تونس وأوروبا - علاقات تَبَعِية
الطاهر المعز
نشر الإتحاد الأوروبي تقريرًا حول "وضع العلاقات الأوروبيّة التّونسيّة في الفترة 2015-2016"، قبل انعقاد "مجلس الشراكة" بين الطّرَفَيْن، يوم 11 أيار/مايو 2017، فيما لم تَنْشُر الحكومة التونسية تقريرًا مُماثِلاً، ويتدخل التقرير الأوروبي في كافة شؤون تونس، ويُسجّل مدى "التّقدّم في مجالات الأمن، وترسيخ الديمقراطية، وتعزيز الحوكمة الرّشيدة..."، وأعلنت "فيدريكا موغريني"، المكلّفة بالشؤون الخارجيّة والسياسة الأمنيّة الأوروبية، فيديريكا موغيريني إن أوروبا بصدد تعميق التعاون مع تونس في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية..."، وهو في واقع الأمر ليس تعاونًا، بل إشرافًا أوروبِّيًّا على جميع جوانب الحياة في تونس، تحت غطاء "علاقات الشراكة"...
يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لتونس، ويستوعب 75%من صادرتها و63% من مجموع مبادلاتها التجارية، أو ما يُقدّر بعشرين مليار يورو، سنة بدْء المحادثات حول الشراكة المُعَمّقة والشاملة (2015)، لكن تونس لا تُصَدِّرُ سوى بعض المواد الخام، أو المُعِدّات والتجهيزات التي يقع تركيبها في تونس، لفائدة شركات أوروبية، في حين انخفضت صادرات تونس من المنتجات الزراعية والنسيج والملابس، وزادت صادرات أوروبا، من هذه المواد، نحو تونس...
بدأت علاقات "الشّراكة" بشكلها الحالي، بعد إدماج دول جنوب أوروبا في الإتحاد الأوروبي (إسبانيا واليونان والبرتغال وقبرص ومالطا... "، وكانت العلاقات تجارية، حيث تستغل الشركات الأوروبية الموارد الطبيعية والمنجمية والعَمالة الرّخيصة في تونس (وفي المغرب)، ولكنها تضع عراقيل عديدة أمام دول السلع التونسية (أو المغربية) إلى أوروبا، مقابل سهولة دخول إنتاج المُسْتَوْطَنات الصهيونية، التي نهبت الأراضي والمياه الفلسطينية...
بدأ ما سُمِّيَ "مَسار برشلونة"، سنة 1995، ويتمثل في مجموعة شروط فَرَضَها الإتحاد الأوروبي على دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط (ومن بينها بلدان المغرب العربي، باستثناء ليبيا)، كجزء من "اتفاق شراكة مع الإتحاد الأوروبي"، وفي تموز/يوليو 1995، أصبحت تونس أول بلد يوقع هذا الإتفاق الذي كرّس، بل عَمَّقَ، تبعية اقتصاد تونس للاتحاد الأوروبي، وكان من نتائجه (خلال السنوات العشر الأولى) تسريح حوالي 350 ألف عامل، في شركات صغيرة، لم تتمكن من تطبيق "المَعايِير الأوروبية" المَفْرُوضة، وأقرّ الإتفاق فتح أسواق البلاد للإنتاج الأوروبي، بعد إلغاء الرسوم الجمركية سنة 2008، كمرحلة نحو إنشاء "منطقة للتبادل الحر"، وهي بدورها مرحلة في طريق إقرار "اتفاق تبادل حُرّ وشامل ومُعَمّق"، بمناسبة مرور عشرين سنة على اتفاق الشركة الأول (1995 - 2015)، والمُسمّى "اتفاق الشراكة المتوسطية" (تهدف عبارة "مُتَوَسِّطية"، إدماج الكيان الصهيوني في العلاقات العربية الأوروبية)، والذي رَكّزَ آنذاك على تبادل السلع (وهو ليس تبادل، وإنما احتكار أوروبا للسوق التونسية والمغربية وغيرها )، وتشترط أوروبا حرية رأس المال الأوروبي ليستثمر في كل القطاعات، ولذلك وجب تغيير القوانين، تحت عنوان "الإصلاح الإقتصادي"، وبدأت المحادثات بشأن هذه المرحلة من العلاقات "المُعَمّقة والشاملة"، بين الإتحاد الأوروبي وتونس، منذ 13/10/2015 (أي في ظل حكومة وأغلبية نيابية إخوانجية ودستورية)، خلال فترة انهيار الإقتصاد التونسي، وارتفاع الدّيون الخارجية، ومن بينها الديون الأوروبية (المصرف الأوروبي للاستثمار، والمصرف الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية والمصرف الألماني للتنمية...)، وتوجّهت القروض الأوروبية نحو مجالات تُساعد على استثمار الشركات الأوروبية في تونس، ومن بينها مجالات البُنْيَة التّحْتِيّة والطاقة والنقل والبيئة وشركات القطاع الخاص (لشراء ما تطرحه الحكومة للبيع، في إطار الخَصْخَصَة)...
بعد الهيمنة على الإقتصاد، رَكّز الإتحاد الأوروبي (منذ 2017) على الجوانب الثقافية والتّرْبَوية والإيديولوجية، من خلال برامج تحمل عناوين خَلاّبَة وبَرّاقَة، مثل برنامج "تبادل الطلاب والأطر الجامعية" (انخفض عدد الطلاب التونسيين، والمَغارِبِيِّين، في أوروبا، مقابل ارتفاع عدد الفنِّيِّين وذوي المُؤَهّلات والإختصاصات)، ودعم برامج التعليم والتّدريب وتأهيل المُدَرِّسِين، وبطبيعة الحال فإن هذا "الدّعم" هو أوروبي، ومن جانب وَحِيد، لذلك فرض الإتحاد الأوروبي برامجه ووجهة نظره، تحت عنوان "تحديث مؤسسات التعليم العالي" (التونسية) أو "التعاون بين منظمات الشباب على جانبيْ البحر الأبيض المتوسط"، وهو ما فَسَح المجال للمنظمات "غير الحكومية" الأوروبية (المُمَوّلَة حُكوميًّا) للعمل التخريبي بكل حرية في تونس، تحت عنوان "دعم أنشطة تربوية وثقافية وفَنِّية..."
عارض الإتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد نقابات الأُجَراء) هذه الخطوات، منذ 1995، وقَدّمت الحكومات المتعاقبة، خلال فترة حُكْم بن علي، أو بعد 2011 (ائتلاف الإخوان المسلمين مع الدَّساترة ورجال الأعمال) هذه العلاقات غير المتكافئة (علاقات تَبَعِيّة مُفْرِطَة)، كعنوان "تقدّم وتطور تونس"، لكن نتائج هذه العلاقات، غير المتكافئة، سيئة جدًّا وأصبحت سلبياتها واضحة للعيان، خصوصًا منذ أصبحت تونس "شريكًا مميزًا" في الرّبع الأخير من سنة 2012، مما وَسَّعَ رُقْعة المُعارضة لها، خصوصًا مع اقتراب توقيع اتفاق الشراكة للتبادل "الحُر الشامل والمُعَمّق" مع الاتحاد الأوروبي، والمسمى اختصاراً "ألِيكَا"، ويهدف هذا الإتفاق "إدماج الإقتصاد التونسي في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي"، بحسب ما ورَدَ في موقع الإتحاد الأوروبي، ويُثِير مخاوف (مَشْرُوعة) من قطاعات مختلفة، ومن بينها اتحاد نقابات الأُجراء، واتحاد الفلاحين وحتى قطاعات من أرباب العمل (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة)، الذين لن يتمكنوا من استثمار مبالغ طائلة لتحديث شبكة الإنتاج أو التوزيع، إستجابة لشُرُوط الإتحاد الأوروبي، واتسعت معارضة هذا الإتفاق "الحر والشامل والمعمّق" إلى قطاعات مُهادِنَة مثل أصحاب الصيدليات الخاصة، الذين يتخوفون من القضاء على "منظومة صناعة الأدوية في تونس"، بعد "التحرير الشامل" لقطاع الصحة والرعاية الصحية والطبية، وتجارة العقاقير، ويتذمر ممثلو هذه القطاعات، التي كانت دائمًا مُهادِنَة، ومن بينها قطاع الفلاحين، من عدم استشارة الحكومة التونسية لممثلي هذه القطاعات، ومن عدم تكافؤ الفُرص، بسبب الدّعم القوي الذي تُقَدِّمُهُ مؤسسات الإتحاد الأوروبي لكافة القطاعات الإقتصادية الأوروبية، من المصارف إلى الزراعة، وأصبح بعض ممثلي أرباب العمل وكبار المُزارعين يعلنون رَفْضَ الإتفاق (الأوروبي - التونسي)، وهُمْ قِلّة، لأنه "خطر على السيادة الوطنية ويمهد لاستعمار جديد مباشر"، وتدّعي أغلبية رجال الأعمل "إن المشكلة تتمثل في قِصَر الفترة الإنتقالية لإعادة تأهيل الإقتصاد"، وهو وَهْمٌ، يُفَنِّدُهُ تاريخ العلاقات الأوروبية التونسية، خصوصًا منذ 1995، بسبب عدم تَناسُب الإمكانات، وبسبب علاقات الهيمنة، بأشكالها القديمة والجديدة
ردّ الإتحاد الأوروبي على المُعارضين التونسيين لهذه الإتفاقية، بنَشْرِ بيان طويل عن "الدّعم" الأوروبي للحكومات التي تعاقبت منذ 2011 " وادّعى إن "اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق، يعتبر محركا أساسيا لإعادة الاستثمار والنمو في تونس وتشجيع الاندماج الاقتصادي والتجاري لتونس مع الاتحاد الأوروبي..." والواقع إن مثل هذا الإتفاق يُعْتَبَرُ هيمنة شاملة ومُعمّقة، مجانية، وبدون مقابل، بل إن المواطن التونسي يُسَدِّدُ ثمن رفاهية الرأسمالي، وحتى المواطن الأوروبي، فهي هيمنة رخيصة الثّمن، تُكرِّسُ التّبَعيّة والنّهْبَ، عبر اتفاقيات مُلْزِمة، لم يُشارك العُمال وصغار المُزارعين والأُجراء والمُنْتِجِين في مناقشتها ولا في صياغة مُحتوياتها...
معظم المعلومات وَرَدَتْ في موقع الإتحاد الأوروبي، وفي بعض المواقع التونسية.
الطاهر المعز
نشر الإتحاد الأوروبي تقريرًا حول "وضع العلاقات الأوروبيّة التّونسيّة في الفترة 2015-2016"، قبل انعقاد "مجلس الشراكة" بين الطّرَفَيْن، يوم 11 أيار/مايو 2017، فيما لم تَنْشُر الحكومة التونسية تقريرًا مُماثِلاً، ويتدخل التقرير الأوروبي في كافة شؤون تونس، ويُسجّل مدى "التّقدّم في مجالات الأمن، وترسيخ الديمقراطية، وتعزيز الحوكمة الرّشيدة..."، وأعلنت "فيدريكا موغريني"، المكلّفة بالشؤون الخارجيّة والسياسة الأمنيّة الأوروبية، فيديريكا موغيريني إن أوروبا بصدد تعميق التعاون مع تونس في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والأمنية..."، وهو في واقع الأمر ليس تعاونًا، بل إشرافًا أوروبِّيًّا على جميع جوانب الحياة في تونس، تحت غطاء "علاقات الشراكة"...
يعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لتونس، ويستوعب 75%من صادرتها و63% من مجموع مبادلاتها التجارية، أو ما يُقدّر بعشرين مليار يورو، سنة بدْء المحادثات حول الشراكة المُعَمّقة والشاملة (2015)، لكن تونس لا تُصَدِّرُ سوى بعض المواد الخام، أو المُعِدّات والتجهيزات التي يقع تركيبها في تونس، لفائدة شركات أوروبية، في حين انخفضت صادرات تونس من المنتجات الزراعية والنسيج والملابس، وزادت صادرات أوروبا، من هذه المواد، نحو تونس...
بدأت علاقات "الشّراكة" بشكلها الحالي، بعد إدماج دول جنوب أوروبا في الإتحاد الأوروبي (إسبانيا واليونان والبرتغال وقبرص ومالطا... "، وكانت العلاقات تجارية، حيث تستغل الشركات الأوروبية الموارد الطبيعية والمنجمية والعَمالة الرّخيصة في تونس (وفي المغرب)، ولكنها تضع عراقيل عديدة أمام دول السلع التونسية (أو المغربية) إلى أوروبا، مقابل سهولة دخول إنتاج المُسْتَوْطَنات الصهيونية، التي نهبت الأراضي والمياه الفلسطينية...
بدأ ما سُمِّيَ "مَسار برشلونة"، سنة 1995، ويتمثل في مجموعة شروط فَرَضَها الإتحاد الأوروبي على دول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط (ومن بينها بلدان المغرب العربي، باستثناء ليبيا)، كجزء من "اتفاق شراكة مع الإتحاد الأوروبي"، وفي تموز/يوليو 1995، أصبحت تونس أول بلد يوقع هذا الإتفاق الذي كرّس، بل عَمَّقَ، تبعية اقتصاد تونس للاتحاد الأوروبي، وكان من نتائجه (خلال السنوات العشر الأولى) تسريح حوالي 350 ألف عامل، في شركات صغيرة، لم تتمكن من تطبيق "المَعايِير الأوروبية" المَفْرُوضة، وأقرّ الإتفاق فتح أسواق البلاد للإنتاج الأوروبي، بعد إلغاء الرسوم الجمركية سنة 2008، كمرحلة نحو إنشاء "منطقة للتبادل الحر"، وهي بدورها مرحلة في طريق إقرار "اتفاق تبادل حُرّ وشامل ومُعَمّق"، بمناسبة مرور عشرين سنة على اتفاق الشركة الأول (1995 - 2015)، والمُسمّى "اتفاق الشراكة المتوسطية" (تهدف عبارة "مُتَوَسِّطية"، إدماج الكيان الصهيوني في العلاقات العربية الأوروبية)، والذي رَكّزَ آنذاك على تبادل السلع (وهو ليس تبادل، وإنما احتكار أوروبا للسوق التونسية والمغربية وغيرها )، وتشترط أوروبا حرية رأس المال الأوروبي ليستثمر في كل القطاعات، ولذلك وجب تغيير القوانين، تحت عنوان "الإصلاح الإقتصادي"، وبدأت المحادثات بشأن هذه المرحلة من العلاقات "المُعَمّقة والشاملة"، بين الإتحاد الأوروبي وتونس، منذ 13/10/2015 (أي في ظل حكومة وأغلبية نيابية إخوانجية ودستورية)، خلال فترة انهيار الإقتصاد التونسي، وارتفاع الدّيون الخارجية، ومن بينها الديون الأوروبية (المصرف الأوروبي للاستثمار، والمصرف الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية والمصرف الألماني للتنمية...)، وتوجّهت القروض الأوروبية نحو مجالات تُساعد على استثمار الشركات الأوروبية في تونس، ومن بينها مجالات البُنْيَة التّحْتِيّة والطاقة والنقل والبيئة وشركات القطاع الخاص (لشراء ما تطرحه الحكومة للبيع، في إطار الخَصْخَصَة)...
بعد الهيمنة على الإقتصاد، رَكّز الإتحاد الأوروبي (منذ 2017) على الجوانب الثقافية والتّرْبَوية والإيديولوجية، من خلال برامج تحمل عناوين خَلاّبَة وبَرّاقَة، مثل برنامج "تبادل الطلاب والأطر الجامعية" (انخفض عدد الطلاب التونسيين، والمَغارِبِيِّين، في أوروبا، مقابل ارتفاع عدد الفنِّيِّين وذوي المُؤَهّلات والإختصاصات)، ودعم برامج التعليم والتّدريب وتأهيل المُدَرِّسِين، وبطبيعة الحال فإن هذا "الدّعم" هو أوروبي، ومن جانب وَحِيد، لذلك فرض الإتحاد الأوروبي برامجه ووجهة نظره، تحت عنوان "تحديث مؤسسات التعليم العالي" (التونسية) أو "التعاون بين منظمات الشباب على جانبيْ البحر الأبيض المتوسط"، وهو ما فَسَح المجال للمنظمات "غير الحكومية" الأوروبية (المُمَوّلَة حُكوميًّا) للعمل التخريبي بكل حرية في تونس، تحت عنوان "دعم أنشطة تربوية وثقافية وفَنِّية..."
عارض الإتحاد العام التونسي للشغل (اتحاد نقابات الأُجَراء) هذه الخطوات، منذ 1995، وقَدّمت الحكومات المتعاقبة، خلال فترة حُكْم بن علي، أو بعد 2011 (ائتلاف الإخوان المسلمين مع الدَّساترة ورجال الأعمال) هذه العلاقات غير المتكافئة (علاقات تَبَعِيّة مُفْرِطَة)، كعنوان "تقدّم وتطور تونس"، لكن نتائج هذه العلاقات، غير المتكافئة، سيئة جدًّا وأصبحت سلبياتها واضحة للعيان، خصوصًا منذ أصبحت تونس "شريكًا مميزًا" في الرّبع الأخير من سنة 2012، مما وَسَّعَ رُقْعة المُعارضة لها، خصوصًا مع اقتراب توقيع اتفاق الشراكة للتبادل "الحُر الشامل والمُعَمّق" مع الاتحاد الأوروبي، والمسمى اختصاراً "ألِيكَا"، ويهدف هذا الإتفاق "إدماج الإقتصاد التونسي في السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي"، بحسب ما ورَدَ في موقع الإتحاد الأوروبي، ويُثِير مخاوف (مَشْرُوعة) من قطاعات مختلفة، ومن بينها اتحاد نقابات الأُجراء، واتحاد الفلاحين وحتى قطاعات من أرباب العمل (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة)، الذين لن يتمكنوا من استثمار مبالغ طائلة لتحديث شبكة الإنتاج أو التوزيع، إستجابة لشُرُوط الإتحاد الأوروبي، واتسعت معارضة هذا الإتفاق "الحر والشامل والمعمّق" إلى قطاعات مُهادِنَة مثل أصحاب الصيدليات الخاصة، الذين يتخوفون من القضاء على "منظومة صناعة الأدوية في تونس"، بعد "التحرير الشامل" لقطاع الصحة والرعاية الصحية والطبية، وتجارة العقاقير، ويتذمر ممثلو هذه القطاعات، التي كانت دائمًا مُهادِنَة، ومن بينها قطاع الفلاحين، من عدم استشارة الحكومة التونسية لممثلي هذه القطاعات، ومن عدم تكافؤ الفُرص، بسبب الدّعم القوي الذي تُقَدِّمُهُ مؤسسات الإتحاد الأوروبي لكافة القطاعات الإقتصادية الأوروبية، من المصارف إلى الزراعة، وأصبح بعض ممثلي أرباب العمل وكبار المُزارعين يعلنون رَفْضَ الإتفاق (الأوروبي - التونسي)، وهُمْ قِلّة، لأنه "خطر على السيادة الوطنية ويمهد لاستعمار جديد مباشر"، وتدّعي أغلبية رجال الأعمل "إن المشكلة تتمثل في قِصَر الفترة الإنتقالية لإعادة تأهيل الإقتصاد"، وهو وَهْمٌ، يُفَنِّدُهُ تاريخ العلاقات الأوروبية التونسية، خصوصًا منذ 1995، بسبب عدم تَناسُب الإمكانات، وبسبب علاقات الهيمنة، بأشكالها القديمة والجديدة
ردّ الإتحاد الأوروبي على المُعارضين التونسيين لهذه الإتفاقية، بنَشْرِ بيان طويل عن "الدّعم" الأوروبي للحكومات التي تعاقبت منذ 2011 " وادّعى إن "اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق، يعتبر محركا أساسيا لإعادة الاستثمار والنمو في تونس وتشجيع الاندماج الاقتصادي والتجاري لتونس مع الاتحاد الأوروبي..." والواقع إن مثل هذا الإتفاق يُعْتَبَرُ هيمنة شاملة ومُعمّقة، مجانية، وبدون مقابل، بل إن المواطن التونسي يُسَدِّدُ ثمن رفاهية الرأسمالي، وحتى المواطن الأوروبي، فهي هيمنة رخيصة الثّمن، تُكرِّسُ التّبَعيّة والنّهْبَ، عبر اتفاقيات مُلْزِمة، لم يُشارك العُمال وصغار المُزارعين والأُجراء والمُنْتِجِين في مناقشتها ولا في صياغة مُحتوياتها...
معظم المعلومات وَرَدَتْ في موقع الإتحاد الأوروبي، وفي بعض المواقع التونسية.