عند الخامسة من بعد عصر الخميس الموافق 15 يوليو 2021م، وبتغطية من تلفزيون فلسطين، كان اللقاء في صالون نون الأدبي بعنوان: قراءة وإشهار ديوان "دعيني أحبك" للشاعر شريف العمامي
افتتحت الأستاذة فتحية صرصور اللقاء مرحبة بالحضور فقالت:
الحضور الكريم، طبتم وطاب ممشاكم
أهلا بكم في رحاب صالون نون الأدبي ونحن في العام الواحد والعشرين من تأسيسه، أهلا بكم ونحن نجتمع في جلسة ثقافية، نسلط الضوء من خلالها على كل ما هو جديد في عالم الأدب، فنعلي هامة الكتاب والمثقفين، وكل مبدع، نمد لهم شريينا لتغذي حبر أوراقهم، ونستل من عظامنا أقلاما تسطر لهم أجمل الكلمات
نلتقيكم اليوم أيها الأعزاء لنحتفل ونعلن إشهار وتوقيع ديوان "دعيني أحبك"
للشاعر شريف أحمد العمامي، ومن ثم قراءة لهذا الديوان يقدمها الأستاذ الباحث ناهض زقوت
ونبدأ اللقاء معرفين بفارس الكلمة فهو الشاعر شريف أحمد العمامي
من مواليد غزة
حاصل على ليسانس آداب من جامعة الزقازيق - بجمهورية مصر العربية
ثم دبلوم دراسات عليا
عمل معلما في المدارس الحكومية بغزة
أما العمل الحالي: فهو مدقق لغوي ومحرر- في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون
أما ديوان " دعيني أحبك" الذي نحن في حضرة البهجة والألق المنبعث من حروف كلماته فهو الإصدار الأول للأستاذ شريف
هذا الديوان عندما أمسكته أعادني لسنوات كثيرة خلت عندما كنا نقتني كتاب الجيب، الذي هو بحجم ديوان شريف فهو ليس من القطع الصغير، بل من القطع الأصغر
هنا لابد أن أتوجه للأستاذ شريف ليحدثنا عن:
متى بدأت فكرة الكتابة عنده؟
كم استغرق من الزمن ما بين الكتابة والعزم على الطباعة والنشر؟
لماذا يتوسل إليها لتسمح له أن يحبها؟
هذا وأكثر نستمع له من الشاعر شريف، مع الاستماع لبعض القصائد مثل:
قصيدة أيا وطني – أمي - قصيدة "عملاق أنت " من الديوان تخليدا لذكرى استشهاد العملاق الخالد فينا أبو عمار
بدأ الأستاذ شريف حديثه بتقديم الشكر لصالون نون الأدبي ذو الصيت الطيب، معبرا عن اغتباطه لهذه الاستضافة بقوله: لقد أكرمتموني أيما إكرام بهذه الاستضافة، فكل الشكر للأستاذة فتحية والدكتورة مي، وشكرا للأستاذ ناهض على قراءته لديواني، وكأني به يضيف للديوان الكثير، فأحسست بالديوان يطلب كلماته وقد اكتمل بها، ورغم أنه الديوان الأول أشعرني بالثقة بالنفس
وشكرا للأستاذ مصطفى النبيه الذي لو لم ألتقه في طريقي لما ظهر كتابي للنور، فهو من دعمني وآزرني
والشكر للجمهور الذين حضروا رغم هذا الجو الحار، فكل من حضر له مني كل التقدير
وعن البدايات قال: في الديوان قصائد يزيد عمرها عن خمسة وعشرين عاما، فهي قصائد نتائج سنوات عديدة
قبل ثلاثين عاما كنت أكتب بلا وزن ولا موسيقى، لكن رغم أن تخصصي لغة إنجليزية، ومع مواجهة كثير من الصعاب إلا أنني اجتهدت وطورت نفسي، وتعلمت ذاتيا، لأن شيئا كان يجذبني للشعر، فتعلمت العروض، وتعلمت قواعد اللغة تعليما ذاتيا
أول قصيدة كتبتها كانت بعنوان عذاب في عذاب، وأقول في مطلعها:
عذاب في عذاب يا فؤادي
أعيش به ولم أعرف عزاء
أنا مهما ألاقي من صدود
فإن هواك يحيي بي الرجاء
وعن ترتيب قصائد الديوان قال: الديوان ليس مرتبا زمنيا، إنما صُنفت القصائد حسب رؤية الشاعر
بعد أن أنهى حديثه طلبت منه الأستاذة فتحية أن يُسمع الجمهور القصيدة الأحب إلى قلبه، فقال: قصيدة (أحبك أكثر) هي الأقرب إلى قلبي، وهذه القصيدة هي التي كتبتني ولست أنا من كتبها، ومنها:
أحبك أكثر
كيف حالي؟ حالي أحبك أكثر
وأرى الفجر من عيونك يسكر
كيف أصبحت يا حبيبة قلبي
أوما زال ورد خديك أحمر؟
أوما زال الياسمين طريا
حول عطفيك باكيا يتحسر
بعدها قالت الأستاذة فتحية مع الاحتفال والإشهار لابد من قراءة لهذا الديوان، قراءة خط سطورها الكاتب والباحث ناهض زقوت الغني عن التعريف، لكن لمن لا يعرفه نقول: الأستاذ ناهض حاصل على دبلوم دراسات عليا في الأدب من معهد البحوث والدراسات العربية / القاهرة، عام 1992م
* حاصل على دبلوم صحافة وإعلام، من المركز العربي بالقدس، عام 1994م
* حاصل على ليسانس لغة عربية وعلوم إسلامية من جامعة القاهرة عام 1989م
وهو مؤسس ورئيس المركز الثقافي الفلسطيني / قطاع غزة
* عضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين
* أمين سر للمكتب الحركي المركزي للكتاب والأدباء الفلسطينيين
* عضو التجمع الشعبي الفلسطيني للدفاع عن حق العودة
* عضو الهيئة الاستشارية لمجلة فواصل الالكترونية
وهو كاتب وباحث له عشرات الكتب، إضافة لعشرات القراءات لكتب ودواوين لكتاب وشعراء، وهو حاضر بقلمه وكلماته في كل المناسبات
بدأ الأستاذ ناهض مداخلته، مقدما الشكر لصالون نون هذا الصرح الذي يرعى الإبداع والمبدعين، وشكرا لمن حضر متحملا المشقة المزدوجة، مشقة الحر، وبعد المكان، ثم قال: يحتل الشعر مكانة راقية في قلوب الناس وعقولهم، لما للشعر من قدرة على تفتيح المشاعر والأحاسيس، أو شحن النفوس بالروح النضالية الوطنية. ورغم تعدد الألوان الأدبية من قصة ورواية ومسرح، إلا أن الشعر لم يخسر مكانته، إذ ما زال يتربع على عرش الفنون والآداب، وما زالت المطابع كل يوم تنشر أعمالا شعرية، وإذا حاولنا احصاء منشورات المطابع في السنوات الاخيرة نجد أن الديوان الشعري يحتل المرتبة الأولى في الانتاج، فقد قالوا قديما الشعر ديوان العرب.
بين أيدينا ديوان شعري جديد (دعيني أحبك) للشاعر شريف العمامي يسعى ليرسم خطواته الأولى على طريق القصيدة الشعرية، ويضع لنفسه مكانة بين الشعراء الفلسطينيين الذي أثبتوا حضورهم الابداعي في العديد من الساحات الثقافية والأدبية.
يأسرنا العنوان بدلالاته السياقية المتوازنة مع قصائد الديوان، كلمة (دعيني) هي دعوة ذاتية من عاشق محروم من حب عشيقته، يسعى في الكلمة الثانية إلى حبها (أحبك)، هو لم يطلب منها أن تحبه بل أن تترك له مساحة لكي يحبها. نقرأ:
دعيني أحبك لو تسمحين
فهل تقبلين وهل ترفضين
اريدك انت – كما أنت – لي
وشعري أمامك شعري ورائك
شعري من قدر العاشقين
تأتي القصيدة التي تحمل عنوان الديوان في مفتتح الديوان، تلك القصيدة التي يناجي فيها الحبيبة، ويطلب منها أن تسمح له بحبها، وسواء قبلت أو رفضت "اريدك أنت لي"، هو أمام حالة اصرار على حبها فهي التي (أطرت صوابي أثرت عذابي)، ويسألها (ألا تشعرين ألا تنظرين)، يسعى لكي يلفت انتباهها إلى ما وصلت إليه حاله في حبها، (دعيني أفرغ فيك انفعالي/ دعيني أفرغ فيك الحنين)، استبد به الشوق والحب، ولم يعد يحتمل لذا أوقف شعره عليها لكي يحاصرها من أمامها ومن ورائها، فالشعر عنده قدر العاشقين.
تلك الفتاة التي يسعى لحبها هي فتاة تكره الرجال، وتعتبر كل الرجال أمثال بعضهم، إلا أنه يؤكد لها أنه ليس كالآخرين (كرهت الرجال كرهت الذكور/ ولكنني لست كالأخرين)، إذن فتاته تعاني من أزمة نفسية، من قصة حب فاشل، لهذا يقول لها (دعيني أنبت فيك الغرام/ وأمسح عنك غبار السنين). يؤكد الشاعر في قصيدة (إليها وحدها) أن اللقاء بينهم كان صدفة، وهو لا يدري ما تخبئ له السنون، هل ستكون حياة سعيدة أم حياة كلها ألم، ورغم ذلك لديه أمل أن تبادله الحب لتغيب عن نفسه الحزن والالم (فتحضني قلبا كثير البكا/ يبحث عن صدر كبير حنون/ لما راك اشرقت نفسه/ وغاب عنها حزنها والأنين).
يتميز هذا الديوان بلغته الرومانسية التي تعيد لذاكرتنا قصائد نزار قباني، وهو ما تفتقر إليه مساحة الشعر في قطاع غزة (موطن الشاعر)، إذ ثمة غياب للقصيدة الرومانسية لصالح القصيدة الوطنية أو الاجتماعية، ويعود هذا التوجه إلى الحالة السياسية التي يعيشها قطاع غزة، فالشاعر الفلسطيني يعتبر القصيدة الوطنية التزام وطني ووسيلة نضالية. واذا كانت القصيدة الوطنية لا تعيب الشاعر بل ترفع من مكانته الابداعية، كذلك القصيدة الرومانسية لا تعيب الشاعر، فالواقع المأساوي الذي يحياه أهالي قطاع غزة يحتاج إلى القليل من الفرح والسرور والرومانسية. ويعد الغزل أصدق فنون الشعر إذ يتسم بصدق الأداء وصدق التعبير عن الوجدان وتصوير المشاعر والأحاسيس, نقرأ:
لمياء لو تدرين كم أهواك
والشوق يقتلني إلى رؤياك
إني أحبك ألف حب إنني
لم أهو في هذي الحياة سواك
إن الفؤاد حوى العذاب جميعه
والحسن أجمعه حوت عيناك
هذا هو حب العاشق الولهان، الذي يقتله الشوق لرؤية الحبيبة، قصيدة تمتاز بالجمال والعذوبة والشفافية وبجزالة الألفاظ، وغنية بالصور الشعريِة العميقة الخلابة وبالأجواء الرومانسية الشّفافة. وهذه الفتاة المميزة تمثل كل معاني الأنوثة وفيها يكتمل كل الجمال والحلم.
يهيمن الحزن على الشاعر في قصيدة (يا لك من بليدة) حين يشعر أن معشوقته تسعى لهجرانه ولا تستجيب لحبه، ويذكرنا بعاشقات العصور القديمة، ليلى ولبني، اللاتي حفظن عهد الحب، وحبيبته لم تحفظ حبه، يقول:
أترفضين حبا وتجرحين قلبا
نادى الهوى فلبي أيتها العنيدة
قد غرك الجمال والحسن والدلال
لكنك التمثال تسكنه البرودة
رجوتك البقاء لا تقطعي الرجاء
ليتك كنت ليلى ليتك كنت لبنى
ليتك كنت أخرى فتحفظي عهوده
يخاطب الشَّاعر هنا حبيبته التي تحتل حيزا كبيرا من عالمه وكيانه وتشغل كل اهتمامه، فيطلب منها ألا تخذله فهي نهر الحب بالنسبة إليه. لقد وظَّف الشاعر التعابير والكلمات هنا بالشكل المعبر والذكي ليأتي بالمعنى والهدف المطلوب، وحملت القصيدة دلالات ذات وقع جميل ومستحب على نفسية ووجدان القارئ. ويمكن اعتبار أن الغزل عنده مثل غزليات أبي نواس وسيلة لا غاية، وهو في غزلياته يصف معاناته وما تكابده نفسه من آلام، وحيث يصور محبوبته بأنها لاهية لا تدري به ولا تشعر بعذاباته فهي سادرة لاهية.
ورغم ابتعاد الحبيبة ومحاولة هجرانها إلا أنه لم ييأس فما زال لديه أمل في ودها ومبادلة الحب، يقول في قصيدة (عذاب في عذاب):
عذاب في عذاب يا فؤادي
أعيش به ولم أعرف عزاء
أنا مهما ألاقي من صدود
فان هواك يحيي بي رجاء
وطيفك سوف يبقى لي رفيقا
وسوف أظل انتظر اللقاء
يذكرنا الشاعر في ديوانه بشعراء العصور القديمة الذين كانوا يذكرون أسماء حبيباتهم في مطالع قصائدهم، أمثال امرؤ القيس، وعمر بن أبي ربيعة، وجميل بثينة ، وقيس بن الملوح، وقيس بن ذريح، وكثير عزة. فنجد حبيباته: لمياء، وسعاد، إلا أن شاعرنا بتعدد ذكر أسماء فتياته، يحاول أن يبعد عن ذهن القارئ أن ثمة حبيبة معينة يكتب اليها. تلك الحبيبات يقدمهن بأوصاف شتى، تعبر عن ذات شفافة حالمة بالحب والجمال:
ـ عيناك قد انستني الزمان/ انستني المكان .. أحدثت في ثورة.
ـ همست وقلت له يا سعاد/ بأنك لست كباقي البشر/ وأنك نور يذيب الشموس.
ـ عيناك اهدتني الحياة وسحرها/ يا جنة ريحانها يحييني.
ـ وجهك يا معجزتي نعم/ أسبغها الله علي النظر
ـ سحرك يا غاليتي حدث/ يرويه أهل الجن للبشر.
وفي خضم الرومانسية والغزل لم ينسى الشاعر هموم وموضوعات أخرى، ورغم أن غالبية قصائد الديوان رومانسية، إلا أن ثمة قصائد تلامس هموم ذاتية، وجاءت قصائد كلاسيكية بخلاف قصائد الغزل، كقصيدته في رثاء أمه، وأخرى يتحدث فيها عن هموم عربية، وقصيدة (أيا وطني)، وقصيدة رثاء للشهيد الخالد ياسر عرفات (عملاق أنت)، يقول في مطلعها:
ودعتنا يا سيدي ورحلت ولمن تركت القدس حين قضيت
أو لم تقل القدس موعدنا وإنك قد علقت دروبها وعشقت
وقصيدة (عائدون) جاءت على شعر التفعيلة وهي آخر قصيدة في الديوان، يقول:
رغم آلام السنين
رغم أسراب الظنون
رغم صرخات الجنون
عائدون
تميزت لغة الديوان بالجزالة والتعابير البلاغية، والبراعة في اختيار الكلمات رغم بساطتها، فكانت مفرداته جميلة وخلابة ومتميزة بالخيال الرومانسي المجنح الحالم الخصب. لقد أبدع الشاعر في التعبير عن رؤيته وتجربته الشعرية، فالديوان غني بالدلالات التي أصبغها الشاعر على الحبيبة التي تناجيها روحه ويهفو إليها فؤاده والتي تجسد كل معاني الرقة والجمال والكمال، وتغدو في نظر الشاعر فوق الخيال وفوق الشعر والفن والعقل، وكل الحدود المرئية والوهمية لأنها دنيا من الأناشيد والأحلام.
بعد أن أنهى الأستاذ ناهض مداخلته شكرته الأستاذة فتحية، ومن ثم طلبت من الشاعر أن يُسمع الجمهور قصيدة عملاق
قال الشاعر، هذه القصيدة كتبتها بعد ثلاثة أيام من وفاة الرئيس أبو عمار، وكتبتها بيوم واحد، وجاء فيها:
ودعتنا يا سيدي ورحلت
ولمن تركت القدس حين قضيت
أو لم تقل القدس موعدنا وإنك
قد علقت دروبها وعشقت
وتمنت القدس التي أحببتها
لو جئتها يا سيدي وأتيت
بعدها فتحت الأستاذة فتحية للجمهور باب المداخلات، وكانت المداخلة الأولى للأستاذ محمد تيم، بعد أن شكر صالون نون الأدبي والقائمتين عليه، والشكر موصول للشاعر، ثم قال: قال إيلياء أبو ماضي:
قال قوم: إن المحبة إثمٌ ويح بعض النفوس، ما أغباها
إنَّ نفساً لم يشرق الحب فيها هي نفسٌ لم تدري ما معناها
أنا بالحب قد وصلتُ إلى نفسي وبالحبِّ قدْ عرفتُ الله
فلماذا يُنكر البعض الكتابة الرومانسية؟
ثم سأل هل حذفت شيء من القصائد ولم ترغب في وضعها بالديوان؟
ووجه سؤاله الآخر للأستاذ ناهض: ما الهفوات التي وجدتها في الديوان؟
الشاعرة رحاب كنعان بعد أن قدمت التحية للحضور وللصالون والقائمين عليه قالت: شكرا للشاعر الذي أسمعنا ما كنا بأمس الحاجة للاستماع له، إذ يرى البعض أن من العيب الكتابة في الحب والغزل، عندي قصائد متنوعة أردت أن أضعها في ديوان يشتمل على الوطني والغزلي، فلامني البعض وجعلني لا أفعل ذلك، قائلا لا بد من الفصل بينهما
لقد أعجبني الشاعر لأنة متجدد
الأستاذ محمد صلاح شكر الصالون والاستضافة لصديقه شريف، ثم قال: لقد أحببت الشعر مما أسمعه من شريف، ولمن يسأل عن محبوبته من تكون أقول: شريف يحب الجميع، في العمل وفي الحياة العامة، هو يحب الناس، وهو رومانسي يحس بكل حرف يكتبه
أما المخرج مصطفى النبيه فقال: الشعب الذي لا يعرف الحب لا يستحق الحياة، لماذا نخجل من التعبير عن مشاعرنا، لقد اهتممت بأن ينشر شريف ديوانه، فهو يكتب ما يشعر به
الشاعرة إيمان أبو شعبان شكرت جماعة الصالون، وشكرت الشاعر الذي أسمعنا كلاما جميلا لم نسمعه من فترة، وشكرا للأستاذ ناهض على ما قدم في قراءته، ثم قالت: لغة الديوان جيدة، وكما سمعت مما قُرء تدل على أن الشاعر مدرك لبعض البحور وعلم العروض، واستطاع إيصال الفكرة بشكل جيد
وعن موضوع الرومانسية قالت: موضوع الرومانسية الذي غمر هذا الديوان يحتاج لوقفة، فالرومانسية تشكل معضلة في هذه الأيام، خاصة لدى الإنسان المطحون في غزة المحاصرة، فهو كمن يتسلق جبالا وعرة، فيندر أن يتوقف ليستمع لمثل هذه الرومانسية، وهذا يُحسب للشاعر
الموضوع الثالث: هو القول بأن الشعر دفقة ينثرها الشاعر على الورق، لكن في الواقع أن الكتابة تحتاج للتعديل والتنقيح، وكلنا يعرف الشاعر زهير بن أبي سلمى الذي كانت القصيدة تستغرق الحول قبل أن يخرجها للمتلقي
وعن الإلقاء قالت: القاؤك جيد، لكن شوقي كان لا يجيد قراءة الشعر ومع ذلك كان يجيد الكتابة وهو أمير الشعر العربي
أما الشاعر أسامة الدحدوح، فكعادته دوما يرتجل أبيات تتعلق بضيف اللقاء فقال:
دعني أحبك حتى العمامي وألفظ دونك كل غرامي
فقد جاء هذا البهي نبض جميل عميق الكلام
شريف شرفت به من حصاد يطيب لقارئه رغم الالام
غزلت لنا الورد شرفة بوح
ونحن على شرفة النص دوح حمام
طابت نصوصك لمّا احتفلت بسيد من دعا للسلام
الرئيس الكريم الشهيد الحبيب الذي عانق الخلد بين الكرام
فشكرا وشكرا لمن شال نجما على معصميه عظيم المقام
بعد الاستماع للمداخلات تولى كل من الشاعر والناقد الرد على استفسارات الحضور، فقال الأستاذ شريف: بالنسبة للكتابة، فعلا أنا أكتب مسودات، وبعض القصائد كنت أكتبها في العتمة وبخط سيء لأمسك بتلابيبها قبل أن تهرب مني
في البداية أكتب هيكل القصيدة لكن التنقيح والتصويب يأتي لاحقا، لأنني لا أصوب العدم، إنما يأتي التصويب لشيء موجود بين يدي
ثم قال: فنون الأدب جميعها يحتاج للصنعة، إلا الشعر لا يحتاج للصنعة بقدر احتياجه للموهبة وما يحصل هو صقل الموهبة لا أكثر ولا أقل، للشعر خصوصية وليس بإمكان كل إنسان أن يكتب، فالشعر شرارة تلاحقني في كل مكان حتى أكتبها، وأضاف: إبراهيم ناجي يقول:
الشعرُ مرحمة النفوس وسِرّه هِبة السماء ومِنحة الدَّيان
وقال: القصيدة تأتي عفوية، لكنها قد تستعصي شهورا على بيت واحد، وبعدها تتدافع الأبيات وتنهمر
وعن تصنيف القصائد قال: جاء التصنيف بناء على رؤية الشاعر، ولم أتتبع التسلسل الزمني حسب الكتابة، ففاتحة الديوان قصيدة دعيني أحبك، هي الأحدث، بينما آخر نص في ترتيب الديوان كُتب مما يزيد عن الخمسة وعشرين عاما
واختتم قائلا: بالنسبة للحذف أنا لا أكتب إلا ما أؤمن به لذا لم أحذف أي نص
وهو يرى أن الشعر نصفه إلقاء، كما قال: الشعر يُغتال عنما يُفسر
أما الأستاذ ناهض فأجمل ردوده قائلا: ديوان شريف رغم أنه أول ديوان إلا أنه أوغل بالرومانسية، فهو يخرج عن الكتابات السائدة والتي يكسوها الجفاف
وعن الهفوات في الديوان قال: لم أقرأ في يوم من الأيام سواء لشريف أو لأي كاتب بغرض البحث عن الهفوات، فلكل قارئ وجهة نظره، ولست معنيا بتعقب أخطاء من الاملاء والفاصلة والنقطة، فالكمال لله وحده، وهذه الأخطاء حتما سيعود لمراجعتها، ويمكن تصويبها وتدقيقها، فالكتاب الوحيد الذي لا يقبل النقد والتعديل هو القرآن الكريم
أنا أبحث عن جوهر الديوان وما يقوله
وقال: فليكتب كل منا ما يرتئيه، اكتبوا بالغزل والسياسة وأي لون تجدون نفسكم به
واختتم قائلا: كل التحية لشريف على هذا الديوان ونتمنى له المزيد من الأعمال وأن يستمر فلغته سليمة
هنا رفعت الأستاذة فتحية الجلسة، وبدأ الشاعر توقيع الاهداءات على الديوان للحضور