النظام الرأسمالي يدفع بمعتنقيه للانتحار، وبالدول التي تطبقه للتفكك والاندثار!
لم تكشف جائحة كورونا عن مدى هشاشة المنظومة الصحية في الدول الغربية فحسب، بل أظهرت كذلك عجز النظام الرأسمالي عن صهر الشعوب المؤمنة به في بوتقته، أو أن يشكل اتحادا حقيقيا بين الدول المطبقة له.
فما إن اكتسح تسونامي كورونا دول الاتحاد الأوروبي حتى باشرت دوله بإغلاق حدودها وحالت دون انتقال الأشخاص والبضائع بين دوله حتى لدواع إنسانية، رغم أن هذه الإجراءات منافية لفلسفة الاتحاد، ومناقضة للعولمة التي نادت بها هذه الدول عقودا من الزمن!
وقد شاهد العالم أجمع كيف وقعت إيطاليا في آن واحد ضحية لفيروس كورونا ولسياسات دول الاتحاد الأوروبي الرأسمالية، حيث لم تعر دول الاتحاد أي اهتمام لاستغاثات إيطاليا المتواصلة، وتصرفت دوله بأنانية مفرطة ووحشية مقززة؛ فقد كشفت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية أن السلطات التشيكية قد صادرت شحنة أقنعة كانت في طريقها إلى إيطاليا قادمة من الصين، لمساعدتها في تجاوز أزمتها بعد أن استفحل الوباء فيها، ووزعتها داخل بلادها!
كما لم يشفع لإيطاليا عضويتها في حلف الناتو فاستغلتها أمريكا وهي في ذروة محنتها وقامت بشراء 500 ألف عبوة فحص للفايروس من إحدى الشركات الايطالية الخاصة، رغم حاجة البلاد الماسة لها!
إن هذه الإجراءات ليست مستغربة على الدول الرأسمالية التي تتحكم بسياساتها الدولية المنافعُ المادية فحسب، في منأى كلي عن القيم الروحية والخلقية والإنسانية.
وقد جلبت سياسة هذه الدول الرأسمالية الاجرامية -من قبل- على الشعوب الضعيفة الويلات خلال حقبة الاستعمار المباشر، وما زالت هذه الشعوب خاصة في عالمنا الإسلامي تئن وتنزف حتى اللحظة من هذه السياسات.
كما جلب المبدأ الرأسمالي لمعتنقيه الإدمان والاكتئاب المفضي في حالات كثيرة للانتحار كما حصل ذلك لوزير مالية مقاطعة هسن الألمانية قبل أيام.
أما التنافس بين دوله على المستعمرات فقد خلف عشرات الملايين من القتلى في الحربين العالميتين الأولى والثانية، وترك إيطاليا أخيرا تصارع وحدها الوباء، وأدخل لأوروبا العجوز الحيرة ودفعها على طريق التفكك والاندثار.
وسيبقى عالمنا الإسلامي والعالم أجمع يئن تحت كابوس الرأسمالية حتى يأذن الله بشروق شمس الخلافة لتقضي على ظلام وظلمة الرأسمالية المقيت، وما ذلك على الله ببعيد.
2020/4/2