المبادىء والأصول الإسلامية في الثواب والعقاب :
تتمثل المبادىء التي وضعها الإسلام في موضوع الثواب والعقاب في مجال التربية
الأخلاقية في مشروعية العقاب والتدرج فيه ونهائية العقوبة المادية وأن المقصد منها وجه الله تعالى .
وقبل ذلك فهناك عاطفة الرغبة في الفضائل ثم الترهيب بالله وعذابه الشديد . فالإسلام وضع نوعين من التدرج كأساس للتربية الأخلاقية الصحيحة , أولها سابق للعقاب أو الثواب والثاني تدرج في العقاب ذاته طبقاً للتفصيل التالي:
أولاً : عاطفة الرغبة في الفضيلة والخلق الحسن :
إن تكوين عاطفة أخلاقية بحب الفضيلة والخلق الحسن مع كره الرذيلة هي الأساس في التربية , وذلك لأن لهذه العاطفة دوراً كبيراً في الأخلاق . وهذا يتأتى من خلال تذكير الناس برعاية الله لهم وإنعامه عليهم مما يتطلب ذلك اتباع أوامره التي وضعت لصالحهم , وشكرهم له مع الإسراع في عمل الخيرات , وتجنب الرذائل والمنكرات لنيل السعادة في الدنيا والآخرة , وقد ذكر الله مجموعة من صفات المؤمنين الذين هم عباد الرحمن في سورة الفرقان في قوله تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ...}[الفرقان/63-76] .
فعن التذكير برعاية الله ونعمه لعباده يقول الله تعالى {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }إلى قوله سبحانه {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{18}[النحل/5 -18].
ويقول سبحانه:{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[آل عمران/190-191].
وعن الإسراع في عمل الخير وتجنب الرذائل وحب الله لهم ومدحهم يقول تعالى :
{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء/90].
أما عن ابتاع تعاليم الله ورجائهم له بحسن العاقبة وتوجههم إليه فيقول تعالى{رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}[آل عمران /193- 195] .
ثانيا : الترهيب بالله وعذابه الشديد :
الترهيب من عذاب الله تعالى والتخويف به مما يساعد على التنفير من الخلق السيئ ويرغب في الخلق الحسن ويحث عليه ، فالرهبة من الله تعالى من أقوى الصوارف عن اقتراف الرذائل والوقوع في السيئات والفواحش ، مما يثمر أخلاقا فاضلة في سلوك الفرد {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }[الأنعام/15] ، وقد أخبر الله عن المؤمنين بأنهم أهل خوف منه ووجل {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[الأنفال /2-4] .
ثالثا : مبادئ العقاب في التربية الأخلاقية الإسلامية :
تقوم مبادئ العقاب في المنهج الإسلامي على أسس واضحة ، أهمها :
1- أنها مشروعة ، ولا تخضع للهوى وحب الانتقام والتشفي ، بل مصدرها الشريعة .
2- أنها متدرجة ، فقبل العقوبة خطوات يلزم اتخاذها ، ولا يلجأ إليها إلا في نهاية الأمر ، ثم إن العقوبة في ذاتها قد تكون متدرجة .
3- أنها ذات هدف واضح ، فالعقاب ليس مقصودا لذاته ، وإنما للردع والتأديب والكف عن ذاك الفعل المستنكر ، ولا بد أن تكون العقوبة هادفة مصلحة لما فسد ، ولذا نجد آيات العقوبات الواردة في القرآن مختومة ببيان العلة من هذا التشريع .
4- العقاب البدني آخر الحلول .
العقوبة مشروعة ، وهناك آيات تتحدث عن هذا الأمر ، فمثلا عقوبة الرجل لزوجته حال نشوزها تدرجت بدءً بالوعظ وانتهاء بالضرب غير المبرح {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء /34] ، وفي شأن تربية الأولاد ورد حديث ( مروا أولادكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ) وتأمل كم من الوقت أعطي للتربية والتوجيه قبل اللجوء إلى الضرب ( من السابعة إلى العاشرة ) .
لقد تدرج الإسلام في تحريم الخمر كما تدرج في تعليم الصلاة ، لأنه يراعي النفس الإنسانية وما تحتاجه من الوقت والمؤثرات لتنزع عن خلق سيئ وتتحلى بخلق نبيل ، وهذا توجيه شرعي يؤكد على غرس الخلق الصالح ومحو الخلق الفاسد ، لا يريد أفعالا ظاهرة غير مبنية على قناعة نفسية وتسليم لمن شرع ، إنه يريد تلازما وتوافقا بين الظاهر والباطن حتى تحقق هذه الأخلاق والعبادات والعقائد أثرها في صنع النفس الإنسانية وتطهيرها وتزكيتها والرقي بها في معارج الكمال البشري .
ولا يظن ظان أن الضرب باب مفتوح على مصراعيه ، بل هو مقيد بقيود شرعية كالضرورات ، ومن شروطه :
1- أن لا يكون ضربا مبرحا ، وأن يكون بعيداً عن الحساسة كالوجه وغيره .
2- أن يكون العقاب على قدر الذنب مع مراعاة صغر السن وكبره .
3- أن لا يصل الضرب إلى عقوبة الحد . ( أي لا يبالغ فيه فيصبح وكأنه حد ).
وينبغي هنا التأكيد على ما سبق من أن الضرب آخر العقوبات ، وإذا أغنت عنه السبل الأخرى فلا حاجة إليه ، ويكفي أن نعلم أن محمدا عليه الصلاة والسلام لم يضرب بيدة امرأة ولا خادما قط إلا أن تنتهك محارم الله .
وأخيرا : إن الهدف من العقاب ليس العقاب ذاته ، إنما الردع والوعظ لإقامة مجتمع خير فاضل يأمن الناس فيه على دينهم وأخلاقهم وأعراضهم وأموالهم .
تتمثل المبادىء التي وضعها الإسلام في موضوع الثواب والعقاب في مجال التربية
الأخلاقية في مشروعية العقاب والتدرج فيه ونهائية العقوبة المادية وأن المقصد منها وجه الله تعالى .
وقبل ذلك فهناك عاطفة الرغبة في الفضائل ثم الترهيب بالله وعذابه الشديد . فالإسلام وضع نوعين من التدرج كأساس للتربية الأخلاقية الصحيحة , أولها سابق للعقاب أو الثواب والثاني تدرج في العقاب ذاته طبقاً للتفصيل التالي:
أولاً : عاطفة الرغبة في الفضيلة والخلق الحسن :
إن تكوين عاطفة أخلاقية بحب الفضيلة والخلق الحسن مع كره الرذيلة هي الأساس في التربية , وذلك لأن لهذه العاطفة دوراً كبيراً في الأخلاق . وهذا يتأتى من خلال تذكير الناس برعاية الله لهم وإنعامه عليهم مما يتطلب ذلك اتباع أوامره التي وضعت لصالحهم , وشكرهم له مع الإسراع في عمل الخيرات , وتجنب الرذائل والمنكرات لنيل السعادة في الدنيا والآخرة , وقد ذكر الله مجموعة من صفات المؤمنين الذين هم عباد الرحمن في سورة الفرقان في قوله تعالى : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ...}[الفرقان/63-76] .
فعن التذكير برعاية الله ونعمه لعباده يقول الله تعالى {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }إلى قوله سبحانه {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ{18}[النحل/5 -18].
ويقول سبحانه:{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[آل عمران/190-191].
وعن الإسراع في عمل الخير وتجنب الرذائل وحب الله لهم ومدحهم يقول تعالى :
{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء/90].
أما عن ابتاع تعاليم الله ورجائهم له بحسن العاقبة وتوجههم إليه فيقول تعالى{رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}[آل عمران /193- 195] .
ثانيا : الترهيب بالله وعذابه الشديد :
الترهيب من عذاب الله تعالى والتخويف به مما يساعد على التنفير من الخلق السيئ ويرغب في الخلق الحسن ويحث عليه ، فالرهبة من الله تعالى من أقوى الصوارف عن اقتراف الرذائل والوقوع في السيئات والفواحش ، مما يثمر أخلاقا فاضلة في سلوك الفرد {قُلْ إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }[الأنعام/15] ، وقد أخبر الله عن المؤمنين بأنهم أهل خوف منه ووجل {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[الأنفال /2-4] .
ثالثا : مبادئ العقاب في التربية الأخلاقية الإسلامية :
تقوم مبادئ العقاب في المنهج الإسلامي على أسس واضحة ، أهمها :
1- أنها مشروعة ، ولا تخضع للهوى وحب الانتقام والتشفي ، بل مصدرها الشريعة .
2- أنها متدرجة ، فقبل العقوبة خطوات يلزم اتخاذها ، ولا يلجأ إليها إلا في نهاية الأمر ، ثم إن العقوبة في ذاتها قد تكون متدرجة .
3- أنها ذات هدف واضح ، فالعقاب ليس مقصودا لذاته ، وإنما للردع والتأديب والكف عن ذاك الفعل المستنكر ، ولا بد أن تكون العقوبة هادفة مصلحة لما فسد ، ولذا نجد آيات العقوبات الواردة في القرآن مختومة ببيان العلة من هذا التشريع .
4- العقاب البدني آخر الحلول .
العقوبة مشروعة ، وهناك آيات تتحدث عن هذا الأمر ، فمثلا عقوبة الرجل لزوجته حال نشوزها تدرجت بدءً بالوعظ وانتهاء بالضرب غير المبرح {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} [النساء /34] ، وفي شأن تربية الأولاد ورد حديث ( مروا أولادكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ) وتأمل كم من الوقت أعطي للتربية والتوجيه قبل اللجوء إلى الضرب ( من السابعة إلى العاشرة ) .
لقد تدرج الإسلام في تحريم الخمر كما تدرج في تعليم الصلاة ، لأنه يراعي النفس الإنسانية وما تحتاجه من الوقت والمؤثرات لتنزع عن خلق سيئ وتتحلى بخلق نبيل ، وهذا توجيه شرعي يؤكد على غرس الخلق الصالح ومحو الخلق الفاسد ، لا يريد أفعالا ظاهرة غير مبنية على قناعة نفسية وتسليم لمن شرع ، إنه يريد تلازما وتوافقا بين الظاهر والباطن حتى تحقق هذه الأخلاق والعبادات والعقائد أثرها في صنع النفس الإنسانية وتطهيرها وتزكيتها والرقي بها في معارج الكمال البشري .
ولا يظن ظان أن الضرب باب مفتوح على مصراعيه ، بل هو مقيد بقيود شرعية كالضرورات ، ومن شروطه :
1- أن لا يكون ضربا مبرحا ، وأن يكون بعيداً عن الحساسة كالوجه وغيره .
2- أن يكون العقاب على قدر الذنب مع مراعاة صغر السن وكبره .
3- أن لا يصل الضرب إلى عقوبة الحد . ( أي لا يبالغ فيه فيصبح وكأنه حد ).
وينبغي هنا التأكيد على ما سبق من أن الضرب آخر العقوبات ، وإذا أغنت عنه السبل الأخرى فلا حاجة إليه ، ويكفي أن نعلم أن محمدا عليه الصلاة والسلام لم يضرب بيدة امرأة ولا خادما قط إلا أن تنتهك محارم الله .
وأخيرا : إن الهدف من العقاب ليس العقاب ذاته ، إنما الردع والوعظ لإقامة مجتمع خير فاضل يأمن الناس فيه على دينهم وأخلاقهم وأعراضهم وأموالهم .