من الطبيعي أن يكون مآل الصراع الفكري صراعا ماديا وهذا ارتقاء لا يكون إلا بعد نضج الصراع الفكري بكيفية لا يمكن للطرف المقابل الاستمرار في الصراع فكريا و تتوسع دائرة الصراع الفكري لتشمل القوى المؤثرة و الفاعلة في المشهد السياسي . هذا التمشي الطبيعي لا يمكن اختزاله بحال من الأحوال بل إن اختزاله لن يحقق نهضة لأن كرسي الحكم لا يرتفع بالناس فكريا و بالتالي فلا ضمانة في البقاء فيه كما هو حال حكام المسلمين عامة . لهذا نجد الغرب الكافر يغيرهم كلما تراءى له ضعف تحكمهم بالناس لضمان مصالحه وفق المتغيرات في الموقف الدولي . وما - الربيع العربي - إلا مثال لهذا على صعيدين اثنين ، الأول هو أن أمريكا تسير في مشروع الشرق أوسط الكبير أو الجديد سيرا حثيثا بعدما تخطيط عميق و عمل دؤوب رغم الطارئ من هنا و هناك يجعلها تغير من اساليبها و وسائلها ولقد نجحت نسبيا في إيهام الناس بأنهم صنعوا ثورة وأن فعلهم ذاتي محض خالص . وأما الثاني فهو محاولة استثمار هذا الحدث من قبل جهات تترقب استئناف الحياة بالإسلام و فيهم إخلاص لا أريد التشكيك فيه وهم ينقسمون بدورهم إلى صنفين أما الأول فهو ممن لا يحمل مشروعا سياسيا واضح المعالم وبالتالي لم يخض الصراع الفكري إلا على مقتصرا على بعض النواحي التعبدية التي لا ترتقي إلى مستوى الصراع الأيديولوجي ووجدوا أنفسهم في خضم صراع مادي بدون مشروع إلا ما يمليه عليهم شيوخهم من فتاوى و بدون قيادة سياسية الأمر الذي سهل توظيفهم لجهات التمويل ، المرتبطة بدورها ، لطبيعة حاجتهم إليه بحكم الأمر الواقع . أما الصنف الثاني فهم الذين حملوا مشروعا سياسيا و عملوا له السنين الطوال واستعجلوا أمر ربهم و أعياهم الصراع الفكري فأرادوا اختزال المسافة قبل نضجه باستثمار الحدث و ساروا في تأييد هذا الربيع فوصفوه بالمخاض العسير ونصبوا أنفسهم أطباء فحكموا بالعملية القيصرية لإنقاذ المولود المرتقب ولم يبالوا بكارثية الأمر على هذه الأمة الأم و لم يدركوا أن هذه العملية برمتها لن تكون سوى إجهاضا مقننا بوصفة خاطئة وان أمر الحمل ثانية يتطلب مرحلة تعافي لا يعلمها إلا الله .
هذه مُجرَّد مُعاينة لتصميم تم اختياره من موقع Hitskin.com
تنصيب التصميم في منتداك • الرجوع الى صفحة بيانات التصميم