بناء على دراستنا المعمقة في تاريخ البشرية جميعا.. وفي التاريخ الإسلامي بشكل خاص.. وفي تاريخ الثورات العالمية بشكل أخص..
نرى أن الثورات عموما.. تمر في عدة مراحل.. مع اختلاف عددها.. واختلاف طول الزمن في كل مرحلة.. بين ثورة وأخرى.. حتى تحقق هدفها.. وتستقر.. وتترسخ في الأرض.. التي قامت فيها.
الثورات عموما.. لها هدف رئيسي مشترك.. ولها انطلاقة واحدة.
فالثورة لغويا.. وحسب تعريف معظم معاجم اللغة تقول:
هي:
الهيجان.. والاهتياج.. والاضطراب.. والغضب.. والانفجار.
ثار الرجل.. هاج.. وتوفز.. وتحفز.. وغضب.
ثار البركان.. انفجر.. وتصدع.. وتشقق.. وانطلقت الحمم من داخله.
الثورة فكريا.. وعقديا.. وسياسيا.. واجتماعيا هي:
إحداث تغيير في نمط الحياة.. وأسلوبها.. ومنهجها.. ونظامها..
وانقلاب على الوضع السائد.. في المجتمع..
والانتقال من نظام استعبادي، ديكتاتوري، استبدادي.. إلى نظام تحرري.. فيه تتحقق كرامة الإنسان، وعزته.. وينال حقوقه، بالسوية والعدل..
هذا هو هدف الثورة بشكل عام..
ولكن: ليس كل الثورات البشرية.. سارت على نفس المنهاج!!!
بعضها سار على منهج معاكس.. وحول النظام الذي انقلب عليه.. إلى أشد استبدادا، وطغيانا، وديكتاتورية..
مثل: الثورة البلشفية الشيوعية الحمراء في روسيا عام 1917 والتي أزهقت ملايين الأرواح.. كي تحقق انتصارها..
والثورة البعثية السوداء في سورية عام 1963 حيث انقلبت على نظام تحرري.. وحولته إلى نظام ديكتاتوري.. ومن ثم.. سيطرت الطائفة النصيرية الملعونة منذ 1970 وحتى الآن..
وكذلك الثورة الخمينية، الرافضية، الشيطانية في إيران عام 1979 والتي حكمت البلد بالحديد والنار.. ونشرت سمومها في كل مكان ..
ولذلك يمكن تقسيم الثورات إلى نوعين:
الثورات الصالحة: التي تريد بالبشرية الخير والتحرر من العبودية..
والثورات الشريرة: التي تنقل البشرية إلى عبودية العبيد..
فالأنبياء حسب التعريفات الأولية.. هم أول من قام بالثورة لتحطيم جمود العقل.. واستبداد الطغاة.. وكسر أغلال العبودية للعبيد.. الذي كان سائدا في تلك الأزمان.. من لدن نوح.. وإلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم.. وإحداث تغيير في عقائد الناس.. وتبديل في أسلوب تفكيرهم..
ودائما تترافق الثورات الصالحة.. بمعاناة.. وشدائد.. وعذابات.. وآلام.. وصعوبات.. تعترض طريق القائمين عليها.. وتتطلب منهم.. تقديم تضحيات.. وفداء بالأرواح والأموال.. لكي تحقق أهدافها.
وكلما كان هدف الثورة كبيراً.. وعظيماً.. كلما تطلب.. دفع أثمان غالية لها.
والعكس صحيح..
حينما يكون هدفها صغيراً.. وبسيطاً.. فإن الثمن المدفوع لها.. سيكون قليلاً ورخيصاً.
وحينما يكون هدفها:
دينياً.. ربانياً.. وسلعتها.. وبضاعتها الجنة.. فإن الثمن.. سيكون حتماً غالياً..
وهو: النفس.. والروح.. والدم.. والمال.. وكل عرض الدنيا..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ).
وبالنسبة للثورة السورية..
فإنها كانت ابتداءً بإلهام من الله تعالى.. وتدبير.. وتخطيط منه..
فالله عز وجل.. هو الذي بدأها.. وفتح الطريق.. ومهده للساكين.. وأخذ يراقبهم.. ليمتحنهم.. ويبتليهم.. ويختبرهم.. ليعلم الصادقين من الكاذبين.. والمخلصين من المنافقين..
( وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ ) محمد 31.
( أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ ) آل عمران 142.
( وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ ) محمد 4.
وقد وجد الله تعالى.. أنه بالرغم مما قدمه السوريون من تضحيات هائلة.. من دماء كالبحار.. وأرواح كحبات رمل الصحراء.. وخسائر في الممتلكات.. بأطنان من الذهب!!!
إلا أن هذه التضحيات ذهبت هباءً منثوراً.. مشتتةً.. مبعثرةً.. وبشكل فوضوي، وغير منظم.. ولم تُؤت ثمارها المطلوبة.. في الدنيا..
ولكن في الآخرة.. كل فرد سيُجازى على حسب نيته.. لا يُظلم مثقال ذرة...
والسبب في ضياع هذه التضحيات الكبيرة سدى..
هو: أنهم لا يزالون بعيدين جداً.. عن طريق الله تعالى – إلا قليلا منهم - ولا يزالون يعبدون أوثانا.. وآلهة أخرى.. ويطيعون رؤساء، وقادة علمانيين، مرتبطين مع المحتلين، المعتدين مباشرة.. والذين لا يعرفون رباً ولا ديناً.. ولا إلاً ولا ذمةً..
وبناء عليه:
فإننا نتوقع – والله أعلم – أن الثورة السورية ستمر في أربع مراحل..
وكل مرحلة منها.. مدتها عشر سنوات تقريبا.. قد تزيد أو تنقص قليلا..
المرحلة الأولى: مرحلة التجريب..
والاختبار.. والتدريب.. واللعب في الخطط العسكرية الفكاهية، البهلوانية.. والتقاتل بين الفصائل المسلحة.. والتحزير في رمي الذخيرة على الأعداء.. والقيام بالدفاع بشكل ارتجالي.. مع الأخطاء الجسيمة.. في كيفية مجابهة المعتدين!!!
والتفرقة، والتشرذم، وقيام كل فصيل بالعمل لوحده!!!
وانعدام روح التعاون، والتآخي، والمناصرة، وتبادل المعلومات بين الفصائل!!!
وانعدام وجود أجهزة استخبارات.. لكشف الجواسيس، والخونة الذين يرتعون، ويسرحون، ويمرحون وينقلون إلى الأعداء إحداثيات دقيقة.. ومفصلة عن المواقع الحيوية الهامة.. والحساسة للناس.. فتقصفها الطائرات بكل سهولة.. وبدقة متناهية..
والانسحابات المريعة، الكارثية من المناطق التي بُذلت الدماء، والأرواح لتحريرها.. فتُسلم بأريحية، وسرور إلى المحتلين.. مع أسلحتها التقيلة، وذخائرها الكبيرة.. التي لا تزال في صنادقها.. لم تُفتح بعد!!! ..
وستنتهي على الأغلب.. هذه المرحلة الصعبة، القاسية بعد سنة ونصف تقريبا.. وقد تزيد قليلا.. بتسليم إدلب وهي آخر أرض محررة إلى المحتلين.. على طبق من ذهب.. كما سُلمت خلب من قبلها!!!
المرحلة الثانية: مرحلة الاصطفاء..
والاختيار.. والغربلة، والتنقية، والتصفية، والارتشاح، والترشيح، والانتخاب.. لاختيار مجموعة متميزة من وسط الثوار، والمجاهدين، والأحرار.. تتمتع بصفات عالية في التدين.. والالتزام بمنهج الله تعالى.. والاعتماد، والتوكل عليه كليا.. والولاء له وحده.. دون العالمين..
ونبذ ولاية أي مخلوق آخر.. مهما كان مركزه، وحجمه، وكلامه الحلو المعسل..
والانضباط في طاعة الله تعالى.. والجرأة في قول الحق.. دون خوف في الله لومة لائم ..
هذه المرحلة مدتها أيضا عشر سنوات.. وهي مفصلية، وأساسية.. وتعتبر اللبنة الأولى.. في صرح الانتصارات التالية.. بإذن الله تعالى..
فإذا نجحت هذه المرحلة.. في تشكيل، وتكوين الفئة المؤمنة، الصادقة، المخلصة، المجاهدة في سبيل الله.. لإعلاء كلمته وحده.. والتي همها الأول، والأخير.. تحقيق رضا الله تعالى..
ستكون المرحلتان التاليتان.. سهلة، ويسيرة، وبسيطة.
وإن لم تنجح – لا سمح الله – هذه المرحلة.. في تكوين الفئة المؤمنة الصابرة..
فلا نجاح.. ولا انتصار للثورة إطلاقاً..
لأن هذا قانون الله الثابت:
( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ ) محمد 7 .
هذا قول فصل.. ليس بالهزل..
دفع الثمن.. وهو طاعة الله أولا.. والتزام بمنهجه.. ثم يأت تسليم البضاعة.. وهي النصر..
المرحلة الثالثة: مرحلة التربية..
والإعداد الإيماني، العقائدي، وتلقي العلم الشرعي الصحيح.. على أيدي العلماء الموحدين.. غير المتشربين بالبدع والضلالات.. مع الإعداد العسكري على أعلى المستويات العلمية، والفنية، والتقنية.. ودراسة فنون القتال القديمة والحديثة..
والتدريب على أساليب قتالية، في غاية المهارة، والخداع، والتضليل للأعداء..
مع تطبيق وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم:
( الحرب خدعة ).
( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ).
والتحرك خفية وراء خطوط الأعداء.. دون ضجيج، ولا تطبيل، ولا تزمير، ولا تصوير..
كي تحدث أكبر خسائر في صفوف الأعداء.. بأقل ثمن..
وهذه مدتها عشر سنوات أيضاً.. وقد تزيد قليلاً..
المرحلة الرابعة: مرحلة التنفيذ..
وتحقيق التحرير من المحتلين، الغاصبين.. وتسطير أروع الانتصارات بإذن الله.. ومدتها عشر سنوات أيضا..
فإذا سارت المرحلة الثانية والثالثة بشكل صحيح.. وعلى أسس ربانية كاملة..
فإن الله تعالى.. سينزل نصره على عباده المؤمنين.. بشكل أكيد.. لا شك ولا ريب فيه..
فالله عز وجل، وعد.. ولن يُخلف وعده.
( وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ) الروم 47 .
الجمعة 22 ذو الحجة 1440
23 آب 2019
موفق السباعي
نرى أن الثورات عموما.. تمر في عدة مراحل.. مع اختلاف عددها.. واختلاف طول الزمن في كل مرحلة.. بين ثورة وأخرى.. حتى تحقق هدفها.. وتستقر.. وتترسخ في الأرض.. التي قامت فيها.
الثورات عموما.. لها هدف رئيسي مشترك.. ولها انطلاقة واحدة.
فالثورة لغويا.. وحسب تعريف معظم معاجم اللغة تقول:
هي:
الهيجان.. والاهتياج.. والاضطراب.. والغضب.. والانفجار.
ثار الرجل.. هاج.. وتوفز.. وتحفز.. وغضب.
ثار البركان.. انفجر.. وتصدع.. وتشقق.. وانطلقت الحمم من داخله.
الثورة فكريا.. وعقديا.. وسياسيا.. واجتماعيا هي:
إحداث تغيير في نمط الحياة.. وأسلوبها.. ومنهجها.. ونظامها..
وانقلاب على الوضع السائد.. في المجتمع..
والانتقال من نظام استعبادي، ديكتاتوري، استبدادي.. إلى نظام تحرري.. فيه تتحقق كرامة الإنسان، وعزته.. وينال حقوقه، بالسوية والعدل..
هذا هو هدف الثورة بشكل عام..
ولكن: ليس كل الثورات البشرية.. سارت على نفس المنهاج!!!
بعضها سار على منهج معاكس.. وحول النظام الذي انقلب عليه.. إلى أشد استبدادا، وطغيانا، وديكتاتورية..
مثل: الثورة البلشفية الشيوعية الحمراء في روسيا عام 1917 والتي أزهقت ملايين الأرواح.. كي تحقق انتصارها..
والثورة البعثية السوداء في سورية عام 1963 حيث انقلبت على نظام تحرري.. وحولته إلى نظام ديكتاتوري.. ومن ثم.. سيطرت الطائفة النصيرية الملعونة منذ 1970 وحتى الآن..
وكذلك الثورة الخمينية، الرافضية، الشيطانية في إيران عام 1979 والتي حكمت البلد بالحديد والنار.. ونشرت سمومها في كل مكان ..
ولذلك يمكن تقسيم الثورات إلى نوعين:
الثورات الصالحة: التي تريد بالبشرية الخير والتحرر من العبودية..
والثورات الشريرة: التي تنقل البشرية إلى عبودية العبيد..
فالأنبياء حسب التعريفات الأولية.. هم أول من قام بالثورة لتحطيم جمود العقل.. واستبداد الطغاة.. وكسر أغلال العبودية للعبيد.. الذي كان سائدا في تلك الأزمان.. من لدن نوح.. وإلى محمد صلوات الله وسلامه عليهم.. وإحداث تغيير في عقائد الناس.. وتبديل في أسلوب تفكيرهم..
ودائما تترافق الثورات الصالحة.. بمعاناة.. وشدائد.. وعذابات.. وآلام.. وصعوبات.. تعترض طريق القائمين عليها.. وتتطلب منهم.. تقديم تضحيات.. وفداء بالأرواح والأموال.. لكي تحقق أهدافها.
وكلما كان هدف الثورة كبيراً.. وعظيماً.. كلما تطلب.. دفع أثمان غالية لها.
والعكس صحيح..
حينما يكون هدفها صغيراً.. وبسيطاً.. فإن الثمن المدفوع لها.. سيكون قليلاً ورخيصاً.
وحينما يكون هدفها:
دينياً.. ربانياً.. وسلعتها.. وبضاعتها الجنة.. فإن الثمن.. سيكون حتماً غالياً..
وهو: النفس.. والروح.. والدم.. والمال.. وكل عرض الدنيا..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ).
وبالنسبة للثورة السورية..
فإنها كانت ابتداءً بإلهام من الله تعالى.. وتدبير.. وتخطيط منه..
فالله عز وجل.. هو الذي بدأها.. وفتح الطريق.. ومهده للساكين.. وأخذ يراقبهم.. ليمتحنهم.. ويبتليهم.. ويختبرهم.. ليعلم الصادقين من الكاذبين.. والمخلصين من المنافقين..
( وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ ) محمد 31.
( أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ مِنكُمۡ وَيَعۡلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ ) آل عمران 142.
( وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم بِبَعۡضٖۗ ) محمد 4.
وقد وجد الله تعالى.. أنه بالرغم مما قدمه السوريون من تضحيات هائلة.. من دماء كالبحار.. وأرواح كحبات رمل الصحراء.. وخسائر في الممتلكات.. بأطنان من الذهب!!!
إلا أن هذه التضحيات ذهبت هباءً منثوراً.. مشتتةً.. مبعثرةً.. وبشكل فوضوي، وغير منظم.. ولم تُؤت ثمارها المطلوبة.. في الدنيا..
ولكن في الآخرة.. كل فرد سيُجازى على حسب نيته.. لا يُظلم مثقال ذرة...
والسبب في ضياع هذه التضحيات الكبيرة سدى..
هو: أنهم لا يزالون بعيدين جداً.. عن طريق الله تعالى – إلا قليلا منهم - ولا يزالون يعبدون أوثانا.. وآلهة أخرى.. ويطيعون رؤساء، وقادة علمانيين، مرتبطين مع المحتلين، المعتدين مباشرة.. والذين لا يعرفون رباً ولا ديناً.. ولا إلاً ولا ذمةً..
وبناء عليه:
فإننا نتوقع – والله أعلم – أن الثورة السورية ستمر في أربع مراحل..
وكل مرحلة منها.. مدتها عشر سنوات تقريبا.. قد تزيد أو تنقص قليلا..
المرحلة الأولى: مرحلة التجريب..
والاختبار.. والتدريب.. واللعب في الخطط العسكرية الفكاهية، البهلوانية.. والتقاتل بين الفصائل المسلحة.. والتحزير في رمي الذخيرة على الأعداء.. والقيام بالدفاع بشكل ارتجالي.. مع الأخطاء الجسيمة.. في كيفية مجابهة المعتدين!!!
والتفرقة، والتشرذم، وقيام كل فصيل بالعمل لوحده!!!
وانعدام روح التعاون، والتآخي، والمناصرة، وتبادل المعلومات بين الفصائل!!!
وانعدام وجود أجهزة استخبارات.. لكشف الجواسيس، والخونة الذين يرتعون، ويسرحون، ويمرحون وينقلون إلى الأعداء إحداثيات دقيقة.. ومفصلة عن المواقع الحيوية الهامة.. والحساسة للناس.. فتقصفها الطائرات بكل سهولة.. وبدقة متناهية..
والانسحابات المريعة، الكارثية من المناطق التي بُذلت الدماء، والأرواح لتحريرها.. فتُسلم بأريحية، وسرور إلى المحتلين.. مع أسلحتها التقيلة، وذخائرها الكبيرة.. التي لا تزال في صنادقها.. لم تُفتح بعد!!! ..
وستنتهي على الأغلب.. هذه المرحلة الصعبة، القاسية بعد سنة ونصف تقريبا.. وقد تزيد قليلا.. بتسليم إدلب وهي آخر أرض محررة إلى المحتلين.. على طبق من ذهب.. كما سُلمت خلب من قبلها!!!
المرحلة الثانية: مرحلة الاصطفاء..
والاختيار.. والغربلة، والتنقية، والتصفية، والارتشاح، والترشيح، والانتخاب.. لاختيار مجموعة متميزة من وسط الثوار، والمجاهدين، والأحرار.. تتمتع بصفات عالية في التدين.. والالتزام بمنهج الله تعالى.. والاعتماد، والتوكل عليه كليا.. والولاء له وحده.. دون العالمين..
ونبذ ولاية أي مخلوق آخر.. مهما كان مركزه، وحجمه، وكلامه الحلو المعسل..
والانضباط في طاعة الله تعالى.. والجرأة في قول الحق.. دون خوف في الله لومة لائم ..
هذه المرحلة مدتها أيضا عشر سنوات.. وهي مفصلية، وأساسية.. وتعتبر اللبنة الأولى.. في صرح الانتصارات التالية.. بإذن الله تعالى..
فإذا نجحت هذه المرحلة.. في تشكيل، وتكوين الفئة المؤمنة، الصادقة، المخلصة، المجاهدة في سبيل الله.. لإعلاء كلمته وحده.. والتي همها الأول، والأخير.. تحقيق رضا الله تعالى..
ستكون المرحلتان التاليتان.. سهلة، ويسيرة، وبسيطة.
وإن لم تنجح – لا سمح الله – هذه المرحلة.. في تكوين الفئة المؤمنة الصابرة..
فلا نجاح.. ولا انتصار للثورة إطلاقاً..
لأن هذا قانون الله الثابت:
( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرۡكُمۡ وَيُثَبِّتۡ أَقۡدَامَكُمۡ ) محمد 7 .
هذا قول فصل.. ليس بالهزل..
دفع الثمن.. وهو طاعة الله أولا.. والتزام بمنهجه.. ثم يأت تسليم البضاعة.. وهي النصر..
المرحلة الثالثة: مرحلة التربية..
والإعداد الإيماني، العقائدي، وتلقي العلم الشرعي الصحيح.. على أيدي العلماء الموحدين.. غير المتشربين بالبدع والضلالات.. مع الإعداد العسكري على أعلى المستويات العلمية، والفنية، والتقنية.. ودراسة فنون القتال القديمة والحديثة..
والتدريب على أساليب قتالية، في غاية المهارة، والخداع، والتضليل للأعداء..
مع تطبيق وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم:
( الحرب خدعة ).
( استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ).
والتحرك خفية وراء خطوط الأعداء.. دون ضجيج، ولا تطبيل، ولا تزمير، ولا تصوير..
كي تحدث أكبر خسائر في صفوف الأعداء.. بأقل ثمن..
وهذه مدتها عشر سنوات أيضاً.. وقد تزيد قليلاً..
المرحلة الرابعة: مرحلة التنفيذ..
وتحقيق التحرير من المحتلين، الغاصبين.. وتسطير أروع الانتصارات بإذن الله.. ومدتها عشر سنوات أيضا..
فإذا سارت المرحلة الثانية والثالثة بشكل صحيح.. وعلى أسس ربانية كاملة..
فإن الله تعالى.. سينزل نصره على عباده المؤمنين.. بشكل أكيد.. لا شك ولا ريب فيه..
فالله عز وجل، وعد.. ولن يُخلف وعده.
( وَكَانَ حَقًّا عَلَيۡنَا نَصۡرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ) الروم 47 .
الجمعة 22 ذو الحجة 1440
23 آب 2019
موفق السباعي