الخميس: 26 ذو الحجة 1434هجري، الموافق لـ: 31 أكتوبر 2013
أدب الجلوس والوقوف
معمر حبار
econo.pers@gmail.com
قال الإبن لأبيه: إن المدرّس بالمسجد قال لنا، لاتترك الصف الأول لأحد ولو كان الأب، بل قاتله من أجل الصف الأول !.
ثم جاء الإبن الثاني وقال للأب: إن المعلم قال لنا، لاتقفوا للمعلم، كما تقف الأعاجم، ونهانا عن الوقوف للمعلم !.
إن الأمة التي تعلّم أبناءها الاستعلاء على معلم الدنيا ومعلم الدين، تبقى أبد الدهر في أسفل السافلين. فينمو الطفل على عدم احترام المعلم، ويتربى على إهانة العلم وأهل العلم. وتهان عنده الرموز. فلايقف لها تقديرا، ولاينهض لها احتراما. لأنه لم يعد له وازع ينير له الطريق، ويردعه عن المسالك الوعرة.
إن الأمم العظمى، تُعلّم أبناءها الإحترام الكامل لرموزها، فتنشىء الأجيال على احترام الكبار، وقيم العظماء. فلا يتطاول الصغير على الكبير، ويعرف الأدنى حقّ الأعلى، ويعفو القوي على الضعيف.
منذ ثلاثة أشهر، التقيت بإمام زاوية أولاد صالح، بمناسبة إحدى الملتقيات العلمية التي لم تنعقد لحد اليوم، فقال .. إن قيمة العلم وبركته، تكمن في الجلوس للمعلم، والاستماع له، والانصات إليه. ثم عاتب بشدّة الطرق المعاصرة في التعليم، التي تعتمد على وسائل التعليم دون المعلّم، واعتبره علم جامد دون روح، لأنه يُبعد المعلم عن التلميذ.
حين يعود المرء بالزمن إلى 40 سنة، حيث الصِبَى، يحمد الله تعالى على التربية الحسنة التي تلقاها على شيوخه، رضوان الله عليهم جميعا، حين تعلّم على أيديهم ..
أنه من التربية وحسن الطاعة، أن يمتنع المرء عن صلاة النافلة والإمام يخطب، احتراما للإمام والخطبة الملقاة.
أن المرء حين يكون صائما صيام النافلة، لايحق له أن يفسد صومه بالإفطار، إلا إذا طلب منه معلمه ذلك، فيجب عليه حينها، أن يتوقف عن الصيام وجوبا، لأن طاعة المعلم واجبة.
والمرء حين يرى جماعة، ويريد إلقاء السلام، فإنه من الآداب أن يبدأ باليمين، إلا إذا كان في المجلس معلمه وأهل الفضل، فليبدأ بهم أولا، ولو كانوا على اليسار، احتراما وتقديرا لمنزلتهم ومكانتهم.
ولايمحو ماكُتب له، إلا إذا أَذنَ له معلمه، ولو كان أحفظ الطُلْبَة. ولايتقدم شيخه في مأكل ولامشرب. ولايسبقه في قراءة، ولو كان أحفظهم جميعا، ولايتصدر المجلس، ولايفتي إلا بإذن معلمه له، ولو كان أهلا للصدارة والفتيا.
هذه بعض عيّنات، تربى عليها الصبي منذ أربعة عقود، رسخت لديه، كلّما امتد الزمن. ومن حقّ المرء أن يعتزّ بها، ويباهي بها الأمم.
بتاريخ 27-10-2013، جاء في صفحة أستاذ من عراقنا الحبيب، صورة لرئيس كوريا الجنوبية وهو منحني، كتب عليها هذا التعليق : صورة لرئيس كوريا الجنوبية يقدم اعتذاره الشديد للشعب بعد القبض على شقيقه في قضية فساد.
وفي أمة، قال في حقّها ربّ العزّة: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ" آل عمران - الآية 110، يُنشر الفساد في أطهرالأماكن و أعزّ الناس، حين يُلقّن الصغير، أن لايقف للمعلم، ولاينهض للإمام.