تأثيرات الوباء التّاجي (كوفيد 19) على الإقتصاد وعلى العاملين
الطاهر المعز
فاق عدد حالات الإصابة بوباء "كوفيد 19"، حتى يوم الخميس، 02 نيسان/ابريل 2020 ، مليون حالة، مُعْلَنَة من قِبَل أطباء العالم، فيما قارب عدد حالات الوفاة 52 ألف، بحسب إحصاء جامعة "جون هوبكينز"، وبلغ عدد حالات الإصابة في الولايات المتحدة 235 ألف، فيما فاق عدد حالات الوفيات الخمسة آلاف، و115250 حالة إصابة و 14 ألف حالة وفاة في إيطاليا، و110300 حالة إصابة وأكثر من عشرة آلاف حالة وفاة، في إسبانيا، فيما لم تُسجل حالات جديدة في الصين، حيث بلغت حالات الإصابة 81600 وحالات الوفاة 3320 ، منذ انطلاق الوباء، مع الإشارة إلى غياب الإختبارات في العديد من دول العالم...
أدّى انتشار الوباء إلى احتجاز ثلاثة مليارات إنسان في بيوتهم، وفقد معظمهم عَمَلَهُم ودخْلَهُم، بسبب توقف نشاط عدد من القطاعات (السياحة والنقل والفنادق والمطاعم والعديد من الخَدَمات)، ما أدى إلى ارتفاع عدد العاملين الذين فقدوا وظائفهم، وإلى انهيار أسعار النفط الخام، نتيجة ذلك، بالإضافة إلى توقعات بكساد أو انكماش الإقتصاد في العالم، وانخفاض نسبة النمو (نمو الناتج المحلي الإجمالي) في كافة بلدان العالم، ما أدّى إلى انهيار أسواق المُضاربة بالأسهم (البورصة)، ونُلخّصُ، فيما يلي، بعض التأثيرات الإقتصادية لانتشار وباء "كوفيد 19" (كورونا):
أعلنت بعض شركات النقل الجوي توقُّف رحلاتها، بشكل كامل، وطلبت الجمعية الدولية للنقل الجوي دَعْمًا عاجلاً من الحكومات ( أي من مال الشُّعُوب ومن ضرائب الأُجَراء )، بقيمة 200 مليار دولار، لن ينال منها عُمّال القطاع فلْسًا واحدًا، وإنما لدَعْم الشركات، كما توقفت حركة القطارات وأغلقت معظم الدّول حُدُودها، بشكل يَشُلُّ حركة تنقل السلع والبشر، ليبقى انتقال رأس المال وحده حُرًّا بين المصارف العابرة للحدود، وأعلن المصرف المركزي الأوروبي انكماش نمو منطقة اليورو ب – 2,2% (أي 2,2 بالمائة سَالِبَة) كما يتوقع أن يكون نمو اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 2 بالمائة سالبة، وتتوقع حكومة ألمانيا تراجع الحركة الإقتصادية بنسبة لن تَقِلَّ عن 5% بنهاية السنة الحالية، مقارنة بسنة 2019، بحسب البنك العالمي، الذي راجعَ توقعاته لنمو اقتصاد الصين، من 5,9% في كانون الثاني/يناير 2020 إلى 0,1% بنهاية شهر آذار/مارس 2020، بعد انتشار الفيروس التّاجِي "كورونا"، وانخفضت قيمة الأسهم في أسواق المال الأوروبية بنحو 30% والأسواق الأمريكية بنسبة 23%، خلال الربع الأول من سنة 2020، وهي أسْوأ نتيجة، منذ 1987.
أما بشأن القطاعات الإقتصادية الأكثر تَضَرُّرًا، فإن عمال قطاع صناعة السيارات في العالم، وخصوصًا في أوروبا والولايات المتحدة، في طليعة الخاسرين، حيث يُتَوَقَّعُ انخفاض مبيعات السيارات في أوروبا، سنة 2020، بنسبة لا تقل عن 20%، وقد تصل نسبة تراجع بعض العلامات التجارية إلى 50%، وأدّى تَوقُّف قطاع النقل بأنواعه، وتوقف نشاط العديد من القطاعات الصناعية، بالإضافة إلى عدد من العوامل الأخرى، التي لا علاقة لها بانتشار وباء "كوفيد 19"، إلى انهيار أسعار النفط الخام، إلى مُستويات تاريخية هابطة، غير مسبوقة، منذ سنة 1985، بحسب موقع "تريدنغ سات" (30/03/2020)، وتعزز الإنخفاض بإغراق السعودية للأسواق العالمية بالنفط الرخيص، مع امتلاء كافة مواقع التّخْزين في العالم، ويُسبّب انهيار أسعار النفط مشاكل عديدة في الدول المُصدّرة، التي تُشكل عائدات صادرات النفط أكثر من نصف إيرادات الدّولة، وخاصة دول الإقتصاد الرّيعِي التي لم تهتم بتنويع الإقتصاد، ولم تُطَوِّر قطاعات مُنتجة، تُحقّق الإكتفاء الغذائي، وتُخفّض من قيمة واردات المواد المُصنّعة والتجهيزات والآلات، وتتوقع شركة "ماكنزي" للإستشارات تراجع الناتج الإجمالي المحلي للدول المُصدرة للنفط (باستثناء روسيا والولايات المتحدة) سنة 2020 بمعدّل أربع نقاط مائوية، إذا بقي معدّل سعر برميل النفط الخام، يتراوح بين 35 دولار و 25 دولار، وسوف تكون ميزانية دول مثل الجزائر والعراق من الدول الأكثر تضررا، إذا انخفض سعر برميل الخام إلى أقل من 55 دولار، فيما قد يتضرر اقتصاد السعودية الغارقة في العدوان على شعب اليمن، رغم التكلفة المنخفضة جدًّا لإنتاج النفط السعودي بمعدل حوالي 2,8 دولار للبرميل الواحد...
في جبهة الفُقراء العرب، قدرت اللجنة الإقتصادية والإجتماعية للأمم المتحدة (منطقة آسيا الغربية) عدد سكان البلدان العربية الذين سوف يلتحقون بصفوف الفُقراء، بسبب انتشار وباء "كوفيد 19" بنحو 8,3 ملايين شخص، وفي قارة آسيا (من غير الدول العربية)، قدّر البنك العالمي عدد الملتحقين الجدد بصفوف الفقراء بما لا يقل عن 11 مليون بشر...
ضخت الحكومات مئات المليارات من الدولارات، من المال العام، لفائدة المصارف والشركات الكبرى، خلال أزمة 2008/2009، وضغطت على العاملين والأُجراء والفُقراء، من خلال تطبيق إجراءات تقشف صارمة، وهاهي تعيد الكرّة، واعلنت مجموعة العشرين ضخ خمسة تريليونات دولارا، قبل أن ترفع المبلغ إلى حوالي 7,5 تريليونات دولارا، وقررت حكومة الولايات المتحدة تَمْتِيع الشركات بنحو 2,2 تريليون دولار من المال العام، وقد يرتفع المبلغ مستقبلا، وقرر المصرف المركزي الأوروبي دعم الشركات، بمبلغ مُتغير من تصريح إلى آخر (حوالي سبعة تريليونات يورو)، ولم يستقر بعد، ولا حديث عن حالة العاطلين عن العمل والفُقراء الذي حُرِمُوا من رواتبهم ودَخْلِهِمْ، ولا تهتم الحكومات (والمصارف المركزية) بالعاجزين عن تسديد إيجارات المساكن، وتوفير الضروريات والغذاء وتسديد ثمن الرعاية الصحية والأدوية، وتسديد أقساط القُرُوض، ومنها قُروض الطلبة الجامعيين.
في الولايات المتحدة، انخفض معدّل ادّخار الأُسَر، خلال السنوات الماضية، بسبب ارتفاع الإنفاق على الرعاية الصحية، وغياب مظلة التأمين الإجتماعي، ولن يتمكن العاملون الذين خسروا وظائفهم وحوالي 26% من الأُسَر المُسْتأجِرَة من تسديد إيجار المسكن، وتراكم حوالي 12 مليار دولار، من الإيجارات المتأخرة شهريا، ولم تهتم الحكومة الأمريكية بهؤلاء وأمثالهم الذين فقدوا عملهم ودَخْلَهم ومورد رزقهم، لأنها تُمثّل مصالح الأثرياء وأرباب العمل والمصارف والشركات الكبرى...
في البلدان الفقيرة، نادت بعض الأصوات (الضعيفة) بتأجيل تسديد أقساط الديون، واستبق صندوق النقد الدولي هذه الأصوات بإعلان استعداده إقراض الدّول بقيمة تريليون دولارا، خلال السنوات القادمة (لم يُحدّدها البيان ).
من جهة أخرى، ارتفعت قيمة أسهم الشركات التي تمكنت من تنظيم العمل عن بُعْد عبر الحاسوب، وشركات البيع عن بُعْد، بواسطة الحاسوب، وشركات توصيل المُشتريات والغذاء إلى البيوت...
المرجع: برقيات وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) و"رويترز"، من 31 آذار إلى 02 نيسان 2020
الطاهر المعز
فاق عدد حالات الإصابة بوباء "كوفيد 19"، حتى يوم الخميس، 02 نيسان/ابريل 2020 ، مليون حالة، مُعْلَنَة من قِبَل أطباء العالم، فيما قارب عدد حالات الوفاة 52 ألف، بحسب إحصاء جامعة "جون هوبكينز"، وبلغ عدد حالات الإصابة في الولايات المتحدة 235 ألف، فيما فاق عدد حالات الوفيات الخمسة آلاف، و115250 حالة إصابة و 14 ألف حالة وفاة في إيطاليا، و110300 حالة إصابة وأكثر من عشرة آلاف حالة وفاة، في إسبانيا، فيما لم تُسجل حالات جديدة في الصين، حيث بلغت حالات الإصابة 81600 وحالات الوفاة 3320 ، منذ انطلاق الوباء، مع الإشارة إلى غياب الإختبارات في العديد من دول العالم...
أدّى انتشار الوباء إلى احتجاز ثلاثة مليارات إنسان في بيوتهم، وفقد معظمهم عَمَلَهُم ودخْلَهُم، بسبب توقف نشاط عدد من القطاعات (السياحة والنقل والفنادق والمطاعم والعديد من الخَدَمات)، ما أدى إلى ارتفاع عدد العاملين الذين فقدوا وظائفهم، وإلى انهيار أسعار النفط الخام، نتيجة ذلك، بالإضافة إلى توقعات بكساد أو انكماش الإقتصاد في العالم، وانخفاض نسبة النمو (نمو الناتج المحلي الإجمالي) في كافة بلدان العالم، ما أدّى إلى انهيار أسواق المُضاربة بالأسهم (البورصة)، ونُلخّصُ، فيما يلي، بعض التأثيرات الإقتصادية لانتشار وباء "كوفيد 19" (كورونا):
أعلنت بعض شركات النقل الجوي توقُّف رحلاتها، بشكل كامل، وطلبت الجمعية الدولية للنقل الجوي دَعْمًا عاجلاً من الحكومات ( أي من مال الشُّعُوب ومن ضرائب الأُجَراء )، بقيمة 200 مليار دولار، لن ينال منها عُمّال القطاع فلْسًا واحدًا، وإنما لدَعْم الشركات، كما توقفت حركة القطارات وأغلقت معظم الدّول حُدُودها، بشكل يَشُلُّ حركة تنقل السلع والبشر، ليبقى انتقال رأس المال وحده حُرًّا بين المصارف العابرة للحدود، وأعلن المصرف المركزي الأوروبي انكماش نمو منطقة اليورو ب – 2,2% (أي 2,2 بالمائة سَالِبَة) كما يتوقع أن يكون نمو اقتصاد الولايات المتحدة بنسبة 2 بالمائة سالبة، وتتوقع حكومة ألمانيا تراجع الحركة الإقتصادية بنسبة لن تَقِلَّ عن 5% بنهاية السنة الحالية، مقارنة بسنة 2019، بحسب البنك العالمي، الذي راجعَ توقعاته لنمو اقتصاد الصين، من 5,9% في كانون الثاني/يناير 2020 إلى 0,1% بنهاية شهر آذار/مارس 2020، بعد انتشار الفيروس التّاجِي "كورونا"، وانخفضت قيمة الأسهم في أسواق المال الأوروبية بنحو 30% والأسواق الأمريكية بنسبة 23%، خلال الربع الأول من سنة 2020، وهي أسْوأ نتيجة، منذ 1987.
أما بشأن القطاعات الإقتصادية الأكثر تَضَرُّرًا، فإن عمال قطاع صناعة السيارات في العالم، وخصوصًا في أوروبا والولايات المتحدة، في طليعة الخاسرين، حيث يُتَوَقَّعُ انخفاض مبيعات السيارات في أوروبا، سنة 2020، بنسبة لا تقل عن 20%، وقد تصل نسبة تراجع بعض العلامات التجارية إلى 50%، وأدّى تَوقُّف قطاع النقل بأنواعه، وتوقف نشاط العديد من القطاعات الصناعية، بالإضافة إلى عدد من العوامل الأخرى، التي لا علاقة لها بانتشار وباء "كوفيد 19"، إلى انهيار أسعار النفط الخام، إلى مُستويات تاريخية هابطة، غير مسبوقة، منذ سنة 1985، بحسب موقع "تريدنغ سات" (30/03/2020)، وتعزز الإنخفاض بإغراق السعودية للأسواق العالمية بالنفط الرخيص، مع امتلاء كافة مواقع التّخْزين في العالم، ويُسبّب انهيار أسعار النفط مشاكل عديدة في الدول المُصدّرة، التي تُشكل عائدات صادرات النفط أكثر من نصف إيرادات الدّولة، وخاصة دول الإقتصاد الرّيعِي التي لم تهتم بتنويع الإقتصاد، ولم تُطَوِّر قطاعات مُنتجة، تُحقّق الإكتفاء الغذائي، وتُخفّض من قيمة واردات المواد المُصنّعة والتجهيزات والآلات، وتتوقع شركة "ماكنزي" للإستشارات تراجع الناتج الإجمالي المحلي للدول المُصدرة للنفط (باستثناء روسيا والولايات المتحدة) سنة 2020 بمعدّل أربع نقاط مائوية، إذا بقي معدّل سعر برميل النفط الخام، يتراوح بين 35 دولار و 25 دولار، وسوف تكون ميزانية دول مثل الجزائر والعراق من الدول الأكثر تضررا، إذا انخفض سعر برميل الخام إلى أقل من 55 دولار، فيما قد يتضرر اقتصاد السعودية الغارقة في العدوان على شعب اليمن، رغم التكلفة المنخفضة جدًّا لإنتاج النفط السعودي بمعدل حوالي 2,8 دولار للبرميل الواحد...
في جبهة الفُقراء العرب، قدرت اللجنة الإقتصادية والإجتماعية للأمم المتحدة (منطقة آسيا الغربية) عدد سكان البلدان العربية الذين سوف يلتحقون بصفوف الفُقراء، بسبب انتشار وباء "كوفيد 19" بنحو 8,3 ملايين شخص، وفي قارة آسيا (من غير الدول العربية)، قدّر البنك العالمي عدد الملتحقين الجدد بصفوف الفقراء بما لا يقل عن 11 مليون بشر...
ضخت الحكومات مئات المليارات من الدولارات، من المال العام، لفائدة المصارف والشركات الكبرى، خلال أزمة 2008/2009، وضغطت على العاملين والأُجراء والفُقراء، من خلال تطبيق إجراءات تقشف صارمة، وهاهي تعيد الكرّة، واعلنت مجموعة العشرين ضخ خمسة تريليونات دولارا، قبل أن ترفع المبلغ إلى حوالي 7,5 تريليونات دولارا، وقررت حكومة الولايات المتحدة تَمْتِيع الشركات بنحو 2,2 تريليون دولار من المال العام، وقد يرتفع المبلغ مستقبلا، وقرر المصرف المركزي الأوروبي دعم الشركات، بمبلغ مُتغير من تصريح إلى آخر (حوالي سبعة تريليونات يورو)، ولم يستقر بعد، ولا حديث عن حالة العاطلين عن العمل والفُقراء الذي حُرِمُوا من رواتبهم ودَخْلِهِمْ، ولا تهتم الحكومات (والمصارف المركزية) بالعاجزين عن تسديد إيجارات المساكن، وتوفير الضروريات والغذاء وتسديد ثمن الرعاية الصحية والأدوية، وتسديد أقساط القُرُوض، ومنها قُروض الطلبة الجامعيين.
في الولايات المتحدة، انخفض معدّل ادّخار الأُسَر، خلال السنوات الماضية، بسبب ارتفاع الإنفاق على الرعاية الصحية، وغياب مظلة التأمين الإجتماعي، ولن يتمكن العاملون الذين خسروا وظائفهم وحوالي 26% من الأُسَر المُسْتأجِرَة من تسديد إيجار المسكن، وتراكم حوالي 12 مليار دولار، من الإيجارات المتأخرة شهريا، ولم تهتم الحكومة الأمريكية بهؤلاء وأمثالهم الذين فقدوا عملهم ودَخْلَهم ومورد رزقهم، لأنها تُمثّل مصالح الأثرياء وأرباب العمل والمصارف والشركات الكبرى...
في البلدان الفقيرة، نادت بعض الأصوات (الضعيفة) بتأجيل تسديد أقساط الديون، واستبق صندوق النقد الدولي هذه الأصوات بإعلان استعداده إقراض الدّول بقيمة تريليون دولارا، خلال السنوات القادمة (لم يُحدّدها البيان ).
من جهة أخرى، ارتفعت قيمة أسهم الشركات التي تمكنت من تنظيم العمل عن بُعْد عبر الحاسوب، وشركات البيع عن بُعْد، بواسطة الحاسوب، وشركات توصيل المُشتريات والغذاء إلى البيوت...
المرجع: برقيات وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) و"رويترز"، من 31 آذار إلى 02 نيسان 2020