الشرق الأوسط وقدر الصراعات المحتوم
15.05.2019
حمد الماجد
الشرق الاوسط
الثلاثاء 14/5/2019
بعد أن خفتت طبول الحرب على الدولة الداعشية بتعاون وتنسيق بين محاور دولية تختلف وتتنازع وتتنافس حول كل شيء إلا على إسقاط "داعش" وتفتيته، وهذا ما تحقق، لم تمضِ مدة تكفي حتى لالتقاط الأنفاس، لتبدأ مرحلة ربما تكون الأخطر في المنطقة على الإطلاق، فها هي الأكف الأميركية هذه الأيام تقرع طبول الحرب على نظام الخمينية الإيراني، فترسل أميركا مدمراتها الجوية والبحرية نحو منطقة الشرق الأوسط، في تحرك تصعيدي جاد وخطير.
إنه قدر الشرق أوسطيين أن يكونوا سكاناً لأكثر مناطق العالم سخونة على مدار التاريخ؛ فمنذ سقوط الدولة العثمانية والشرق الأوسط، على خلاف مناطق كوكبنا الأرضي الأخرى، على صفيح ساخن مستمر السخونة والاشتعال، كلما خبت نار صراع اندلعت نيران صراع آخر، من صراعات الحروب مع المستعمرين الذين تقاسموا تركة "الرجل التركي المريض"، إلى الصراعات والحروب غير المتكافئة بين العرب وإسرائيل حول فلسطين، إلى صراعات القوى الطائفية في لبنان إلى صراع الانقلابات العسكرية إلى حرب صدام مع إيران ثم صراع صدام مع جيرانه الخليجيين ثم الاحتلال الأميركي للعراق إلى احتلال النظام الطائفي الإيراني لأربع عواصم عربية، إلى ثورات الربيع العربي وما أحدثته من دمار وفوضى هائلين في سوريا وليبيا، ثم صعود "داعش"، وأخيراً التهديد بحرب أميركية خطيرة ضد النظام الإيراني.
قدر الشرق الأوسط الجميل أن يكون مهد الديانات التوحيدية الثلاث: الإسلام واليهودية والمسيحية، هو أيضاً سبب لأن يكون قدراً من معاناة الصراعات الدينية والمذهبية، وقدر الشرق الأوسط أن يكون حاضناً لحضارات عريقة: الحضارة العربية الإسلامية والفارسية والعثمانية، ومركزاً لطوائف مسيحية متنوعة في كل من لبنان وسوريا ومصر، وحاضناً لملل ونحل مختلفة كالسنة والشيعة والدروز والآشوريين والصابئة، هذا ناهيك عن الهويات العرقية الموزعة في أكثر من بلد مثل الأكراد في تركيا وإيران والعراق وسوريا؛ هو تنوع مثرٍ في مفردات لغة الحضارة، ولكنه تحول على صفيح الشرق الأوسط الملتهب إلى لعنة وكوارث وصراعات عدمية.
النفط في منطقة الشرق الأوسط، والمقدر بثلثي الاحتياطي العالمي، هو الآخر منحة قد يتحول في بعض الأحيان إلى محنة، جعلته محل تنافس شديد بين الدول المستهلكة وجعل المنطقة كلها في بؤرة هذا التنافس (كل ذي نعمة محسود)، ناهيك عن الصراع المتوقع في منطقة الشرق الأوسط على المياه، المنطقة التي تعتبر الأكثر فقراً بالنسبة إلى الموارد المائية في العالم.
من يسبر حوادث التاريخ في منطقة الشرق الأوسط بالذات سيخرج بمحصلة تؤكد أن المنطقة ستظل ملتهبة بالصراعات السياسية والاقتصادية والطائفية والعسكرية، وما التهديدات الأميركية للتغلغل الإيراني في منطقة الأنبياء والملل والنحل والنفط إلا حلقة في سلسلة ممتدة في عمق التاريخ.
15.05.2019
حمد الماجد
الشرق الاوسط
الثلاثاء 14/5/2019
بعد أن خفتت طبول الحرب على الدولة الداعشية بتعاون وتنسيق بين محاور دولية تختلف وتتنازع وتتنافس حول كل شيء إلا على إسقاط "داعش" وتفتيته، وهذا ما تحقق، لم تمضِ مدة تكفي حتى لالتقاط الأنفاس، لتبدأ مرحلة ربما تكون الأخطر في المنطقة على الإطلاق، فها هي الأكف الأميركية هذه الأيام تقرع طبول الحرب على نظام الخمينية الإيراني، فترسل أميركا مدمراتها الجوية والبحرية نحو منطقة الشرق الأوسط، في تحرك تصعيدي جاد وخطير.
إنه قدر الشرق أوسطيين أن يكونوا سكاناً لأكثر مناطق العالم سخونة على مدار التاريخ؛ فمنذ سقوط الدولة العثمانية والشرق الأوسط، على خلاف مناطق كوكبنا الأرضي الأخرى، على صفيح ساخن مستمر السخونة والاشتعال، كلما خبت نار صراع اندلعت نيران صراع آخر، من صراعات الحروب مع المستعمرين الذين تقاسموا تركة "الرجل التركي المريض"، إلى الصراعات والحروب غير المتكافئة بين العرب وإسرائيل حول فلسطين، إلى صراعات القوى الطائفية في لبنان إلى صراع الانقلابات العسكرية إلى حرب صدام مع إيران ثم صراع صدام مع جيرانه الخليجيين ثم الاحتلال الأميركي للعراق إلى احتلال النظام الطائفي الإيراني لأربع عواصم عربية، إلى ثورات الربيع العربي وما أحدثته من دمار وفوضى هائلين في سوريا وليبيا، ثم صعود "داعش"، وأخيراً التهديد بحرب أميركية خطيرة ضد النظام الإيراني.
قدر الشرق الأوسط الجميل أن يكون مهد الديانات التوحيدية الثلاث: الإسلام واليهودية والمسيحية، هو أيضاً سبب لأن يكون قدراً من معاناة الصراعات الدينية والمذهبية، وقدر الشرق الأوسط أن يكون حاضناً لحضارات عريقة: الحضارة العربية الإسلامية والفارسية والعثمانية، ومركزاً لطوائف مسيحية متنوعة في كل من لبنان وسوريا ومصر، وحاضناً لملل ونحل مختلفة كالسنة والشيعة والدروز والآشوريين والصابئة، هذا ناهيك عن الهويات العرقية الموزعة في أكثر من بلد مثل الأكراد في تركيا وإيران والعراق وسوريا؛ هو تنوع مثرٍ في مفردات لغة الحضارة، ولكنه تحول على صفيح الشرق الأوسط الملتهب إلى لعنة وكوارث وصراعات عدمية.
النفط في منطقة الشرق الأوسط، والمقدر بثلثي الاحتياطي العالمي، هو الآخر منحة قد يتحول في بعض الأحيان إلى محنة، جعلته محل تنافس شديد بين الدول المستهلكة وجعل المنطقة كلها في بؤرة هذا التنافس (كل ذي نعمة محسود)، ناهيك عن الصراع المتوقع في منطقة الشرق الأوسط على المياه، المنطقة التي تعتبر الأكثر فقراً بالنسبة إلى الموارد المائية في العالم.
من يسبر حوادث التاريخ في منطقة الشرق الأوسط بالذات سيخرج بمحصلة تؤكد أن المنطقة ستظل ملتهبة بالصراعات السياسية والاقتصادية والطائفية والعسكرية، وما التهديدات الأميركية للتغلغل الإيراني في منطقة الأنبياء والملل والنحل والنفط إلا حلقة في سلسلة ممتدة في عمق التاريخ.