يا راكِبَ الريحِ حَيِّ النيلَ وَالهَرَمــــــــــا وَعَظِّمِ السَفحَ مِن سيناءَ وَالحَرَما
وَقِف عَلى أَثَـــرٍ مَرَّ الزَمـــــــانُ بِــــــــهِ فَكانَ أَثبَــــتَ مِن أَطوادِهِ قِمَـــــما
وَاِخفِض جَناحَكَ في الأَرضِ الَّتي حَمَلَت موسى رَضيعاً وَعيسى الطُهرَمُنفَطِما
وَأَخرَجَت حِكمَةَ الأَجـــــــــــيالِ خالِــدَةً وَبَيَّنَت لِلعِبادِ السَيفَ وَالقَلَمـــــــا
وَشُرِّفَت بِمُلوكٍ طالَــــــما اِتَّخَـــــــــذوا مَطِيَّهُم مِن مُلوكِ الأَرضِ وَالخَدَما
هَذا فَضاءٌ تُلِمُّ الريــــحُ خاشِعَـــــــــــةً بِهِ وَيَمشي عَلَيهِ الدَهرُ مُحتَشِما
فَمَرحَباً بِكُما مِن طالِعيـــنَ بِــــــــــــهِ عَلى سِوى الطائِرِ المَيمونِ ما قَدِما
عادَ الزَمانُ فَأَعطى بَعدَما حَرَمــــــــــا وَتابَ في أُذُنِ المَحزونِ فَاِبتَسَــما
فَيا رَعى اللَهُ وَفداً بَيــنَ أَعيُنِـــــــــــنا وَيَرحَمُ اللَهُ ذاكَ الوَفدُ ما رَحِمــــــا
هُم أَقسَموا لِتَدينَنَّ السَماءُ لَهُــــــــم وَاليَومَ قَد صَدَّقوا في قَبرِهِم قَسَما
وَالناسُ بانــــي بِـــــــناءٍ أَو مُتَمِّــــمُهُ وَثالِثٌ يَتَلافى مِنـــهُ ما اِنهَدَمـــــا
تَعاوُنٌ لا يُحِلُّ المَـــــــــــوتُ عُروَتَــــهُ وَلا يُرى بِيَــدِ الأَرزاءِ مُنفَصِمــــــــا
يا صاحِبي أَدرَميدٍ حَسبُها شَرَفــــــــاً أَنَّ الرِياحَ إِلَيها أَلقَــــتِ اللُجُمـــــا
وَأَنَّها جاوَزَت في القُدسِ مِنطَقَــــــــةً جَرى البِساطُ فَلَم يَجتَز لَها حَرَما
مَشَت عَلى أُفقٍ مَرَّ البُـراقُ بِـــــــــهِ فَقَبَّلَت أَثَراً لِلخُفِّ مُرتَسِمـــــــــا
وَمَسَّحَت بِالمُصَلّى فَاِكتَسَت شَرَفـــاً وَبِالمَغارِ المُعَلّى فَاِكتَسَت عِظَما
وَكُلَّما شاقَـها حــــــادٍ عَلى أُفُـــــــقٍ كانَت مَزاميرُ داوُدٍ هِـيَ النَغَمــــا
جَشَّمتُماها مِنَ الأَهوالِ أَربَعَـــــــــــةً الرَعدَ وَالبَرقَ وَالإِعصارَ وَالظُلَمــا
حَتّى حَوَتها سَماءُ النيلِ فَاِنحَــــــدَرَت كَالنَسرِ أَعيا فَوافى الوَكرَ فَاِعتَصَما
يا آلَ عُثمانَ أَبناءَ العُمومَةِ هَـــــــــــل تَشكونَ جُرحاً وَلا نَشكو لَهُ أَلَمـا
إِذا حَزِنتُم حَزِنّا في القُلـــوبِ لَكُــــــم كَالأُمِّ تَحمِلُ مِن هَمِّ اِبنِها سَقَما
وَكَم نَظَرنا بِكُم نُعمـــى فَجَسَّمَـــــها لَنا السُرورُ فَكانَت عِندَنا نِعَمــــا
وَنَبذُلُ المالَ لَم نُحمَـل عَلَيــــهِ كَمـــا يَقضي الكَريمُ حُقوقَ الأَهلِ وَالذِمَما
صَبراً عَلى الدَهرِ إِن جَلَّـت مَصائِبُـــــهُ إِنَّ المَصائِبَ مِمّا يوقِظُ الأُمَمـــــا
إِذا المُـقاتِلُ مِـــن أَخلاقِهِـــم سَلَمَـت فَكُلُّ شَيءٍ عَلى آثارِها سَلَمـــا
وَإِنَّمــــــا الأُمَـــمُ الأَخـــلاقُ ما بَقِيَـت فَإِن تَوَلَّت مَضَوا في إِثرِها قُدُمــا
نِمتُــــــم عَلى كُـــلِّ ثـــارٍ لا قَرارَ لَـهُ وَهَل يَنامُ مُصيبٌ في الشُعوبِ دَما
فَنالَ مِن سَيفِكُــــم مَن كانَ ساقِيَــهُ كَما تَنالُ المُدامُ الباسِلَ القَدَمــا
قالَ العَـذولُ خَرَجــــنا في مَحَبَّتِكُــــم مِنَ الوَقارِ فَيا صِدقَ الَّذي زَعَمــا
فَما عَلى المَرءِ في الأَخلاقِ مِن حَرَجٍ إِذا رَعى صِلَةً في اللَهِ أَو رَحِمــا
وَلَو وَهَبتُم لَنا عُليــــا سِيادَتِـــــــــكُم ما زادَنا الفَضلُ في إِخلاصِنا قُدُما
نَحنو عَلَيــكُم وَلا نَنســــــى لَنا وَطَناً وَلا سَريراً وَلا تاجــــاً وَلا عَلَمــــا
هَذي كَرائِمُ أَشيــاءِ الشُعـــــوبِ فَإِن ماتَت فَكُلُّ وُجودٍ يُشبِـــهُ العَدَمـا