،،،،،،،،،،،،،( بسم الله الرحمن الرحيم )،،،،،،،،،،
34- الحلقة الرابعة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
---- خواطر حول الدعاء :-
خواطر حول الدعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
المتدبر لسورة الحمد اول سور القران ترتيبا يجد ان اولها حمد وثناء وتمجيد للرب جل وعلا :- الحمد لله ربي العالمين ،الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين- . وأوسطها عهد وميثاق بين العبد وربه :- اياك نعبد ، واياك نستعين - . وتاليها دعاء واستعانة بطلب الهداية للصراد المستقيم، صراط اللذين انعم عليهم بنعمة الهداية والايمان، معلنين انفسهم منهم وطالبين ان يكونوا على نهجهم، ثم يستعيذون بالله ويتبرأون اليه من مناهج المغضوب عليهم ممن جعل منهم القردة والخنازير ، وغضب عليهم الى يوم الدين، وطردهم من رحمته،بسبب تنكبهم طريق الهدى والنور، وضلالهم واضلالهم للبشرية عن علم ودراية مخبث سريرة وطوية، فلا يكون لهم كيان بعد ذلك الا بحبل من الله حين يسلطهم على بعض خلقه تأديبا لهم على تقصيرهم في جناب الله تعالى، كما فعل بنا يوم تنكبت امتنا طريق الهداية واتبعت سبل الغواية والغاوين، ونتبرأ اليه من منهج الضالين الذين ضلوا عن جهل وبلا علم ووعي واتبعوا الظن وهم النصارى ...
والدعاء لغة: هوالسؤال و الطلب، وشرعاً هو: توجه العبد بالسؤال والطلب إلى ربه فيما يحتاجه لإصلاح امر دينه و امور دنياه .
والانسان بطبعه ضعيف عاجز لا بد له من طلب العون والاستغاثة بربه في ابسط اموره وكذلك في اعظمها خطرا، ومن رحمة الله تعالى بنا وهو الرحمن الرحيم ان جعل الدعاء والتوجه بالسؤال اليه عبادة يحبها تعالى ويطلبها من خلقه ، و رغبهم سبحانه فيها .. لذلك قال الله تعالى طالبا من نبيه ان يخبر عباده عنه :- {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.(186 البقرة) - وقد ذكروا في سبب نزولها ان قوما قالوا للنبي سلام الله عليه اقريب ربنا فنناجيه !! ام بعيد فنناديه!!..فكان هذا الجواب البليغ، ولاحظوا معي اخواني الافاضل :- ان القرآن اشتمل على أربعة عشر سؤالاً، وكلها تبدأ بـ(يسألونك) ثم يأتي الجواب بـ(قل) إلا في آية واحدة (فقل) في سورة طه، اما هنا في هذا الموضع الوحيد فالامر مختلف، فإنه بدأ بهذه الجملة الشرطية: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي}، وجاء جواب الشرط من دون الفعل: (قل)، بل قال :- {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، فكأن هذا الفاصل مع قصره (قُل) المكون من حرفين كأنه يطيل من مسافة القرب بين الداعي وبين ربه تعالى المدعو ، الذي هو اقرب لعبده الداعي من حبل الوريد، و الذي يكون بين جلده وعظمه، فجاء الجواب بدون واسطة وبفاء التعقيب للمباشرة في الجواب واختصار المدة والمسافة : {فَإِنِّي قَرِيبٌ} تنبيها على شدة قرب العبد من ربه المعبود في مقام الدعاء !. وهو من أبلغ ما يكون في الجواب . ولاحظ معي انه ايضا اشترط عليهم الاستجابة له، والايمان به ليستجيب لهم، وأخر ذكر ذلك عن التعقيب بقوله: فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فقدم حقيقة قربه تعالى على طلبه منهم فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون، ولا يتبعون طريق الغاوين من الضالين والمغضوب عليهم. وذلك كما نفعل اليوم !! مع كل اسىَ و اسف!!
وقد اخرج الهيثمي في مجمع الزوائد عن انس بن مالك رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: - (إن الله يقول :أنا عند ظن عبدي بي،وأنا معه إذا دعاني) ورواه عن ابي هريرة رضي الله عنه البخاري ومسلم،والترمذي والنسائي وابن ماجه . ومن حُسن الايمان به احسان الظن به سبحانه .
كما وبين لنا سلام الله وصلاته عليه واله ان الدعاء هو قمة التعبد، ذلك ان الدعاء اظهار للافتقار و غاية الانكسار لله ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال :- (الدعاء هو العبادة) ، ثم قرأ :- (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)) رواه أبوداود والترمذي –واللفظ له-،وقال: ((حديث حسن صحيح))،والنسائي وابن ماجه،وابن حبان في ((صحيحه))،والحاكم وقال: ((صحيح الإسناد)) .يقول ابن القيم رحمه الله: "وقد أجمع العارفون أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك، فاذا كان كل خير أصله التوفيق ، وهو بيد الله لا بيد العبد ، فان مفتاح التوفيق هو الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة اليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجا دونه، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه . وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه و إعانته ، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان -والعياذ بالله- ينزل عليهم على حسب ذلك ... وما أُُتي من أُتي إلا من قبل إضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء، ولا ظفر من ظفر ـ بمشيئة الله وعونه ـ إلا بقيامه بالشكر، وصدق الافتقار والدعاء". الفوائد لابن القيم رحمه الله.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا صدق اللجأ إليه، والانطراح بن يديه، وكمال التضرع له، وحسن التوكل عليه وان يجعلنا ممن تستجاب دعوته بالخير. وان يُعز امتنا وينصرها على الظالمين والمعتدين والكافرين وان يمكن لها في الارض انه سميع قريب مجيب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
34- الحلقة الرابعة والثلاثون من سلسلة اثر العبادات التربوي على النفس والسلوك
---- خواطر حول الدعاء :-
خواطر حول الدعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
المتدبر لسورة الحمد اول سور القران ترتيبا يجد ان اولها حمد وثناء وتمجيد للرب جل وعلا :- الحمد لله ربي العالمين ،الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين- . وأوسطها عهد وميثاق بين العبد وربه :- اياك نعبد ، واياك نستعين - . وتاليها دعاء واستعانة بطلب الهداية للصراد المستقيم، صراط اللذين انعم عليهم بنعمة الهداية والايمان، معلنين انفسهم منهم وطالبين ان يكونوا على نهجهم، ثم يستعيذون بالله ويتبرأون اليه من مناهج المغضوب عليهم ممن جعل منهم القردة والخنازير ، وغضب عليهم الى يوم الدين، وطردهم من رحمته،بسبب تنكبهم طريق الهدى والنور، وضلالهم واضلالهم للبشرية عن علم ودراية مخبث سريرة وطوية، فلا يكون لهم كيان بعد ذلك الا بحبل من الله حين يسلطهم على بعض خلقه تأديبا لهم على تقصيرهم في جناب الله تعالى، كما فعل بنا يوم تنكبت امتنا طريق الهداية واتبعت سبل الغواية والغاوين، ونتبرأ اليه من منهج الضالين الذين ضلوا عن جهل وبلا علم ووعي واتبعوا الظن وهم النصارى ...
والدعاء لغة: هوالسؤال و الطلب، وشرعاً هو: توجه العبد بالسؤال والطلب إلى ربه فيما يحتاجه لإصلاح امر دينه و امور دنياه .
والانسان بطبعه ضعيف عاجز لا بد له من طلب العون والاستغاثة بربه في ابسط اموره وكذلك في اعظمها خطرا، ومن رحمة الله تعالى بنا وهو الرحمن الرحيم ان جعل الدعاء والتوجه بالسؤال اليه عبادة يحبها تعالى ويطلبها من خلقه ، و رغبهم سبحانه فيها .. لذلك قال الله تعالى طالبا من نبيه ان يخبر عباده عنه :- {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.(186 البقرة) - وقد ذكروا في سبب نزولها ان قوما قالوا للنبي سلام الله عليه اقريب ربنا فنناجيه !! ام بعيد فنناديه!!..فكان هذا الجواب البليغ، ولاحظوا معي اخواني الافاضل :- ان القرآن اشتمل على أربعة عشر سؤالاً، وكلها تبدأ بـ(يسألونك) ثم يأتي الجواب بـ(قل) إلا في آية واحدة (فقل) في سورة طه، اما هنا في هذا الموضع الوحيد فالامر مختلف، فإنه بدأ بهذه الجملة الشرطية: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي}، وجاء جواب الشرط من دون الفعل: (قل)، بل قال :- {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}، فكأن هذا الفاصل مع قصره (قُل) المكون من حرفين كأنه يطيل من مسافة القرب بين الداعي وبين ربه تعالى المدعو ، الذي هو اقرب لعبده الداعي من حبل الوريد، و الذي يكون بين جلده وعظمه، فجاء الجواب بدون واسطة وبفاء التعقيب للمباشرة في الجواب واختصار المدة والمسافة : {فَإِنِّي قَرِيبٌ} تنبيها على شدة قرب العبد من ربه المعبود في مقام الدعاء !. وهو من أبلغ ما يكون في الجواب . ولاحظ معي انه ايضا اشترط عليهم الاستجابة له، والايمان به ليستجيب لهم، وأخر ذكر ذلك عن التعقيب بقوله: فاني قريب اجيب دعوة الداع اذا دعان. فقدم حقيقة قربه تعالى على طلبه منهم فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون، ولا يتبعون طريق الغاوين من الضالين والمغضوب عليهم. وذلك كما نفعل اليوم !! مع كل اسىَ و اسف!!
وقد اخرج الهيثمي في مجمع الزوائد عن انس بن مالك رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: - (إن الله يقول :أنا عند ظن عبدي بي،وأنا معه إذا دعاني) ورواه عن ابي هريرة رضي الله عنه البخاري ومسلم،والترمذي والنسائي وابن ماجه . ومن حُسن الايمان به احسان الظن به سبحانه .
كما وبين لنا سلام الله وصلاته عليه واله ان الدعاء هو قمة التعبد، ذلك ان الدعاء اظهار للافتقار و غاية الانكسار لله ، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال :- (الدعاء هو العبادة) ، ثم قرأ :- (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)) رواه أبوداود والترمذي –واللفظ له-،وقال: ((حديث حسن صحيح))،والنسائي وابن ماجه،وابن حبان في ((صحيحه))،والحاكم وقال: ((صحيح الإسناد)) .يقول ابن القيم رحمه الله: "وقد أجمع العارفون أن التوفيق أن لا يكلك الله إلى نفسك، وأن الخذلان هو أن يخلي بينك وبين نفسك، فاذا كان كل خير أصله التوفيق ، وهو بيد الله لا بيد العبد ، فان مفتاح التوفيق هو الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة اليه، فمتى أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضلّه عن المفتاح بقي باب الخير مرتجا دونه، قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إني لا أحمل هم الإجابة، ولكني أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه . وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه و إعانته ، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان -والعياذ بالله- ينزل عليهم على حسب ذلك ... وما أُُتي من أُتي إلا من قبل إضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء، ولا ظفر من ظفر ـ بمشيئة الله وعونه ـ إلا بقيامه بالشكر، وصدق الافتقار والدعاء". الفوائد لابن القيم رحمه الله.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا صدق اللجأ إليه، والانطراح بن يديه، وكمال التضرع له، وحسن التوكل عليه وان يجعلنا ممن تستجاب دعوته بالخير. وان يُعز امتنا وينصرها على الظالمين والمعتدين والكافرين وان يمكن لها في الارض انه سميع قريب مجيب .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.