أيام أوروبا
السوداء ستزول بنور الخلافة
بقلم :
عاهد ناصرالدين
اليوم التاسع من الشهر الخامس الميلادي. يسمى في الاتحاد الأوروبي بيوم
أوروبا .. لماذا يوم أوروبا؟
التاسع من
أيار سنة 1916م تمت فيه اتفاقية سايس بيكو التي أدت إلى تقسيم المناطق التي كانت
خاضعة للسيطرة العثمانية وهي سورية والعراق ولبنان و فلسطين إلى مناطق تخضع
للسيطرة الفرنسية وأخرى تخضع للسيطرة البريطانية. وقد سميت الاتفاقية باسمي
المفاوضين اللذين أبرماها وهما مارك سايكس البريطاني وجورج بيكو الفرنسي
9 أيّار، أو «يوم أوروبا» هو ذكرى إعلان
شومان. ففي عام 1950، اقترح روبير شومان، وزير خارجيّة فرنسا آنذاك، في حديث له في
باريس، شكلاً جديداً لتفاهم سياسي لأوروبا كان الهدف منه الحؤول دون حصول حرب بين
الأمم الأوروبيّة.
اتفاقية سايس بيكو ويوم أوروبا ، تقسيم
بلاد المسلمين يصادف يوم توحيد أوروبا ،هل هذا من باب المصادفة أم هو التخطيط
والمكر ، تقول بينيتا فيريرو ـ والدنر المفوضّة الأوروبيّة للعلاقات الخارجية
وسياسة الجوار ’’ولقد تأكدت رؤية شومان
وتبصّره في أوائل هذه السنة لدى احتفالنا بالذكرى الخمسين للاتّحاد الأوروبي، وهو
الهيئة التي أنشئت نتيجة ذلك الإعلان الشهير.
لا شكّ في أنّ الاتحاد الأوروبي كان
نجاحاً باهراً. فلقد نعم أعضاؤه، مدى 50 سنة، بمستوى لا مثيل له من السلام
والازدهار والاستقرار.
وعلى مرّ السنين، تطوّر الاتحاد الأوروبي ليصبح أكثر من مجرّد كتلة تجاريّة تنسّق
السياسة التجاريّة لأعضائها وتضع تعرفات مشتركة. ولقد أضحى اليوم مشروعاً سياسياً
واقتصادياً يجمع 27 بلداً أوروبيّاً وأكثر من 490 مليون شخص.
ويستطيع مواطنو الاتحاد الأوروبي أن يدرسوا أو يعملوا أو يعيشوا في أي من بلدان
الاتحاد الأوروبي بأدنى حدّ من القيود، وأن ينعموا بالتقديمات الصحيّة الاجتماعيّة
أينما حلّوا. وأصبح في استطاعتهم التنقّل عبر أوروبا بلا جواز سفر ويتشارك
غالبيّتهم عملة واحدة’’ .
لقد ظهر للقاصي والداني حقد الغرب على
المسلمين لتوهين قدر الإسلام في قلوبهم والطعن في عقيدتهم خاصة بعد هدم دولة
الخلافة.
فهل آن للمسلمين أن يدركوا الصديق من العدو ، وأن
يقيموا دولة الإسلام التي توحدهم في دولة واحدة ؟ وأن يسلكوا الطريقة
التي سلكها النبي -صلى الله عليه وسلم-
أورد ابن هشام في السيرة النبوية"ثم قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة
وقومه على أشد ما كانوا عليه من خلافه... فكان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يعرض نفسه في المواسم على
قبائل العرب ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه".
وقد
وضح في سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- أمران، أولهما
تقصد أهل القوة والمنعة من القبائل والسادة والأشراف ومن لهم اسم و شرف
ومكانة، وثانيهما طلب نصرة وحماية أهل القوة والمنعة.
وكان العرب يفهمون من طلبه
هذا أنه يريد حكماً وسلطاناً, من ذلك ما ورد في رد قبيلة عامر بن صعصعة, حيث اشترطوا
عليه أن يكون لهم الحكم من بعده على وجه الجزاء لما سيبذلونه له من حماية ونصرة,
بقولهم "أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك, ثم أظهرك الله على من خالفك, أيكون لنا
الأمر من بعدك؟ فقال لهم: إن الأمر لله يضعه حيث يشاء, فقالوا له, أفنهدف نحورنا
والعرب دونك ثم يكون الأمر لغيرنا, اذهب لا حاجة لنا بك".
قال كعب بن مالك رضي الله عنه "فلما فرغنا
من الحج، وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...فنمنا
تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا
لميعاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نتسلل تسلل القطا مستخفين، حتى اجتمعنا
في الشِّعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً، ومعنا امرأتان من نسائنا،فاجتمعنا
في الشِّعب، ننتظر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-حتى جاءنا
ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر
ابن أخيه، ويتوثق له، فلما جلس كان أول متكلم العباس فقال: يا معشر الخزرج :إن
محمدًا منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزٍّ
من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم، واللحوق بكم، فإن كنتم
ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم، وإن كنتم
ترون أنكم مسلِّموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عزٍ ومنعةٍ
من قومه وبلده، فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك
ما أحببت...، فتكلم عندئذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلا القرآن، ودعا
إلى الله ورغب في الإسلام ثم قال:
"أُبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم
وأبناءكم" . فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال:نعم والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعنّك
مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة
(أي السلاح كله) ورثناها كابراً عن كابر.
فاعترض
القول -والبراء يتكلم- أبو التيّهان فقال:يارسول الله، إنّ بيننا وبين الرجال
حبالاً و إنّا قاطعوها -وهو يعني اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثمّ أظهرك
الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟. فتبسم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-
ثم قال:"الدّم الدّم والهدمُ الهدم، أنا منكم وأنتم منّي، أحارب من حاربتم
وأسالم من سالمتم".
يا أهل القوة ألا تستجيبون لنداء الحق وداعي
الله الصادر من إخوتكم في الباكستان ولكم الجنة ؛فقد خصَّ الله – عزوجل- المهاجرين
والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،خصهم بالمدح والفضل وعلو المكانة
والمنزلة لنصرتهم دينه وصبرهم على حملها،وتحمُّلهم الأذى{وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ }التوبة100.
ورد
في تفسير السعدي "السابقون هم الذين سبقوا هذه الأمة وبدروها إلى الإيمان
والهجرة، والجهاد، وإقامة دين اللّه.
{مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ} {الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه
ورضوانا، وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصادقون} ومن {الْأَنْصَارِ}
{الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في
صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}
{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} بالاعتقادات والأقوال
والأعمال، فهؤلاء، هم الذين سلموا من الذم، وحصل لهم نهاية المدح، وأفضل الكرامات
من اللّه.
{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} ورضاه تعالى أكبر
من نعيم الجنة، {وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
الْأَنْهَارُ} الجارية التي تساق إلى سَقْيِ الجنان، والحدائق الزاهية الزاهرة،
والرياض الناضرة.
{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} لا يبغون عنها
حولا، ولا يطلبون منها بدلا، لأنهم مهما تمنوه، أدركوه، ومهما أرادوه، وجدوه.
{ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الذي حصل لهم فيه، كل محبوب للنفوس، ولذة
للأرواح، ونعيم للقلوب، وشهوة للأبدان، واندفع عنهم كل محذور".
إن النصرة لدين الله – عز وجل - تحتاج إلى رجال وأي رجال, رجال لهم شهامة
ونجدة كأمثال سعد بن معاذ و أسيد بن حضير والبراء بن معرور. وبالرغم من كل ذلك,
فإننا واثقون من نصر الله و تأييده. ولنا في عزيمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وثباته وثقته بنصر الله أسوة؛فقد كان صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب أثناء
حفره للخندق, يبشر بهدم أعظم دولتين في ذلك التاريخ مع أن المشاهد المحسوس يبين أن
الغلبة ستكون للأحزاب , حتى إنه بعد مرور اليوم السابع والعشرين من الحصار المضروب
على المدينة, صار المنافقون يقولون إن محمداً يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا
يجرؤ على قضاء حاجته في الخلاء، فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده، إني
لأرجو أن أستلم مفاتيح الكعبة وأن أغنم كنوز كسرى وقيصر وأن تنفق أموالهم في سبيل
الله, وهكذا كان، حيث أورثهم الله تلك الديار{فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ
الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ }الروم4.
قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار, ولو
سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار .
فيا أحفاد سعد بن معاذ, وسعد بن
الربيع, وسعد بن عبادة, وأسعد بن زرارة, وأسيد بن حضير, والبراء بن معرور, وعبد
الله بن رواحة, ومعاذ بن جبل, وعبادة بن الصامت, يا أحفاد النقباء, يا أحفاد من
رفعوا اللواء, يا أحفاد من هجروا الشاة والبعير, ورجعوا برسول الله إلى رحالهم, يا
أحفاد من رضوا بالله رباً وبرسوله حظاً وقسماً, يا أحفاد من شملهم رسول الله
بالدعاء (اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار) هل ما زال فيكم
سعد؟؟ هل ما زالت نخوة الأنصار تجري في عروقكم؟؟ هل بقي منكم من سيهتز عرشُ الرحمن
لموته؟؟ هل أنتم على استعداد لأن تُضحوا كما ضحى أجدادكم؟ وأن تنصروا كما نصروا؟
وأن تكون النصرة على نهكة الأموال وقتل الأشراف كما فعل أجدادكم؟؟
أتدرون معنى استجابتكم لنداء الحق ؟ماذا لو استجبتم ؟ ألا تعيدون سيرة
الأولين الفاتحين ؟؟
فوالله إن الأمة اليوم لأشد ما تكون حاجة لأبنائها من أنصار هذا الزمان,
تحتاج إلى أنصار كأنصار رسول الله, تحتاج لمن يقتلع الحكم الجبري من جذوره , ويولي
الأمة خيارها ومن جنسها ، يحبهم ويحبونه ، يحرص على رعايتها ووحدتها, تحتاج إلى
الذين لا يخافون في الله لومة لائم, تحتاج لمن يعيد لنا سيرة الأنصار فيبايع بيعة
الحرب والرضوان .
يا أحفاد خالد وصلاح الدين وأبي عبيدة وصهيب الرومي وبلال بن رباح أعيدوا
أمجاد أجدادكم العظام بإقامة الخلافة التي تحرر البلاد والعباد وتقيم الدين وتحمي
البيضة والكرامة ، فقد آن أوانها؛ بلى والله لقد آن، وإلا فمن للمسلمين اليوم في
مشارق الأرض ومغاربها غير الخلافة ؟
من للمسلمين اليوم وهم يُقَّتلون صباح مساء في العراق وفلسطين وكشمير والشيشان
وأفغانستان غير الخلافة ؟ من للمسلمين اليوم وأعراضهم منتهكة ونساؤهم يستصرخن صباح
مساء وامعتصماه ،واإسلاماه، واخليفتاه ،غير الخلافة ؟
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ
إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ
بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى
وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40 .
=======================
إنَّ الأفكارفي أية أمة من الأمم
هي أعظم ثروة تنالها الأمة في حياتها
إن كانت ناشئة
وأعظم هبة يتسلمها الجيل من سلفه إذا كانت الأمة عريقة في الفكر المستنير
السوداء ستزول بنور الخلافة
بقلم :
عاهد ناصرالدين
اليوم التاسع من الشهر الخامس الميلادي. يسمى في الاتحاد الأوروبي بيوم
أوروبا .. لماذا يوم أوروبا؟
التاسع من
أيار سنة 1916م تمت فيه اتفاقية سايس بيكو التي أدت إلى تقسيم المناطق التي كانت
خاضعة للسيطرة العثمانية وهي سورية والعراق ولبنان و فلسطين إلى مناطق تخضع
للسيطرة الفرنسية وأخرى تخضع للسيطرة البريطانية. وقد سميت الاتفاقية باسمي
المفاوضين اللذين أبرماها وهما مارك سايكس البريطاني وجورج بيكو الفرنسي
9 أيّار، أو «يوم أوروبا» هو ذكرى إعلان
شومان. ففي عام 1950، اقترح روبير شومان، وزير خارجيّة فرنسا آنذاك، في حديث له في
باريس، شكلاً جديداً لتفاهم سياسي لأوروبا كان الهدف منه الحؤول دون حصول حرب بين
الأمم الأوروبيّة.
اتفاقية سايس بيكو ويوم أوروبا ، تقسيم
بلاد المسلمين يصادف يوم توحيد أوروبا ،هل هذا من باب المصادفة أم هو التخطيط
والمكر ، تقول بينيتا فيريرو ـ والدنر المفوضّة الأوروبيّة للعلاقات الخارجية
وسياسة الجوار ’’ولقد تأكدت رؤية شومان
وتبصّره في أوائل هذه السنة لدى احتفالنا بالذكرى الخمسين للاتّحاد الأوروبي، وهو
الهيئة التي أنشئت نتيجة ذلك الإعلان الشهير.
لا شكّ في أنّ الاتحاد الأوروبي كان
نجاحاً باهراً. فلقد نعم أعضاؤه، مدى 50 سنة، بمستوى لا مثيل له من السلام
والازدهار والاستقرار.
وعلى مرّ السنين، تطوّر الاتحاد الأوروبي ليصبح أكثر من مجرّد كتلة تجاريّة تنسّق
السياسة التجاريّة لأعضائها وتضع تعرفات مشتركة. ولقد أضحى اليوم مشروعاً سياسياً
واقتصادياً يجمع 27 بلداً أوروبيّاً وأكثر من 490 مليون شخص.
ويستطيع مواطنو الاتحاد الأوروبي أن يدرسوا أو يعملوا أو يعيشوا في أي من بلدان
الاتحاد الأوروبي بأدنى حدّ من القيود، وأن ينعموا بالتقديمات الصحيّة الاجتماعيّة
أينما حلّوا. وأصبح في استطاعتهم التنقّل عبر أوروبا بلا جواز سفر ويتشارك
غالبيّتهم عملة واحدة’’ .
لقد ظهر للقاصي والداني حقد الغرب على
المسلمين لتوهين قدر الإسلام في قلوبهم والطعن في عقيدتهم خاصة بعد هدم دولة
الخلافة.
فهل آن للمسلمين أن يدركوا الصديق من العدو ، وأن
يقيموا دولة الإسلام التي توحدهم في دولة واحدة ؟ وأن يسلكوا الطريقة
التي سلكها النبي -صلى الله عليه وسلم-
أورد ابن هشام في السيرة النبوية"ثم قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة
وقومه على أشد ما كانوا عليه من خلافه... فكان رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يعرض نفسه في المواسم على
قبائل العرب ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه".
وقد
وضح في سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- أمران، أولهما
تقصد أهل القوة والمنعة من القبائل والسادة والأشراف ومن لهم اسم و شرف
ومكانة، وثانيهما طلب نصرة وحماية أهل القوة والمنعة.
وكان العرب يفهمون من طلبه
هذا أنه يريد حكماً وسلطاناً, من ذلك ما ورد في رد قبيلة عامر بن صعصعة, حيث اشترطوا
عليه أن يكون لهم الحكم من بعده على وجه الجزاء لما سيبذلونه له من حماية ونصرة,
بقولهم "أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك, ثم أظهرك الله على من خالفك, أيكون لنا
الأمر من بعدك؟ فقال لهم: إن الأمر لله يضعه حيث يشاء, فقالوا له, أفنهدف نحورنا
والعرب دونك ثم يكون الأمر لغيرنا, اذهب لا حاجة لنا بك".
قال كعب بن مالك رضي الله عنه "فلما فرغنا
من الحج، وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...فنمنا
تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا
لميعاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، نتسلل تسلل القطا مستخفين، حتى اجتمعنا
في الشِّعب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً، ومعنا امرأتان من نسائنا،فاجتمعنا
في الشِّعب، ننتظر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-حتى جاءنا
ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر
ابن أخيه، ويتوثق له، فلما جلس كان أول متكلم العباس فقال: يا معشر الخزرج :إن
محمدًا منا حيث علمتم، وقد منعناه من قومنا، ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عزٍّ
من قومه، ومنعة في بلده، وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم، واللحوق بكم، فإن كنتم
ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم، وإن كنتم
ترون أنكم مسلِّموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه، فإنه في عزٍ ومنعةٍ
من قومه وبلده، فقلنا له: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك
ما أحببت...، فتكلم عندئذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتلا القرآن، ودعا
إلى الله ورغب في الإسلام ثم قال:
"أُبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم
وأبناءكم" . فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال:نعم والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعنّك
مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة
(أي السلاح كله) ورثناها كابراً عن كابر.
فاعترض
القول -والبراء يتكلم- أبو التيّهان فقال:يارسول الله، إنّ بيننا وبين الرجال
حبالاً و إنّا قاطعوها -وهو يعني اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثمّ أظهرك
الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟. فتبسم الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-
ثم قال:"الدّم الدّم والهدمُ الهدم، أنا منكم وأنتم منّي، أحارب من حاربتم
وأسالم من سالمتم".
يا أهل القوة ألا تستجيبون لنداء الحق وداعي
الله الصادر من إخوتكم في الباكستان ولكم الجنة ؛فقد خصَّ الله – عزوجل- المهاجرين
والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،خصهم بالمدح والفضل وعلو المكانة
والمنزلة لنصرتهم دينه وصبرهم على حملها،وتحمُّلهم الأذى{وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم
بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ }التوبة100.
ورد
في تفسير السعدي "السابقون هم الذين سبقوا هذه الأمة وبدروها إلى الإيمان
والهجرة، والجهاد، وإقامة دين اللّه.
{مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ} {الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من اللّه
ورضوانا، وينصرون اللّه ورسوله أولئك هم الصادقون} ومن {الْأَنْصَارِ}
{الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في
صدورهم حاجة مما أوتوا، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}
{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} بالاعتقادات والأقوال
والأعمال، فهؤلاء، هم الذين سلموا من الذم، وحصل لهم نهاية المدح، وأفضل الكرامات
من اللّه.
{رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} ورضاه تعالى أكبر
من نعيم الجنة، {وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا
الْأَنْهَارُ} الجارية التي تساق إلى سَقْيِ الجنان، والحدائق الزاهية الزاهرة،
والرياض الناضرة.
{خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} لا يبغون عنها
حولا، ولا يطلبون منها بدلا، لأنهم مهما تمنوه، أدركوه، ومهما أرادوه، وجدوه.
{ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الذي حصل لهم فيه، كل محبوب للنفوس، ولذة
للأرواح، ونعيم للقلوب، وشهوة للأبدان، واندفع عنهم كل محذور".
إن النصرة لدين الله – عز وجل - تحتاج إلى رجال وأي رجال, رجال لهم شهامة
ونجدة كأمثال سعد بن معاذ و أسيد بن حضير والبراء بن معرور. وبالرغم من كل ذلك,
فإننا واثقون من نصر الله و تأييده. ولنا في عزيمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
وثباته وثقته بنصر الله أسوة؛فقد كان صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب أثناء
حفره للخندق, يبشر بهدم أعظم دولتين في ذلك التاريخ مع أن المشاهد المحسوس يبين أن
الغلبة ستكون للأحزاب , حتى إنه بعد مرور اليوم السابع والعشرين من الحصار المضروب
على المدينة, صار المنافقون يقولون إن محمداً يعدنا بكنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا
يجرؤ على قضاء حاجته في الخلاء، فقال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده، إني
لأرجو أن أستلم مفاتيح الكعبة وأن أغنم كنوز كسرى وقيصر وأن تنفق أموالهم في سبيل
الله, وهكذا كان، حيث أورثهم الله تلك الديار{فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ
الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ }الروم4.
قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار, ولو
سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار .
فيا أحفاد سعد بن معاذ, وسعد بن
الربيع, وسعد بن عبادة, وأسعد بن زرارة, وأسيد بن حضير, والبراء بن معرور, وعبد
الله بن رواحة, ومعاذ بن جبل, وعبادة بن الصامت, يا أحفاد النقباء, يا أحفاد من
رفعوا اللواء, يا أحفاد من هجروا الشاة والبعير, ورجعوا برسول الله إلى رحالهم, يا
أحفاد من رضوا بالله رباً وبرسوله حظاً وقسماً, يا أحفاد من شملهم رسول الله
بالدعاء (اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار) هل ما زال فيكم
سعد؟؟ هل ما زالت نخوة الأنصار تجري في عروقكم؟؟ هل بقي منكم من سيهتز عرشُ الرحمن
لموته؟؟ هل أنتم على استعداد لأن تُضحوا كما ضحى أجدادكم؟ وأن تنصروا كما نصروا؟
وأن تكون النصرة على نهكة الأموال وقتل الأشراف كما فعل أجدادكم؟؟
أتدرون معنى استجابتكم لنداء الحق ؟ماذا لو استجبتم ؟ ألا تعيدون سيرة
الأولين الفاتحين ؟؟
فوالله إن الأمة اليوم لأشد ما تكون حاجة لأبنائها من أنصار هذا الزمان,
تحتاج إلى أنصار كأنصار رسول الله, تحتاج لمن يقتلع الحكم الجبري من جذوره , ويولي
الأمة خيارها ومن جنسها ، يحبهم ويحبونه ، يحرص على رعايتها ووحدتها, تحتاج إلى
الذين لا يخافون في الله لومة لائم, تحتاج لمن يعيد لنا سيرة الأنصار فيبايع بيعة
الحرب والرضوان .
يا أحفاد خالد وصلاح الدين وأبي عبيدة وصهيب الرومي وبلال بن رباح أعيدوا
أمجاد أجدادكم العظام بإقامة الخلافة التي تحرر البلاد والعباد وتقيم الدين وتحمي
البيضة والكرامة ، فقد آن أوانها؛ بلى والله لقد آن، وإلا فمن للمسلمين اليوم في
مشارق الأرض ومغاربها غير الخلافة ؟
من للمسلمين اليوم وهم يُقَّتلون صباح مساء في العراق وفلسطين وكشمير والشيشان
وأفغانستان غير الخلافة ؟ من للمسلمين اليوم وأعراضهم منتهكة ونساؤهم يستصرخن صباح
مساء وامعتصماه ،واإسلاماه، واخليفتاه ،غير الخلافة ؟
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ
إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ
بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى
وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40 .
=======================
إنَّ الأفكارفي أية أمة من الأمم
هي أعظم ثروة تنالها الأمة في حياتها
إن كانت ناشئة
وأعظم هبة يتسلمها الجيل من سلفه إذا كانت الأمة عريقة في الفكر المستنير