فاتورة رمضان ارهقت الاسر المصرية
الدكتور عادل عامر
بات هذا الشهر المبارك عند الكثيرين شهر الإنفاق وارتفاع الأسعار جراء المضاربات وارتفاع الطلب. بحيث استقبل مع بداية الشهر الكريم بكل ما يحمله ذلك من مصاريف إضافية قد تتقل جيوب المواطن البسيط
استقبلت معظم الدول العربية موازاة مع شهر رمضان ضيفا آخر قد يكون ثقيلا هذه المرة، وهو بداية العام الدراسي بكل ما يحمله ذلك من مصاريف إضافية قد تثقل جيوب المواطن البسيط بسبب كثرة المصاريف التي تصاحبهما، جاءتا بعد نهاية العطلة الصيفية التي تستنزف ميزانيات
إن تداعيات كل ذلك ستأثر على حياة المواطنين طيلة الشهور المقبلة. ويحتار الكثيرون خصوصا ذوي الدخل المحدود بين الإنفاق على إطعام البطون الجائعة أو دراسة الأبناء، شهر للعبادة والتقرب إلى الله، وليس شهرا للاستهلاك كما يعتقد البعض. إن «رمضان هذه السنة استثنائي بكل المقاييس لأنه جاء بعد نهاية العطلة الصيفية وبداية الموسم المدرسي الجديد».ولعل الأسواق الشعبية كانت عنصر الجذب الأول لأولياء الأمور ممن لم تمكنهم رواتبهم من شراء الزى المدرسي ومتطلبات رمضان. فإحدى الأمهات وقفت حائرة أمام ارتفاع الأسعار وتعدد الاحتياجات.
ومع قدوم شهر رمضان كل عام يبدأ السباق لعمل الخير بين المصريين. وأحد مظاهر هذا السباق التي برزت هذا العام هو حقيبة رمضان التي تحتوي على مأكولات وتوزع على الأسر الفقيرة. فالسباق هذا العام دخله رجال أعمال وجمعيات أهلية وشباب من المتطوعين ومحال البقالة الكبرى، الفكرة تقوم على التبرعات ثم شراء مستلزمات رمضان من المأكولات وتوزيعها في حقائب بالتساوي ثم توزيع هذه الحقائب على المحتاجين. وتتكلف الحقيبة الواحدة حوالي 40 جنيها مصريا أو ما يعادل ثمانية دولارات وتحتوي على خزين يكفى أسرة لمدة شهر وتحتوي على أرز ومكرونة وسمن وزيت وفول وعدس وبلح وسكر وشاي. والعمل مقسم بين الأصدقاء فالفتيات يقمن بتجهيز الحقائب فيما يقوم الفتيان بتوزيعها. الغلاء دفع الناس لتكرار مرات التسوق وقضاء أوقات أطول لإتمامها ليس بهدف شراء كميات أكبر من السلع قطعا ولكن من أجل البحث عن الأرخص الذي يتناسب مع ميزانياتهم، هذه الصورة يراها أصحاب المحال التجارية في كل الدول العربية بلا استثناء غنيها وفقيرها فضغوط الإنفاق لم تعد تفرق بين أحد، علماء الاجتماع يقولون إن الحالة خلقت نوعا من الوعي الشرائي لا يزال في بداياته بين المتسوقين وإن الأمر ربما يحتاج لتنمية هذا الوعي حتى بين الأطفال ليخرج في النهاية جيل جديد يستطيع التعامل مع واقع مختلف،
أن تقليل أحجام الاستهلاك وحصرها في نوعيات محددة ستدفع الأسعار حتما إلى الهبوط. لنر إذاً بين القناعة والرضا وشد الأزر بأمثال شعبية لطالما رددها أجدادنا يمضي شهر رمضان بعد أن شكل حالة تكاد تكون استثنائية بالتوازي مع أعباء أرهقت كاهل المواطن كقدوم الفصل الدراسي الجديد. على الأغلب لا يسأل بعض المواطنين عما إذا كان تدبير الحال من المحال فالشهر يظل كريما والعيد في أعقابه سعيدا، لكنهم بدوا مجبرين على تغيير أنماط استهلاكهم بسبب غلاء الأسعار. ينفق المواطن على الغذاء وسطيا 42% من إجمالي إنفاقه فيما لا يتجاوز متوسط الدخل لمعظم الأسر حدود المائتي دولار، لكن الثقافة الاستهلاكية الخاطئة لا تزال تضغى على أغلب العائلات من خلال تبضعهم بكميات زائدة عن الحاجة ولا مبرر لها. وإذا كان ارتفاع الأسعار نأى بالفقراء عن الاستفادة من طيبات التحول الاقتصادي الذي تشهده فإن القضية كما يرى بعض المراقبين لم تعد قضية جشع يمارسه التجار بل وفي الرفع الممنهج لأسعار السلع والخدمات في السوق بنسبة تجاوزت 100%، أمر لا يتناسب مع ما تردد مؤخرا عن محاولات حثيثة تبذلها الحكومة للحفاظ على استقرار الأسواق. زيادة مؤشر الاستغلال ورفع الأسعار يدفع باتجاه ضرورة إعادة الطقوس السنوية الاستثنائية إلى عفويتها وبساطتها بدلا من تحويلها إلى فرص لاقتناص ما يتبقى في جيوب الفقراء من قبل المنتفعين في مناسبات نسي البعض أنها دينية.فاتورة استهلاك شهر رمضان المبارك إلى مليار دولار أو أكثر بسبب الإقبال التقليدي على الشراء خلال هذا الشهر، الذي يعمد خلاله السكان إلى شراء ما يحتاجون إليه وما لا يحتاجون إليه في شكل مضاعف، ما يتنافى وأهداف الشهر الفضيل، الذي يراعي بقوة شعور الفقراء. وعلى رغم الرقابة الصارمة التي تقوم بها وزارة الاقتصاد في الدولة، غير أن عدداً من المستهلكين لقطاع التجزئة الغذائية، لاحظوا ارتفاع أسعار بعض السلع، خصوصاً الأسماك وعزا تجار ذلك الارتفاع إلى الإقبال المضاعف على السلع الرمضانية، وإلى أن الأسعار تعتمد في أغلب الأحيان على العرض والطلب. أن منظومة حماية المستهلك شهدت تطوراً ملحوظاً خلال الفترة الماضية، أن ارتفاع الأسعار هذه الأيام مصطنع، ولا مبرر له إلا جشع التجار، أن انخفاض أسعار صرف اليورو والدولار كان يجب أن يقود إلى تراجع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية في رمضان. أن هناك تراجعاً في الإقبال علي ياميش رمضان هذا العام بنسبة تتراوح ما بين 30 إلي 40%.إن سبب تراجع المبيعات هذا العام تدني الحالة الاقتصادية للمستهلكين بالإضافة إلي الأجواء العامة غير المستقرة التي تعيشها البلاد، منذ فترة طويلة والتي علي أثرها انتشرت ظاهرة الباعة الجائلين في الشوارع المصرية. أنه من ضمن الأسباب التي أدت إلي تراجع الإقبال علي مستلزمات رمضان الامتحانات والمصايف، مشيرا إلي أن هناك زيادة في المعروض في سلع رمضان رغم قلة الاستيراد هذا العام، حيث إن قيمة فاتورة ياميش رمضان لعام 2012 تقدر بحوالي 40 مليون دولار. إن هناك تراجعاً في قيمة فاتورة رمضان هذا العام عن سابقه، حيث بلغت في عام 2011، حوالي 80 مليون دولار و100 مليون دولار في عام 2010، وعن أسعار الياميش لرمضان 2012، عن أن هناك انخفاضاً بنسبة 20% بها وفي بعض الأصناف وصل الانخفاض إلي 40% باستثناء الزبيب الذي شهد ارتفاعاً في أسعاره بنسبة 20%.وأضاف العطار أن الأسواق تشهد حاليا حالة من التخوفات الكبيرة من قبل المستوردين وترقب لحالة العامة في البلاد وانتظار الاستقرار حتي تأتي الانفراجة وتنعش الأسواق التي تعاني من فترة ركود مؤخرا أثرت بالسلب علي البلاد. أن فاتورة رمضان تعد متنوعة لأنها تأتي من معظم الدول الخارجية حيث إن كل دولة تتميز بإنتاج سلع معينة. 12 مليار جنيه بالتمام والكمال أنفقتها الاسرة المصرية خلال الشهر الكريم مقابل7.5 مليار جنيه عام2008 أن42% من ميزانية الأسرة الريفية للطعام يقابلها31.8% في الحضر. أن هذا الرقم يمثل فاتورة الطعام والمشروبات فقط وأن الدولة تتولي تسديد تكاليف الياميش بالعملات الأجنبية, والمستورد هو المستفيد الحقيقي ان المواطن المصري له عادات وتقاليد ارتبطت بجميع مناسباته بالطعام والشراب.ان شهر رمضان ارتبط بوجود الياميش والمكسرات والكنافة والقطايف وفي عاشوراء الأرز بلبن أو القمح بلبن وفي شم النسيم يتم الاحتفال به بالفسيخ والبصل وفي رمضان ايضا بعد نهاية الشهر الكريم والجو الروحاني المفروض الذي نتعرض له نجد أن المصريين يحتفلون به عن طريق عمل الكحك والغريبة والبيتي فور.ان تكاليف فاتورة ياميش رمضان التي تسددها مصر كل سنة من الأرصدة الاجنبية للعملة, أن الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق خلال رئاسته لمجلس الوزراء أصدر أمرا بمنع استيراد الياميش من الخارج لأنه كان يكلف الدولة فاتورة تتجاوز حوالي الـ600 مليون دولار في حينها وهنا ظهر الضيق والتذمر علي معظم أفراد الشعب المصري. أن مصر قد قامت بتوقيع اتفاقية الكوميسا مع الدول الافريقية وهي المورد الرئيسي لياميش رمضان سواء الزبيب أو اللوز أو البندق أو عين الجمل أو الشاي أو البن ولم تستفد كثيرا من هذه الاتفاقية لأن الذي يستفيد تماما هم المستوردون والتجار الذين يقومون بالاستيراد بدون جمارك ورغم ذلك يتم البيع بأسعار مرتفعة. ان ا لمقارنة الانفاق علي الطعام والشراب وبعض الخدمات الأساسية إلي ارتفاع نسبة الإنفاق السنوي علي الطعام والشراب بين الأسر الفقيرة ثم تتدرج في الانخفاض بين الأسر الغنية حيث انخفضت النسبة من51.7% للأسر الفقيرة( أقل من20% انفاقا) إلي36.3% للأسر الغنية من80 ـ100% انفاقا.انخفاض نسبة المنفق علي الطعام والشراب بارتفاع المستوي التعليمي لرئيس الأسرة في كل من الحضر والريف حيث بلغت النسبة31,8% بين رؤساء الأسر الحاصلين علي مؤهل جامعي فأعلي في الحضر مقابل42.1% في الريف, في حين بلغت نسبة المنفق علي الطعام والشراب45.7% بين رؤساء الأسر الأميين في الحضر مقابل51.3% في الريف. أنه تنخفض نسبة المنفق علي الطعام والشراب بارتفاع المستوي التعليمي لرئيس الأسرة في كل من الحضر والريف حيث بلغت النسبة31.8% بين رؤساء الأسر الحاصلين علي مؤهل جامعي فأعلي في الحضر مقابل42.1% في الريف, في حين بلغت نسبة المنفق علي الطعام والشراب45.7% بين رؤ ساء الأسر الأميين في الحضر مقابل51.3% في الريف.كما سجلت أعلي نسبة انفاق علي الطعام والشراب بين رؤساء الأسر العاملين لدي أسرهم بدون أجر في الحضر حيث بلغت54.9% بينما في الريف بلغت أعلي نسبة50.8% بين رؤساء الأسر أصحاب الأعمال ويستخدموا آخرين وتأتي نسبة المنفق علي اللحوم في المرتبة الأولي في كل من الحضر والريف حيث بلغت النسبة26.6 في الحضر مقابل25.2% في الريف, وترتفع رهذه النسبة في الحضر بارتفاع المستوي المعيشي للأسرة ولكنها تتذبذب بين الارتفاع والانخفاض في الريف. أنه بمقارنة إنفاق الأسرة علي الطعام والشراب مع الانفاق علي بعض الخدمات الأساسية الأخري المسكن ومستلزماته, الخدمات والرعاية الصحية, الانتقالات والاتصالات.تأتي نسبة المنفق علي الطعام والشراب في المرتبة الأولي43.6% يليها نسب المنفق علي المسكن ومستلزماته17.6% ثم نسبة المنفق علي الانتقالات والاتصالات7% تليها نسبة الانفاق علي الخدمات والرعاية الصحية6.4%
--
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية
محمول
01002884967
الدكتور عادل عامر