المشروع الأمريكي "شرق أوسط كبير" ...
بين ضرب المنظومة الثقافية و تغيير الجغرافيا السياسية للمسلمين و بلادهم :
إن المشاريع الخبيثة و الجرائم النكراء والمؤامرات السياسية التي تقوم بها امريكا والغرب الكافر من ورائها في منطقة العالم الاسلامي ليس بجديد بل ان هذه المشاريع وتلك المؤامرات هى استمرار لدور المستعمر السابق شبرا بشبر وذراعا بذراع سوى بعض المتغيرات التي تقتضيها في الوقت الحالي المصلحة الامريكية حيث انه لا يخفى على كل ذي عينين ان الغرب الكافر اللئيم كان وما زال يصد عن سبيل الله يبغي عوجا ، كيف لا ،وهجماته الشرسة سواء كانت على الصعيد الفكري والعسكري اواضاليله السياسية تشهد على حقده الدفين للاسلام واهله قال تعالى قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) ..
و عليه فان المشروع الامريكي شرق اوسط كبير ليس بجديد من حيث الجوهر والمضمون حيث انه كان في الماضي مشاريع استعمارية سطرها مفكرين وسياسيين غربيين تتعلق في منطقة العالم الاسلامي فعلى سبيل المثال ما جاء في كتاب ( الاسلام قوة الغد ) للرحالة "بول اشميد" حيث يقول اشميد في هذا الكتاب ( ان مقومات القوة في الشرق الاسلامي تنحصر في عوامل ثلاثة :
1- في قوة الاسلام كدين وفي الاعتقاد به وفي مُثله ومؤاخاته بين مختلفي الجنس واللون والثقافة .
2- في وفرة مصادر الثروة الطبيعية في رقعة الشرق الاسلامي وتمثيل هذه المصادر العديدة لوجهة اقتصادية سليمة قوية ولاكتفاء ذاتي لا يدع للمسلمين في حاجة مطلقا الى اوروبا او غيرها اذا ما تقاربوا او تعاونوا .
3- خصوبة النسل البشري لدى المسلمين مما جعل قوتهم العددية قوة متزايدة .
ثم يقول اشميد " فاذا اجتمعت هذه القوى الثلاث فتأخى المسلمون على وحدة العقيدة وتوحيد الله وغطت ثروتهم الطبيعية حاجة تزيد عددهم كان الخطر الاسلامي خطرا منذرا بفناء اوروبا وبسيادة عالمية في منطقة هى مركز العالم كله " ثم يقترح اشميد ان يتضامن الغرب شعوبا وحكومات ويعيدوا الحروب الصليبية في صورة اخرى ملائمة للعصر ولكن باسلوب نافذ وحاسم ولو تاملنا كتاب اشميد جيدا لاكتشفنا انه يتحدث عن صدام الحضارات دون ان يستخدم هذا المصطلح ويتحدث عن ضرورة تفكيك عناصر القوة في منطقة العالم الاسلامي قبل ان تتحول هذه المنطقة الى مارد يهدد اوروبا بالفناء وهذا عين ما تقوم به امريكا اليوم حرب صليبية في صورة ملائمة للعصر وعلى هذا الاساس يقوم المشروع الامريكي شرق اوسط كبير , اى من اجل تفكيك عناصر القوة في منطقة العالم الاسلامي حتى لا تقوم للمسلمين قائمة على الرغم من واقع المسلمين وما يعتريه من ضعف ووهن وارادة مسلوبة، ومع كل ذلك يسعى الغرب الكافر جاهدا تحويل واقع المسلمين من حالة الضعف ، والوهن ، والارادة المسلوبة، الى حالة الشلل التي يستحيل معها ان تستفيق امة الاسلام من غفوتها ، وتستعيد مكانة الصدارة بين الامم كسابق عهدها .
وعليه فانه من خلال التتبع السياسي ورصد تصريحات وتعليقات مفكرين وسياسيي امريكا وتتبع مجريات الاحداث في منطقة العالم الاسلامي لوحظ ان امريكا طرحت مشروعها الخبيث "شرق اوسط كبير" الذي غلفته بكلمات براقة مثل "الربيع العربي" والذي يقوم على عدة ركائز اهمها وابرزها :
اولا :- ضرب ما تبقى من المنظومة الثقافية عند المسلمين
ثانيا :- تغيير الجغرافيا السياسية على اسس طائفية واثنية .
اولا:- ضرب المنظومة الثقافية عند ابناء المسلمين وهذا ليس بجديد حيث ان العمل على ضرب المنظومة الثقافية عند المسلمين كان قبل هدم دولة الخلافة واستمر بعدها فها هى مجلة روز اليوسف تنقل في عددها
بتاريخ 29/6/1963 لأحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية ما قاله عام 1952م وقد جاء فيه ما يلي :" ليست الشيوعية خطراً على أوروبا فيما يبدو لي ، إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا تهديداً مباشراً وعنيفاً هو الخطر الإسلامي ، فالمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي ، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم ، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة ، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد ، دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية ، فإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في النطاق الواسع ، انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الثمين ، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الحضارة الغربية ، ويقذفون برسالتنا إلى متاحف التاريخ ، وقد حاولنا نحن الفرنسيين خلال حكمنا الطويل للجزائر أن نتغلب على شخصية الشعوب المسلمة ، فكان الإخفاق الكامل نتيجة مجهوداتنا الكبيرة الضخمة ، إن العالم الإسلامي عملاق مقيد ، عملاق لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافاً تاماً ، فهو حائر وهو قلق ، وهو كاره لانحطاطه وتخلفه ، وراغب رغبة يخالطها الكسل والفوضى في مستقبل أحسن وحرية أوفر .. فلنعط هذا العالم الإسلامي ما يشاء ، ولنقو في نفسه الرغبة في عدم الإنتاج الصناعي والفني حتى لا ينهض ، فإذا عجزنا عن تحقيق هذا الهدف ، بإبقاء المسلم متخلفاً ، وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه ، فقد بؤنا بإخفاق خطير ، وأصبح خطر العالم العربي وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطراً داهماً ينتهي به الغرب ، وتنتهي معه وظيفته الحضارية كقائد للعالم " . وكذلك مراكز الابحاث والدراسات في امريكا تشير الى خطر الاسلام وكما توقعت انهيار الاتحاد السوفيتي وكان هذا قبل انهياره فانها كذلك توقعت انهيار الولايات المتحدة واشارت الى ان المنطقة المرشحة ان تنشأ قوة عظمى فيها على انقاض الامبرطوريات التي تسقط هى منطقة الشرق الاوسط لانه تتوفر فيها مقومات القوة التي اشار اليها اشميد في كتابه ( الاسلام قوة الغد )
ومع ان مريكا والغرب الكافر من ورائها اغرق ابناء الامة الاسلامية في ملذات الحياة من ناحية ومن ناحية اخرى اشغلها في سد رمق الحياة حتى تستهلك وقتهم وتستحوذ على تفكيرهم بحيث لا يبقى لديهم الوقت اللازم للتفكير في غير همومهم الشخصية الانية المتجددة وليس هذا وحسب بل دفعتها لاعتناق افكار الوطنية والقومية والاشتراكية والديمقراطية وراحت تحارب الاسلام بكل الوسائل والاساليب من خلال وسائل الاعلام ومناهج التعليم وكتاب الفكر الهدام حتى تألف الامة هذا الواقع الممسوخ الفاسد المرير ولكن كيد الشيطان ضعيف فالامة ما زالت تقف موقف العداء من الغرب الكافر واعوانه ولم تكفر بالاسلام ولم تعتنق الديمقراطية وها هى تنبذ القومية والوطنية العفنة بعد ان ذاقت ويلاتها، ومع ان الصراع الفكري بين الامة الاسلامية والغرب الكافر ما زال على اشده والحرب الامريكية على الاسلام ما زالت تدور رحاها , وبلاد المسلمين ما زالت مليئة بالمستعمرات الجرثومية الفكرية التي غرسها الكافر المستعمر وتعهدها ليحافظ على بقائها اطول مدة ممكنة تفتك بالجسم الاسلامي وتمزق فيه حتى تتحطم الامة الاسلامية تحطيما بوصفها امة اسلامية وحتى يكون لها ما تريد من تفكيك عناصر القوة عند الامة الاسلامية . وحتى تلقى جيوش المستعمرات الجرثومية الفكرية القبول عند ابناء الامة فان امريكا تحاول التمويه من خلال تغيير الاقنعة والاردية ونعال اللصوص لعله بذلك تنجح في ترويض المسلمين لاعتناق دين امريكا الجديد "الديمقراطية" , ومن اجل ذلك اعلنت عن مشروعها شرق اوسط كبير امعانا في تضليل المسلمين
لذلك نرى ان اصحاب العقول الخربة من ابناء جلدتنا ويتكلمون لغتنا الذين جيشتهم امريكا والغرب الكافر من ورائها لتخريب بنيان المسلمين الذي اسس على التقوى نعم نراهم قد لبسوا ثوب المصلحين والاتقياء ويدعون الغيرة على الاسلام مع انهم جندوا انفسهم خدمة لامريكا والغرب الكافر من ورائها فها هم ينادون " بالدولة المدنية " ويروجون للديمقراطية والنظام الديمقراطي والادعاء بانه يشبه الشورى ويحاولون اثبات ان الخلافة صورة تطبيقية تاريخية وليست مطلبا يأمر به الشرع ويهللون للديمقراطية وتحرير المرأة والحريات وطبعا كل هذا من اجل ان يتخلى ابناء الامة الاسلامية عن كل القيم الخلقية والاجتماعية ويسترخصون العرض ويستسيغون العهر والرذيلة ويستمرئون الربا ويألفون الذل والهوان ويرضون بالتبعية لامريكا
وحتى تنجح امريكا بضرب المنظومة الثقافية عند المسلمين وبخاصة في ما يتعلق في نظام الحكم كان لا بد لها من اسقاط الانظمة القائمة حيث انها صارت مكشوفة ومفضوحة بعمالتها وتبعيتها للغرب الكافر المستعمر، ومن الخبث والدهاء الامريكي جعلت انجاز هذه المهمة اى اسقاط الانظمة القائمة في منطقة العالم الاسلامي من خلال الشعوب , امعانا في تضليلها وبخاصة ان السياسة المعهودة لامريكا في تنفيذ مشاريعها دفع الشعوب للمطالبة بتنفيذ المشاريع الامريكية وكأنها مطالب الشعوب ، واملا يسعى الناس لتحقيقه كما حصل في فصل الجنوب عن السودان او اخراج الجيش السوري من لبنان عام 2005 او المجىء في عميل امريكا الخميني على راس الحكم في ايران من خلال ثورة شعبية.
وعليه فان امريكا هى التي اشعلت ثورات ما يسمى " الربيع العربي " وكانت وراء اسقاط نظام بن علي في تونس ومبارك في مصر والقذافي في ليبيا وصالح في اليمن كما ان امريكا هى من وراء تدمير سوريا وتفكيك بنيتها التحتية وتقتيل وتشريد اهلها، ولكن المصيبة العظيمة والخطب الجلل هو انجذاب الكثير من ابناء الامة الاسلامية الى نار امريكا كما ينجذب الفراش الى النار وذهب البعض من الذين يدعون الوعى السياسي يباركون ثورات امريكا ويستبشرون النصر من ورائها !!! ويظن البعض منهم ان هذه الثورات ذاتية وعفوية وان امريكا والغرب الكافر من ورائها تفاجأ بها ويحاول ركوب موجتها . ولكن كيف تفاجأ بها ؟! وعلى سبيل المثال مصر تعج بالقواعد العسكرية الامريكية وقوات التدخل السريع وتعاون مخابراتي على اعلى المستويات حيث انه بتاريخ 4/8/2008 القى افي ديختير وزير الامن الداخلي الاسرائيلي السابق في معهد ابحاث الامن القومي قال فيها ( ان الولايات المتحدة واسرائيل تقومان بتدعيم الركائز الاساسية التي يستند اليها النظام في مصر , ومن بين هذه الركائز نشر نظام للرقابة والرصد والانذار قادر على تحليل الحيثيات التي يجري جمعها وتقييمها ووضعها تحت تصرف القيادات في واشنطن والقدس والقاهرة , ومن الركائز ايضا الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز في النقاط الحساسة بالعاصمة القاهرة ومرابطة قطع بحرية وطائرات امريكية في قواعد داخل مصر وبجوارها في السويس والغردقة ورأس نياس )
وحسب الكاتب والصحفي الأمريكي وليم أركن في الجزء الخاص بمصر في مجلده الضخم «الأسماء المشفرة» فإن «العلاقة الأمنية حميمة جدا بين المخابرات المصرية و«السي أي إيه» وتعتبر مصر أحد الشركاء العرب الصامتين، الذين يستضيفون القوات الأمريكية خفية، ويتعاونون مع المؤسسة العسكرية الأمنية الأمريكية، ويدعمون العمليات الأمريكية دائماً تقريباً» (صفحة 110).
وحسب اقوال أركن، كانت توجد وقت أحداث 11 سبتمبر قاعدتان عسكريتان تابعتان للقيادة الوسطي الأمريكية في مصر، بالإضافة لعشرين مرفقاً عسكرياً مصرياً تحت تصرف القيادة الوسطي الأمريكية
طبعا هذا المعلن والمخفي اعظم فكيف يظن البعض ان ثورة مصر جاءت على خلاف رغبة امريكا وتفاجأت بها وتحاول ركوبها وهذا هو حال مصر ارض الاسلام قد تغلغلت في ربوعها اجهزة الاستخبارات الامريكية وقوات التدخل السريع من المارينز وتعج بانظمة الرقابة والرصد والانذار هذا بالاضافة الى ان قادة الثورة سواء من شباب ( فريدوم هاوس ) او احزاب المعارضة مثل البرادعي وايمن نور وقيادات الاخوان كلهم ادوات لامريكا ؟!! كيف لا وقد اثبتت الحقائق ان قادة الثورة في مصر واليمن والبحرين وغيرها من البلاد تعلموا في " مركز تطبيق الفعاليات والاستراتيجية بدون عنف " والجدير بالذكر ان منظمتين امريكيتين تقفان وراء تمويل هذا المركز وهما المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني هذا بالاضافة الى منظمة فريدوم هاوس او ما يسمى بيت الحرية مع العلم ان هذه المنظمات على علاقة وثيقة بالمخابرات الامريكية " cia " وهل بعد كل ذلك تبقى هذه الثورات الامريكية مباركة في نظر البعض !!!!
ان امريكا تقصد من وراء اسقاط هذه الانظمة السياسية واستبدالها بنظم شعبية وكذلك المجىء باصحاب العقول الخربة والنفوس المريضة وقد البستهم ثوب المصلحين والاتقياء نعم البستهم ثوب الاسلام من اجل المشاركة في الحكم وهذا بدا واضحا منذ زمن من خلال تصريحات المسؤلين الامريكان حيث جاء في تصريحات ريتشارد هاس مدير ادارة التخطيط السياسي( ان الولايات المتحدة لا تخشى وصول تيارات اسلامية الى السلطة لتحل محل الانظمة القمعية العربية التي تتسبب بتكميمها الافواه في اندلاع اعمال الارهاب ولكن شريطة ان تصل للحكم بوسائل ديمقراطية ) وهذا ما اكدت عليه كوندليزا رايس من قبل حيث قالت (ان الولايات المتحدة مقتنعة باهمية التحاور مع الاسلاميين في المنطقة العربية وان امريكا لا تخشى وصول تيارات اسلامية الى السلطة) وكذلك اعلان هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية " ان الولايات المتحدة تواصل الاتصالات المحدودة مع جماعة الاخوان المسلمين في اطار العملية الانتقالية في مصر " وإعلن المتحدث باسم الاخوان محمد سعد الكتاتني (في تصريح الى وكالة رويترز) " ان الجماعة ترحب بأي اتصالات رسمية مع الولايات المتحدة لتوضيح رؤيتها " وها نحن اليوم نرى كيف اوصلت امريكا عملائها من دعاة ما يسمى "الاسلام المعتدل" الى الحكم في مصر وتونس وتركيا من قبل ولكن من دون الاسلام حيث ان وظيفة هذه الانظمة " الشعبية" " المتأسلمة " التلويث الفكري في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية تحت يافطات وشعارات متعددة , هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تعزيز القول " عدم صلاحية تطبيق الشريعة الاسلامية " " وضرورة التماذج بين الاسلام والعلمانية " متخذين من نظام الحكم في تركيا نموذجا يحتذى به.
من خلال تنفير المسلمين من افكار الاسلام من اجل الكفر بها وبخاصة الافكار التي تتوحد عليها الامة مثل (افكار العقيدة) و (الخلافة) و (الجهاد) ، وهذا من خلال التناحر الفكري بين ما يسمى "الاسلام المعتدل" و"الاسلام المتشدد" او "السلفي" وهذا من خلال تمييع فكرة الخلافة والجهاد وجعلهما مجرد كلمات ممجوجة وهذا بدا واضحا حيث شهدنا اعلان امارة اسلامية هنا وامارة هناك كما حصل في افغانستان والصومال واليمن والعراق والان في سوريا ، وما ان يقوم بعضها على الارض الا وبعد فترة وجيزة تتبخر وتصبح اثر بعد عين اما البعض الاخر فيتم اعلانها على المواقع الالكترونية والقنوات الفضائية ومن خلال البيانات وربما بعض منها جرى اعلانها على سفوح الجبال او المساجد كما حصل في مسجد ابن تيمية في غزة.
اما الجهاد ذروة سنام الاسلام فيجري مسخ هذا المفهوم العظيم وتمييعه بشتى السبل والاساليب ...
ثانيا :- تغيير الجغرافيا السياسية في منطقة العالم الاسلامي على اسس طائفية واثنية.
من المعروف والمشهور ان امريكا ومن خلال مشروعها الخبيث "شرق اوسط كبير" تسعى لاعادة رسم خارطة منطقة العالم الاسلامي وفقا لمصالحها الاجرامية واطماعها الاستعمارية ، وقد بدا واضحا لكل ذي بصر وبصيرة سياسية ان ما تسعى امريكا لتحقيقه من وراء تغيير الجغرافيا السياسية لمنطقة العالم الاسلامي سواء كان غلى اساس طائفي مذهبي او اثني انما هو من اجل ان تبقى منطقة العالم الاسلامي مضطربة غير مستقرة ولذلك تطلق مراكز التخطيط ورسم السياسات الامريكية على منطقة العالم الاسلامي (منطقة البلقان العالمي الجديدة) اشارة الى التشابه الجيوسياسي بين دول البلقان الاوروبية التقليدية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وترى هذه المراكز ان هذه المنطقة تمتد من قناة السويس الى اقليم كسينج يانج غرب الصين.
من اجل ذلك تسعى امريكا لاشعال الحروب الطائفية والاثنية بين ابناء المسلمين حتى تتمكن من حفر خنادق بين المسلمين لا يمكن عقد جسور فوقها ، ويكون لها ما يكون من اعادة رسم خارطة منطقة العالم الاسلامي وفقا لمصالحها واطماعها ،ومن اجل ذلك يقول "روبرت باير" أحد كبار المسئولين السابقين بوكالة المخابرات الأمريكية "إن الطريق الأوْحد لإقامة الشرق الأوسط الجديد هو السعي لاندلاع حرب طائفية واسعة النطاق بين السنة والشيعة"، وذلك في كتابه المسمى " القوة الإيرانية العظمي الجديدة" المؤلف في عام 2008 ويقول "باير" في كتابه ايضا ( ينبغي تقسيم الأراضي العراقية رسميا على أساس طائفي وإثني، ولا بد من إقامة دولة "كردستان" المستقلة.. والمشكلة الكبرى التي قد تعترض طريق إعادة رسم خارطة المنطقة هي من سيكون الرابح والمستفيد الأكبر من الوضع الجديد؟ هل هو إسرائيل أم إيران؟! لسنا مضطرّين للترجيح )
لهذا فتحت امريكا الباب على مصراعيه للقنوات الفضائية من اجل الحشد والتجييش الطائفي بين ابناء المسلمين هذا"سني" وذاك "شيعي" وهذا "كردي" وذاك "عربي" وكذلك صنعت الحركات والملشيات الطائفية المذهبية هذا بالاضافة الى الحركات الانفصالية الاثنية ، واشعلت الحروب الطائفية والاثنية بين ابناء المسلمين سواء الحرب التي دارت رحاها في افغانستان في اواسط تسعينات القرن الفائت بين حركة طالبان بقيادة الملا عمر وحلفائه بتنظيم القاعدة وبين قوات التحالف الشمالي بقيادة شاه مسعود او الحرب الطائفية في العراق بعد الاحتلال الامريكي لها عام 2003 او الحرب الطائفية التي تدور رحاها هذه الايام في سوريا .
وعليه ان هذه الحروب التي تدور رحاها ما بين الهلالين "السني" و "الشيعي" والمغطاة بعبارات براقة مثل "الربيع العربي" او "الثورات المباركة" تأتي في سياق المشروع الامريكي "شرق اوسط كبير" ، هذا المشروع الذي يستهدف الغرب الكافر وبخاصة امريكا من ورائه ضرب ما تبقى من المنظومة الثقافية عند المسلمين وتفتيت بلاد المسلمين هذه المرة على اسس طائفية واثنية حتى يبقى هذا الغرب الكافر اللئيم جاثما على صدور الامة الاسلامية الى مئات السنين لا قدر الله.
ولكن الذي يدمي القلب ويحز بالنفس ان الكثير من ابناء المسلمين انجذبوا الى المشروع الامريكي "شرق اوسط كبير" كما ينجذب الفراش الى النار ، فانخدعوا به وبغطائه البراق "ثورات الربيع العربي" "الثورات المباركة" ايما انخداع بحيث انخرطوا في تنفيذه وركبوا قواربه ظناً منهم ان هذه الثورات هى قوارب النجاة من ظلمات الواقع الفاسد المرير الذي تعيشه امة الاسلام منذ ان هدمت دولة الخلافة على يد المجرم مصطفى كمال .
وعليه فان الوعى على افكار الاسلام ومفاهيمه وبخاصة افكار العقيدة والجهاد والخلافة ووحدة الامة الاسلامية وكذلك الوعى السياسي على مكائد الغرب الكافر ودسائسه والوقوف على مخططاته واساليبه ، هى قوارب النجاة من ظلمات الواقع الفاسد المرير ..
بين ضرب المنظومة الثقافية و تغيير الجغرافيا السياسية للمسلمين و بلادهم :
إن المشاريع الخبيثة و الجرائم النكراء والمؤامرات السياسية التي تقوم بها امريكا والغرب الكافر من ورائها في منطقة العالم الاسلامي ليس بجديد بل ان هذه المشاريع وتلك المؤامرات هى استمرار لدور المستعمر السابق شبرا بشبر وذراعا بذراع سوى بعض المتغيرات التي تقتضيها في الوقت الحالي المصلحة الامريكية حيث انه لا يخفى على كل ذي عينين ان الغرب الكافر اللئيم كان وما زال يصد عن سبيل الله يبغي عوجا ، كيف لا ،وهجماته الشرسة سواء كانت على الصعيد الفكري والعسكري اواضاليله السياسية تشهد على حقده الدفين للاسلام واهله قال تعالى قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) ..
و عليه فان المشروع الامريكي شرق اوسط كبير ليس بجديد من حيث الجوهر والمضمون حيث انه كان في الماضي مشاريع استعمارية سطرها مفكرين وسياسيين غربيين تتعلق في منطقة العالم الاسلامي فعلى سبيل المثال ما جاء في كتاب ( الاسلام قوة الغد ) للرحالة "بول اشميد" حيث يقول اشميد في هذا الكتاب ( ان مقومات القوة في الشرق الاسلامي تنحصر في عوامل ثلاثة :
1- في قوة الاسلام كدين وفي الاعتقاد به وفي مُثله ومؤاخاته بين مختلفي الجنس واللون والثقافة .
2- في وفرة مصادر الثروة الطبيعية في رقعة الشرق الاسلامي وتمثيل هذه المصادر العديدة لوجهة اقتصادية سليمة قوية ولاكتفاء ذاتي لا يدع للمسلمين في حاجة مطلقا الى اوروبا او غيرها اذا ما تقاربوا او تعاونوا .
3- خصوبة النسل البشري لدى المسلمين مما جعل قوتهم العددية قوة متزايدة .
ثم يقول اشميد " فاذا اجتمعت هذه القوى الثلاث فتأخى المسلمون على وحدة العقيدة وتوحيد الله وغطت ثروتهم الطبيعية حاجة تزيد عددهم كان الخطر الاسلامي خطرا منذرا بفناء اوروبا وبسيادة عالمية في منطقة هى مركز العالم كله " ثم يقترح اشميد ان يتضامن الغرب شعوبا وحكومات ويعيدوا الحروب الصليبية في صورة اخرى ملائمة للعصر ولكن باسلوب نافذ وحاسم ولو تاملنا كتاب اشميد جيدا لاكتشفنا انه يتحدث عن صدام الحضارات دون ان يستخدم هذا المصطلح ويتحدث عن ضرورة تفكيك عناصر القوة في منطقة العالم الاسلامي قبل ان تتحول هذه المنطقة الى مارد يهدد اوروبا بالفناء وهذا عين ما تقوم به امريكا اليوم حرب صليبية في صورة ملائمة للعصر وعلى هذا الاساس يقوم المشروع الامريكي شرق اوسط كبير , اى من اجل تفكيك عناصر القوة في منطقة العالم الاسلامي حتى لا تقوم للمسلمين قائمة على الرغم من واقع المسلمين وما يعتريه من ضعف ووهن وارادة مسلوبة، ومع كل ذلك يسعى الغرب الكافر جاهدا تحويل واقع المسلمين من حالة الضعف ، والوهن ، والارادة المسلوبة، الى حالة الشلل التي يستحيل معها ان تستفيق امة الاسلام من غفوتها ، وتستعيد مكانة الصدارة بين الامم كسابق عهدها .
وعليه فانه من خلال التتبع السياسي ورصد تصريحات وتعليقات مفكرين وسياسيي امريكا وتتبع مجريات الاحداث في منطقة العالم الاسلامي لوحظ ان امريكا طرحت مشروعها الخبيث "شرق اوسط كبير" الذي غلفته بكلمات براقة مثل "الربيع العربي" والذي يقوم على عدة ركائز اهمها وابرزها :
اولا :- ضرب ما تبقى من المنظومة الثقافية عند المسلمين
ثانيا :- تغيير الجغرافيا السياسية على اسس طائفية واثنية .
اولا:- ضرب المنظومة الثقافية عند ابناء المسلمين وهذا ليس بجديد حيث ان العمل على ضرب المنظومة الثقافية عند المسلمين كان قبل هدم دولة الخلافة واستمر بعدها فها هى مجلة روز اليوسف تنقل في عددها
بتاريخ 29/6/1963 لأحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية ما قاله عام 1952م وقد جاء فيه ما يلي :" ليست الشيوعية خطراً على أوروبا فيما يبدو لي ، إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا تهديداً مباشراً وعنيفاً هو الخطر الإسلامي ، فالمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي ، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم ، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة ، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد ، دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية ، فإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في النطاق الواسع ، انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الثمين ، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الحضارة الغربية ، ويقذفون برسالتنا إلى متاحف التاريخ ، وقد حاولنا نحن الفرنسيين خلال حكمنا الطويل للجزائر أن نتغلب على شخصية الشعوب المسلمة ، فكان الإخفاق الكامل نتيجة مجهوداتنا الكبيرة الضخمة ، إن العالم الإسلامي عملاق مقيد ، عملاق لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافاً تاماً ، فهو حائر وهو قلق ، وهو كاره لانحطاطه وتخلفه ، وراغب رغبة يخالطها الكسل والفوضى في مستقبل أحسن وحرية أوفر .. فلنعط هذا العالم الإسلامي ما يشاء ، ولنقو في نفسه الرغبة في عدم الإنتاج الصناعي والفني حتى لا ينهض ، فإذا عجزنا عن تحقيق هذا الهدف ، بإبقاء المسلم متخلفاً ، وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه ، فقد بؤنا بإخفاق خطير ، وأصبح خطر العالم العربي وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطراً داهماً ينتهي به الغرب ، وتنتهي معه وظيفته الحضارية كقائد للعالم " . وكذلك مراكز الابحاث والدراسات في امريكا تشير الى خطر الاسلام وكما توقعت انهيار الاتحاد السوفيتي وكان هذا قبل انهياره فانها كذلك توقعت انهيار الولايات المتحدة واشارت الى ان المنطقة المرشحة ان تنشأ قوة عظمى فيها على انقاض الامبرطوريات التي تسقط هى منطقة الشرق الاوسط لانه تتوفر فيها مقومات القوة التي اشار اليها اشميد في كتابه ( الاسلام قوة الغد )
ومع ان مريكا والغرب الكافر من ورائها اغرق ابناء الامة الاسلامية في ملذات الحياة من ناحية ومن ناحية اخرى اشغلها في سد رمق الحياة حتى تستهلك وقتهم وتستحوذ على تفكيرهم بحيث لا يبقى لديهم الوقت اللازم للتفكير في غير همومهم الشخصية الانية المتجددة وليس هذا وحسب بل دفعتها لاعتناق افكار الوطنية والقومية والاشتراكية والديمقراطية وراحت تحارب الاسلام بكل الوسائل والاساليب من خلال وسائل الاعلام ومناهج التعليم وكتاب الفكر الهدام حتى تألف الامة هذا الواقع الممسوخ الفاسد المرير ولكن كيد الشيطان ضعيف فالامة ما زالت تقف موقف العداء من الغرب الكافر واعوانه ولم تكفر بالاسلام ولم تعتنق الديمقراطية وها هى تنبذ القومية والوطنية العفنة بعد ان ذاقت ويلاتها، ومع ان الصراع الفكري بين الامة الاسلامية والغرب الكافر ما زال على اشده والحرب الامريكية على الاسلام ما زالت تدور رحاها , وبلاد المسلمين ما زالت مليئة بالمستعمرات الجرثومية الفكرية التي غرسها الكافر المستعمر وتعهدها ليحافظ على بقائها اطول مدة ممكنة تفتك بالجسم الاسلامي وتمزق فيه حتى تتحطم الامة الاسلامية تحطيما بوصفها امة اسلامية وحتى يكون لها ما تريد من تفكيك عناصر القوة عند الامة الاسلامية . وحتى تلقى جيوش المستعمرات الجرثومية الفكرية القبول عند ابناء الامة فان امريكا تحاول التمويه من خلال تغيير الاقنعة والاردية ونعال اللصوص لعله بذلك تنجح في ترويض المسلمين لاعتناق دين امريكا الجديد "الديمقراطية" , ومن اجل ذلك اعلنت عن مشروعها شرق اوسط كبير امعانا في تضليل المسلمين
لذلك نرى ان اصحاب العقول الخربة من ابناء جلدتنا ويتكلمون لغتنا الذين جيشتهم امريكا والغرب الكافر من ورائها لتخريب بنيان المسلمين الذي اسس على التقوى نعم نراهم قد لبسوا ثوب المصلحين والاتقياء ويدعون الغيرة على الاسلام مع انهم جندوا انفسهم خدمة لامريكا والغرب الكافر من ورائها فها هم ينادون " بالدولة المدنية " ويروجون للديمقراطية والنظام الديمقراطي والادعاء بانه يشبه الشورى ويحاولون اثبات ان الخلافة صورة تطبيقية تاريخية وليست مطلبا يأمر به الشرع ويهللون للديمقراطية وتحرير المرأة والحريات وطبعا كل هذا من اجل ان يتخلى ابناء الامة الاسلامية عن كل القيم الخلقية والاجتماعية ويسترخصون العرض ويستسيغون العهر والرذيلة ويستمرئون الربا ويألفون الذل والهوان ويرضون بالتبعية لامريكا
وحتى تنجح امريكا بضرب المنظومة الثقافية عند المسلمين وبخاصة في ما يتعلق في نظام الحكم كان لا بد لها من اسقاط الانظمة القائمة حيث انها صارت مكشوفة ومفضوحة بعمالتها وتبعيتها للغرب الكافر المستعمر، ومن الخبث والدهاء الامريكي جعلت انجاز هذه المهمة اى اسقاط الانظمة القائمة في منطقة العالم الاسلامي من خلال الشعوب , امعانا في تضليلها وبخاصة ان السياسة المعهودة لامريكا في تنفيذ مشاريعها دفع الشعوب للمطالبة بتنفيذ المشاريع الامريكية وكأنها مطالب الشعوب ، واملا يسعى الناس لتحقيقه كما حصل في فصل الجنوب عن السودان او اخراج الجيش السوري من لبنان عام 2005 او المجىء في عميل امريكا الخميني على راس الحكم في ايران من خلال ثورة شعبية.
وعليه فان امريكا هى التي اشعلت ثورات ما يسمى " الربيع العربي " وكانت وراء اسقاط نظام بن علي في تونس ومبارك في مصر والقذافي في ليبيا وصالح في اليمن كما ان امريكا هى من وراء تدمير سوريا وتفكيك بنيتها التحتية وتقتيل وتشريد اهلها، ولكن المصيبة العظيمة والخطب الجلل هو انجذاب الكثير من ابناء الامة الاسلامية الى نار امريكا كما ينجذب الفراش الى النار وذهب البعض من الذين يدعون الوعى السياسي يباركون ثورات امريكا ويستبشرون النصر من ورائها !!! ويظن البعض منهم ان هذه الثورات ذاتية وعفوية وان امريكا والغرب الكافر من ورائها تفاجأ بها ويحاول ركوب موجتها . ولكن كيف تفاجأ بها ؟! وعلى سبيل المثال مصر تعج بالقواعد العسكرية الامريكية وقوات التدخل السريع وتعاون مخابراتي على اعلى المستويات حيث انه بتاريخ 4/8/2008 القى افي ديختير وزير الامن الداخلي الاسرائيلي السابق في معهد ابحاث الامن القومي قال فيها ( ان الولايات المتحدة واسرائيل تقومان بتدعيم الركائز الاساسية التي يستند اليها النظام في مصر , ومن بين هذه الركائز نشر نظام للرقابة والرصد والانذار قادر على تحليل الحيثيات التي يجري جمعها وتقييمها ووضعها تحت تصرف القيادات في واشنطن والقدس والقاهرة , ومن الركائز ايضا الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز في النقاط الحساسة بالعاصمة القاهرة ومرابطة قطع بحرية وطائرات امريكية في قواعد داخل مصر وبجوارها في السويس والغردقة ورأس نياس )
وحسب الكاتب والصحفي الأمريكي وليم أركن في الجزء الخاص بمصر في مجلده الضخم «الأسماء المشفرة» فإن «العلاقة الأمنية حميمة جدا بين المخابرات المصرية و«السي أي إيه» وتعتبر مصر أحد الشركاء العرب الصامتين، الذين يستضيفون القوات الأمريكية خفية، ويتعاونون مع المؤسسة العسكرية الأمنية الأمريكية، ويدعمون العمليات الأمريكية دائماً تقريباً» (صفحة 110).
وحسب اقوال أركن، كانت توجد وقت أحداث 11 سبتمبر قاعدتان عسكريتان تابعتان للقيادة الوسطي الأمريكية في مصر، بالإضافة لعشرين مرفقاً عسكرياً مصرياً تحت تصرف القيادة الوسطي الأمريكية
طبعا هذا المعلن والمخفي اعظم فكيف يظن البعض ان ثورة مصر جاءت على خلاف رغبة امريكا وتفاجأت بها وتحاول ركوبها وهذا هو حال مصر ارض الاسلام قد تغلغلت في ربوعها اجهزة الاستخبارات الامريكية وقوات التدخل السريع من المارينز وتعج بانظمة الرقابة والرصد والانذار هذا بالاضافة الى ان قادة الثورة سواء من شباب ( فريدوم هاوس ) او احزاب المعارضة مثل البرادعي وايمن نور وقيادات الاخوان كلهم ادوات لامريكا ؟!! كيف لا وقد اثبتت الحقائق ان قادة الثورة في مصر واليمن والبحرين وغيرها من البلاد تعلموا في " مركز تطبيق الفعاليات والاستراتيجية بدون عنف " والجدير بالذكر ان منظمتين امريكيتين تقفان وراء تمويل هذا المركز وهما المعهد الجمهوري الدولي والمعهد الديمقراطي الوطني هذا بالاضافة الى منظمة فريدوم هاوس او ما يسمى بيت الحرية مع العلم ان هذه المنظمات على علاقة وثيقة بالمخابرات الامريكية " cia " وهل بعد كل ذلك تبقى هذه الثورات الامريكية مباركة في نظر البعض !!!!
ان امريكا تقصد من وراء اسقاط هذه الانظمة السياسية واستبدالها بنظم شعبية وكذلك المجىء باصحاب العقول الخربة والنفوس المريضة وقد البستهم ثوب المصلحين والاتقياء نعم البستهم ثوب الاسلام من اجل المشاركة في الحكم وهذا بدا واضحا منذ زمن من خلال تصريحات المسؤلين الامريكان حيث جاء في تصريحات ريتشارد هاس مدير ادارة التخطيط السياسي( ان الولايات المتحدة لا تخشى وصول تيارات اسلامية الى السلطة لتحل محل الانظمة القمعية العربية التي تتسبب بتكميمها الافواه في اندلاع اعمال الارهاب ولكن شريطة ان تصل للحكم بوسائل ديمقراطية ) وهذا ما اكدت عليه كوندليزا رايس من قبل حيث قالت (ان الولايات المتحدة مقتنعة باهمية التحاور مع الاسلاميين في المنطقة العربية وان امريكا لا تخشى وصول تيارات اسلامية الى السلطة) وكذلك اعلان هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية " ان الولايات المتحدة تواصل الاتصالات المحدودة مع جماعة الاخوان المسلمين في اطار العملية الانتقالية في مصر " وإعلن المتحدث باسم الاخوان محمد سعد الكتاتني (في تصريح الى وكالة رويترز) " ان الجماعة ترحب بأي اتصالات رسمية مع الولايات المتحدة لتوضيح رؤيتها " وها نحن اليوم نرى كيف اوصلت امريكا عملائها من دعاة ما يسمى "الاسلام المعتدل" الى الحكم في مصر وتونس وتركيا من قبل ولكن من دون الاسلام حيث ان وظيفة هذه الانظمة " الشعبية" " المتأسلمة " التلويث الفكري في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية تحت يافطات وشعارات متعددة , هذا من ناحية ومن ناحية اخرى تعزيز القول " عدم صلاحية تطبيق الشريعة الاسلامية " " وضرورة التماذج بين الاسلام والعلمانية " متخذين من نظام الحكم في تركيا نموذجا يحتذى به.
من خلال تنفير المسلمين من افكار الاسلام من اجل الكفر بها وبخاصة الافكار التي تتوحد عليها الامة مثل (افكار العقيدة) و (الخلافة) و (الجهاد) ، وهذا من خلال التناحر الفكري بين ما يسمى "الاسلام المعتدل" و"الاسلام المتشدد" او "السلفي" وهذا من خلال تمييع فكرة الخلافة والجهاد وجعلهما مجرد كلمات ممجوجة وهذا بدا واضحا حيث شهدنا اعلان امارة اسلامية هنا وامارة هناك كما حصل في افغانستان والصومال واليمن والعراق والان في سوريا ، وما ان يقوم بعضها على الارض الا وبعد فترة وجيزة تتبخر وتصبح اثر بعد عين اما البعض الاخر فيتم اعلانها على المواقع الالكترونية والقنوات الفضائية ومن خلال البيانات وربما بعض منها جرى اعلانها على سفوح الجبال او المساجد كما حصل في مسجد ابن تيمية في غزة.
اما الجهاد ذروة سنام الاسلام فيجري مسخ هذا المفهوم العظيم وتمييعه بشتى السبل والاساليب ...
ثانيا :- تغيير الجغرافيا السياسية في منطقة العالم الاسلامي على اسس طائفية واثنية.
من المعروف والمشهور ان امريكا ومن خلال مشروعها الخبيث "شرق اوسط كبير" تسعى لاعادة رسم خارطة منطقة العالم الاسلامي وفقا لمصالحها الاجرامية واطماعها الاستعمارية ، وقد بدا واضحا لكل ذي بصر وبصيرة سياسية ان ما تسعى امريكا لتحقيقه من وراء تغيير الجغرافيا السياسية لمنطقة العالم الاسلامي سواء كان غلى اساس طائفي مذهبي او اثني انما هو من اجل ان تبقى منطقة العالم الاسلامي مضطربة غير مستقرة ولذلك تطلق مراكز التخطيط ورسم السياسات الامريكية على منطقة العالم الاسلامي (منطقة البلقان العالمي الجديدة) اشارة الى التشابه الجيوسياسي بين دول البلقان الاوروبية التقليدية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وترى هذه المراكز ان هذه المنطقة تمتد من قناة السويس الى اقليم كسينج يانج غرب الصين.
من اجل ذلك تسعى امريكا لاشعال الحروب الطائفية والاثنية بين ابناء المسلمين حتى تتمكن من حفر خنادق بين المسلمين لا يمكن عقد جسور فوقها ، ويكون لها ما يكون من اعادة رسم خارطة منطقة العالم الاسلامي وفقا لمصالحها واطماعها ،ومن اجل ذلك يقول "روبرت باير" أحد كبار المسئولين السابقين بوكالة المخابرات الأمريكية "إن الطريق الأوْحد لإقامة الشرق الأوسط الجديد هو السعي لاندلاع حرب طائفية واسعة النطاق بين السنة والشيعة"، وذلك في كتابه المسمى " القوة الإيرانية العظمي الجديدة" المؤلف في عام 2008 ويقول "باير" في كتابه ايضا ( ينبغي تقسيم الأراضي العراقية رسميا على أساس طائفي وإثني، ولا بد من إقامة دولة "كردستان" المستقلة.. والمشكلة الكبرى التي قد تعترض طريق إعادة رسم خارطة المنطقة هي من سيكون الرابح والمستفيد الأكبر من الوضع الجديد؟ هل هو إسرائيل أم إيران؟! لسنا مضطرّين للترجيح )
لهذا فتحت امريكا الباب على مصراعيه للقنوات الفضائية من اجل الحشد والتجييش الطائفي بين ابناء المسلمين هذا"سني" وذاك "شيعي" وهذا "كردي" وذاك "عربي" وكذلك صنعت الحركات والملشيات الطائفية المذهبية هذا بالاضافة الى الحركات الانفصالية الاثنية ، واشعلت الحروب الطائفية والاثنية بين ابناء المسلمين سواء الحرب التي دارت رحاها في افغانستان في اواسط تسعينات القرن الفائت بين حركة طالبان بقيادة الملا عمر وحلفائه بتنظيم القاعدة وبين قوات التحالف الشمالي بقيادة شاه مسعود او الحرب الطائفية في العراق بعد الاحتلال الامريكي لها عام 2003 او الحرب الطائفية التي تدور رحاها هذه الايام في سوريا .
وعليه ان هذه الحروب التي تدور رحاها ما بين الهلالين "السني" و "الشيعي" والمغطاة بعبارات براقة مثل "الربيع العربي" او "الثورات المباركة" تأتي في سياق المشروع الامريكي "شرق اوسط كبير" ، هذا المشروع الذي يستهدف الغرب الكافر وبخاصة امريكا من ورائه ضرب ما تبقى من المنظومة الثقافية عند المسلمين وتفتيت بلاد المسلمين هذه المرة على اسس طائفية واثنية حتى يبقى هذا الغرب الكافر اللئيم جاثما على صدور الامة الاسلامية الى مئات السنين لا قدر الله.
ولكن الذي يدمي القلب ويحز بالنفس ان الكثير من ابناء المسلمين انجذبوا الى المشروع الامريكي "شرق اوسط كبير" كما ينجذب الفراش الى النار ، فانخدعوا به وبغطائه البراق "ثورات الربيع العربي" "الثورات المباركة" ايما انخداع بحيث انخرطوا في تنفيذه وركبوا قواربه ظناً منهم ان هذه الثورات هى قوارب النجاة من ظلمات الواقع الفاسد المرير الذي تعيشه امة الاسلام منذ ان هدمت دولة الخلافة على يد المجرم مصطفى كمال .
وعليه فان الوعى على افكار الاسلام ومفاهيمه وبخاصة افكار العقيدة والجهاد والخلافة ووحدة الامة الاسلامية وكذلك الوعى السياسي على مكائد الغرب الكافر ودسائسه والوقوف على مخططاته واساليبه ، هى قوارب النجاة من ظلمات الواقع الفاسد المرير ..