الارهاب يستهدف الاسلام
الدكتور عادل عامر
إن جماعات الإرهاب والتطرف في عالمنا الإسلامي التي تل بس عباءات الإسلام تضر الإسلام، وتسبب القلق والفزع داخل بلدانها، وتقدم صورة سيئة للإسلام في نظر الآخرين. من يتأمل جرمهم اتضح له دلالة على أن لهم توجهات شاذة وغريبة، لا يعجبهم أمن واستقرار البلاد والعباد، وعيشة أهلها في رغد وأمن وطمأنينة.
إن التطرف المستتر بالدين، وهو المفضي حتما إلى الإرهاب يستهدف مصادرة الآراء والضمائر، باستخدام كل وسائل العنف والإرهاب، مما يدل على إجرامهم ومناقضتهم لدين الله، دين الوسطية والاعتدال والرحمة والشفقة.
ولقد تعودنا على الهزات التاريخية في حياة أمتنا، ولكن الله سبحانه وتعالى يقيض لها رجالا أفذاذا، وعلماء أفاضل، يضعون لها العلاج الحاسم. لذلك فلا خوف على أمتنا الإسلامية من هذه الظواهر العارضة في حياتها. فلها رجالها وعلماؤها الأفاضل. وسيظل الإسلام-وكما كان-دين الرفق والمحبة، وليس دين العنف والإرهاب.
أن هذا الإرهاب الأعمى الذي يدمي ضمير كل عربي ومسلم وإنسان مهما كان دينه وجنسه ووطنه لا يمثل الإسلام ولا قيمه ولا الفضائل الإنسانية بأي نمط أو سلوك بل لا يزال يشوه بإمعان أقدس الرسالات السماوية وشعائرها وقيمها ورموزها والحضارة الإنسانية، عبر فكر معتوه ومأزوم يتلاعب به أصحاب الأهواء وجهلة الجماعات الإرهابية وشذاذها، كما يستهدف كل مقومات الحضارة الإنسانية ومقدرات الشعوب.
والفكر الذي يدعو إلى الفتك بالناس، تجمع كل المراكز والهيئات الإسلامية على بطلانه وابتعاده عن الخلق الإسلامي القويم، فالأزهر الشريف بيّن بكل وضوح رأيه الشرعي في الجماعة التي أباحت لنفسها القتل والتنكيل بخلق الله الأبرياء الآمنين، وقال إن أفعال الجماعات الإرهابية وغلظتهم وشدتهم وتكفير عباد الله يحرمها ويدينها ويستنكرها ويشجبها الدين الإسلامي جملة وتفصيلاً؛
أما هؤلاء الخونة المفسدون في الأرض فسوف ينفذ فيهم قول الله سيحانه وتعالى: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينقلوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم..." صدق الله العظيم. جميع شرائع الإسلام مرتبطة بشمولها بالعقيدة والإيمان والجزاء الأخروي، وليس مجرد توجيهات وعظية غير ملزمة، أو معالجات جزئية محدودة.
أساس المواجهة الفقهية لظاهرة الإرهاب في العالم الحاضر في صورتي الحرابة والغلو، ورأى أن الإسلام حارب هاتين الظاهرتين، وقدم لمعالجتهما أحكاما عقدية وخلقية وتهذيبية، وأحكاما عملية فقهية، التي تظهر بوضوح في أبواب الجنايات والعقوبات، فقد جاءت عقوبة جريمة الحرابة في محكم التنزيل مشددة وذلك للقضاء عليها، كما أن الشريعة فتحت جانب معالجة الحرابة بالتوبة وعدم المعاقبة لمن يتوب منها. كما بين الإسلام وجوب ردع الإمام البغاة الخارجين بدعوتهم إلى التوبة، والرجوع إلى الجماعة، والدخول في الطاعة رجاء حسم مادة البغي التي قد تصل إلى الحرب الأهلية. التفريق بين الإرهاب العدواني وبين الجهاد في سبيل الله لردّ العدوان، ونشر الدعوة، والمقاومة المشروعة للتحرير البلاد من المحتل الغاشم، وردع الظالمين بالعقوبات البدنية المنصوصة في قطعيات الأحكام الشرعية من حدود وقصاص وتعزير. استنكار إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي الحنيف، دين الرحمة والعدل والمحبة والسلام. معالجة مظاهر الغلو والتطرف والإرهاب وأسبابها بالحكمة والموعظة الحسنة، ونشر العلم الصحيح والوعي السليم بين الأمة من خلال علماء ربانيين، باستخدام الوسائل الإعلامية المختلفة، وبالتعامل مع الإرهابيين على أساس من معرفة دوافعهم ودراسة نفسياتهم، فآفتهم في رؤوسهم وأفكارهم، فيقابل الفكر بالفكر بتصحيح أفكارهم المنحرفة، ولا يقاوم عنف بعنف مضاد إلاّ بمقدار ما تمليه الضرورة وتسمح به الشريعة.
مواصلة الدعم السخي للمنظمات والمؤسسات الخيرية المحلية والخارجية، وعدم التأثر بدعاية الطغمة الصهيونية الصليبية الموجهة ضد العمل الخيري الإسلامي؛ لأن في وقف ذلك الدعم ضررًا كبيرًا على الجميع، فالأعداء يدعمون مؤسساتهم الخيرية بشكل قوي وظاهر، فإن لم نفعل مثل ذلك تكن فتنة في الأرض وفساد كبير؛ لأنهم سيملؤون الفراغ بمنظمات كنسية تنصيرية تستغل ظروف الفقراء فتنصرهم، وهذا ما بدأ فعلًا في بعض البلدان الفقيرة. تحرير المصطلحات الشرعية وضبطها بضوابط واضحة كمصطلح الجهاد، ودار الحرب، وولي الأمر، ما يجب له وما يجب عليه، والبيعة والعهود: عقدها ونقضها. نشر الوعي الإسلامي وتأصيل منهج الوسطية بالتعامل مع المؤسسات الدعوية والعلمية.
إن مفهوم الإرهاب يمثل لنا تحدياً أكثر من الإرهاب نفسه، حيث حرص زعماء العرب والمسلمين الوقوف في وجه كل ما هو إرهاب أو إرهابي بالمفهوم الغربي، مما جعل حدة الخلاف واسعة بين الشعوب الإسلامية وحكامها، وساعد على تقرب الحكام للغرب والحرص على مرضاتهم. أن "الإرهاب" يعني التخويف والإفزاع، وأن "الإرهابي" هو الذي يُحدث الخوف والفزع عند الآخرين، ولا يختلف هذا المعنى عما تقرره اللغات الأخرى في هذا الصدد. وإن النص القرآني في معنى الإرهاب ومشتقاته لا يختلف عن المعنى اللغوي وأصول اللغة ومعاجمها. وإن ظاهرة الإرهاب عالمية، فهي لا تنسب لدين، ولا تختص بقوم، وهي ناتجة عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات القديمة والمعاصرة. ولقد اختلف الغرب في معنى الإرهاب اختلافاً كبيراً، وحرصت أمريكا على عدم اعتماد تعريف دولي للإرهاب حتى تتصرف دون ضوابط، وعدم وجود تعريف موحد للإرهاب يرجع إلى فرض التعريف الغربي والمتغير على شعوب ودول العالم.
وأن تعريف الإرهاب ليس من حق دولة أو ثقافة بعينها. للتوصل إلى تعريف حقيقي للإرهاب يجب أن يحتوي مفهومه على كافة أنماط الإرهاب، بما فيها إرهاب القوى العظمى وإرهاب الدولة والحصار والإرهاب الاقتصادي والإرهاب الثقافي… إلخ. ظاهرة الإرهاب غير مقصورة على المنتمين إلى حركات وفصائل إسلامية، وفي هذا السياق لا تفرق الولايات المتحدة بين المنظمات الفلسطينية الإسلامية والقومية والشيوعية، فجميعها في نظر الولايات المتحدة منظمات إرهابية، ولكن غالبا ما يطلق الإرهاب على المسلمين لأن حضارة الإسلام هي التي تمثل التحدي الكبير للحضارة الغربية، أما المنظمات التي تخضع للمخطط الأمريكي وتسعى في تمريره في المنطقة فهي مبرأة من الإرهاب. ولا يصح في أية حال من الأحوال أنْ يُختزل العنف إلى الإرهاب.
فإذا كان العنف يتضمن قسماً من الدلالات الإيجابية كمعنى الدفاع عن النفس والممتلكات والشرف، أو طرد الشرّ، أو الدفاع عن الوطن، فإنّ الدلالة التي تريد أنْ تثبّتها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هي الدلالة السلبية. بمعنى انتزاع كل الدلالات الإيجابية الموجودة في العنف التي ذكرناها، لكي توصم أعداءها بوصمة الإرهاب. وهي تشنّ حملة دعائية واسعة لترويج هذا المفهوم. إذا ما انتقلنا إلى مفهوم الجانب الإسلامي لظاهرة الإرهاب، نجد أن الخوف والهلع من الغرب يهيمنان على رؤيته للظاهرة. رغم أنه ليس هناك مفهوم محدد للإرهاب يجمع عليه المسلمون، إلا أن خيوطاً عريضة تربط بين كافة الآراء في الجانب الإسلامي.
لذلك فإن مفهوم الإرهاب يمثل لنا تحدياً أكثر من الإرهاب نفسه، حيث حرص زعماء العرب والمسلمين على الوقوف في وجه كل ما هو إرهاب أو إرهابي بالمفهوم الغربي، مما جعل حدة الخلاف واسعة بين الشعوب الإسلامية وحكامها، وساعد على تقرب الحكام للغرب والحرص على مرضاتهم.
وإذا دققنا النظر في أسباب الإرهاب أو العنف الديني كما يسميه البعض نجده عبارة عن رَدَة فعل ضد الصلف والظلم والعدوان الأمريكي في العالم، وردَّات الأفعال غالباً ما تكون فيها تجاوزات وقد لا تكون ناضجة من حيث التخطيط والتفكير. كما أن الغرب يرفض الاعتراف بحق الشعوب بمقاومة الاحتلال والجهاد في سبيل الله فالجهاد في فلسطين وفي أفغانستان وفي العراق يسمونه إرهاباً ويقفون في وجه القائمين عليه. إن تدخل الغرب بقيادة أمريكا في الشؤون الداخلية للدول والشعوب يؤدي إلي هذا العنف.
وكذلك مساندة الحكام الظالمين لشعوبهم ما داموا يسيرون في ركاب الغرب يزيد من حدة العنف والإرهاب في العالم. وأما الحل لمشكلة الإرهاب فيتمثل في إزالة أسبابه وأن تسود العدالة والمنطق السليم في التعامل بين الدول، وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، وعدم مساندة الظلمة، وأن يتخلى الغرب عن أهدافه الاستعمارية وعن الهيمنة على العالم فكرياً واقتصادياً وعسكرياً.
الدكتور عادل عامر
إن جماعات الإرهاب والتطرف في عالمنا الإسلامي التي تل بس عباءات الإسلام تضر الإسلام، وتسبب القلق والفزع داخل بلدانها، وتقدم صورة سيئة للإسلام في نظر الآخرين. من يتأمل جرمهم اتضح له دلالة على أن لهم توجهات شاذة وغريبة، لا يعجبهم أمن واستقرار البلاد والعباد، وعيشة أهلها في رغد وأمن وطمأنينة.
إن التطرف المستتر بالدين، وهو المفضي حتما إلى الإرهاب يستهدف مصادرة الآراء والضمائر، باستخدام كل وسائل العنف والإرهاب، مما يدل على إجرامهم ومناقضتهم لدين الله، دين الوسطية والاعتدال والرحمة والشفقة.
ولقد تعودنا على الهزات التاريخية في حياة أمتنا، ولكن الله سبحانه وتعالى يقيض لها رجالا أفذاذا، وعلماء أفاضل، يضعون لها العلاج الحاسم. لذلك فلا خوف على أمتنا الإسلامية من هذه الظواهر العارضة في حياتها. فلها رجالها وعلماؤها الأفاضل. وسيظل الإسلام-وكما كان-دين الرفق والمحبة، وليس دين العنف والإرهاب.
أن هذا الإرهاب الأعمى الذي يدمي ضمير كل عربي ومسلم وإنسان مهما كان دينه وجنسه ووطنه لا يمثل الإسلام ولا قيمه ولا الفضائل الإنسانية بأي نمط أو سلوك بل لا يزال يشوه بإمعان أقدس الرسالات السماوية وشعائرها وقيمها ورموزها والحضارة الإنسانية، عبر فكر معتوه ومأزوم يتلاعب به أصحاب الأهواء وجهلة الجماعات الإرهابية وشذاذها، كما يستهدف كل مقومات الحضارة الإنسانية ومقدرات الشعوب.
والفكر الذي يدعو إلى الفتك بالناس، تجمع كل المراكز والهيئات الإسلامية على بطلانه وابتعاده عن الخلق الإسلامي القويم، فالأزهر الشريف بيّن بكل وضوح رأيه الشرعي في الجماعة التي أباحت لنفسها القتل والتنكيل بخلق الله الأبرياء الآمنين، وقال إن أفعال الجماعات الإرهابية وغلظتهم وشدتهم وتكفير عباد الله يحرمها ويدينها ويستنكرها ويشجبها الدين الإسلامي جملة وتفصيلاً؛
أما هؤلاء الخونة المفسدون في الأرض فسوف ينفذ فيهم قول الله سيحانه وتعالى: "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلف أو ينقلوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الأخرة عذاب عظيم..." صدق الله العظيم. جميع شرائع الإسلام مرتبطة بشمولها بالعقيدة والإيمان والجزاء الأخروي، وليس مجرد توجيهات وعظية غير ملزمة، أو معالجات جزئية محدودة.
أساس المواجهة الفقهية لظاهرة الإرهاب في العالم الحاضر في صورتي الحرابة والغلو، ورأى أن الإسلام حارب هاتين الظاهرتين، وقدم لمعالجتهما أحكاما عقدية وخلقية وتهذيبية، وأحكاما عملية فقهية، التي تظهر بوضوح في أبواب الجنايات والعقوبات، فقد جاءت عقوبة جريمة الحرابة في محكم التنزيل مشددة وذلك للقضاء عليها، كما أن الشريعة فتحت جانب معالجة الحرابة بالتوبة وعدم المعاقبة لمن يتوب منها. كما بين الإسلام وجوب ردع الإمام البغاة الخارجين بدعوتهم إلى التوبة، والرجوع إلى الجماعة، والدخول في الطاعة رجاء حسم مادة البغي التي قد تصل إلى الحرب الأهلية. التفريق بين الإرهاب العدواني وبين الجهاد في سبيل الله لردّ العدوان، ونشر الدعوة، والمقاومة المشروعة للتحرير البلاد من المحتل الغاشم، وردع الظالمين بالعقوبات البدنية المنصوصة في قطعيات الأحكام الشرعية من حدود وقصاص وتعزير. استنكار إلصاق تهمة الإرهاب بالدين الإسلامي الحنيف، دين الرحمة والعدل والمحبة والسلام. معالجة مظاهر الغلو والتطرف والإرهاب وأسبابها بالحكمة والموعظة الحسنة، ونشر العلم الصحيح والوعي السليم بين الأمة من خلال علماء ربانيين، باستخدام الوسائل الإعلامية المختلفة، وبالتعامل مع الإرهابيين على أساس من معرفة دوافعهم ودراسة نفسياتهم، فآفتهم في رؤوسهم وأفكارهم، فيقابل الفكر بالفكر بتصحيح أفكارهم المنحرفة، ولا يقاوم عنف بعنف مضاد إلاّ بمقدار ما تمليه الضرورة وتسمح به الشريعة.
مواصلة الدعم السخي للمنظمات والمؤسسات الخيرية المحلية والخارجية، وعدم التأثر بدعاية الطغمة الصهيونية الصليبية الموجهة ضد العمل الخيري الإسلامي؛ لأن في وقف ذلك الدعم ضررًا كبيرًا على الجميع، فالأعداء يدعمون مؤسساتهم الخيرية بشكل قوي وظاهر، فإن لم نفعل مثل ذلك تكن فتنة في الأرض وفساد كبير؛ لأنهم سيملؤون الفراغ بمنظمات كنسية تنصيرية تستغل ظروف الفقراء فتنصرهم، وهذا ما بدأ فعلًا في بعض البلدان الفقيرة. تحرير المصطلحات الشرعية وضبطها بضوابط واضحة كمصطلح الجهاد، ودار الحرب، وولي الأمر، ما يجب له وما يجب عليه، والبيعة والعهود: عقدها ونقضها. نشر الوعي الإسلامي وتأصيل منهج الوسطية بالتعامل مع المؤسسات الدعوية والعلمية.
إن مفهوم الإرهاب يمثل لنا تحدياً أكثر من الإرهاب نفسه، حيث حرص زعماء العرب والمسلمين الوقوف في وجه كل ما هو إرهاب أو إرهابي بالمفهوم الغربي، مما جعل حدة الخلاف واسعة بين الشعوب الإسلامية وحكامها، وساعد على تقرب الحكام للغرب والحرص على مرضاتهم. أن "الإرهاب" يعني التخويف والإفزاع، وأن "الإرهابي" هو الذي يُحدث الخوف والفزع عند الآخرين، ولا يختلف هذا المعنى عما تقرره اللغات الأخرى في هذا الصدد. وإن النص القرآني في معنى الإرهاب ومشتقاته لا يختلف عن المعنى اللغوي وأصول اللغة ومعاجمها. وإن ظاهرة الإرهاب عالمية، فهي لا تنسب لدين، ولا تختص بقوم، وهي ناتجة عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات القديمة والمعاصرة. ولقد اختلف الغرب في معنى الإرهاب اختلافاً كبيراً، وحرصت أمريكا على عدم اعتماد تعريف دولي للإرهاب حتى تتصرف دون ضوابط، وعدم وجود تعريف موحد للإرهاب يرجع إلى فرض التعريف الغربي والمتغير على شعوب ودول العالم.
وأن تعريف الإرهاب ليس من حق دولة أو ثقافة بعينها. للتوصل إلى تعريف حقيقي للإرهاب يجب أن يحتوي مفهومه على كافة أنماط الإرهاب، بما فيها إرهاب القوى العظمى وإرهاب الدولة والحصار والإرهاب الاقتصادي والإرهاب الثقافي… إلخ. ظاهرة الإرهاب غير مقصورة على المنتمين إلى حركات وفصائل إسلامية، وفي هذا السياق لا تفرق الولايات المتحدة بين المنظمات الفلسطينية الإسلامية والقومية والشيوعية، فجميعها في نظر الولايات المتحدة منظمات إرهابية، ولكن غالبا ما يطلق الإرهاب على المسلمين لأن حضارة الإسلام هي التي تمثل التحدي الكبير للحضارة الغربية، أما المنظمات التي تخضع للمخطط الأمريكي وتسعى في تمريره في المنطقة فهي مبرأة من الإرهاب. ولا يصح في أية حال من الأحوال أنْ يُختزل العنف إلى الإرهاب.
فإذا كان العنف يتضمن قسماً من الدلالات الإيجابية كمعنى الدفاع عن النفس والممتلكات والشرف، أو طرد الشرّ، أو الدفاع عن الوطن، فإنّ الدلالة التي تريد أنْ تثبّتها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هي الدلالة السلبية. بمعنى انتزاع كل الدلالات الإيجابية الموجودة في العنف التي ذكرناها، لكي توصم أعداءها بوصمة الإرهاب. وهي تشنّ حملة دعائية واسعة لترويج هذا المفهوم. إذا ما انتقلنا إلى مفهوم الجانب الإسلامي لظاهرة الإرهاب، نجد أن الخوف والهلع من الغرب يهيمنان على رؤيته للظاهرة. رغم أنه ليس هناك مفهوم محدد للإرهاب يجمع عليه المسلمون، إلا أن خيوطاً عريضة تربط بين كافة الآراء في الجانب الإسلامي.
لذلك فإن مفهوم الإرهاب يمثل لنا تحدياً أكثر من الإرهاب نفسه، حيث حرص زعماء العرب والمسلمين على الوقوف في وجه كل ما هو إرهاب أو إرهابي بالمفهوم الغربي، مما جعل حدة الخلاف واسعة بين الشعوب الإسلامية وحكامها، وساعد على تقرب الحكام للغرب والحرص على مرضاتهم.
وإذا دققنا النظر في أسباب الإرهاب أو العنف الديني كما يسميه البعض نجده عبارة عن رَدَة فعل ضد الصلف والظلم والعدوان الأمريكي في العالم، وردَّات الأفعال غالباً ما تكون فيها تجاوزات وقد لا تكون ناضجة من حيث التخطيط والتفكير. كما أن الغرب يرفض الاعتراف بحق الشعوب بمقاومة الاحتلال والجهاد في سبيل الله فالجهاد في فلسطين وفي أفغانستان وفي العراق يسمونه إرهاباً ويقفون في وجه القائمين عليه. إن تدخل الغرب بقيادة أمريكا في الشؤون الداخلية للدول والشعوب يؤدي إلي هذا العنف.
وكذلك مساندة الحكام الظالمين لشعوبهم ما داموا يسيرون في ركاب الغرب يزيد من حدة العنف والإرهاب في العالم. وأما الحل لمشكلة الإرهاب فيتمثل في إزالة أسبابه وأن تسود العدالة والمنطق السليم في التعامل بين الدول، وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، وعدم مساندة الظلمة، وأن يتخلى الغرب عن أهدافه الاستعمارية وعن الهيمنة على العالم فكرياً واقتصادياً وعسكرياً.