لا يكاد شارع من شوارع مدينة تمبكتو؛ شمال مالي، يخلو من منزل يحتضن في باحته حديقة زرعت فيها شتى أنواع الخضار.. وهي ظاهرة جديدة على المنازل، حيث كانت مزارع الخضار خارج المدينة وعلى مسافة قد تصل إلى 50 كيلومترا، مما جعل ثمنها مرتفعا خلال السنوات الماضية.
أما الآن، وبعد سيطرة جماعة أنصار الدين على المدينة، فقد سارع عشرات الأهالي إلى تخصيص باحات منازلهم لزراعة أهم أنواع الخضار، للاستهلاك حينا وللبيع أحيانا كثيرة، وذلك لعدة أسباب من أهمها انتشار البطالة بسبب الأحداث التي شهدتها المنطقة منذ شهر مارس الماضي وانقطاع الصلة بالدولة المركزية في الجنوب، فضلا عن البطالة الناتجة عن نزوح بعض السكان الى الدول المجاورة، حيث كان أغلب من بقي في المدينة وأريافها من الفقراء الذين لا يملك اغلبهم تكاليف النزوح، ومنهم يرفض ترك بلده تحت أي ظرف، وهناك بالطبع المحسوبون على جماعة انصار الدين بشكل أو بآخر، والذين يفضلون الصمود في أرضهم أمام كافة أشكال التهديد.
كان الأغنياء الذين يملكون باحات فسيحة في منازلهم أول النازحين، فوجد حراس تلك المنازل ضالتهم في استغلال الباحات لزراعة الخضار، خاصة أن حركة أنصار الدين وفرت المياه والكهرباء للأهالي بالمجان.
تبدو غالبية المهتمين بالمجال الزراعي في تمبكتو من الفقراء الذين لا يملكون مجرد منازل فأحرى أن تكون لهم باحات أو أراض في المدينة، لكنهم يستغلون باحات المنازل المهجورة، وليس عليهم سوى توفير البذور التي يحصلون عليها بمساعدة الآخرين.
عيسى آغ محمد يستغل باحة منزل نزح عنه مسؤول حكومي مالي وتركه في عهدته، فاستغله للسكن والزراعة بموافقة مالكه؛ كما يقول، مؤكدا أن هذه هي المرة الأولى التي يزرع فيها الخضار.
ويوضح آغ محمد، لصحراء ميديا، أن البطالة دفعته إلى امتهان الزراعة، ويضيف: "أملأ وقتي بالاهتمام بالحديقة.. والذي شجعني اكثر هو أن المياه مجانية ليست عليها فواتير"؛ بحسب تعبيره.
أما الجمعة آغ غالي فيقول: "هذه الحديقة كنت أسقيها بشكل دائم .. وفي هذا العام زرعت فيها الخضار لأنني عاطل عن العمل، ورب عملي نزح الى باماكو، والمياه مجانية".
ويشير آغ غالي إلى أن ابنته؛ التي تشرف على إنهاء عقدها الأول، تكتسب خبرة في الزراعة من خلال مساعدته، خاصة بعد أن قرر مضاعفة مساحة حديقته الصغيرة، متأثرا بالأزمة الاقتصادية التي تشهدها المنطقة، ومستفيدا من مجانية استغلال المياه في تمبكتو.