وهم بعض الناس أن ابن خلدون يصف العرب بأوصلف سيئة:
=================================
*********
لو رجعنا إلى ما كتبه ابن خلدون في مقدمته وتفهمناه جيداً لوجدنا أن الرجل لم يقصد الإساءة إلى العرب كما توهم بعض الباحثين وكما أشاعوا ذلك بين الناس، وإنما هو قسم العرب إلى ثلاثة أقسام حسب مهنة كل قسم منهم: فالحضر هم أهل المدن والتجمعات السكانية الكبيرة وعملهم في التجارة وبعض الصناعات [والبدو في رأيه] هم من يرعون الشاء والإبل ومنهم أهل الفلح (أو أهل الأرياف العاملون في الزراعة وتربية الحيوانات الرعوية). والقسم الثالث هم [الأعراب الجفاة] المشتغلون برعي الإبل والشاء، والموغلون في الصحراء البعيدون عن العمران، فهؤلاء هم الذين قال عنهم ابن خلدون أنهم إذا دخلوا مكاناً اسرع إليه الخراب وأنهم يقتلعون ما في المباني من أخشاب لإيقاد نيرانهم وهم أجلاف قساة ويأكلون حتى الخنافس والجرابيع [والعلهز وهو الجلد القاسي بعد أن يغلوه في الماء غليا شديداً...إلخ]. ويؤخذ على ابن خلدون (بمقاييس علم الاجتماع المعاصر) أنه ضم أهل الريف إلى البدو وكأنهم جزء منهم وأنه جعل المهنة فقط هي علامة البداوة أو الحضارة، هذا جانب؛ وأما الجانب الآخر فهو أن ابن خلدون عندما بحث في الإمامة (أي في الحكم وتولي السلطة) أكد أن العرب يمتازون (بالأنفة) وأنهم لا ينقادون إلا لنبي أو لذي عصبية قوية، ولهذا كان يجب أن تكون الخلافة في قريش لأنها أعز قبائل العرب، فالخليفة الذي من قريش له (عزوة) قوية بها يفرض هيبته ويروّض هذه (الأنفة) المشهورة بعدم الانضباط إلا لواحد من شيئين هما: القناعة والإيمان (كما كان شأنهم مع النبوة) أو العصبية القوية. ولهذا فإن ابن خلدون (عالم الاجتماع المفكر) استعان بابن خلدون (المؤرخ) فاستقرأ التاريخ ليكتب ما كتب. ومن الخطأ الفادح أن نبقى حبيسين في فكر ابن خلدون وأن نعمم جزءاً سلبي النظرة إلى [الأعراب الجفاة] لنشمل به كل العرب، متجاهلين كل الظروف التاريخية القاسية التي ما زالت تطحن كل إنجاز عربي على يد أعداء لا يرحمون ولا همَّ لهم سوى تفتيت هذه الأمة وعدم السماح لها تحت أي ظرف أن تبرز بصفتها قوةً حضاريةً تنافسهم وتهدد مصالحهم وهيمنتهم على العالم بكل مقدراته الاقتصادية التي يفعلون في سبيلها الأفاعيل الهمجية التي تخلو من الإنسانية ومن كل معنى كريم.
*******************************************************
الشاعر حسن منصور
=================================
*********
لو رجعنا إلى ما كتبه ابن خلدون في مقدمته وتفهمناه جيداً لوجدنا أن الرجل لم يقصد الإساءة إلى العرب كما توهم بعض الباحثين وكما أشاعوا ذلك بين الناس، وإنما هو قسم العرب إلى ثلاثة أقسام حسب مهنة كل قسم منهم: فالحضر هم أهل المدن والتجمعات السكانية الكبيرة وعملهم في التجارة وبعض الصناعات [والبدو في رأيه] هم من يرعون الشاء والإبل ومنهم أهل الفلح (أو أهل الأرياف العاملون في الزراعة وتربية الحيوانات الرعوية). والقسم الثالث هم [الأعراب الجفاة] المشتغلون برعي الإبل والشاء، والموغلون في الصحراء البعيدون عن العمران، فهؤلاء هم الذين قال عنهم ابن خلدون أنهم إذا دخلوا مكاناً اسرع إليه الخراب وأنهم يقتلعون ما في المباني من أخشاب لإيقاد نيرانهم وهم أجلاف قساة ويأكلون حتى الخنافس والجرابيع [والعلهز وهو الجلد القاسي بعد أن يغلوه في الماء غليا شديداً...إلخ]. ويؤخذ على ابن خلدون (بمقاييس علم الاجتماع المعاصر) أنه ضم أهل الريف إلى البدو وكأنهم جزء منهم وأنه جعل المهنة فقط هي علامة البداوة أو الحضارة، هذا جانب؛ وأما الجانب الآخر فهو أن ابن خلدون عندما بحث في الإمامة (أي في الحكم وتولي السلطة) أكد أن العرب يمتازون (بالأنفة) وأنهم لا ينقادون إلا لنبي أو لذي عصبية قوية، ولهذا كان يجب أن تكون الخلافة في قريش لأنها أعز قبائل العرب، فالخليفة الذي من قريش له (عزوة) قوية بها يفرض هيبته ويروّض هذه (الأنفة) المشهورة بعدم الانضباط إلا لواحد من شيئين هما: القناعة والإيمان (كما كان شأنهم مع النبوة) أو العصبية القوية. ولهذا فإن ابن خلدون (عالم الاجتماع المفكر) استعان بابن خلدون (المؤرخ) فاستقرأ التاريخ ليكتب ما كتب. ومن الخطأ الفادح أن نبقى حبيسين في فكر ابن خلدون وأن نعمم جزءاً سلبي النظرة إلى [الأعراب الجفاة] لنشمل به كل العرب، متجاهلين كل الظروف التاريخية القاسية التي ما زالت تطحن كل إنجاز عربي على يد أعداء لا يرحمون ولا همَّ لهم سوى تفتيت هذه الأمة وعدم السماح لها تحت أي ظرف أن تبرز بصفتها قوةً حضاريةً تنافسهم وتهدد مصالحهم وهيمنتهم على العالم بكل مقدراته الاقتصادية التي يفعلون في سبيلها الأفاعيل الهمجية التي تخلو من الإنسانية ومن كل معنى كريم.
*******************************************************
الشاعر حسن منصور