4- الشرك والتوحيد ضدان -4-
الحلقة الرابعة من سلسلة الشرك والتوحيد ضدان
وضع ابن السائب الكلبي كتابا في اصنام العرب ، واسماه كتاب الاصنام، وارجع فيه عبادة الاصنام الى انها كانت بداية تماثيل وصور لقوم صالحين، فلما ماتوا احترم اقوامهم تلك الصور والتماثيل ،ومع تقادم الاجيال اصبحوا يقدسونها ويعظمونها، ويتقربون اليها بالذبائح والنذور ويخترعون لها طقوس تقديس وتعظيم، حتى جعلوها اندادا لله تعالى واعتقدوا ان لها تاثيرا في الكون ومسار الحياة،وكان امثلهم طريقة وفكرا يعتبرها انها تقرب الى الله تعالى ورضاها يجلب رضى الرب وغضبها مدعاة لغضب الرب ، وكون الانسان خطاء وصاحب ذنوب واثام، فليس أهلا لان يتعامل مع الله تعالى مباشرة فلا بد له من واسطة مطهرة طاهرة يتزلف بها الى الله تعالى لتقربه منه سبحانه حسب زعمهم، وهذا اكثر رؤيا واعلى درجة من درجات التفكير الوثني الصنمي العربي، فنلاحظ ان كفرهم وشركهم لم يكن مفلسفا، علما بالفرق بين الصنم والوثنهو : إن الوثن هو ما صنع من الحجارة، والصنم ما صنع من مواد أخرى كالخشب أو الذهب أو الفضة أو غيرها من الجواهر، وقال البعض : إن الصنم ما كان له صورة أما الوثن فهو مالا صورة له.فقد يكون رمزا لرجل صالح او صورة متخيلة متوهمة لملاك او جني او غير ذلك مما اتخذوه الهة تعبد سواءً عند اهل الغرب ام عند اهل الشرق.
وقد ركزنا في بحثنا هذا كما تقدم على الشرك والكفر المفلسف الذي قادت اليه الفلسفة الاغريقية ، وراينا كيف انزلق العقل الاغريقي في اوحال الكفر ومتاهات الشرك، وانتج للبشرية عقلية فلسفة الشرك والكفر التي انحط بها الانسان وما زال يعاني نتائجها واثارها، لان مؤدى تلك الفلسفة ومنهج تفكيرها ان يحصر العقل البشري ويسجنه داخل حدود المادة ويفرض عليه قيودها ، فلا يستطيع ان يتخيل او يتصور او يقتنع بوجود مطلق وفوق قيود المادة وحدودها. ومعلوم ان الوجود المادي لا يخرج عن حدود الجسم والصورة والجسد والكثافة. والمحنا الى ان الانزلاق للعقل الاغريقي حصل يوم اتخذ من الواقع المدرك المحسوس والملموس، مقياسا يقيس عليه الغائب عن الحس ومداركه، فقاس الخالق على المخلوق وقاس الصانع على صنعته ، فانزلق في منزلقات الوهم والخيال.
اما تركيزنا على الاغريق وفلسفتهم الوثنية في هذا المقال وذلك لان فلسفة الاغريق الشركية الصنمية هي المكون الاساس للثقافة الغربية وقد تاثر بها الرومان وتاثرت بها اليهودية وتاثرت بها النصرانية ، واما اليهودية فنجد ان فيلون الاسكندراني الفيلسوف اليهودي الاغريقي المعروف صاحب ابتداع اول طرق الصوفية اليهودية القائل بوحدة الوجود وقدم العالم وله احترامه عندهم وعند مفكري الغرب قاطبة، وكذلك النصرانية تاثرت بالفكر الاغريقي الفلسفي، فلذلك نجد ان العلماء والمتخصصين فى الغرب يولون مثلاً اهتماماً كبيراً للغاية بعلاقة الفلسفة الرواقية بالمسيحية ويكادوا يجمعون على ان الرواقية بقواعدها الصارمة كانت خير تمهيد للمسيحيين، ويقرون بمؤثرات لأرسطو على المسيحيين فى مفهوم الخير الأسمى أو فى مفهوم السعادة، فانتقلت الوثنية الشركية والصنمية بكل مظاهرها الى الديانتين النصرانية واليهودية وتسربت الى كتبها المقدسة من خلال التعايش معها والتوفيق بينها وبين عقائد الدينين اللذين يعتبران احدهما امتدادا للاخر.
وقد حاول المغرضو عبر عصور التاريخ الاسلامي المزج بين الفلسفة الاغريقية اوثنية الشركية وتسريبها الى الاسلام لتحطيمه ولي اعناق نصوصه ومفاهيمه وذلك تحت ستار التصوف وبلبوس دثاره فنجد ابن عربي المعروف عند اهل التصوف بقطب الاقطاب يسير على خطا فيلون اليهودي الاسكندراني الاغريقي، في تبنيه لعقيدة وحدة الوجود وقدم العالم، وان كل صور الموجودات ما هي في حقيقتها الا تعبير عن الاله الكامن في تلك الصور.. لدرجة انه هو هو في الطاهر هو وفي النجس والعياذ بالله هو حتى انه القاتل في القاتل والمقتول في المقتول، والحي في الحي والميت في الميت تعالى الله وسبحانه عما يصفون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ومن هنا نقول ان الفكر الذي قاد البشرية الى الشرك والكفر والردة والانتكاس وتعدد الالهة واتخاذ اكثر من اله وصورة للاله وانتكس بالانسان عن الفطرة لا ولن يصلح لانقاذ البشرية التي هو من قادها بمناهجه وطرقه الى السفول والسقوط والانحطاط والشذوذ حتى عن الطبيعة البشرية التي قوم الله الانسان في خلقه عليها. والى لقاء جديد اغستودعكم الله دينكم وخواتيم اعمالكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحلقة الرابعة من سلسلة الشرك والتوحيد ضدان
وضع ابن السائب الكلبي كتابا في اصنام العرب ، واسماه كتاب الاصنام، وارجع فيه عبادة الاصنام الى انها كانت بداية تماثيل وصور لقوم صالحين، فلما ماتوا احترم اقوامهم تلك الصور والتماثيل ،ومع تقادم الاجيال اصبحوا يقدسونها ويعظمونها، ويتقربون اليها بالذبائح والنذور ويخترعون لها طقوس تقديس وتعظيم، حتى جعلوها اندادا لله تعالى واعتقدوا ان لها تاثيرا في الكون ومسار الحياة،وكان امثلهم طريقة وفكرا يعتبرها انها تقرب الى الله تعالى ورضاها يجلب رضى الرب وغضبها مدعاة لغضب الرب ، وكون الانسان خطاء وصاحب ذنوب واثام، فليس أهلا لان يتعامل مع الله تعالى مباشرة فلا بد له من واسطة مطهرة طاهرة يتزلف بها الى الله تعالى لتقربه منه سبحانه حسب زعمهم، وهذا اكثر رؤيا واعلى درجة من درجات التفكير الوثني الصنمي العربي، فنلاحظ ان كفرهم وشركهم لم يكن مفلسفا، علما بالفرق بين الصنم والوثنهو : إن الوثن هو ما صنع من الحجارة، والصنم ما صنع من مواد أخرى كالخشب أو الذهب أو الفضة أو غيرها من الجواهر، وقال البعض : إن الصنم ما كان له صورة أما الوثن فهو مالا صورة له.فقد يكون رمزا لرجل صالح او صورة متخيلة متوهمة لملاك او جني او غير ذلك مما اتخذوه الهة تعبد سواءً عند اهل الغرب ام عند اهل الشرق.
وقد ركزنا في بحثنا هذا كما تقدم على الشرك والكفر المفلسف الذي قادت اليه الفلسفة الاغريقية ، وراينا كيف انزلق العقل الاغريقي في اوحال الكفر ومتاهات الشرك، وانتج للبشرية عقلية فلسفة الشرك والكفر التي انحط بها الانسان وما زال يعاني نتائجها واثارها، لان مؤدى تلك الفلسفة ومنهج تفكيرها ان يحصر العقل البشري ويسجنه داخل حدود المادة ويفرض عليه قيودها ، فلا يستطيع ان يتخيل او يتصور او يقتنع بوجود مطلق وفوق قيود المادة وحدودها. ومعلوم ان الوجود المادي لا يخرج عن حدود الجسم والصورة والجسد والكثافة. والمحنا الى ان الانزلاق للعقل الاغريقي حصل يوم اتخذ من الواقع المدرك المحسوس والملموس، مقياسا يقيس عليه الغائب عن الحس ومداركه، فقاس الخالق على المخلوق وقاس الصانع على صنعته ، فانزلق في منزلقات الوهم والخيال.
اما تركيزنا على الاغريق وفلسفتهم الوثنية في هذا المقال وذلك لان فلسفة الاغريق الشركية الصنمية هي المكون الاساس للثقافة الغربية وقد تاثر بها الرومان وتاثرت بها اليهودية وتاثرت بها النصرانية ، واما اليهودية فنجد ان فيلون الاسكندراني الفيلسوف اليهودي الاغريقي المعروف صاحب ابتداع اول طرق الصوفية اليهودية القائل بوحدة الوجود وقدم العالم وله احترامه عندهم وعند مفكري الغرب قاطبة، وكذلك النصرانية تاثرت بالفكر الاغريقي الفلسفي، فلذلك نجد ان العلماء والمتخصصين فى الغرب يولون مثلاً اهتماماً كبيراً للغاية بعلاقة الفلسفة الرواقية بالمسيحية ويكادوا يجمعون على ان الرواقية بقواعدها الصارمة كانت خير تمهيد للمسيحيين، ويقرون بمؤثرات لأرسطو على المسيحيين فى مفهوم الخير الأسمى أو فى مفهوم السعادة، فانتقلت الوثنية الشركية والصنمية بكل مظاهرها الى الديانتين النصرانية واليهودية وتسربت الى كتبها المقدسة من خلال التعايش معها والتوفيق بينها وبين عقائد الدينين اللذين يعتبران احدهما امتدادا للاخر.
وقد حاول المغرضو عبر عصور التاريخ الاسلامي المزج بين الفلسفة الاغريقية اوثنية الشركية وتسريبها الى الاسلام لتحطيمه ولي اعناق نصوصه ومفاهيمه وذلك تحت ستار التصوف وبلبوس دثاره فنجد ابن عربي المعروف عند اهل التصوف بقطب الاقطاب يسير على خطا فيلون اليهودي الاسكندراني الاغريقي، في تبنيه لعقيدة وحدة الوجود وقدم العالم، وان كل صور الموجودات ما هي في حقيقتها الا تعبير عن الاله الكامن في تلك الصور.. لدرجة انه هو هو في الطاهر هو وفي النجس والعياذ بالله هو حتى انه القاتل في القاتل والمقتول في المقتول، والحي في الحي والميت في الميت تعالى الله وسبحانه عما يصفون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ومن هنا نقول ان الفكر الذي قاد البشرية الى الشرك والكفر والردة والانتكاس وتعدد الالهة واتخاذ اكثر من اله وصورة للاله وانتكس بالانسان عن الفطرة لا ولن يصلح لانقاذ البشرية التي هو من قادها بمناهجه وطرقه الى السفول والسقوط والانحطاط والشذوذ حتى عن الطبيعة البشرية التي قوم الله الانسان في خلقه عليها. والى لقاء جديد اغستودعكم الله دينكم وخواتيم اعمالكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.