بسم الله الرحمن الرحيم
من اسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العليا -الاحد -
جاء هذا الاسم في القران الكريم مرة واحدة في سورة الاخلاص ولم يتكرر ، شانه شان الصمد الذي تحدثنا عنه في مقال سابق.
وفي اللغة أحَدٌ بالتنكير: اسم لكل من يصلح أن يخاطَب، وعادة ياتي في مقام السلب والنفي كقولك ليس في الدار أحد (يستوي فيه المفرد والمفردة وفروعهما) .
الا هنا في سياق هذه السورة الكريمة جاء في مقام الايجاب والاثبات، ليفيد النفي للنوع والجنس عن الله الخالق المدبر سبحانه ، وذلك ان المشركين جائوا للنبي عليه الصلاة والسلام ومن باب التعجيز قالوا له في مرة من المرات يا محمد انسب لنا ربك ...
وفي مرة اخرى قالوا يا محمد ما هو الاهك الذي تدعونا اليه ... اهو من ذهب ام من فضة ام من زبرجد..؟؟!!
والعرب كانوا يقدسون النسب ويعظمونه ، وكانوا يجدون النصارى في السام والحبشة وغيرها ينسبون ربهم ... فكانهم يسالون من هو والد الاهك؟!
ثم ان العرب كانوا شانهم شان الامم الاخرى مجسمين ومجسدين، ولا يرون وجودا مطلق عن المادة وحدودها المحصورة في الشكل والحجم والكثافة .
فلذلك سالوا عن الماهية .. اهو من ذهب ام من فضة ام من زبرجد ؟!!
وهم بذلك يقيسون الغائب عن الحس على الحاضر المحسوس المدرك الملموس ، وهذا ما نقلته الحضارة الرومانية الوثنية عن الفلسفة الاغريقية الوثنية، وتاثر بها اهل الكتابين، وتاثر العرب بحكم المخالطة بها ايضا .. فجسدوا وجسموا وصوروا الاله بصور شتى واتخذوا اصناما يعبدونها لتقربهم الى الله زلفى ... ويروى ان اول صنم وضع عند الكعبة للعرب هو هبل، اهداه احد حكام الشام وتحديدا بيت المقدس لعمرو بن لحي في احد رحلاته التجارية، ليضعه عند الكعبة ويعبد العرب الموحدون هذا الصنم .. ومن هنا كانت بداية الهبل الاعتقادي عند العرب، اتباع ملة ابيهم اسماعيل من قبل ..
بعد هذه الاسئلة ومثيلاتها التي يرويها لنا اصحاب التفاسير واصحاب كتب اسباب النزول وكتب السنة المباركة _ التي يجب ان نحفظها وندرسها لفهم الكتاب والتنزيل الحكيم _ نزلت سورة الاخلاص او سورة الصمد والتي سميت نسب الله عز وجل، لتعدل ثلث القران الكريم، لما احتوته من معان احدثت انقلابا كليا في منهج التفكير والاعتقاد ، مغايرا لما عليه العرب والعالم باسره ان ذاك ...
علما بان اول اية في القران نزولا، اشارت الى تلك المعاني الراقية والمنهج القويم في التفكير الاعتقادي ، والتصور للوجود الالهي .. وذلك في قوله تعالى في سورة العلق - اقرأ باسم ربك الذي خلق - ففيها اشارة الى انك لن تدرك من وجوده الا اسمه ...
ولكنهم ينسون بفعل الترسبات الثقافية السائدة في مجتمعاتهم والعالم انذاك ...
فانزل الله تعالى على نبيه ليجيبهم عما سألوا فقال :{ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } ..
ويعتبر ما بعدها كان مفسرا لها ، حيث ان الاحد هو الفرد المتفرد في الوجود ، فلا نوع له ليشبه به ، ولا جنس له ليقاس عليه ، ولا مكافئ له ليماثله، فامتنع بذلك القياس الفلسفي العقلي، وامتنع التشبيه الاغريقي والروماني المادي، وامتنع التمثيل التجسيدي الوثني ... واصبحت مقولة كل ماخطر ببالك فالله غير ذلك ..مقولة حق وصدق تنفي التصور للاله تعالى باي صورة او شكل.
وهذا ما ادركه جيدا الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، ومنهم بلال بن رباح رضي الله عنه حيث كان مغيضا للقوم وهم بعذبونه ليكفر ويشرك بالله - احدٌ احدُ - .
فالاحد هو المتفرد في وجوده بلا نوع ولا جنس، وهو الصمد الذي لا يعتريه التبديل والتغيير ، لان التبديل والتغيير من عوامل الزمان والمكان، وهو فوق الزمان والمكان حيث لا يحيطان به تعالى، وهما من خلقه وهو لا يخضع لهما ، انما يخضع لهما من يحتاجون العيش والوجود ضمنهما ، ولما كان ذلك كذلك فانه لم يلد ولم يولد، فانتفى الابن والوالد، ولم يكن له كفوا احد، فانتفى الشقيق والقريب المكافيء، لانه احد بلا جنس ولا نوع .
وكونه احد امتنعت الاثنية الفلسفية الفارسية، و بالصمد امتنع الحلول والاتحاد الفلسفي الشرقي والبيزنطي، وكذلك امتنعت وانتفت وحدت الوجود الاغريقية الفلسفية الوثنية . والتي تأثر بها اهل الكتاب من قبل ثم العرب فعاب الله عليهم ذلك في سورة التوبة حيث قال سبحانه:- ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31التوبة).
فسبح اسم ربك الاعلى - وسبح اسم ربك العظيم وسبحان الله عما يشركون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من اسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العليا -الاحد -
جاء هذا الاسم في القران الكريم مرة واحدة في سورة الاخلاص ولم يتكرر ، شانه شان الصمد الذي تحدثنا عنه في مقال سابق.
وفي اللغة أحَدٌ بالتنكير: اسم لكل من يصلح أن يخاطَب، وعادة ياتي في مقام السلب والنفي كقولك ليس في الدار أحد (يستوي فيه المفرد والمفردة وفروعهما) .
الا هنا في سياق هذه السورة الكريمة جاء في مقام الايجاب والاثبات، ليفيد النفي للنوع والجنس عن الله الخالق المدبر سبحانه ، وذلك ان المشركين جائوا للنبي عليه الصلاة والسلام ومن باب التعجيز قالوا له في مرة من المرات يا محمد انسب لنا ربك ...
وفي مرة اخرى قالوا يا محمد ما هو الاهك الذي تدعونا اليه ... اهو من ذهب ام من فضة ام من زبرجد..؟؟!!
والعرب كانوا يقدسون النسب ويعظمونه ، وكانوا يجدون النصارى في السام والحبشة وغيرها ينسبون ربهم ... فكانهم يسالون من هو والد الاهك؟!
ثم ان العرب كانوا شانهم شان الامم الاخرى مجسمين ومجسدين، ولا يرون وجودا مطلق عن المادة وحدودها المحصورة في الشكل والحجم والكثافة .
فلذلك سالوا عن الماهية .. اهو من ذهب ام من فضة ام من زبرجد ؟!!
وهم بذلك يقيسون الغائب عن الحس على الحاضر المحسوس المدرك الملموس ، وهذا ما نقلته الحضارة الرومانية الوثنية عن الفلسفة الاغريقية الوثنية، وتاثر بها اهل الكتابين، وتاثر العرب بحكم المخالطة بها ايضا .. فجسدوا وجسموا وصوروا الاله بصور شتى واتخذوا اصناما يعبدونها لتقربهم الى الله زلفى ... ويروى ان اول صنم وضع عند الكعبة للعرب هو هبل، اهداه احد حكام الشام وتحديدا بيت المقدس لعمرو بن لحي في احد رحلاته التجارية، ليضعه عند الكعبة ويعبد العرب الموحدون هذا الصنم .. ومن هنا كانت بداية الهبل الاعتقادي عند العرب، اتباع ملة ابيهم اسماعيل من قبل ..
بعد هذه الاسئلة ومثيلاتها التي يرويها لنا اصحاب التفاسير واصحاب كتب اسباب النزول وكتب السنة المباركة _ التي يجب ان نحفظها وندرسها لفهم الكتاب والتنزيل الحكيم _ نزلت سورة الاخلاص او سورة الصمد والتي سميت نسب الله عز وجل، لتعدل ثلث القران الكريم، لما احتوته من معان احدثت انقلابا كليا في منهج التفكير والاعتقاد ، مغايرا لما عليه العرب والعالم باسره ان ذاك ...
علما بان اول اية في القران نزولا، اشارت الى تلك المعاني الراقية والمنهج القويم في التفكير الاعتقادي ، والتصور للوجود الالهي .. وذلك في قوله تعالى في سورة العلق - اقرأ باسم ربك الذي خلق - ففيها اشارة الى انك لن تدرك من وجوده الا اسمه ...
ولكنهم ينسون بفعل الترسبات الثقافية السائدة في مجتمعاتهم والعالم انذاك ...
فانزل الله تعالى على نبيه ليجيبهم عما سألوا فقال :{ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ } ..
ويعتبر ما بعدها كان مفسرا لها ، حيث ان الاحد هو الفرد المتفرد في الوجود ، فلا نوع له ليشبه به ، ولا جنس له ليقاس عليه ، ولا مكافئ له ليماثله، فامتنع بذلك القياس الفلسفي العقلي، وامتنع التشبيه الاغريقي والروماني المادي، وامتنع التمثيل التجسيدي الوثني ... واصبحت مقولة كل ماخطر ببالك فالله غير ذلك ..مقولة حق وصدق تنفي التصور للاله تعالى باي صورة او شكل.
وهذا ما ادركه جيدا الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، ومنهم بلال بن رباح رضي الله عنه حيث كان مغيضا للقوم وهم بعذبونه ليكفر ويشرك بالله - احدٌ احدُ - .
فالاحد هو المتفرد في وجوده بلا نوع ولا جنس، وهو الصمد الذي لا يعتريه التبديل والتغيير ، لان التبديل والتغيير من عوامل الزمان والمكان، وهو فوق الزمان والمكان حيث لا يحيطان به تعالى، وهما من خلقه وهو لا يخضع لهما ، انما يخضع لهما من يحتاجون العيش والوجود ضمنهما ، ولما كان ذلك كذلك فانه لم يلد ولم يولد، فانتفى الابن والوالد، ولم يكن له كفوا احد، فانتفى الشقيق والقريب المكافيء، لانه احد بلا جنس ولا نوع .
وكونه احد امتنعت الاثنية الفلسفية الفارسية، و بالصمد امتنع الحلول والاتحاد الفلسفي الشرقي والبيزنطي، وكذلك امتنعت وانتفت وحدت الوجود الاغريقية الفلسفية الوثنية . والتي تأثر بها اهل الكتاب من قبل ثم العرب فعاب الله عليهم ذلك في سورة التوبة حيث قال سبحانه:- ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31التوبة).
فسبح اسم ربك الاعلى - وسبح اسم ربك العظيم وسبحان الله عما يشركون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته