رحلة الى سوق عكاظ...
اشتهر العرب باهتمامهم بنظم الكلمة وانتقاءها كانتقاء النقي من الدرر، فكانوا اول امة تقيم معرضا للكلمة، اي معرضا للعقل ونتاجه من ادب وفكر،فاقاموا لذلك مواسم و اسواقا ، ومنها سوق عكاظ الشهير ، وفي سوق عكاظ مررنا لنجد ونلتقي عملاق الحكمة والكلمة عند العرب في عصره،قس بن ساعدة الايادي،
وقس هذا هو الذي سال عنه النبي صلى الله عليه وسلم وفد بني اياد وروى لهم شيئا من اخباره واقواله وحكمته، روى الطبراني في المعجم الكبير وكذلك البيهقي في دلائل النبوة
عن ابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس على النبي ﷺ فقال: « أيكم يعرف القس بن ساعدة الإيادي ».
قالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله.
قال: « فما فعل؟ ».
قالوا: هلك.
قال: « فما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام وهو على جمل أحمر وهو يخطب الناس وهو يقول: يا أيها الناس اجتمعوا واستمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لا تغور، وأقسم قس قسما حقا لئن كان في الأمر رضى ليكون بعده سخط، إن لله لدينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا فناموا ».
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفيكم من يروي شعره؟ فأنشده بعضهم:-
في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
ما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها * يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي * ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة * حيث صار القوم صائر
وفي كتاب البيهقي- دلائل النبوة- من هذا الخبر زيادة لمن اراد الاستزادة
ومما يروى عن قس بن ساعدة وخطبه ومواعظه:-
يا أيها الناس اسمعوا وعوا وإذا وعيتم فانتفعوا إنه من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات وآيات وأرض ذات رتاج ,وبحار ذات أمواج ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا أقسم قس قسماً لا حانث فيه ولا آثماً إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ونبياً قد حان حينه وأظلكم أوانه فطوبى لمن آمن به فهداه , وويل لمن خالفه وعصاه ثم قال تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية يا معشر إياد أين الآباء والأجداد وأين ثمود وعاد وأين الفراعنة الشداد أين من بنى وشيد وزخرف ونجد وغره المال والولد أين من بغى وطغى وجمع فأوعى وقال أنا ربكم الأعلى ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً وأطول منكم آجالاً وأبعد منكم آمالاً طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله فتلك عظامهم بالية وبيوتهم خاوية عمرتها الذئاب العاوية كلا بل هو الله الواحد المعبود ليس والد ولا مولود ثم أنشأ يقول:
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر
..... ورأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابر
.... أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
ومن اشعاره ايضاً:
يا ناعي الموت والملحود في جدث *** عليهم من بقايا قولهم خرق
دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم *** فهم إذا انتبهوا من نومهم أرقوا
حتى يعودوا بحال غير حالهم *** خلقا جديدا كما من قبله خلقوا
منهم عراه ومنهم في ثيابهم *** منها الجديد ومنها المنهج الخلق
ومما اثر عنه من الحكمة:-
إذا خاصمت فاعدل ، وإذا قلت فاصدق، ولا تستودعن سرك أحدا، فإنك إن فعلت لم تزل وجلا، وكان بالخيار، إن جنى عليك كنت أهلا لذلك، و إن وفى لك كان الممدوح دونك. وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك". ومنها: " من عيرك شيئا ففيه مثله، ومن ظلمك وجد من يظلمه، وإذا نهيت عن الشيء فابدأ بنفسك. ولا تشاور مشغولا وإن كان حازما، ولا جائعا وإن كان فهما، ولا مذعورا وإن كان ناصحا.
ودمتم بخير وسعادة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشتهر العرب باهتمامهم بنظم الكلمة وانتقاءها كانتقاء النقي من الدرر، فكانوا اول امة تقيم معرضا للكلمة، اي معرضا للعقل ونتاجه من ادب وفكر،فاقاموا لذلك مواسم و اسواقا ، ومنها سوق عكاظ الشهير ، وفي سوق عكاظ مررنا لنجد ونلتقي عملاق الحكمة والكلمة عند العرب في عصره،قس بن ساعدة الايادي،
وقس هذا هو الذي سال عنه النبي صلى الله عليه وسلم وفد بني اياد وروى لهم شيئا من اخباره واقواله وحكمته، روى الطبراني في المعجم الكبير وكذلك البيهقي في دلائل النبوة
عن ابن عباس قال: قدم وفد عبد القيس على النبي ﷺ فقال: « أيكم يعرف القس بن ساعدة الإيادي ».
قالوا: كلنا يعرفه يا رسول الله.
قال: « فما فعل؟ ».
قالوا: هلك.
قال: « فما أنساه بعكاظ في الشهر الحرام وهو على جمل أحمر وهو يخطب الناس وهو يقول: يا أيها الناس اجتمعوا واستمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا، مهاد موضوع، وسقف مرفوع، ونجوم تمور، وبحار لا تغور، وأقسم قس قسما حقا لئن كان في الأمر رضى ليكون بعده سخط، إن لله لدينا هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه، ما لي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا بالمقام فأقاموا، أم تركوا فناموا ».
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفيكم من يروي شعره؟ فأنشده بعضهم:-
في الذاهبين الأولين * من القرون لنا بصائر
ما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر
ورأيت قومي نحوها * يسعى الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي * ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة * حيث صار القوم صائر
وفي كتاب البيهقي- دلائل النبوة- من هذا الخبر زيادة لمن اراد الاستزادة
ومما يروى عن قس بن ساعدة وخطبه ومواعظه:-
يا أيها الناس اسمعوا وعوا وإذا وعيتم فانتفعوا إنه من عاش مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات وآيات وأرض ذات رتاج ,وبحار ذات أمواج ما لي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون أرضوا بالمقام فأقاموا أم تركوا هناك فناموا أقسم قس قسماً لا حانث فيه ولا آثماً إن لله ديناً هو أحب إليه من دينكم الذي أنتم عليه ونبياً قد حان حينه وأظلكم أوانه فطوبى لمن آمن به فهداه , وويل لمن خالفه وعصاه ثم قال تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية يا معشر إياد أين الآباء والأجداد وأين ثمود وعاد وأين الفراعنة الشداد أين من بنى وشيد وزخرف ونجد وغره المال والولد أين من بغى وطغى وجمع فأوعى وقال أنا ربكم الأعلى ألم يكونوا أكثر منكم أموالاً وأطول منكم آجالاً وأبعد منكم آمالاً طحنهم الثرى بكلكله ومزقهم بتطاوله فتلك عظامهم بالية وبيوتهم خاوية عمرتها الذئاب العاوية كلا بل هو الله الواحد المعبود ليس والد ولا مولود ثم أنشأ يقول:
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر
..... ورأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر والأكابر
لا يرجع الماضي إلي ولا من الباقين غابر
.... أيقنت أني لا محالة حيث صار القوم صائر
ومن اشعاره ايضاً:
يا ناعي الموت والملحود في جدث *** عليهم من بقايا قولهم خرق
دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم *** فهم إذا انتبهوا من نومهم أرقوا
حتى يعودوا بحال غير حالهم *** خلقا جديدا كما من قبله خلقوا
منهم عراه ومنهم في ثيابهم *** منها الجديد ومنها المنهج الخلق
ومما اثر عنه من الحكمة:-
إذا خاصمت فاعدل ، وإذا قلت فاصدق، ولا تستودعن سرك أحدا، فإنك إن فعلت لم تزل وجلا، وكان بالخيار، إن جنى عليك كنت أهلا لذلك، و إن وفى لك كان الممدوح دونك. وكن عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك". ومنها: " من عيرك شيئا ففيه مثله، ومن ظلمك وجد من يظلمه، وإذا نهيت عن الشيء فابدأ بنفسك. ولا تشاور مشغولا وإن كان حازما، ولا جائعا وإن كان فهما، ولا مذعورا وإن كان ناصحا.
ودمتم بخير وسعادة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته