[size=52][rtl]دعاية سياسية في دراما تليفزيونية تصنع بطلا من ورق[/rtl][/size]
[rtl]مايو 3, 2022
[rtl]حامد عبد العزيز[/rtl][/rtl]
لم أشاهد مثلي مثل الكثير من أبناء مصر مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاثة، إلا بعض المقتطفات مما يتم بثه على مواقع التواصل، فالكل يعلم أن التاريخ يكتبه المنتصرون من وجهة نظرهم الخاصة، وهم حتما يزينون صورتهم وكأنهم ملائكة، ويزيفون الحقائق ويزورون الوقائع بما يخدم أهدافهم ويُحسن صورتهم أمام الرأي العام. فالنظام المصري وأجهزته السيادية ينفقون الملايين على صناعة مسلسل هزلي فاشل، بينما يدعي أننا فقراء جدا، وأنه غير قادر على الإنفاق على الشعب المسكين فنحن أمة العوز كما قال في أحد خطاباته، بينما يرى الشعب بأم عينه حجم الإنفاق الضخم على ما يسمونه بمسلسلات وبرامج رمضان، والغريب أن الفقرات الإعلانية التي تقطع بث تلك المسلسلات والبرامج جلها تطالب المصريين بالتبرع ولو بجنيه واحد لبناء مستشفيات أو لإطعام مساكين أو لجمعيات خيرية تنفق على إعلاناتها الملايين. ما يجعل البعض يتساءل: إذا كانت تلك الجمعيات في حاجة للتبرع فمن أين تأتي بالملايين التي تنفقها على الإعلانات؟! ومن خلال متابعة حالة التسول هذه، تشعر وكأن الدولة رفعت يدها تماما عن رعاية شئون الناس والتي من المفترض أنها وظيفتها الأساسية، لتترك رعاية الفقراء والمحتاجين والمرضى والمسنين لجمعيات تتسول ممن يفترض أنهم في حاجة لمن يرعاهم.
هذا الكم الهائل من المسلسلات والبرامج الرمضانية التي يتم بثها في شهر الصيام والعبادة، يهدف من خلالها النظام أن يفسد على الناس صيامهم وقيامهم، كما يهدف إلى بث رسائل سياسية، فبينما يعطي كل هذه المساحة لهذا الإسفاف تراه يضيق على الناس في عبادتهم من خلال وزارة الأوقاف التي خرج كبيرها على الناس قبل أيام ليقول لهم إن المسجد ليس فندقا، فلا اعتكاف هذا العام في المساجد ومن يريد أن يعتكف فليعتكف وليتهجد في بيته! إنه فعلا زمن الرويبضات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نعود لمسلسل الاختيار في جزئه الثالث الذي يؤرخ لما قبل الانقلاب على محمد مرسي رحمه الله، والذي يتم بث تسريب جديد عقب انتهاء كل حلقة من حلقاته، وأنا هنا لست في معرض الدفاع عن الإخوان ولا عن الدكتور محمد مرسى. فمما لا شك فيه أن لهم أخطاءهم الكارثية، وأنهم تم التلاعب بهم واستغلالهم، وأنهم كانوا يعولون على أمريكا كما كان يعول عليها الجيش، وأن ما حدث رتب له بإتقان رجال أمريكا في الجيش، وكان القصد منه إيصال الإخوان للحكم واحتواء الثورة ومن ثم إجهاضها بإظهار ضعف الإخوان وعدم قدرتهم على إدارة الدولة ثم إخراجهم من الحكم بعد شيطنتهم وإفشالهم وإعادة الأمور إلى سابق عهدها، إلى الجيش خط الدفاع الأول لأمريكا في مصر.
وكان المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير قد نشر لي سلسلة مقالات بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة تؤرخ نوعا ما للثورة وأحداثها وتكشف كيف تم التخطيط لما حدث والخطايا التي وقع فيها الإخوان. ولن نعيد ذلك الحديث هنا ولمن أراد فيمكنه العودة لقراءة تلك السلسلة من المقالات، ولكننا هنا نتحدث عن مدى الكذب الذي يمارسه النظام والتجميل المفضوح والصورة الكاريكاتورية التي أراد النظام أن يُجملها لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الذي يظهره المسلسل في صورة البطل ولكنه بطل من ورق، فيجسد الرجل كملاك سواء في بيته أو في التعامل مع الفرقاء السياسيين أو مع جنوده، والذي تجنب أي حديث عن علاقة السيسي بالإدارة الأمريكية، برغم اعترافه بنفسه بتلك العلاقة في برنامج أذيع على إحدى القنوات المصرية عندما سئل عن الوقت الذي اتخذ فيه قراره بالانقلاب على مرسي فقال: كان ذلك في شهر آذار/مارس أي قبل الانقلاب بثلاثة أشهر، ولما سئل عمن أطلعه على ذلك القرار قال بمنتهى الوضوح: مسئول أمريكي رفيع المستوى. أي أن الترتيب لإبعاد الإخوان من الحكم كان بالتنسيق مع أمريكا، ولكن ما لم يقله؛ إن القرار لم يكن قراره، فهو مجرد خادم مطيع لأسياده، وما كان له أن يتخذ هكذا قرار من عند نفسه.
أراد صانعو المسلسل الذي شاركت الشؤون المعنوية للقوات المسلحة في إنتاجه أن يقولوا للجمهور: إننا لم نخن ولم نتآمر، لقد أنقذناكم من حكم جماعة راديكالية، وأنقذنا مصر من خطر عظيم، ممن كانوا سيبيعون البلد للأعداء “حتة حتة”، والغريب أن ما قدمه المسلسل كتهمة للإخوان قام السيسي بتنفيذه على أرض الواقع، فقد تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح نظام آل سعود ليجعل من مضيق تيران ممرا دوليا خدمة لكيان يهود الغاصب، كما تنازل عن مساحة كبيرة من مياه مصر الاقتصادية لصالح قبرص واليونان وكيان يهود، إلى جانب تفريطه في مياه النيل بالتوقيع مع إثيوبيا والسودان على وثيقة إعلان المبادئ.
بينما النظام قد أغرق البلد في ديون طائلة ستثقل كاهل الناس في السنوات القادمة، وبينما الوضع الاقتصادي كارثي بشهادة مديرة صندوق النقد الدولي، وبينما الناس تعاني الفقر والحرمان، وبينما تداعيات بناء سد النهضة ونتائجه الكارثية على وشك أن تعصف بالبلد، أراد النظام إشغال الناس بصولات وجولات السيسي في إطار الدراما، أما على أرض الواقع فلا يهم النظام معاناة الناس وبؤسهم وشقاؤهم. ولم ينس النظام المضي قدما في حربه على الإسلام ومفاهيمه من خلال كتابات المرتزق المأجور إبراهيم عيسى وأشباهه ممن يحاربون السنة الشريفة والبخاري وغيره من علماء السنة. ذلك لأنهم يدركون تماما أن الإسلام هو وحده الذي سيخلص مصر وسائر بلاد المسلمين من عملاء الغرب في السياسة والفكر، وهو وحده القادر على قلب تلك الأنظمة العميلة وإعادة الخلافة على منهاج النبوة التي فيها خلاص الأمة ممن تسلطوا على رقابها وإعادة الحكم بما أنزل الله لكنانة الله في أرضه وفي باقي بلاد المسلمين. ولن ينفع تلك الطغمة في ذلك اليوم لا أمريكا ولا أوروبا ولا غيرهم، وإن غدا لناظره قريب.
[/rtl]
[rtl]مايو 3, 2022
[rtl]حامد عبد العزيز[/rtl][/rtl]
بسم الله الرحمن الرحيم
[rtl]لم أشاهد مثلي مثل الكثير من أبناء مصر مسلسل الاختيار بأجزائه الثلاثة، إلا بعض المقتطفات مما يتم بثه على مواقع التواصل، فالكل يعلم أن التاريخ يكتبه المنتصرون من وجهة نظرهم الخاصة، وهم حتما يزينون صورتهم وكأنهم ملائكة، ويزيفون الحقائق ويزورون الوقائع بما يخدم أهدافهم ويُحسن صورتهم أمام الرأي العام. فالنظام المصري وأجهزته السيادية ينفقون الملايين على صناعة مسلسل هزلي فاشل، بينما يدعي أننا فقراء جدا، وأنه غير قادر على الإنفاق على الشعب المسكين فنحن أمة العوز كما قال في أحد خطاباته، بينما يرى الشعب بأم عينه حجم الإنفاق الضخم على ما يسمونه بمسلسلات وبرامج رمضان، والغريب أن الفقرات الإعلانية التي تقطع بث تلك المسلسلات والبرامج جلها تطالب المصريين بالتبرع ولو بجنيه واحد لبناء مستشفيات أو لإطعام مساكين أو لجمعيات خيرية تنفق على إعلاناتها الملايين. ما يجعل البعض يتساءل: إذا كانت تلك الجمعيات في حاجة للتبرع فمن أين تأتي بالملايين التي تنفقها على الإعلانات؟! ومن خلال متابعة حالة التسول هذه، تشعر وكأن الدولة رفعت يدها تماما عن رعاية شئون الناس والتي من المفترض أنها وظيفتها الأساسية، لتترك رعاية الفقراء والمحتاجين والمرضى والمسنين لجمعيات تتسول ممن يفترض أنهم في حاجة لمن يرعاهم.
هذا الكم الهائل من المسلسلات والبرامج الرمضانية التي يتم بثها في شهر الصيام والعبادة، يهدف من خلالها النظام أن يفسد على الناس صيامهم وقيامهم، كما يهدف إلى بث رسائل سياسية، فبينما يعطي كل هذه المساحة لهذا الإسفاف تراه يضيق على الناس في عبادتهم من خلال وزارة الأوقاف التي خرج كبيرها على الناس قبل أيام ليقول لهم إن المسجد ليس فندقا، فلا اعتكاف هذا العام في المساجد ومن يريد أن يعتكف فليعتكف وليتهجد في بيته! إنه فعلا زمن الرويبضات ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نعود لمسلسل الاختيار في جزئه الثالث الذي يؤرخ لما قبل الانقلاب على محمد مرسي رحمه الله، والذي يتم بث تسريب جديد عقب انتهاء كل حلقة من حلقاته، وأنا هنا لست في معرض الدفاع عن الإخوان ولا عن الدكتور محمد مرسى. فمما لا شك فيه أن لهم أخطاءهم الكارثية، وأنهم تم التلاعب بهم واستغلالهم، وأنهم كانوا يعولون على أمريكا كما كان يعول عليها الجيش، وأن ما حدث رتب له بإتقان رجال أمريكا في الجيش، وكان القصد منه إيصال الإخوان للحكم واحتواء الثورة ومن ثم إجهاضها بإظهار ضعف الإخوان وعدم قدرتهم على إدارة الدولة ثم إخراجهم من الحكم بعد شيطنتهم وإفشالهم وإعادة الأمور إلى سابق عهدها، إلى الجيش خط الدفاع الأول لأمريكا في مصر.
وكان المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير قد نشر لي سلسلة مقالات بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة تؤرخ نوعا ما للثورة وأحداثها وتكشف كيف تم التخطيط لما حدث والخطايا التي وقع فيها الإخوان. ولن نعيد ذلك الحديث هنا ولمن أراد فيمكنه العودة لقراءة تلك السلسلة من المقالات، ولكننا هنا نتحدث عن مدى الكذب الذي يمارسه النظام والتجميل المفضوح والصورة الكاريكاتورية التي أراد النظام أن يُجملها لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الذي يظهره المسلسل في صورة البطل ولكنه بطل من ورق، فيجسد الرجل كملاك سواء في بيته أو في التعامل مع الفرقاء السياسيين أو مع جنوده، والذي تجنب أي حديث عن علاقة السيسي بالإدارة الأمريكية، برغم اعترافه بنفسه بتلك العلاقة في برنامج أذيع على إحدى القنوات المصرية عندما سئل عن الوقت الذي اتخذ فيه قراره بالانقلاب على مرسي فقال: كان ذلك في شهر آذار/مارس أي قبل الانقلاب بثلاثة أشهر، ولما سئل عمن أطلعه على ذلك القرار قال بمنتهى الوضوح: مسئول أمريكي رفيع المستوى. أي أن الترتيب لإبعاد الإخوان من الحكم كان بالتنسيق مع أمريكا، ولكن ما لم يقله؛ إن القرار لم يكن قراره، فهو مجرد خادم مطيع لأسياده، وما كان له أن يتخذ هكذا قرار من عند نفسه.
أراد صانعو المسلسل الذي شاركت الشؤون المعنوية للقوات المسلحة في إنتاجه أن يقولوا للجمهور: إننا لم نخن ولم نتآمر، لقد أنقذناكم من حكم جماعة راديكالية، وأنقذنا مصر من خطر عظيم، ممن كانوا سيبيعون البلد للأعداء “حتة حتة”، والغريب أن ما قدمه المسلسل كتهمة للإخوان قام السيسي بتنفيذه على أرض الواقع، فقد تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح نظام آل سعود ليجعل من مضيق تيران ممرا دوليا خدمة لكيان يهود الغاصب، كما تنازل عن مساحة كبيرة من مياه مصر الاقتصادية لصالح قبرص واليونان وكيان يهود، إلى جانب تفريطه في مياه النيل بالتوقيع مع إثيوبيا والسودان على وثيقة إعلان المبادئ.
بينما النظام قد أغرق البلد في ديون طائلة ستثقل كاهل الناس في السنوات القادمة، وبينما الوضع الاقتصادي كارثي بشهادة مديرة صندوق النقد الدولي، وبينما الناس تعاني الفقر والحرمان، وبينما تداعيات بناء سد النهضة ونتائجه الكارثية على وشك أن تعصف بالبلد، أراد النظام إشغال الناس بصولات وجولات السيسي في إطار الدراما، أما على أرض الواقع فلا يهم النظام معاناة الناس وبؤسهم وشقاؤهم. ولم ينس النظام المضي قدما في حربه على الإسلام ومفاهيمه من خلال كتابات المرتزق المأجور إبراهيم عيسى وأشباهه ممن يحاربون السنة الشريفة والبخاري وغيره من علماء السنة. ذلك لأنهم يدركون تماما أن الإسلام هو وحده الذي سيخلص مصر وسائر بلاد المسلمين من عملاء الغرب في السياسة والفكر، وهو وحده القادر على قلب تلك الأنظمة العميلة وإعادة الخلافة على منهاج النبوة التي فيها خلاص الأمة ممن تسلطوا على رقابها وإعادة الحكم بما أنزل الله لكنانة الله في أرضه وفي باقي بلاد المسلمين. ولن ينفع تلك الطغمة في ذلك اليوم لا أمريكا ولا أوروبا ولا غيرهم، وإن غدا لناظره قريب.
[/rtl]
كتبه حامد عبد العزيز