أليس من حق المؤمنين الشماتة بمصائب أعدائهم ؟!
خلق الله تعالى البشرية في حلة قشيبة .. وزينها بمشاعر .. وأحاسيس .. وعواطف شتى وعديدة .. ومتضاربة .. ومتعاكسة .. ومتصادمة .. فالفرح يقابله الحزن .. والغضب يقابله الحِلم .. والحب يعاكسه الكره .. وهكذا..
ولا يستطيع أي مخلوق .. أن يزعم أن هذه المشاعر مذمومة .. أو بعضها مذموم .. وبعضها ممدوح ؟؟؟!!!
وإلا فإنه يكذب قول الله :
( لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ )...
وخاب .. وخسر .. وانتكس من يكذب كلام الله ..
فالمشاعر المزروعة .. المغروسة في جسم الإنسان جميعها على الإطلاق ممدوحة .. ومصممة في أحسن صورة .. حينما تُستعمل حسب الفطرة الربانية .. وحسب الضوابط الربانية .. وكلها موجهة لهدف واحد ..
هو ..
الكفاح .. والسعي .. والجهاد .. للنجاح في الامتحان .. والاختبار .. والإبتلاء الدنيوي ..
وكلها لها دور .. ووظيفة في الحياة البشرية .. وكلها ضرورية .. ويجب المحافظة عليها كاملة .. دون كبت بعضها .. أو طمسه .. وتوجيهها في الطريق المستقيم .. الذي خططه وصممه رب العالمين ..
وما ينبغي .. ولا يجوز لأي مخلوق أن يدعو إلى حذف .. أو إلغاء .. أو كبت أي صفة من هذه الصفات الفطرية البشريعة .. تحت أي ذريعة أو حجة !!!
ومن يفعل ذلك ..
فإنما يتهم رب العالمين بالعبث .. وسوء الخَلق .. وفساد الصنع – تعالى الله سبحانه عن ذلك علوا كبيرا –
فكلها زُرعت في نفس الإنسان عن قصد .. ولحكمة بالغة ..
فالذين يدعون – مثلا – إلى إلغاء الكراهية تحت ذريعة .. أنها تمزق المجتمع .. وتقوض استقراره .. وتفرق بين كياناته .. وعناصره .. وتفسد اللحمة الوطنية !!!
إنما يريدون إشاعة الشهوات .. ونشر الكفر .. والفسوق .. والمجون .. والاستبداد .. والطغيان.. ومطالبة الناس بعدم كراهيتها .. ومساواتها في الحب مع الفضيلة .. والصلاح .. والتقوى .. والعدل .. والحرية ..
إنهم يريدون تمييع القِيَم .. وإفساد الأخلاق .. وتهديم عرى الدين .. وطمس معالمه .. والمساواة بين المؤمن والكافر في الحب .. والقضاء على أصل أصيل من الدين .. وهو الولاء والبراء ..
علما بأن الله جل في علاه .. يكره بعض الأشياء .. بل يتصف بمعظم الصفات التي جَبَل عليها عبيده .. ماعدا الصفات المتضمة قصورا .. ونقصا .. وعجزا .. مثل : الحزن .. والجوع .. والعطش .. والتعب .. والمرض .. والنوم .. فإنه سبحانه بريء منها .. لأنه كامل لا يعتريه أي نقص .. وقائم بذاته لا يحتاج إلى مساعدة .. بل هو الذي يزود عبيده بالمساعدة ..
وقد جاء في صحيح البخاري :
( كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنْ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ) ..
فالله جل جلاله يكره بعض الأشياء ..
ولكن الطغاة والفاسدين .. يريدون إلغاء .. وحذف هذه الصفة من الناس .. كي لا يكرهوا أعمالهم القبيحة .. الفاسدة .. الظالمة !!!
بل يحبونهم .. ويبجلونهم .. ويعظمونهم .. دائما وأبدا ..
ويحبون الشر والأشرار .. كحبهم للخير والأخيار .. ويحبون الباطل كحبهم للحق !!!
ومن ضمن المشاعر الجياشة التي زرعها الله في نفوس البشر ..
هي ..
السرور .. والفرح .. والبهجة بما يصيب الأعداء .. من مصائب .. وكوارث ربانية .. وهزائم على يد جنود الله ..
ولذلك أمر الله تعالى عباده المؤمنيين .. بقتال الكافرين .. لكي يُفَرِجوا عن قلوبهم مما فيها من غيظ .. ويشفوا صدورهم .. ويفرحوا بنكال عدوهم .. ويشمتوا بخزيهم .. واندحارهم :
( قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ﴿١٤﴾ وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ ) ..
فالشماتة بالعدو .. حق طبيعي للإنسان .. الذي ركب الله فيه هذه المشاعر .. والأحاسيس .. بحيث أن كل فريق من البشر .. يشمت بمصاب الفريق الآخر ..
فالكافرون يشمتون بما يصيب المؤمنين من مصائب ..
( إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ ) ..
وكذلك المؤمنون – وهم بشر أيضا – من حقهم أن يشمتوا .. ويفرحوا بمصائب عدوهم ..
والرسل جميعهم .. من لدن نوح إلى خاتمهم محمد صلوات الله عليهم أجمعين .. قد دعوا على قومهم بالعذاب .. والفناء .. وإنزال العقاب الشديد بهم .. لما أصابهم منهم من ضر .. وأذى .. وابتلاء شديد ..
( وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا ) ..
وهذا موسى عليه السلام .. يدعو على فرعون .. وملئه بأن يطمس على أموالهم .. ويشدد على قلوبهم ..
( وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ )..
وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم .. الموصوف بأنه رؤوف رحيم بأمته .. وبأنه سيد البشرية طرا .. فقد وصفه الله تعالى وأصحابه .. بأنهم أشداء على الكفار ..
( مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ ) ..
وها هو الرسول الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم .. يرفع كفيه إلى السماء في أثناء الصلاة بعد الرفع من الركوع .. ويدعو بقلب منكسر .. متذلل إلى الله .. أن يصيب مضر بالجدب والقحط ..
( وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ ) ..
لماذا دعا كل الرسل على قومهم ؟؟؟!!!
أليس ليصيبهم الهلاك .. والبوار .. والعذاب الشديد من المنتقم الجبار ؟؟؟!!!
ثم أليس ليشفي الله صدورهم .. ويُسَرِي عن قلوبهم .. ويَمسح أحزانهم .. ويُفرح أفئدتهم بما يصيب قومهم من كوارث .. ومصائب جزاء ما آذوهم .. وأضروهم ؟؟؟!!!
وهذه هي الشماتة بمصائب الأعداء .. بعينها ..
فمن الذي يتجرأ على الله ورسوله .. ويزعم أن الشماتة بالأعداء مذمومة .. وقبيحة .. ونقيصة لا تليق بالمؤمنين ؟؟؟!!!
بل ويدعو للأعداء بالشفاء من أمراضهم .. وكشف الضر .. والأذى عنهم !!!
إلا أن يكون جاهلا .. أحمق .. أبله !!!
أو .. أنه من صفوف الأعداء .. يحزن لحزنهم .. ويفرح لفرحهم !!!
أو .. أن يضع نفسه بمستوى أعلى .. وأرفع من الله .. ورسله !!!
وما هذا .. إلا عبد أخرق .. أهوج .. أرعن !!!
فما ينبغي لأحد في الدنيا .. أن يمنع المؤمنين من الفرح .. والسرور .. والشماتة بمصائب أعدائهم المجرمين .. القاتلين .. الظالمين ..
وما ينبغي لأحد أن يحرم المؤمنين من الحق الرباني .. الذي وهبهم الله إياه .. في أن يشف صدورهم .. ويذهب غيظ قلوبهم .. بالكوارث .. والأمراض التي تصيب أعداءهم ..
الاثنين 4 ربيع أول 1440
12 ت2 2018
د. موفق السباعي
مفكر ومحلل سياسي
خلق الله تعالى البشرية في حلة قشيبة .. وزينها بمشاعر .. وأحاسيس .. وعواطف شتى وعديدة .. ومتضاربة .. ومتعاكسة .. ومتصادمة .. فالفرح يقابله الحزن .. والغضب يقابله الحِلم .. والحب يعاكسه الكره .. وهكذا..
ولا يستطيع أي مخلوق .. أن يزعم أن هذه المشاعر مذمومة .. أو بعضها مذموم .. وبعضها ممدوح ؟؟؟!!!
وإلا فإنه يكذب قول الله :
( لَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ فِيٓ أَحۡسَنِ تَقۡوِيمٖ )...
وخاب .. وخسر .. وانتكس من يكذب كلام الله ..
فالمشاعر المزروعة .. المغروسة في جسم الإنسان جميعها على الإطلاق ممدوحة .. ومصممة في أحسن صورة .. حينما تُستعمل حسب الفطرة الربانية .. وحسب الضوابط الربانية .. وكلها موجهة لهدف واحد ..
هو ..
الكفاح .. والسعي .. والجهاد .. للنجاح في الامتحان .. والاختبار .. والإبتلاء الدنيوي ..
وكلها لها دور .. ووظيفة في الحياة البشرية .. وكلها ضرورية .. ويجب المحافظة عليها كاملة .. دون كبت بعضها .. أو طمسه .. وتوجيهها في الطريق المستقيم .. الذي خططه وصممه رب العالمين ..
وما ينبغي .. ولا يجوز لأي مخلوق أن يدعو إلى حذف .. أو إلغاء .. أو كبت أي صفة من هذه الصفات الفطرية البشريعة .. تحت أي ذريعة أو حجة !!!
ومن يفعل ذلك ..
فإنما يتهم رب العالمين بالعبث .. وسوء الخَلق .. وفساد الصنع – تعالى الله سبحانه عن ذلك علوا كبيرا –
فكلها زُرعت في نفس الإنسان عن قصد .. ولحكمة بالغة ..
فالذين يدعون – مثلا – إلى إلغاء الكراهية تحت ذريعة .. أنها تمزق المجتمع .. وتقوض استقراره .. وتفرق بين كياناته .. وعناصره .. وتفسد اللحمة الوطنية !!!
إنما يريدون إشاعة الشهوات .. ونشر الكفر .. والفسوق .. والمجون .. والاستبداد .. والطغيان.. ومطالبة الناس بعدم كراهيتها .. ومساواتها في الحب مع الفضيلة .. والصلاح .. والتقوى .. والعدل .. والحرية ..
إنهم يريدون تمييع القِيَم .. وإفساد الأخلاق .. وتهديم عرى الدين .. وطمس معالمه .. والمساواة بين المؤمن والكافر في الحب .. والقضاء على أصل أصيل من الدين .. وهو الولاء والبراء ..
علما بأن الله جل في علاه .. يكره بعض الأشياء .. بل يتصف بمعظم الصفات التي جَبَل عليها عبيده .. ماعدا الصفات المتضمة قصورا .. ونقصا .. وعجزا .. مثل : الحزن .. والجوع .. والعطش .. والتعب .. والمرض .. والنوم .. فإنه سبحانه بريء منها .. لأنه كامل لا يعتريه أي نقص .. وقائم بذاته لا يحتاج إلى مساعدة .. بل هو الذي يزود عبيده بالمساعدة ..
وقد جاء في صحيح البخاري :
( كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنْ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا قِيلَ وَقَالَ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ) ..
فالله جل جلاله يكره بعض الأشياء ..
ولكن الطغاة والفاسدين .. يريدون إلغاء .. وحذف هذه الصفة من الناس .. كي لا يكرهوا أعمالهم القبيحة .. الفاسدة .. الظالمة !!!
بل يحبونهم .. ويبجلونهم .. ويعظمونهم .. دائما وأبدا ..
ويحبون الشر والأشرار .. كحبهم للخير والأخيار .. ويحبون الباطل كحبهم للحق !!!
ومن ضمن المشاعر الجياشة التي زرعها الله في نفوس البشر ..
هي ..
السرور .. والفرح .. والبهجة بما يصيب الأعداء .. من مصائب .. وكوارث ربانية .. وهزائم على يد جنود الله ..
ولذلك أمر الله تعالى عباده المؤمنيين .. بقتال الكافرين .. لكي يُفَرِجوا عن قلوبهم مما فيها من غيظ .. ويشفوا صدورهم .. ويفرحوا بنكال عدوهم .. ويشمتوا بخزيهم .. واندحارهم :
( قَٰتِلُوهُمۡ يُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَيۡدِيكُمۡ وَيُخۡزِهِمۡ وَيَنصُرۡكُمۡ عَلَيۡهِمۡ وَيَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمٖ مُّؤۡمِنِينَ ﴿١٤﴾ وَيُذۡهِبۡ غَيۡظَ قُلُوبِهِمۡۗ ) ..
فالشماتة بالعدو .. حق طبيعي للإنسان .. الذي ركب الله فيه هذه المشاعر .. والأحاسيس .. بحيث أن كل فريق من البشر .. يشمت بمصاب الفريق الآخر ..
فالكافرون يشمتون بما يصيب المؤمنين من مصائب ..
( إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ ) ..
وكذلك المؤمنون – وهم بشر أيضا – من حقهم أن يشمتوا .. ويفرحوا بمصائب عدوهم ..
والرسل جميعهم .. من لدن نوح إلى خاتمهم محمد صلوات الله عليهم أجمعين .. قد دعوا على قومهم بالعذاب .. والفناء .. وإنزال العقاب الشديد بهم .. لما أصابهم منهم من ضر .. وأذى .. وابتلاء شديد ..
( وَقَالَ نُوحٞ رَّبِّ لَا تَذَرۡ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ دَيَّارًا ) ..
وهذا موسى عليه السلام .. يدعو على فرعون .. وملئه بأن يطمس على أموالهم .. ويشدد على قلوبهم ..
( وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ ءَاتَيۡتَ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَأَهُۥ زِينَةٗ وَأَمۡوَٰلٗا فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَۖ رَبَّنَا ٱطۡمِسۡ عَلَىٰٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ وَٱشۡدُدۡ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ فَلَا يُؤۡمِنُواْ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ )..
وحتى الرسول صلى الله عليه وسلم .. الموصوف بأنه رؤوف رحيم بأمته .. وبأنه سيد البشرية طرا .. فقد وصفه الله تعالى وأصحابه .. بأنهم أشداء على الكفار ..
( مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ ) ..
وها هو الرسول الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وسلم .. يرفع كفيه إلى السماء في أثناء الصلاة بعد الرفع من الركوع .. ويدعو بقلب منكسر .. متذلل إلى الله .. أن يصيب مضر بالجدب والقحط ..
( وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ يَدْعُو لِرِجَالٍ فَيُسَمِّيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ وَأَهْلُ الْمَشْرِقِ يَوْمَئِذٍ مِنْ مُضَرَ مُخَالِفُونَ لَهُ ) ..
لماذا دعا كل الرسل على قومهم ؟؟؟!!!
أليس ليصيبهم الهلاك .. والبوار .. والعذاب الشديد من المنتقم الجبار ؟؟؟!!!
ثم أليس ليشفي الله صدورهم .. ويُسَرِي عن قلوبهم .. ويَمسح أحزانهم .. ويُفرح أفئدتهم بما يصيب قومهم من كوارث .. ومصائب جزاء ما آذوهم .. وأضروهم ؟؟؟!!!
وهذه هي الشماتة بمصائب الأعداء .. بعينها ..
فمن الذي يتجرأ على الله ورسوله .. ويزعم أن الشماتة بالأعداء مذمومة .. وقبيحة .. ونقيصة لا تليق بالمؤمنين ؟؟؟!!!
بل ويدعو للأعداء بالشفاء من أمراضهم .. وكشف الضر .. والأذى عنهم !!!
إلا أن يكون جاهلا .. أحمق .. أبله !!!
أو .. أنه من صفوف الأعداء .. يحزن لحزنهم .. ويفرح لفرحهم !!!
أو .. أن يضع نفسه بمستوى أعلى .. وأرفع من الله .. ورسله !!!
وما هذا .. إلا عبد أخرق .. أهوج .. أرعن !!!
فما ينبغي لأحد في الدنيا .. أن يمنع المؤمنين من الفرح .. والسرور .. والشماتة بمصائب أعدائهم المجرمين .. القاتلين .. الظالمين ..
وما ينبغي لأحد أن يحرم المؤمنين من الحق الرباني .. الذي وهبهم الله إياه .. في أن يشف صدورهم .. ويذهب غيظ قلوبهم .. بالكوارث .. والأمراض التي تصيب أعداءهم ..
الاثنين 4 ربيع أول 1440
12 ت2 2018
د. موفق السباعي
مفكر ومحلل سياسي