تحية شيوعية وبعد،
د. فايز أبو شمالة
قد لا يصدق فلسطيني؛ أن بعض التنظيمات الفلسطينية ما زالت تبدأ لغة التخاطب في الكتابات الرسمية فيما بينها بجملة: تحية شيوعية وبعد، بديلاً عن جملة: بسم الله الرحمن الرحيم!. إنها حقيقة بعض التنظيمات التي انساقت خلف الوهم، وتذللت للجملة المعبأة حقداً على الإسلام، وتنضح باللغط الفكري، والخلط السياسي. تذكرت ذلك وأنا أقرأ ثلاث مقالات لثلاثة كتاب فلسطينيين، يردون فيها على تصريحات "عبد الرحيم ملوح" نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة التي تفاوض على خمس فلسطين. أولاً: الكاتبة الفلسطينية "لمى خاطر" وكتبت مقالاً تحت عنوان: "ملوح" وعنوان الأزمة الماركسية. فندت فيه الكاتبة الادعاءات السياسية لرجل ماركسي تراه ما زال يسبح بحمد الشيوعية، وما زال يعيش خارج الزمن الفلسطيني، وهو يساوي بين "سلام فياض" الذي تصر أمريكا على فرضه رئيساً للوزراء، وبين "إسماعيل هنية" التي تصر إسرائيل على محاربة كل من يتصالح معه. فكيف سولت نفس "ملوح" أن يساوي بين النقيضين، وتختتم الكاتبة مقالها بالقول: "لا أنتظر إجابة من رموز اليسار بطبيعة الحال، لأنني أشفق عليهم حقاً، لكنني مازلت أعجب من انتفاشهم البائس، ومن تنكرهم لنواميس الحياة، ومغالبتهم للحقائق بانتهازية رخيصة، مع عدم إقرارهم بتراجع مشروعهم وحضورهم ومدى تأثيرهم"!.ثانياً: الكاتب الفلسطيني دكتور عصام شاور، وتحت عنوان: إلى الماركسي "ملوح" إذا بليتم فاستتروا. يفند الكاتب فكرياً ما أدعاه "ملوح" عن حتمية انتصار الماركسية، وسيطرتها من جديد، ويختتم الكاتب مقاله قائلاً: "الشيوعية مشروع بشري دموي فاشل بكل المقاييس، وإن الإسلام هو رسالة سماوية للبشر أحيت الشعوب والأمم بما تحمله من هداية ورحمة وعدالة، وقامت بها حضارة إسلامية استمرت أربعة عشر قرناً من الزمان، بينما الماركسية عناد ومخالفة لكل السنن الكونية، وقد أثبتت التجارب فشلها".ثالثاً: الكاتب الفلسطيني سري سمور. الذي كتب مقالاً تحت عنوان: إلى الرفيق عبد الرحيم، بل الإسلام هو الحل. لقد رأى الكاتب: أن الماركسية هي دين بالنسبة للسيد "ملوح"، ويقول له: "إن تفخر بأنك ماركسي، فهذا شأنك، رغم أن الماركسية قد فشلت في مهدها بعكس ما تدعي، أما أن تقول بأن الإسلام ليس الحل، فمن حقي كمعتنق ومعتقد بالإسلام أن أرد عليك". ويمزج الكاتب في رده بين العقائدي والسياسي، ويعزز منطقه بالحقائق التاريخية، التي تؤكد مكانة الإسلام من النفوس، وحضوره في الوعي الجمعي، وتأثيره في مجريات الأحداث السياسية المفصلية التي مرت فيها المنطقة العربية.تعقيباً على ما قيل، سأكتفي بسرد القصة التاريخية التالية:قبل ألفي سنة، ظهر رجل في بلاد فارس اسمه "مزدك"، راح يدعو لفكرة تقول: إن الناس شركاء في المال والأرض والحلال والثمار والأولاد، وهم شركاء في النساء أيضاً، وقد صدق بهذه الفكرة الشاهنشاه، وآمن فيها، وعممها على جميع أركان الإمبراطورية الفارسية.وفي أحد الأيام، بينما كان "مزدك" يتسامر مع الشاهنشاه، وكلاهما في قمة نشوته، انتبه مزدك إلى الشاهبانة، وهي بكامل أنوثتها، فقال لزوجها الشاهنشاه: أريدها الليلة في فراشي! قال له الشاهنشاه: خذها، هي لك، ما دامت تعاليم ديننا تقول بذلك!ولكن ابنها الصغير "كسرى" بكى، وصرخ في وجه "مزدك" إنها أمي، اترك لي أمي، أرجوك، ونزل إلى حذاء مزدك يقبله، هو يقول له: اترك لي أمي!. لم يستمع له "مزدك" وتغلبت شهوته على عقله، وأخذ المرأة إلى فراشه أمام عين وليدها.بعد عشرات السنين، مات "الشاهنشاه" وتولى الحكم ابنه "كسرى". فكانت أولى أعماله أن قال لحراسه: آتوني بمزدك؛ فما زالت رائحة حذائه تزكم أنفي منذ ذلك اليوم! لقد ذبحه، وقضى على أتباعه "المزادكة" قضاءً مبرماً، وأنهى فكر "المزدكية" في بلاد فارس.انتهت القصة، ولكن ما انتهت دلالتها التي تقول: إن هنالك في بلاد فارس "مزادكة" ما زالوا يؤمنون حتى يومنا هذا أن "مزدك" سيعود، وأن "المزدكية" ستكون دين كل الشعوب!.
د. فايز أبو شمالة
قد لا يصدق فلسطيني؛ أن بعض التنظيمات الفلسطينية ما زالت تبدأ لغة التخاطب في الكتابات الرسمية فيما بينها بجملة: تحية شيوعية وبعد، بديلاً عن جملة: بسم الله الرحمن الرحيم!. إنها حقيقة بعض التنظيمات التي انساقت خلف الوهم، وتذللت للجملة المعبأة حقداً على الإسلام، وتنضح باللغط الفكري، والخلط السياسي. تذكرت ذلك وأنا أقرأ ثلاث مقالات لثلاثة كتاب فلسطينيين، يردون فيها على تصريحات "عبد الرحيم ملوح" نائب الأمين العام للجبهة الشعبية، وعضو اللجنة التنفيذية للمنظمة التي تفاوض على خمس فلسطين. أولاً: الكاتبة الفلسطينية "لمى خاطر" وكتبت مقالاً تحت عنوان: "ملوح" وعنوان الأزمة الماركسية. فندت فيه الكاتبة الادعاءات السياسية لرجل ماركسي تراه ما زال يسبح بحمد الشيوعية، وما زال يعيش خارج الزمن الفلسطيني، وهو يساوي بين "سلام فياض" الذي تصر أمريكا على فرضه رئيساً للوزراء، وبين "إسماعيل هنية" التي تصر إسرائيل على محاربة كل من يتصالح معه. فكيف سولت نفس "ملوح" أن يساوي بين النقيضين، وتختتم الكاتبة مقالها بالقول: "لا أنتظر إجابة من رموز اليسار بطبيعة الحال، لأنني أشفق عليهم حقاً، لكنني مازلت أعجب من انتفاشهم البائس، ومن تنكرهم لنواميس الحياة، ومغالبتهم للحقائق بانتهازية رخيصة، مع عدم إقرارهم بتراجع مشروعهم وحضورهم ومدى تأثيرهم"!.ثانياً: الكاتب الفلسطيني دكتور عصام شاور، وتحت عنوان: إلى الماركسي "ملوح" إذا بليتم فاستتروا. يفند الكاتب فكرياً ما أدعاه "ملوح" عن حتمية انتصار الماركسية، وسيطرتها من جديد، ويختتم الكاتب مقاله قائلاً: "الشيوعية مشروع بشري دموي فاشل بكل المقاييس، وإن الإسلام هو رسالة سماوية للبشر أحيت الشعوب والأمم بما تحمله من هداية ورحمة وعدالة، وقامت بها حضارة إسلامية استمرت أربعة عشر قرناً من الزمان، بينما الماركسية عناد ومخالفة لكل السنن الكونية، وقد أثبتت التجارب فشلها".ثالثاً: الكاتب الفلسطيني سري سمور. الذي كتب مقالاً تحت عنوان: إلى الرفيق عبد الرحيم، بل الإسلام هو الحل. لقد رأى الكاتب: أن الماركسية هي دين بالنسبة للسيد "ملوح"، ويقول له: "إن تفخر بأنك ماركسي، فهذا شأنك، رغم أن الماركسية قد فشلت في مهدها بعكس ما تدعي، أما أن تقول بأن الإسلام ليس الحل، فمن حقي كمعتنق ومعتقد بالإسلام أن أرد عليك". ويمزج الكاتب في رده بين العقائدي والسياسي، ويعزز منطقه بالحقائق التاريخية، التي تؤكد مكانة الإسلام من النفوس، وحضوره في الوعي الجمعي، وتأثيره في مجريات الأحداث السياسية المفصلية التي مرت فيها المنطقة العربية.تعقيباً على ما قيل، سأكتفي بسرد القصة التاريخية التالية:قبل ألفي سنة، ظهر رجل في بلاد فارس اسمه "مزدك"، راح يدعو لفكرة تقول: إن الناس شركاء في المال والأرض والحلال والثمار والأولاد، وهم شركاء في النساء أيضاً، وقد صدق بهذه الفكرة الشاهنشاه، وآمن فيها، وعممها على جميع أركان الإمبراطورية الفارسية.وفي أحد الأيام، بينما كان "مزدك" يتسامر مع الشاهنشاه، وكلاهما في قمة نشوته، انتبه مزدك إلى الشاهبانة، وهي بكامل أنوثتها، فقال لزوجها الشاهنشاه: أريدها الليلة في فراشي! قال له الشاهنشاه: خذها، هي لك، ما دامت تعاليم ديننا تقول بذلك!ولكن ابنها الصغير "كسرى" بكى، وصرخ في وجه "مزدك" إنها أمي، اترك لي أمي، أرجوك، ونزل إلى حذاء مزدك يقبله، هو يقول له: اترك لي أمي!. لم يستمع له "مزدك" وتغلبت شهوته على عقله، وأخذ المرأة إلى فراشه أمام عين وليدها.بعد عشرات السنين، مات "الشاهنشاه" وتولى الحكم ابنه "كسرى". فكانت أولى أعماله أن قال لحراسه: آتوني بمزدك؛ فما زالت رائحة حذائه تزكم أنفي منذ ذلك اليوم! لقد ذبحه، وقضى على أتباعه "المزادكة" قضاءً مبرماً، وأنهى فكر "المزدكية" في بلاد فارس.انتهت القصة، ولكن ما انتهت دلالتها التي تقول: إن هنالك في بلاد فارس "مزادكة" ما زالوا يؤمنون حتى يومنا هذا أن "مزدك" سيعود، وأن "المزدكية" ستكون دين كل الشعوب!.