السعودية: أطْلَقَ حاكم السعودية الفعلي، ولي العهد "محمد بن سَلْمان" خلال الشهر الثالث من تعيينه وليًّا للعهد حربًا عُدْوانِيّة على شعب اليمن، كان يعتقد أنها ستُكَلَّلُ ب"النّصْرِ المُبِين" بعد بضعة أسابيع، وبعد أكثر من ثلاث سنوات، كثّف الجيش السعودي والإماراتي ومرتزقتهما القصف الجَوِّي، فزاد الدمار والخراب وتشريد المواطنين وعدد الضّحايا، لكن "النّصْرَ المُبِينَ" لم يكن (ولن يكونَ) في المَوْعِد، وأطلق بن سَلْمان خلال الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2017، في الرياض (مشروع بناء "مدينة المستقبل" تحت إسم "نيوم"، بتكلفة قد تصل إلى 500 مليار دولارا، ضمن مشروع "رؤية 2030" الذي أعدّته شركة الإستشارات الأمريكية "ماكنزي"، وَوَرَدَ في تعريف مشروع هذه المدينة: "ستكون نسبة التغطية بشبكة الإنترنت والواي فاي بنسبة 100%، فيما ستكون سيارات النّقل والطّائرات بلا سائقين، وسيتم تمويل إنشاء هذه المدينة من نسبة من أسهم شركة أرامكو للنفط التي سَتُطْرَحُ للبيع في الأسواق العالمية، ومن صندوق الاستثمارات العامة السعودي ومستثمرين محليين وعالميين..."، وورد في المواقع الترويجية للمشروع "ستكون المدينة منطقة حُرّة، مستقلة، تحكمها قوانين وأعراف وُضعتْ خصيصاً لتكون أكثر المدن في العالم جذباً لأفضل المواهب ومركزاً للتجارة والاختراعات والإبداع، وستُؤَدِّي الأنشطة الإقتصادية في المدينة الجديدة ستؤدي إلى الارتقاء بقطاعات الطاقة والمياه والزراعة والصناعة والتعليم والصحة والإعلام والنقل إلخ..."، ويَعْسُر العُثور على وثائق أخرى أو دراسات جدوى المشروع أو رزنامة تنفيذ أو إجابة على أسئلة بديهية من قبيل: لماذا؟ وكيف؟ ومتى؟ وبمن؟، وبدأت الإجابات تَتَساقط عبر وسائل الإعلام السعودية (وهي ليست حُرّة) وعبر تصريحات بن سَلْمان لوسائل الإعلام الأجنبية، وتظْهِرُ هذه المُقْتطفات إن أجنبيا (غير عربي) سيترأس هذا المشروع، (كلاوس كلاينفيلد الذي غادر شركة سيمنس الألمانية سنة 2007 بعد فضيحة فساد بقيمة 420 مليون يورو) وأصبح مُستشارًا خاصًّا لولي العهد (منذ 03/07/2018)، بينما ادّعى ولي العهد إنه يُعَوِّلُ على الشباب السّعودي للإشراف على المشروع وتنفيذه وتطويرِهِ، وتُظْهِرُ الأخبار المُتَفَرِّقَة إن هذه المدينة (نيوم) سوف تُقام على خليج العقبة، شمال غرب السعودية (أي على حدود السعودية ومصر والأردن وفلسطين المحتلة، مما يعني إن الكيان الصهيوني شريك في المشروع وجزء أساسي منه)، وسيَتَضَمّن المشروع تشييد جسر جديد بين مصر والسعودية، بهدف مرور جزء من تجارة منطقة الخليج مع أوروبا عبر السعودية وشمال سيناء، بموافقة ودعم الكيان الصهيوني، بعد لقاءات عديدة جَمعَتْ مسؤولين من السعودية مع مسؤولين من الكيان الصهيوني...
كانت السعودية قد أقَرّت قبل سنوات إنشاء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومركز الملك عبد الله المالي، ولا تزال هذه المشاريع متعثِّرة ولم يتقدّم إنجازها لتكتمل سنة 2020، كما كان مُخَطَّطًا لها، وأبدى العديد من الخُبَراء شكوكًا في قدرة السعودية على تنفيذ مشروع "نيوم" على مساحة تفوق مساحة بلجيكا ولبنان، وبتكلفة 500 مليار دولارا، بالتوازي مع انخفاض أسعار النفط وانخفاض إيرادات الدولة، وخفض البإنفاق الحُكُومي وارتفاع عجز الميزانية إلى قرابة 100 مليار دولارا سنة 2015، مما أدّى إلى اتخاذ قرار خصخصة حصة في شركة "أرامكو" للنفط وخصخصة أصول أخرى مملوكة للدولة لتأسيس أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم من أجل الاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الصناعية، ولكن هذا المشروع لا يتلاءم مع طبيعة النظام السعودي (الذي ينبذ التشاور ويحكم بالقوة والقمع، حتى داخل الأسرة المالكة) ولا مع تركيبته الطبقية والعشائرية، ويتعارض مع طبيعة المرحلة التي تتّسِم بالإنفاق الضخم على العدوان ضد شعب اليمن، وتتسم كذلك بإجراءات التّقَشُّف التي أقرّتْها الحكومة، ومنها خفض الدعم وإقرار ضريبة القيمة المضافة وخصخصة التعليم والصحة وشركة الطيران والمطارات وخفض دور القطاع العام مع خَفْضِ استثمارات الدّولة... لهذه الأسباب وغيرها يُشَكِّكُ العديد من الإقتصادِيِّين والمُتابعين للشّأن السعودي (من أصدقاء آل سعود وليس من أعدائهم) في جدوى ونجاعة هذا المشروع الذي لا يزال بحاجة لتوضيح طُرُق التّمْويل، ومدى قُدْرَة مثل هذه المشاريع على اجتذاب استثمارات القطاع الخاص الذي يريد تقاسم الأرباح (أو الإستحواذ عليها كاملة) وعدم تقاسم المَخاطِر... توجد في السعودية بعض المناطق الخارجة عن المألوف السعودي، ومنها "مُجَمّع أرامكو" على الساحل الشرقي للبلاد، وهو عبارة عن مدينة مُنْسَلِخَة عن السعودية، أو وقع تَوْرِيدُها من ضواحي المُدُن الأمريكية، لأن "أرامكو" شركة أمريكية في الأصل، وأصبحت "أرامكو السعودية" تتمتع بِشِبْه "استقلال داخلي" أو "حكم ذاتي محدود"، ولكي يتواصَلَ إنتاج النّفط، وجب توفير الظروف المُناسِبَة للمُهندِسِين والفَنِّيِّين الأجانب (أي غير العرب)، فأصبحت الحياة في مناطق إنتاج النفط في شرق السعودية (وسُكّانها من أَفْقَر مناطق البلاد) تشبه الحياة في الضواحي الأمريكية، حيث تنعدم الرقابة السعودية وتنتشر المدارس الأجنبية والنوادي الرياضية والحدائق، مع السّماح بالإختلاط بين الرّجال والنّساء، وغي ذلك مِمَّا يُغْري أسر العاملين على الحياة فيها، ووَعد ولي العهد قُرّاء الصّحف الأجنبية بتعميم هذا النّموذج من الحياة العصرية، بصفة تَدْرِيجِيّة... عن موقع "السفير العربي" 11/07/18 + رويترز 29/10/2017
كانت السعودية قد أقَرّت قبل سنوات إنشاء مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومركز الملك عبد الله المالي، ولا تزال هذه المشاريع متعثِّرة ولم يتقدّم إنجازها لتكتمل سنة 2020، كما كان مُخَطَّطًا لها، وأبدى العديد من الخُبَراء شكوكًا في قدرة السعودية على تنفيذ مشروع "نيوم" على مساحة تفوق مساحة بلجيكا ولبنان، وبتكلفة 500 مليار دولارا، بالتوازي مع انخفاض أسعار النفط وانخفاض إيرادات الدولة، وخفض البإنفاق الحُكُومي وارتفاع عجز الميزانية إلى قرابة 100 مليار دولارا سنة 2015، مما أدّى إلى اتخاذ قرار خصخصة حصة في شركة "أرامكو" للنفط وخصخصة أصول أخرى مملوكة للدولة لتأسيس أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم من أجل الاستثمار في البنية التحتية والمشروعات الصناعية، ولكن هذا المشروع لا يتلاءم مع طبيعة النظام السعودي (الذي ينبذ التشاور ويحكم بالقوة والقمع، حتى داخل الأسرة المالكة) ولا مع تركيبته الطبقية والعشائرية، ويتعارض مع طبيعة المرحلة التي تتّسِم بالإنفاق الضخم على العدوان ضد شعب اليمن، وتتسم كذلك بإجراءات التّقَشُّف التي أقرّتْها الحكومة، ومنها خفض الدعم وإقرار ضريبة القيمة المضافة وخصخصة التعليم والصحة وشركة الطيران والمطارات وخفض دور القطاع العام مع خَفْضِ استثمارات الدّولة... لهذه الأسباب وغيرها يُشَكِّكُ العديد من الإقتصادِيِّين والمُتابعين للشّأن السعودي (من أصدقاء آل سعود وليس من أعدائهم) في جدوى ونجاعة هذا المشروع الذي لا يزال بحاجة لتوضيح طُرُق التّمْويل، ومدى قُدْرَة مثل هذه المشاريع على اجتذاب استثمارات القطاع الخاص الذي يريد تقاسم الأرباح (أو الإستحواذ عليها كاملة) وعدم تقاسم المَخاطِر... توجد في السعودية بعض المناطق الخارجة عن المألوف السعودي، ومنها "مُجَمّع أرامكو" على الساحل الشرقي للبلاد، وهو عبارة عن مدينة مُنْسَلِخَة عن السعودية، أو وقع تَوْرِيدُها من ضواحي المُدُن الأمريكية، لأن "أرامكو" شركة أمريكية في الأصل، وأصبحت "أرامكو السعودية" تتمتع بِشِبْه "استقلال داخلي" أو "حكم ذاتي محدود"، ولكي يتواصَلَ إنتاج النّفط، وجب توفير الظروف المُناسِبَة للمُهندِسِين والفَنِّيِّين الأجانب (أي غير العرب)، فأصبحت الحياة في مناطق إنتاج النفط في شرق السعودية (وسُكّانها من أَفْقَر مناطق البلاد) تشبه الحياة في الضواحي الأمريكية، حيث تنعدم الرقابة السعودية وتنتشر المدارس الأجنبية والنوادي الرياضية والحدائق، مع السّماح بالإختلاط بين الرّجال والنّساء، وغي ذلك مِمَّا يُغْري أسر العاملين على الحياة فيها، ووَعد ولي العهد قُرّاء الصّحف الأجنبية بتعميم هذا النّموذج من الحياة العصرية، بصفة تَدْرِيجِيّة... عن موقع "السفير العربي" 11/07/18 + رويترز 29/10/2017