لقاء خاص مع قاهرة السعدي من سجن تلموند بمناسبة يوم المرأة
التاريخ: 2008-03-10 00:02:22
الأسيرة قاهرة السعدى
جنين/ علي سمودي - مرة أخرى يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي بينما لا زالت العشرات من الأمهات الفلسطينيات يرزحن خلف قضبان سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي تسلبنا حريتنا وتصادر ابسط حقوقنا وتحرمنا حتى عناق أطفالنا فأين صوت الضمير الإنساني لنساء العالم في رفع صوت المأساة التي تعيشها الأم الفلسطينية المكبلة والمحاصرة والمنكوبة وكل تهمتها البحث عن الحرية والحياة الكريمة –بهذه الكلمات استهلت الأسيرة قاهرة السعدي القابعة في سجن تلموند للنساء حديثها لمراسلنا بمناسبة الثامن من آذار يوم المرأة العالمي.
وأضافت إذا كان العالم يكرس هذا اليوم للتضامن مع المرأة ودعم حقوقها والمطالبة بتعزيز مشاركتها ومنحها كامل حقوقها فأين المرأة الفلسطينية من كل ذلك وأين التحرك العالمي خاصة للنساء للوقوف لجانب المرأة الفلسطينية التي يتحكم الاحتلال بحياتها ومصيرها ومستقبلها ويحرمها كل حقوقها فإلام الفلسطينية تعيش في ظل أقسى الإجراءات التعسفية التي يمارسها الاحتلال على مرأى ومسمع من عالم اختار الصمت حتى أصبحنا لا نسمع سوى الخطابات الرنانة والكلمات المنمقة التي تغني ولا تسمن من جوع أمام أوجاعنا والالامنا ودموعنا ومآسينا.
حجم المعاناة
قاهرة التي تقبع للعام السادس على التوالي في سجن تلموند للنساء بعدما حوكمت بالسجن المؤبد قالت لو نطقت جدران الزنازين التي نقبع فيها لصرخت حزنا وألما لتقول للعالم كفى صمتا أمام موتنا البطيء وقساوة السجن والسجان فنحن نعيش في داخل علب إسمنتية ومقابر جماعية كل شيء فيها يكشف عن حجم المعاناة التي تفرض علينا فالغرف التي تسمى كذلك مجازا لا تصلح زرائب للحيوانات ولكنهم يحتجزوننا فيها ليل نهار وسط برد الشتاء القاتل ورطوبة الصيف التي لا تورثنا سوى الأمراض بينما تشاطرنا الحشرات والصراصير الحياة البائسة التي نحرم فيها من كل شيء وكأننا نعيش في علب سردين بل أن العلب أكثر رأفة ورحمه من واقع الغرف الاعتقالية.
ظروف اعتقالية صعبة
في يوم المرأة تقول قاهرة هل تدرك نساء العالم مدى قساوة السجن الذي نحرم فيه من ابسط حقوقنا فحتى الطعام سيء كما ونوعا تخيلوا أن حتى لقمة عيشنا الوحيدة مفروضة علينا ولا يحق لنا الاختيار أو القرار وفي كثير من الأوقات نختار الجوع لان الطعام يشكل وجبة للمرض الذي لم تسلم منه أسيرة فالظروف الاعتقالية والتحقيق وغيرها سببت المرض لكل أسيرة بينما لا تتوفر أدنى رعاية صحية ورغم معاناتنا البالغة وحاجة العديد من الأسيرات لعمليات جراحية أو أدوية فان إدارة السجون لا تحرك ساكنا فيعتبر الحرمان من العلاج احد أشكال العقاب التي تدفع ثمنها الأسيرات غاليا لحظة بلحظة.
مسلسل العقوبات
وقالت الأسيرة قاهرة وبينما تتحدث المواثيق والأعراف عن حقوق المرأة وإنصافها فان الاحتلال يتحدى كافة القيم والشرائع فلا تتوقف المأساة عند انتزاع حريتنا ففي كل لحظة منذ بدء الاعتقال لا يتوقف مسلسل العقوبات بحق كل امرأة أسيرة فوسط حملات الدهم والتفتيش والاهانة ومحاولات الإذلال خلال تفتيش الأسيرات هناك سياسة العقوبات التي تبدأ بالعزل والحرمان من الزيارات والعلاج والاتصال بالعالم الخارجي وإلغاء الفورة المتنفس الوحيد للأسيرات وصولا لفرض الغرامات والمحاكمات التعسفية التي تمارس على نطاق واسع للنيل من صمود الأسيرات وصلابتهن وكأن عذابات السجن غير كافية فهل تدرك نساء العالم معنى عقوبة الغرامة للأسيرة وهي معتقله وهل تدرك معنى ساعات العزل التي تستمر أيام وليالي وسط جدران مغلقة وسط ظلام وصمت قاتل.
صرخات أم فلسطينية
كثيرة هي الماسي التي يجب أن تتذكرها نساء العالم تقول قاهرة في يوم المرأة فأي ظلم وعذاب اكبر من حرمان الأم من عناق أطفالها إنني أموت في اليوم ألف مرة كلما أتذكر أطفالي الأربعة الذين انتزعني الاحتلال من وسطهم قبل ستة سنوات ليعيشوا المأساة وهم يكبرون يوما بعد يوم وتبدأ وتنتهي أيامهم بالتنقل بين الصليب الأحمر وبوابات السجون لزيارتي الأطفال يعيشون في أحضان أمهاتهم يفرحون ويغنون ويدرسون ويرسمون أحلام جميله أما أطفالي فأنهم يحلمون بزيارتي التي لا تستغرق أكثر من نصف ساعة لا أتمكن خلالها حتى من لمس أيديهم أو ضمهم لصدري أو زرع قبله على جبين كل واحد منهم فمن خلف الزجاج أشاهد دموعهم التي يحاولون حبسها خوفا من حزني وعبر الهاتف بالكاد استمع لأصواتهم الحزينة فيرتعش قلبي وجسدي واشعر بمدى الظلم الذي يفرضه الاحتلال علينا فأي قانون أو ضمير أو شريعة تجيز هذا الواقع والى متى يستمر هذا العذاب التي تعايشه مائة أسيرة خلف القضبان وتضيف في يوم المرأة أطلقها صرخة مدوية باسم كل أم فلسطينية معتقله لكل أم تعيش بين أطفالها وأسرتها لتتحرك انتصارا لآلامنا وحزنا وغضبا لصدى معاناتنا ونحن نحلم بنهار واحد نعانق فيه أطفالنا ونحن ننتظر لحظة بلحظة أن تتحول المبادئ والقيم والقوانين التي تطالب بحرية المرأة وحقوقها لواقع مؤازر للمرأة الأم الفلسطينية لكسر هذه القيود وعناق فجر الحرية وأطفال فقدوا طفولتهم وأمهاتهم.