإلهية, و العلمانيون في بلاد الاسلام ينافقون الامة كذبا وزورا بمحاولة إظهار المزج بين الدين و الحياة. قال الله تعالى في وصف امثالهم مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً ) سورة النساء. بل انهم احيانا يتواقحون ويسفرون عن قبح وجوههم ويكشرون عن انيابهم المهترئة فيهاجمون افكار ومفاهيم الاسلام العظيم....
. قال تعالى حاكيا لنا حال امثالهم واسلافهم من المنافقين :- (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ (13) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16)البقرة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.