مسيرة قضية بيت المقدس عبر التاريخ الى اليوم في سطور :-
تعتبر بيت المقدس العاصمة الروحية عبر التاريخ للشام ودرته المقدسة.
وقد وجه الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم الى اهمية بيت المقدس و مكانتها المقدسة بامرين مهمين، حيث جعل الله تعالى بيت المقدس القبلة الاولى لنبيه صلاة الله و سلامه عليه واله، ثم من خلال حادثة الاسراء التي تمت له وهو في مكة المكرمة، ولم تكن له يومئذ دولة ولا لاتباعه المؤمنين كيان .. قال سبحانه و تعالى مفتتحا سورة الاسراء :- "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"
فكانت هذه الحادثة تعتبر فتحا روحيا عقائديا و التي تم من خلالها تم ربط المسجد الاقصى الذي بارك الله حوله بالمسجد الحرام - اول بيت وضع للناس- في مكة المكرمة عاصمة العرب الروحية ان ذاك ..
واستمرت بيت المقدس قبلة للمسلمين بعد الهجرة وبعد اقامة دولة الاسلام وكيان المسلمين التنفيذي الذي مهمته تطبيق احكام الاسلام وتنفيذها وحفظ بيضة المسلمين و كرامتهم و دمائهم و اعراضهم و اموالهم و مكتسباتهم ، والدعوة الى الله ونشر دينه الحنيف واظهاره على الدين كله ...
و كانت القدس و شامها الشريف يومئذ تحت حكم الاحتلال الروماني البيزنطي ..
وتحولت القبلة من بيت المقدس الى البيت الحرام في مطلع السنة الثانية للهجرة ، بعد ان كان يهود يقولون للعرب ان محمد على ملتهم ! فها هو يتوجه الى قبلتهم !! ولكي يميز الله تعالى هذه الامة عن غيرها من الامم حول سبحانه القبلة الى مكة المكرمة ، فقال سبحانه:-
( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )(150البقرة) . و روى الصحابي الجليل البراء بن عازب رضي الله عنه قال: صلينا مع رسول الله نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ، ثم حرفنا نحو الكعبة". أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. وهذا الحديث النبوي الشريف صريح بأن المسجد الأقصى هو أولى القبلتين. ومسجد القبلتين في المدينة المنورة بمحرابيه لليوم شاهد ..!!
و رغم تحويل القبلة الا ان نظر النبي الذي يسيره الوحي لم يتحول عن بيت المقدس وفتحها .. فقد قاد بنفسه صلى الله عليه واله وسلم غزوة تبوك - اول حصن للروم يحاصر عرب الجزيرة - وكان اول هروب وانسحاب للروم واذنابهم من العرب المتنصرة يومها امام جحافل الاسلام ، ثم وجه الجيش وجهزه وعين قادته الى مؤتة التي كان فيها اول انتصار للمسلمين على دولة الروم العظمى ان ذاك، والتي كانت تحتل ارض بيت المقدس وشامها الشريف ..
ولما احس صلوات ربي وسلامه عليه بدنو اجله اخذ يوصي اصحابه الميامين بفتح بيت المقدس والشام والرباط والاقامة في ثغوره .. فعن الصحابي الجليل ذي الأصابع رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسول الله، إن ابتلينا بعدك بالبقاء أين تأمرنا ؟ قال: عليك ببيت المقدس فلعلّه أن ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروحون". أخرجه أحمد والطبراني. وهذا الحديث الشريف يتضمن حثاً على فتح بيت المقدس و على المرابطة والإقامة فيه .
و قد قال عبد الله بن الإمام أحمد: وجدت بخط أبي، ثم روى بسنده إلى أبي أمامة قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" وأخرجه أيضا الطبراني . قال الهيثمي في المجمع ورجاله ثقات.
وقد ربط النبي صلى الله عليه واله وسلم بين المساجد الثلاث وجعلها مزارات مقدسة لامته من بعده وقبل فتح بيت المقدس وفي ذلك اشارة الى وجوب فتحها وضمها الى كنف دولة الاسلام فقال :- "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى". متفق عليه عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
فلذلك نفذ الخليفة الثاني الفاروق رضي الله عنه هذه الوصايا الربانية و النبوية -التي لم ينطق صلوات ربي وسلامه عليه بها عن الهوى- بل هو وحي يوحى ، وفتح الفاروق الشام الشريف و بيت مقدسها المقدس .. حيث وصل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى فلسطين،فى 13 رمضان من سنة 15 هجرية الموافق 18 ألموافق سنة 636 ميلادية، وتسلم مفاتيح مدينة القدس، وقام بتأمين النصارى على أرواحهم وشعائرهم الدينية، بعد حصار دام أربعة أشهر، حيث عرض بطريرك القدس صفرونيوس استسلام المدينة التى كانت محاصرة من المسلمين ودفع الجزية، بشرط أن يحضر الخليفة إلى القدس للتوقيع على اتفاق وقبول الاستسلام والتسليم .
وبعد ما يقرب من الالف عام من فتحها العمري قام الفرنجة الصليبيون بعدة حملات لاستعادة احتلال بيت المقدس ، وكانت البداية الفعلية للحروب الصليبية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1095، وذلك إثر خطبةِ ألقاها البابا أوربان الثاني في حشود المجتمعين بمؤتمر ديني في حقول مدينة كليرمونت الفرنسية، ووصل عددها لنحو 8 حملات عسكرية بين تاريخ أول حملة عام 1096 والحملة الثالثة التي اقامت مملكة صليبية في بيت المقدس وحررها منهم صلاح الدين الايوبي ،و استمرت الى سنة1291م وهو العام الذي حررت فيه مدينة عكا وسقطت فيه آخر الإمارات الصليبية بالمشرق على يد البطل خليل بن قلاون في زمن خلافة الحاكم بامرالله احمد العباسي .. و قد عمل الغرب الاوروبي على محاربة امة الاسلام وذلك من خلال عدة حملات صليبية قامت بها اوروبا ضد المسلمين كان اخرها ما نحن فيه اليوم من عذاب وهوان ولعب بدمائنا ونهب لثرواتنا وتغيير لقيمنا ومفاهيمنا ومحاولة تغريبنا وفرنجتنا فكريا وثقافيا وقيميا ، ومسخ لهويتنا وانتمائنا لعقيدتنا وديننا الحنيف ...
فكانت الحملة الاوروبية المشؤمة بقيادة ام الخبائث بريطانيا وام المفاسد فرانسا التي قضت على اخر رمز لوحدة المسلمين في الارض دولة الخلافة العثمانية في ما سمي بالحرب الكونية او العالمية الاولى .. والتي كان نتيجتها الغاء الخلافة رمز وحدة المسلمين ، وتنفيذ اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت والذكر ،والتي قطعت بلاد المسلمين اشلاء وصنعت فيها كيانات مسخ بلا هيبة ولا مكانة ولا قوة الا لخدمة مصالح الغرب وحراسة مكاسبه ..
وصنعت بريطانيا التي كانت الدولة العظمى وشريكتها في الحقد فرانسا - صنعوا - كيانا مسخا بحجة احقيته الدينية في ارض بيت المقدس ووهبوه ليهود ليكون لهم دولة قومية - على اعتبار اليهودية جنس وقومية- وليست مجرد دين !!!
ومن هنا بدأ الصراع بين المسلمين الذين ما ان سمعوا بوعد بلفور المشؤم حتى هبوا لنجدة بيت مقدسهم وتخليصه من ايدي القوى الصهيوصلبية !!
وبدأ الكيد والمكر السياسي ، فعملوا على تحويل الصراع مع المسلمين ليكون مع منطقة محددة فاسموها مسالة الشرق الاوسط ،ثم قلصوها لتكون مع العرب بوصفهم قومية لينحوا بقية المسلمين عن القضية فاسموها الصراع العربي الاس-رائيلي، فقامت دويلة يهو-د سنة 1948م ، وفيسنة 1967م تم احتلال كامل فلسطين من البحر الى النهر واجزاء من لبنان وسوريا وسيناء مصر، وكانت المقاطعة بين العرب و كيان يهو -د ، ثم حيدوا العرب فجعلوها قضية وطنية وثنية، فاسموها القضية الفلسطينية لتخص الشعب الفلسطيني وحده، ثم قلصوها لتصبح مسألة وجود سلطة مسخ تحت مسمى دويلة للفلسطينيين هزيلة منزوعة السلاح قابلة للاحتلال في كل لحظة الى جانب الدويلة اليهود-ية التي تعتبر ترسانة مسلحة بكل اسلحة الدمار الغربي واحدثه على الاطلاق ... ومسالة عودة اللاجئين او تعويضهم عن ارضهم ومساكنهم ..!!!
وبعد حرب التحريك في 1973م بدأ الاتجاه نحو ما يسمونه السلام !! فكانت اتفاقية كامب ديفد برعاية ومباركة امريكا التي تزعمت الغرب الحاقد ..
وبعد موافقة من نصبوه زورا وبهتانا ممثلا شرعيا ووحيدا للفلسطينين واعترافه بكيان يهود مقابل سلطة هزيلة، لا يسمن وجودها ولا يغني من جوع، حيث حصل مؤتمر مدريد سنة 1991 مؤتمرًا للسلام !! عقد في الفترة من 30 أكتوبر إلى 1 نوفمبر 1991 في مدريد برعاية امريكا ومباركة اوروبا ، ثم اتفاقية اوسلوا المشؤمة التي تم توقيعها في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، والتي يعتبرونها أول اتفاقية رسمية مباشرة بين كيان إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، وما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية!!، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عرفات . ثم حصل إتفاق غزة-أريحا اولا ، والمعنون رسميا باسم اتفاق حول قطاع غزة ومنطقة أريحا، وقّع في 4 مايو 1994 لاحقا لإتفاقية أوسلو، وفيه خلص الأطراف إلى تفاصيل الحكم الذاتي الفلسطيني. يعرف الإتفاق باسم إتفاق القاهرة 1994. ومع كل اسف ان اتفاقيات الخيانة لله ورسوله وُقعت في عواصم كان لها دور بارز في التاريخ الاسلامي وذلك نكاية وتشفيا بالمسلمين !! فمدريد من حواضر الاندلس الاسلامي والتي كان لها دورها الحضاري والثقافي الذي اثر في العالم كله اجمع !! والقاهرة التي كان لها دورها القيادي العسكري المركزي المهم في جميع صد الحملات الفرنجية الصليبية والغزو المغولي والدور القيادي الفكري الثقافي في العالبم الاسلامي .. !!
ثم بدأ مسلسل الدخول في التطبيع من دويلات وكيانات سايكس بيكو مع كيان الاغتصاب والاحتلال وتهويد المقدسات الثابتة قدسيتها للمسلمين في الكتاب والسنة المطهرة .. واخيرا بدأ طوفان الاقصى الذي ما زال مستمرا ، وقد تكالبت على مجاهديه امم الارض من الاعداء في وسط خذلان غير مسبوق من الاهل والاخوان، و الذي أراه ان شاء الله بداية حرب التحرير لكامل الامة ، من نير التبعية و الاستعباد والاسحواذ ، اللهم اظهر المجاهدين في سبيلك على الاعداء وانصر من نصر الدين والحق المبين واخذل كل من خذل الامة وتاجر بدما ابنائها ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
عدل سابقا من قبل محمد بن يوسف الزيادي في 2024-04-23, 8:41 am عدل 1 مرات